الفيلم المُهم

> كتب، ذات مرّة قبل سنوات، أحد الذين مارسوا مهنة الكتابة عن الأفلام قائلاً: «أستطيع أن أقول عن نفسي إنني وصلت إلى مرحلة اختيار الأفلام التي تهمّني شخصياً وأود الكتابة عنها فقط». وأضاف في فقرة لاحقة «لا تهم الكتابة عن الأفلام التي لا تروق لي لأنها في الأساس غير مهمّة».
> بذلك نسف الكاتب أساساً رئيسياً في الكتابة النقدية: أنت تكتب لقراء من مستويات ومرجعيات مختلفة. ليست من مهام الناقد (إذا كان فعلاً محترفاً) أن يبني اختياراته على ما يعجبه فقط من الأفلام لأن معنى ذلك هو أن تمر أفلام كثيرة عليه من دون أن يلتفت إليها لأنه حدد أي أفلام يريد الكتابة فيها.
> قد تكون الأفلام السياسية أو الأفلام الفرنسية أو العربية أو أفلام أصدقائه. لكن هذا لا ينفع. لا تجد مثلاً طبيب أسنان يقول لك إنه لا يعالج الأضراس التي تقع في الخلف أو على الجهة اليمنى أو اليسرى فقط. لا تجد صاحب محل لبيع الفاكهة يختار بيع ثمار دون أخرى عن قصد.
> الفيلم ليس مثل مصعد كهربائي تطلبه بكبسة زر لكي يلبّيك. هو كل المبنى الذي يحتوي على هذا المصعد. والناقد الفعلي هو من يلبّي رغبة كل القراء أو النسبة الغالبة منهم لأنهم يريدون معرفة وجهة نظره في الأفلام الجديدة (وبل حتى القديمة) تجارية كانت أو فنية. يتعرّفون عليه. يختبرونه ثم يثقون به.
> لكن هذه الكتابات المزاجية ما زالت منتشرة لليوم بين كتّاب ونقّاد عرب. معظمهم يحاول اصطياد الفيلم المهم (حسب رأيه). الأفلام غير المهمّة يتركها تمضي من دون أن يفكّر في حقيقة أن ما يعتبره مهمّاً قد لا يكون مهمّاً عند سواه والعكس صحيح.