أحزاب اليمين والوسط تطلب دعم النواب العرب

لافتة انتخابية للقائمة الموحدة (الإسلامية) في قرية أم الفحم شمال إسرائيل (أ.ف.ب)
لافتة انتخابية للقائمة الموحدة (الإسلامية) في قرية أم الفحم شمال إسرائيل (أ.ف.ب)
TT

أحزاب اليمين والوسط تطلب دعم النواب العرب

لافتة انتخابية للقائمة الموحدة (الإسلامية) في قرية أم الفحم شمال إسرائيل (أ.ف.ب)
لافتة انتخابية للقائمة الموحدة (الإسلامية) في قرية أم الفحم شمال إسرائيل (أ.ف.ب)

أشارت نتائج استطلاع رأي في إسرائيل إلى أن الجمهور غير راضٍ عن نتائج الانتخابات التي جلبها بنفسه، وذلك بالتزامن مع تعقيدات تواجه تشكيل حكومة في إسرائيل، وممارسة أحزاب اليمين والوسط، الضغوط على النواب العرب في «القائمة المشتركة» و«الحركة الإسلامية»، لحسم موقفهم في دعم حكومة برئاسة بنيامين نتنياهو أو بإسقاط نتنياهو بتنصيب ممثل عن اليمين الأكثر تطرفاً.
وحسب الاستطلاع الذي أجراه معهد البروفسور كميل فوكس، لصالح «القناة 13» للتلفزيون الإسرائيلي، فإن 80 في المائة من المستطلع رأيهم، غير راضين عن نتائج الانتخابات ويرون أن السياسيين سيعجزون عن حل المشكلة التي أفرزتها، وأنهم سيجرون البلاد إلى انتخابات أخرى تكون الخامسة خلال سنتين ونصف السنة.
وأظهر الاستطلاع أن غالبية الجمهور يؤيد حكومة يمين، حتى لو استندت إلى الحركة الإسلامية، بقيادة النائب منصور عباس. ففي رد على سؤال بهذا الشأن، قال 45 في المائة إنهم يؤيدون تشكيل حكومة يمينية برئاسة نتنياهو بالشراكة مع الحركة الإسلامية، مقابل 39 في المائة اعترضوا على ذلك. وقال 51 في المائة من مصوتي اليمين، إنهم يفضلون حكومة برئاسة نتنياهو يكون فيها نفتالي بنيت، وزيراً رفيعاً، ويكون فيها حزبه «يمينا» شريكاً فاعلاً، وقال 48 في المائة إنهم يقبلون بحكومة كهذه، بشرط أن يتناوب نتنياهو مع بنيت في رئاسة الحكومة. وأما في صفوف معسكر التغيير، فقال 62 في المائة من المصوتين، إنهم يؤيدون تنصيب نفتالي بنيت رئيساً للوزراء، في سبيل تغيير نتنياهو، وقال 38 في المائة إنهم يفضلون أن يصر يائير لبيد، رئيس حزب «يوجد مستقبل»، على ترؤس هذه الحكومة.
وكان رؤساء الأحزاب الإسرائيلية قد امضوا يوماً آخر من اللقاءات الهادفة إلى تجنيد نواب جدد لدعم المرشحين لرئاسة الحكومة الثلاثة: أي نتنياهو وبنيت ولبيد. من جهته، ضمن نتنياهو تأييد 52 نائباً، ويحتاج إلى 9 نواب لكي يتولى كتاب التكليف بتشكيل الحكومة. وهو يمارس ضغوطاً شديدة على بنيت، وكذلك على غدعون ساعر، رئيس حزب «أمل جديد» المنشق عن الليكود، وقد دعاهما إلى «العودة إلى البيت». وسيجتمع نتنياهو، اليوم (الجمعة)، مع بنيت.
