نيودلهي حجر ثقل أساسي في استراتيجية واشنطن بوجه بكين

من المصالح الدفاعية والجيوسياسية... إلى الحسابات الاقتصادية والتعاون العلمي والتقني

نيودلهي حجر ثقل أساسي في استراتيجية واشنطن بوجه بكين
TT

نيودلهي حجر ثقل أساسي في استراتيجية واشنطن بوجه بكين

نيودلهي حجر ثقل أساسي في استراتيجية واشنطن بوجه بكين

أطلق الرئيس الأميركي جو بايدن العديد من النشاطات الدبلوماسية خلال مارس (آذار)، علماً بأنه بحلول الوقت الراهن، يكون قد مر شهران على توليه الرئاسة. وخلال الأسبوع الماضي، بعث بايدن بوزير دفاعه، لويد أوستن، في جولة عبر عدد من الدول الآسيوية من بينها الهند. وقبل ذلك، قرر عقد أول قمة دولية رفيعة المستوى للدول الأعضاء في «الحوار الأمني الرباعي»، المعروف اختصاراً باسم «كواد»، وذلك في أول فعالية كبرى له على صعيد السياسات الخارجية منذ توليه الرئاسة، وكان رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، مشاركاً في الحدث.
التساؤل هنا: هل تُولي الولايات المتحدة أهمية خاصة للهند؟ وهل تعبر زيارة أوستن للهند في قلب جائحة فيروس «كوفيد - 19» عن مدى قوة التزام واشنطن بروابطها مع نيو دلهي، مع ملاحظة أن الهند تعد الدولة الوحيدة التي يتفق بخصوصها الديمقراطيون والجمهوريون، بل يتنافس الحزبان على أيهما يظهر أنه شريكها الأفضل. ولا يخفى أن وراء اهتمام صانعي السياسات في واشنطن بإمكانية بناء شراكة استراتيجية مع الهند، تزايد التنافس الأميركي - الصيني، وقدرة الهند، بالتالي، على المساهمة في تعزيز الموقف الأميركي.
تعمّقت العلاقات بين الهند والولايات المتحدة على امتداد العقدين الماضيين لتتحول إلى شراكة استراتيجية قوية على ثلاثة أصعدة: الاقتصاد والدفاع/الصعيد العسكري والقيّم. ويعني التنافس بين الولايات المتحدة والصين، أن الولايات المتحدة تودّ أن يقف حلفاؤها وشركاؤها معها في وجه الصعود الصيني، وتحمل الهند على وجه التحديد أهمية حيوية على هذا الصعيد. وتتمثل الاستراتيجية الواضحة في تعزيز التحالفات والشراكات على جبهة الهند - المحيط الهادي. والمؤكد أن ما ستقرره الهند والولايات المتحدة سيترك تأثيرات على مجمل منطقة جنوب آسيا ومنطقة الحوضي المحيطين الهندي والهادي.
- الروابط الدفاعية المتنامية
تنامت التجارة الدفاعية بين الهند والولايات المتحدة من حيث الحجم خلال السنوات الـ12 الماضية؛ ذلك أنها انتقلت من مستوى الصفر تقريباً عام 2008 إلى 20 مليار دولار عام 2020. ويأتي هذا في إطار جهود الهند لتنويع مصادر مشترياتها الدفاعية. اليوم، تشتري الهند أسلحة من إسرائيل وفرنسا والولايات المتحدة بكميات ضخمة. وبجانب «الحوار الأمني الرباعي»، ترتبط نيودلهي وواشنطن بعدد من الترتيبات الدفاعية، بينها التشارك في المنشآت اللوجيستية التابعة للمؤسسة العسكرية لدى كل من الطرفين. وفي الوقت الذي لم تتقبل واشنطن صفقة شراء نيودلهي منظومة صواريخ «إس - 400» الروسية، يبقى من غير المحتمل أن تدفع هذه الصفقة القيادة الهندية إلى خانة الخصوم من وجهة نظر واشنطن في وقت تحتاج فيه الأخيرة إلى نيودلهي بشدة للوقف في وجه كل من الصين وروسيا، بجانب رغبة الأميركيين في تيسير تحول الهنود بعيداً عن الاعتماد بمجال الأسلحة على جهات التصنيع الروسية باتجاه نظيراتها الأميركية.
ونظراً لغياب الاتساق بين القدرات العسكرية الهندية - الصينية، يحمل التعاون الدفاعي الأميركي - الهندي أهمية محورية لنيودلهي، خاصة أن بمقدور واشنطن منح الهند دفعة كبيرة على صعيد تحديث قدراتها الدفاعية. ومع توقيع 4 اتفاقات دفاعية، جرى بذلك تمهيد الساحة أمام مزيد من التعاون الدفاعي مستقبلاً.
- التصدّي للصين
وفيما يخصّ وزارة الدفاع الأميركية، توفر الهند الاستقرار، أو على الأقل درجة من التوازن، داخل منطقة تحاصرها التوجهات العدوانية الصينية. وبهذا الشأن، قال أحد وزراء خارجية الهند السابقين، شيام ساران، إن بلاده تشكل جزءاً محورياً في استجابة الرئيس الأميركي بايدن للتحديات الصادرة عن بكين. وأضاف ساران، أن مواقف واشنطن ونيودلهي من المحتمل أن تتقابل وتقترب من بعضها أكثر فأكثر على مدار السنوات القليلة المقبلة إزاء قضية التعامل مع والاستجابة للتحديات الصادرة عن الصين. وعلى هذا الصعيد، يبدو أن إدارة بايدن تواصل، وإن بنحو أكثر دهاءً، سياسة الرئيس السابق دونالد ترمب تجاه الصين، عبر الاستعانة بعدد من الأنظمة الديمقراطية المنتقاة داخل منطقة الهندي - الهادي عبر إحياء منظمة «كواد».
من جانبه، كتب المعلق السياسي الهندي أسد ميرزا، أن «الهند تشكل الديمقراطية الأكبر على مستوى العالم في وقت تحتد المنافسات الآيديولوجية. وتبدو الهند ثقلاً موازناً للتمدد الصيني في جنوب آسيا والمحيط الهندي. وتمثل الهند الذراع الغربية لـ(كواد) (المؤلفة من أربعة نظم ديمقراطية هي: أستراليا واليابان والهند والولايات المتحدة). وتقع هذه الدول حول المحيط الاستراتيجي الصيني، وتبدي هذه الدول الأربع التزامها بمنع تحول منطقة الهندي - الهادي إلى ساحة للنفوذ الجيوسياسي الصيني». وبفضل القدرات الهندية على الابتكار، وكذلك السوق الهندية الضخمة، تبدو الهند عنصراً جوهرياً في أي «ائتلاف تكنولوجي» ديمقراطي يسعى لصياغة الوجه العام لشبكة الإنترنت والصناعات في المستقبل.
- أميركا والهند وروسيا
من ناحية أخرى، شهدت العلاقات الأميركية - الروسية تراجعاً حاداً منذ تولي جو بايدن منصبه، وتبدو الأوضاع اليوم في حالة تغير وتبدل، ويبدو أن العالم يعاين إحياءً للفترة التي شهدت ذروة الخصومة بين واشنطن وموسكو. ولكن، مع ذلك، ورغم الدفء المتزايد في العلاقات الهندية - الأميركية والمزايا الكثيرة التي تحملها العلاقات مع القوة العظمى الوحيدة في العالم، لا يبدو أن نيودلهي على وشك التخلي عن استقلاليتها الاستراتيجية. وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أنه في وقت مضى كانت موسكو الصديق الوحيد القوي الذي كان باستطاعة نيودلهي الاعتماد عليه عندما أدارت واشنطن وحليفاتها الغربيات ظهرها عنها. وهنا يوضح الكاتب الهندي براكاش دوتا، أن «الهند تمثل خياراً صعباً أمام الولايات المتحدة. ومع انقلاب الرئيس الأميركي جو بايدن ضد بوتين، ثارت تكهنات بأن الهند ستكون الهدف التالي على قائمة العقوبات.
إلا أن القيادة الأميركية ليست في موقف يمكنها من فرض عقوبات ضد الهند، ومن المحتمل أن تجعل من الهند (استثناءً). أما الأسباب التي تقف وراء ذلك، فبسيطة؛ إذ إن فرض عقوبات ضد الهند سيخلق توتراً في العلاقات التجارية الدفاعية بين الهند والولايات المتحدة، وسيؤثر كذلك بالسلب على الجهود الأميركية لخلق توازن في مواجهة الصين داخل منطقة الهندي - الهادي، بجانب كون الهند الصديق الوحيد للولايات المتحدة الموثوق به في جنوب آسيا. الحقيقة أن الهند تحمل أهمية كبرى للولايات المتحدة بدرجة تجعل من المتعذر على الأخيرة المخاطرة بخسارتها بسبب صفقة مع بلد لطالما اعتمدت عليه الهند». وما يُذكر أنه رغم الضغوط الهائلة من جانب إدارة ترمب، مضت الهند قدماً في طلب شراء منظومة الدفاع الصاروخية «إس - 400» الروسية مقابل 5.5 مليار دولار أميركي عام 2018. وكان البيت الأبيض، تحت قيادة ترمب، قد فرض يومذاك عقوبات ضد تركيا لشراء نفس منظومة الدفاع الصاروخية من روسيا، ولكن لم بحصل المثل مع الهند.
على الجهة المقابلة، نجد أن العلاقات بين الهند والكرملين تعرضت لضعف واضح، ومن المتوقع بذل إدارة بايدن قصارى جهدها لوقف هذه الصفقة. وأفادت مصادر في وزارة الخارجية الهندية أن وزير الدفاع الأميركي أوستن أثار قضية الـ«إس - 400»، وشدد على وجوب تجنب الحلفاء والشركاء «أي نمط من الشراء يمكن أن يستثير عقوبات». ومع ذلك، ظلت حكومة مودي على موقفها وشرحت للجانب الأميركي بوضوح أن القوات المسلحة الهندية تحرص على تنويع مصادر التسليح الخاصة بها، ولا يمكن أن تقبل الحكومة الهندية بأن يصبح هذا الأمر محل نقاش مع أي دولة أخرى. وحول هذا الموضوع يرى الكاتب الهندي سي. راجا موهان، الخبير بمجال الشؤون الخارجية، أن «رئيس الوزراء مودي التزم أمام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشراء منظومة (إس - 400)، ومن غير المحتمل أن يتراجع عن هذا الأمر. وسيكون من المثير متابعة كيف سيتطور هذا الأمر. ورغم (كواد) والأوجه المتنوعة للروابط مع الأميركيين، لا يمكن للهند بسهولة التخلي عن استقلاليتها الاستراتيجية».
واستطراداً، قال الأدميرال الأميركي جون أكويلينو رداً على سؤال من السيناتورة جين شاهين حول قرار الهند شراء منظومة «إس - 400» الصاروخية من روسيا «على الولايات المتحدة فهم حقيقة أن للهند علاقة صداقة طويلة الأمد مع الروس بمجالي التعاون الأمني وشراء المعدات العسكرية». وبعد سؤال شاهين «هل ينبغي لنا فرض عقوبات ضد الهند لشرائها المنظومة؟»، رد أكويلينو «أعتقد من الأفضل ترك هذه المسألة لصانعي السياسات ليتخذوا القرار المناسب حيالها... أعتقد أنه بالتأكيد علينا فهم أننا نقف إلى جانب الهند وأعتقد أن طرح بدائل ربما يكون سبيلاً أفضل للتعامل مع الأمر». وأردف «الهند شريك رائع بالفعل، ومثلما رأينا خلال المناقشات الأخيرة في إطار (كواد)، أعتقد أن أهمية الهند وباقي الدول الأعضاء في (كواد) ستزداد الفترة المقبلة. نحن نسعى لإقرار توازن. ومع هذا، ترتبط الهند بعلاقات طويلة مع الروس بمجال التعاون الأمني وشراء المعدات العسكرية».
- البُعد الباكستاني
من ناحيته، ذكر المحلل السياسي الهندي كيه. سي. سينغ، أن «العلاقات الهندية - الروسية قد لا تكون على الدفء ذاته الذي كانت عليه أثناء (الحرب الباردة)، ومع هذا تدرك نيودلهي أن روسيا مهمة كي تتمكن الهند من الحفاظ على سياسة خارجية متوازنة. ولا ترغب الهند في انتقال روسيا على نحو كامل باتجاه التحالف الصيني - الباكستاني؛ وذلك لأسباب متنوعة منها قدرة روسيا على إنتاج وبيع الأسلحة، والتي غالباً ما تتضمن نقل تكنولوجيا». وتابع «بجانب ذلك، لا يمكن للهند التحول من المزيج الحالي لمعداتها الدفاعية نحو الاعتماد على إمدادات تهيمن عليها الولايات المتحدة بين عشية وضحاها. أيضاً، تعتبر روسيا عاملاً مهماً في منطقة غرب آسيا وإيران. وقد نجحت في بناء نفوذ لها داخل أفغانستان، مثلما اتضح من استضافتها لعدد من الأطراف الأفغانية الفاعلة المختلفة حتى قبل انعقاد الحوار بين - الأفغاني الذي اقترحته الولايات المتحدة على الأراضي التركية. ومع التمدد الصيني بوسط آسيا، بالاعتماد على (مبادرة الحزام والطريق)، تلتقي المصالح الروسية والهندية في ضمان احتفاظ روسيا بنفوذ قوي لها في المناطق التي كانت خاضعة لها سابقاً».
- الجهود الدبلوماسية الأفغانية
وحقاً، في خضم الشراكة المتنامية بين روسيا والصين، أقصت خطة روسية مقترحة الهند من مجموعة الدول التي ترى موسكو أنه منوط بها الاتفاق حول خريطة طريق للسلام في أفغانستان، وهي روسيا والصين والولايات والمتحدة وباكستان وإيران. لكن، بفضل جهود دبلوماسية محمومة خلف الكواليس وبدعم من الولايات المتحدة، أصبحت الهند الآن جزءً من هذه المجموعة التي ربما تحدد ملامح مستقبل أفغانستان. ومن جانبه، بعث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، خطاباً في مطلع مارس المنصرم إلى الرئيس الأفغاني أشرف غني ورئيس المجلس الأعلى للمصالحة الوطنية، عبد الله عبد الله. واقترح بلينكن في إطار الخطاب عقد مؤتمر إقليمي تحت رعاية الأمم المتحدة لوزراء خارجية الولايات المتحدة والهند وروسيا والصين وباكستان وإيران لمناقشة اتباع «توجّه موحّد» إزاء أفغانستان.
وعليه، يوحي قرار أوستن المفاجئ بالتوقف في العاصمة الأفغانية كابل والرسالة التي وجهها للجنود المتمركزين بالبلاد بإمكانية أن تبقى هذه القوات لفترة أطول. ويعني ذلك أن أمام نيودلهي فرصة لبناء جسور مع قوى أخرى تمكنها من الاضطلاع بدور مؤثر... ويبدو الرهان الأفضل أمامها هو في ترتيب أولوياتها على نحو يتوافق مع واشنطن.
من جهتها، لا يبدو أن إدارة بايدن تتحرك بسرعة وفي عجالة كما كان الحال مع إدارة ترمب، والموعد النهائي المحدد في الأول من مايو (أيار) ليس منقوشاً على الحجر، بمعنى أنه تظل هناك إمكانية لتعديله. إلا أنه بينما تترك الولايات المتحدة خلفها أفغانستان في حالة متوترة وقابلة للاشتعال في أي لحظة، فإن هذا الأمر يشكل أهمية لنيودلهي ويستلزم مشاركة نشطة من جانبها في القضية الأفغانية.
- أهمية مركز اللقاحات الهندي في المعركة ضد «كوفيد ـ 19»
> كحال باقي دول العالم، ترغب الولايات المتحدة في إبقاء الهند إلى جانبها لإدراكها كيف أن الهند تشكل عنصراً محورياً للحفاظ على خط إمدادات بلقاحات ضد فيروس «كوفيد - 19». وعلاوة على ذلك، قررت مجموعة «كواد» إطلاق مبادرة كبرى بمجال اللقاحات سيجري في إطارها إنتاج لقاحات ضد الفيروس داخل الهند لدول منطقة الهندي – الهادي؛ من أجل التصدي للنفوذ الصيني. وترمي المبادرة إلى ضمان تشارك الهند في إمدادات اللقاح المتاحة لديها مع العديد من الدول الأخرى، وفي الوقت ذاته، ضمان تلبية الاحتياجات الداخلية.
هذا، وكان الرئيس جو بايدن و«كواد» قد أعلنا خطة لتوسيع نطاق القدرة الإنتاجية لإنتاج لقاحات ضد «كوفيد - 19» داخل الهند. ووصف بايدن هذه الجهود بأنها «شراكة جديدة طموحة ترمي لتعزيز جهود إنتاج اللقاحات... من أجل نفع كامل منطقة الهندي - الهادي». وتأتي جهود «كواد» من أجل تعزيز قدرة الهند التصنيعية للقاحات، بينما إدارة بايدن وقيادات دول غنية أخرى دعوات من بعض المنظمات المعنية بالصحة العالمية بالتبرع بنسبة صغيرة من اللقاحات المنتجة داخل الولايات المتحدة ودول صناعية أخرى لدول فقيرة. وتسعى جهود «كواد» لتعزيز إنتاجية الهند على تصنيع اللقاحات بمقدار مليار جرعة بحلول عام 2022، تبعاً لما ورد في بيان صادر عن البيت الأبيض.
وللعلم، اللقاحات الهندية أظهرت أعراضاً جانبية أقل واتسمت بانخفاض تكلفتها وسهولة تخزينها ونقلها. في الوقت ذاته، ثمة ارتفاع هائل في الطلب العالمي على لقاحات «كوفيد - 19». ودخلت قرابة 90 دولة في اتفاقات لتوريد لقاحات. وفي حين التزمت الصين السرية تجاه البيانات المرتبطة بلقاحاتها؛ ما أثار جدالات حول مدى فاعليتها، نظمت الهند جولات لسفراء أجانب لزيارة مصانعها الدوائية في بون وحيدر آباد.
- دور الشتات الهندي في العلاقات الثنائية
في غضون أقل عن 50 يوماً من رئاسته، عيّن الرئيس الأميركي جو بايدن على الأقل 55 أميركياً من أصول هندية في مناصب كبرى في إدارته تتنوع ما بين كاتب خطاباته إلى مراكز قيادية في وكالة «ناسا»، وكذلك جميع قطاعات الحكومة تقريباً... وهذا من دون أن ننسى طبعاً أن والدة نائبته كامالا هاريس... هندية.
الأميركيون من أصول هندية يعدّون بين المجموعات العرقية الأكثر ثراءً وتعليماً على مستوى الولايات المتحدة. وبدأت أعداد كبيرة من أبناء الجيل الثاني من الأميركيين من أصول هندية تبرز بقوة في المشهد السياسي الأميركي. وحتى الآن، تميزت إدارة أوباما - بايدن (2009 – 2017) بأنها الإدارة الأميركية التي عينت أكبر عدد من الأميركيين من أصول هندية في تاريخ البلاد. ولم تكن إدارة ترمب على مسافة بعيدة عن إدارة أوباما على هذا الصعيد، وتميزت بأنها أول إدارة تعين أميركياً من أصول هندية في منصب بدرجة وزير وداخل مجلس الأمن الوطني.
وفي وقت قريب، قال بايدن مازحاً «إن الأميركيين من أصول هندية يهيمنون على البلاد»، في إشارة إلى العدد الضخم الذي انضم إلى إدارته. ويرى البعض، أن هذا الصعود للأميركيين من أصول هندية يوحي بوجود تأثيرات تتجاوز السياسات المحلية الأميركية تدفع باتجاه يمكنه أن يعزز الاقتصاد الهندي ويعزز العلاقات الأميركية - الهندية. وبالنظر لوجود أنتوني بلينكن على رأس وزارة الخارجية وجايك سوليفان في مجلس الأمن الوطني، بجانب بايدن نفسه، من الواضح أن الإدارة الأميركية الراهنة تملك خبرة أكبر في التعامل مع الهند عن أي من الإدارات السابقة. كذلك يبدو واضحاً أن ثمة تصميماً على دفع العلاقات الأميركية - الهندية نحو مكانة مركزية في الخطط الأميركية.



فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟
TT

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

بعد 9 أيام من سقوط الحكومة الفرنسية، بقيادة ميشال بارنييه، في اقتراع لحجب الثقة، عيّن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فرنسوا بايرو، زعيم رئيس حزب الوسط (الموديم)، على رأس الحكومة الجديدة. يأتي قرار التعيين في الوقت الذي تعيش فيه فرنسا أزمة برلمانية حادة بسبب غياب الأغلبية وهشاشة التحالفات، مما يضفي على الحياة السياسية جواً من عدم الاستقرار والفوضى. كان هذا القرار متوقَّعاً حيث إن رئيس الوزراء الجديد من الشخصيات المعروفة في المشهد السياسي الفرنسي، والأهم أنه كان عنصراً أساسياً في تحالف ماكرون الوسطي وحليف الرئيس منذ بداية عهدته في 2017. تساؤلات كثيرة رافقت إعلان خبر التعيين، أهمها حظوظ رئيس الوزراء الجديد في تحقيق «المصالحة» التي ستُخرِج البلاد من الأزمة البرلمانية، وقدرته على إنقاذ عهدة ماكرون الثانية.

أصول ريفية بسيطة

وُلِد فرنسوا بايرو في 25 مايو (أيار) عام 1951 في بلدة بوردار بالبرينيه الأطلسية، وهو من أصول بسيطة، حيث إنه ينحدر من عائلة مزارعين، أباً عن جدّ. كان يحب القراءة والأدب، وهو ما جعله يختار اختصاص الأدب الفرنسي في جامعة بوردو بشرق فرنسا. بعد تخرجه عمل في قطاع التعليم، وكان يساعد والدته في الوقت ذاته بالمزرعة العائلية بعد وفاة والده المفاجئ في حادث عمل. بدأ بايرو نشاطه السياسي وهو في سن الـ29 نائباً عن منطقة البرانس الأطلسي لسنوات، بعد أن انخرط في صفوف حزب الوسط، ثم رئيساً للمجلس العام للمنطقة ذاتها بين 1992 و2001. إضافة إلى ذلك، شغل بايرو منصب نائب أوروبي بين 1999 و2002. وهو منذ 2014 عمدة لمدينة بو، جنوب غربي فرنسا، ومفتّش سامٍ للتخطيط منذ 2020.

شغل بايرو مهام وزير التربية والتعليم بين 1993 و1997 في 3 حكومات يمينية متتالية. في 2017 أصبح أبرز حلفاء ماكرون، وكوفئ على ولائه بحقيبة العدل، لكنه اضطر إلى الاستقالة بعد 35 يوماً فقط، بسبب تورطه في تحقيق يتعلق بالاحتيال المالي. ومعروف عن فرنسوا بايرو طموحه السياسي، حيث ترشح للرئاسة 3 مرات، وكانت أفضل نتائجه عام 2007 عندما حصل على المركز الثالث بنسبة قاربت 19 في المائة.

مارين لوبان زعيمة اليمين المتطرف (إ.ب.أ)

شخصية قوية وعنيدة

في موضوع بعنوان «بايرو في ماتنيون: كيف ضغط رئيس (الموديم) على إيمانويل ماكرون»، كشفت صحيفة «لوموند» أن رئيس الوزراء الجديد قام تقريباً بليّ ذراع الرئيس من أجل تعيينه؛ حيث تشرح الصحيفة، بحسب مصادر قريبة من الإليزيه، أن بايرو واجه الرئيس ماكرون غاضباً، بعد أن أخبره بأنه يريد تعيين وزير الصناعة السابق رولان لوسكور بدلاً منه، واستطاع بقوة الضغط أن يقنعه بالرجوع عن قراره وتعيينه هو على رأس الحكومة.

الحادثة التي نُقلت من مصادر موثوق بها، أعادت إلى الواجهة صفات الجرأة والشجاعة التي يتحّلى بها فرنسوا بايرو، الذي يوصف أيضاً في الوسط السياسي بـ«العنيد» المثابر. ففي موضوع آخر نُشر بصحيفة «لوفيغارو» بعنوان: «فرنسوا بايرو التلميذ المصاب بالتأتأة يغزو ماتنيون»، ذكرت الصحيفة أن بايرو تحدَّى الأطباء الذين نصحوه بالتخلي عن السياسة والتعليم بسبب إصابته وهو في الثامنة بالتأتأة أو الصعوبة في النطق، لكنه نجح في التغلب على هذه المشكلة، بفضل عزيمة قوية، واستطاع أن ينجح في السياسة والتعليم.

يشرح غيوم روكيت من صحيفة «لوفيغارو» بأنه وراء مظهر الرجل الريفي الأصل البشوش، يوجد سياسي محنّك، شديد الطموح، بما أنه لم يُخفِ طموحاته الرئاسية، حيث ترشح للرئاسيات 3 مرات، و«لن نكون على خطأ إذا قلنا إنه استطاع أن يستمر في نشاطه السياسي كل هذه السنوات لأنه عرف كيف يتأقلم مع الأوضاع ويغيّر مواقفه حسب الحاجة»، مذكّراً بأن بايرو كان أول مَن هاجم ماكرون في 2016 باتهامه بالعمل لصالح أرباب العمل والرأسماليين الكبار، لكنه أيضاً أول مع تحالف معه حين تقدَّم في استطلاعات الرأي.

على الصعيد الشخصي، يُعتبر بايرو شخصية محافظة، فهو أب لـ6 أطفال وكاثوليكي ملتزم يعارض زواج المثليين وتأجير الأرحام، وهو مدافع شرس عن اللهجات المحلية، حيث يتقن لهجته الأصلية، وهي اللهجة البيرينية.

رجل الوفاق الوطني؟

عندما تسلّم مهامه رسمياً، أعلن فرنسوا بايرو أنه يضع مشروعه السياسي تحت شعار «المصالحة» ودعوة الجميع للمشاركة في النقاش. ويُقال إن نقاط قوته أنه شخصية سياسية قادرة على صنع التحالفات؛ حيث سبق لفرنسوا بايرو خلال الـ40 سنة خبرة في السياسة، التعاون مع حكومات ومساندة سياسات مختلفة من اليمين واليسار.

خلال مشواره السياسي، عمل مع اليمين في 1995، حيث كان وزيراً للتربية والتعليم في 3 حكومات، وهو بحكم توجهه الديمقراطي المسيحي محافظ وقريب من اليمين في قضايا المجتمع، وهو ملتزم اقتصادياً بالخطوط العريضة لليبيراليين، كمحاربة الديون وخفض الضرائب. وفي الوقت ذاته، كان فرنسوا بايرو أول زعيم وسطي يقترب من اليسار الاشتراكي؛ أولاً في 2007 حين التقى مرشحة اليسار سيغولين رويال بين الدورين الأول والثاني من الانتخابات الرئاسية للبحث في تحالف، ثم في 2012 حين صنع الحدث بدعوته إلى التصويت من أجل مرشح اليسار فرنسوا هولاند على حساب خصمه نيكولا ساركوزي، بينما جرى العرف أن تصوّت أحزاب الوسط في فرنسا لصالح اليمين.

ومعروف أيضاً عن رئيس الوزراء الجديد أنه الشخصية التي مدّت يد المساعدة إلى اليمين المتطرف، حيث إنه سمح لمارين لوبان بالحصول على الإمضاءات التي كانت تنقصها لدخول سباق الرئاسيات عام 2022، وهي المبادرة التي تركت أثراً طيباً عند زعيمة التجمع الوطني، التي صرحت آنذاك قائلة: «لن ننسى هذا الأمر»، كما وصفت العلاقة بينهما بـ«الطيبة». هذه المعطيات جعلت مراقبين يعتبرون أن بايرو هو الأقرب إلى تحقيق التوافق الوطني الذي افتقدته الحكومة السابقة، بفضل قدرته على التحدث مع مختلف الأطياف من اليمين إلى اليسار.

ما هي حظوظ بايرو في النجاح؟رغم استمرار الأزمة السياسية، فإن التقارير الأولية التي صدرت في الصحافة الفرنسية توحي بوجود بوادر مشجعة في طريق المهمة الجديدة لرئيس الوزراء. التغيير ظهر من خلال استقبال أحزاب المعارضة لنبأ التعيين، وعدم التلويح المباشر بفزاعة «حجب الثقة»، بعكس ما حدث مع سابقه، بارنييه.

الإشارة الإيجابية الأولى جاءت من الحزب الاشتراكي الذي عرض على رئيس الوزراء الجديد اتفاقاً بعدم حجب الثقة مقابل عدم اللجوء إلى المادة 3 - 49 من الدستور، وهي المادة التي تخوّل لرئيس الحكومة تمرير القوانين من دون المصادقة عليها. الاشتراكيون الذين بدأوا يُظهرون نيتهم في الانشقاق عن ائتلاف اليسار أو «جبهة اليسار الوطنية» قد يشكّلون سنداً جديداً لبايرو، إذا ما قدّم بعض التنازلات لهم.

وفي هذا الإطار، برَّر بوريس فالو، الناطق باسم الحزب، أسباب هذا التغيير، بالاختلاف بين الرجلين حيث كان بارنييه الذي لم يحقق حزبه أي نجاحات في الانتخابات الأخيرة يفتقد الشرعية لقيادة الحكومة، بينما الأمر مختلف نوعاً ما مع بايرو. كما أعلن حزب التجمع الوطني هو الآخر، وعلى لسان رئيسه جوردان بارديلا، أنه لن يكون هناك على الأرجح حجب للثقة، بشرط أن تحترم الحكومة الجديدة الخطوط الحمراء، وهي المساس بالضمان الصحّي، ونظام المعاشات أو إضعاف اقتصاد البلاد.

يكتب الصحافي أنطوان أوبردوف من جريدة «لوبنيون»: «هذه المرة سيمتنع التجمع الوطني عن استعمال حجب الثقة للحفاظ على صورة مقبولة لدى قاعدته الانتخابية المكونة أساساً من كهول ومتقاعدين قد ترى هذا الإجراء الدستوري نوعاً من الحثّ على الفوضى».

كما أعلن حزب اليمين الجمهوري، على لسان نائب الرئيس، فرنسوا كزافييه بيلامي، أن اليمين الجمهوري سيمنح رئيس الحكومة الجديد شيئاً من الوقت، موضحاً: «سننتظر لنرى المشروع السياسي للسيد بايرو، ثم نقرر». أما غابرييل أتال، رئيس الوزراء السابق عن حزب ماكرون، فأثنى على تعيين بايرو من أجل «الدفاع على المصلحة العامة في هذا الظرف الصعب».

أما أقصى اليسار، الممثَّل في تشكيلة «فرنسا الأبية»، إضافة إلى حزب الخضر، فهما يشكلان إلى غاية الآن الحجر الذي قد تتعثر عليه جهود الحكومة الجديدة؛ فقد لوَّحت فرنسا الأبية باللجوء إلى حجب الثقة مباشرة بعد خبر التعيين، معتبرة أن بايرو سيطبق سياسة ماكرون لأنهما وجهان لعملة واحدة.

فرانسوا بايرو يتحدث في الجمعة الوطنية الفرنسية (رويترز)

أهم الملفات التي تنتظر بايرو

أهم ملف ينتظر رئيس الوزراء الجديد الوصول إلى اتفاق عاجل فيما يخص ميزانية 2025؛ حيث كان النقاش في هذا الموضوع السبب وراء سقوط حكومة بارنييه. وكان من المفروض أن يتم الإعلان عن الميزانية الجديدة والمصادقة عليها قبل نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2024، لولا سقوط الحكومة السابقة، علماً بأن الدستور الفرنسي يسمح بالمصادقة على «قانون خاص» يسمح بتغطية تكاليف مؤسسات الدولة وتحصيل الضرائب لتجنب الشلّل الإداري في انتظار المصادقة النهائية. أوجه الخلاف فيما يخّص القانون تتعلق بعجز الميزانية الذي يُقدَّر بـ60 مليار يورو، الذي طلبت الحكومة السابقة تعويضه بتطبيق سياسة تقشفية صارمة تعتمد على الاقتطاع من نفقات القطاع العمومي والضمان الاجتماعي، خاصة أن فرنسا تعاني من أزمة ديون خانقة حيث وصلت في 2023 إلى أكثر من 3200 مليار يورو. الرفض على المصادقة قد يأتي على الأرجح من اليسار الذي يطالب بإيجاد حل آخر لتغطية العجز، وهو رفع الضرائب على الشركات الكبرى والأثرياء. وكان فرنسوا بايرو من السياسيين الأكثر تنديداً بأزمة الديون، التي اعتبرها مشكلة «أخلاقية» قبل أن تكون اقتصادية؛ حيث قال إنه من غير اللائق أن «نحمّل أجيال الشباب أخطاء التدبير التي اقترفناها في الماضي».

الملف الثاني يخص نظام المعاشات، وهو ملف يقسم النواب بشّدة بين اليمين المرحّب بفكرة الإصلاح ورفع سن التقاعد من 62 إلى 64 سنة، إلى اليسار الذي يرفض رفع سنّ التقاعد، معتبراً القانون إجراءً غير عادل، وبالأخص بالنسبة لبعض الفئات، كذوي المهن الشاقة أو الأمهات.

وتجدر الإشارة إلى أن فرنسا كانت قد شهدت حركة احتجاجات شعبية عارمة نتيجة إقرار هذا القانون، وبالأخص بعد أن كشفت استطلاعات الرأي أن غالبية من الفرنسيين معارضة له. صحيفة «لكبرس»، في موضوع بعنوان «بايرو في ماتنيون ماذا كان يقول عن المعاشات» تذكّر بأن موقف رئيس الوزراء بخصوص هذا الموضوع كان متقلباً؛ فهو في البداية كان يطالب بتحديد 60 سنة كحّد أقصى للتقاعد، ثم تبنَّى موقف الحكومة بعد تحالفه مع ماكرون.

وعلى طاولة رئيس الوزراء الجديد أيضاً ملف «الهجرة»؛ حيث كان برونو ريتيلو، وزير الداخلية، قد أعلن عن نصّ جديد بشأن الهجرة في بداية عام 2025، الهدف منه تشديد إجراءات الهجرة، كتمديد الفترة القصوى لاحتجاز الأجانب الصادر بحقهم أمر بالترحيل أو إيقاف المساعدات الطبية للمهاجرين غير الشرعيين. سقوط حكومة بارنييه جعل مشروع الهجرة الجديد يتوقف، لكنه يبقى مطروحاً كخط أحمر من قِبَل التجمع الوطني الذي يطالب بتطبيقه، بعكس أحزاب اليسار التي هددت باللجوء إلى حجب الثقة في حال استمرت الحكومة الجديدة في المشروع. وهذه معادلة صعبة بالنسبة للحكومة الجديدة. لكن محللّين يعتقدون أن الحكومة الجديدة تستطيع أن تنجو من السقوط، إذا ما ضمنت أصوات النواب الاشتراكيين، بشرط أن تُظهر ليونة أكبر في ملفات كالهجرة ونظام المعاشات، وألا تتعامل مع كتلة اليمين المتطرف.

إليزابيث بورن (أ.ف.ب)

بومبيدو

دوفيلبان

حقائق

رؤساء الحكومة الفرنسيون... معظمهم من اليمين بينهم سيدتان فقط


منذ قيام الجمهورية الخامسة عام 1958، ترأَّس حكومات فرنسا 28 شخصية سياسية، ينتمي 8 منها لليسار الاشتراكي، بينما تتوزع الشخصيات الأخرى بين اليمين الجمهوري والوسط. ومن بين هؤلاء سيدتان فقط: هما إيديت كريسون، وإليزابيث بورن.هذه قائمة بأشهر الشخصيات:جورج بومبيدو: ترأَّس الحكومة بين 1962 و1968. معروف بانتمائه للتيار الوسطي. شغل وظائف سامية في مؤسسات الدولة، وكان رجل ثقة الجنرال شارل ديغول وأحد مقربيه. عيّنه هذا الأخير رئيساً للوزراء عام 1962 ومكث في منصبه 6 سنوات، وهو رقم قياسي بالنسبة لرؤساء حكومات الجمهورية الخامسة. لوران فابيوس: ترأَّس الحكومة بين 1984 و1986. ينتمي للحزب الاشتراكي. شغل منصب وزير المالية، ثم وزيراً للصناعة والبحث العلمي. حين عيّنه الرئيس الراحل فرنسوا ميتران كان أصغر رئيس وزراء فرنسي؛ حيث كان عمره آنذاك 37 سنة. شغل أيضاً منصب رئيس الجمعية الوطنية. تأثرت شعبيته بعد محاكمته بوصفه مسؤولاً عن الحكومة في قضية الدم الملوّث الذي راح ضحيته أكثر من 4 آلاف فرنسي. كما تكرر اسمه في مفاوضات الملف النووي الإيراني.جاك شيراك: إضافة لوظيفته الرئاسية المعروفة، ترأَّس جاك شيراك الحكومة الفرنسية مرتين: المرة الأولى حين اختاره الراحل فاليري جيسكار ديستان وكان ذلك بين 1974 و1976، ثم إبان عهدة الرئيس فرنسوا ميتران بين 1986 و1988. شغل مناصب سامية، وتقلّد مسؤوليات عدة في مؤسسات الدولة وأجهزتها، حيث كان عمدة لمدينة باريس، ورئيس حزب التجمع الجمهوري اليميني، ووزيراً للزراعة.دومينيك دوفيلبان: شغل وظيفة رئيس الحكومة في عهدة الرئيس جاك شيراك بين 2005 و2007، وكان أحد مقربي الرئيس شيراك. كما شغل أيضاً حقيبة الخارجية ونال شعبية كبيرة بعد خطابه المعارض لغزو العراق أمام اجتماع مجلس الأمن في عام 2003. حين كان رئيس الوزراء، أعلن حالة الطوارئ بعد أحداث العنف والاحتجاجات التي شهدتها الضواحي في فرنسا.فرنسوا فيون: عيّنه الرئيس السابق نيكولا ساركوزي في منصب رئيس الوزراء بين 2007 و2012، وهو بعد بومبيدو أكثر الشخصيات تعميراً في هذا المنصب. شغل مناصب وزارية أخرى حيث كُلّف حقائب التربية، والتعليم، والشؤون الاجتماعية، والعمل. أصبح رسمياً مرشح حزب الجمهوريون واليمين والوسط للانتخابات الرئاسية الفرنسية 2017، وأُثيرت حوله قضية الوظائف الوهمية التي أثّرت في حملته الانتخابية تأثيراً كبيراً، وانسحب بعدها من الحياة السياسية.