ومع أن بنيت يتعرض لضغوط من قاعدته الشعبية للانضمام إلى نتنياهو، فإنه يدير معركة مع لبيد كي يقيما معاً حكومة يتناوبان على رئاستها. وقد وافق لبيد مبدئياً على الفكرة، وعلى أن يتولى بنيت رئاسة هذه الحكومة في النصف الأول من الدورة (مع أن عدد النواب الذي حققه في الانتخابات لا يزيد على 7)، لكنه يطلب أن يكلف هو أولاً بتشكيل الحكومة لأنه يخشى من خديعة. وفي المقابل يصر بنيت على أن يتولى مهمة تشكيل الحكومة قبل لبيد، وسيجتمع كلاهما غداً السبت للتفاهم حول الموضوع.
وأما في الشارع العربي، فإن الصراعات والشروخ تشتد حول موقف الأحزاب من التوصية على رئاسة الحكومة، فنتنياهو يحاول تجنيد الحركة الإسلامية، ولبيد يحاول تجنيد كلا القائمتين؛ الإسلامية والمشتركة. وقد اجتمع لبيد، أمس، مع وفد من القائمة المشتركة، ضم كلاً من رئيسها، أيمن عودة، ورئيس كتلتها البرلمانية، أحمد الطيبي. وقال عودة إن لبيد طلب من المشتركة التوصية عليه أمام رئيس الدولة لمنحه التوكيل لتشكيل الحكومة، وإن نواب المشتركة يتصرفون «كمواطنين وأصحاب قضية»، مضيفاً: «نحن نريد أن نضع وزننا من أجل منع نتنياهو وبن غفير وسموتريتش وغلاة العنصريين من تشكيل حكومة معادية لشعبنا ومعادية للقيم التي نؤمن بها، في الوقت ذاته نعتقد أنه عليه أن يجمع 55 يوصون عليه، هذا أولاً، وفي حالة نجح في الوصول إلى 55 نائباً، فنحن على استعداد لدراسة هذا الأمر من جميع جوانبه». وأضاف عودة أن «الاجتماع شمل حديثاً حول قضايا تخص شعبنا أيضاً على مستوى القضية الوطنية العامة، بالإضافة إلى قضايا تخص المواطنين العرب، منها إلغاء قانون القومية، وإلغاء قانون كمينيتس الذي يشكل قاعدة لهدم البيوت، والميزانيات، ومكافحة العنف والجريمة».
وقال النائب أحمد الطيبي إن لبيد طلب الاطلاع على موقف القائمة المشتركة بشأن التوصية، وقد استمعت المشتركة لآخر التطورات في الاتصالات بينه وبين باقي الكتل. وأضاف: «هدفنا العمل على منع تشكيل حكومة نتنياهو - سموتريتش وبن غفير. اتفقنا على هذا المبدأ المشترك، لكن بالأساس كان هناك بحث معمق في الطلبات التي قدمت إلى لبيد، وهي قضايا المجتمع العربي، منها الجريمة والعنف وقضايا البناء والتخطيط، والميزانيات والخطة الاقتصادية».
لكن المشتركة ليست موحدة في هذا الموقف، فهناك شريك ثالث لهما، هو حزب التجمع، الذي قرر مكتبه السياسي ألا يشارك في التوصية على لبيد، وقد تغيب مندوب هذا الحزب في الكنيست، النائب سامي أبو شحادة، عن اللقاء مع لبيد.
كما أن الحركة الإسلامية تشهد خلافات في الموضوع، وهناك من يعارض منصور عباس في توجهه للتحالف مع نتنياهو، ويطالب باتخاذ موقف حيادي، وهو الأمر الذي يرفضه عباس، مؤكداً أنه «إذا لم نخرج بموقف واضح ومؤثر في تشكيل الحكومة، فإننا سنكون قد خدعنا ناخبينا، فقد أرسلونا لنؤثر، وعلينا ألا نخيب آمالهم».
ووجه عباس في ساعة متأخرة، من مساء أمس (الخميس)، خطاباً باللغة العبرية إلى الرأي العام اليهودي، يوضح فيه أهمية الشراكة اليهودية العربية.



موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)

يشكّل تحديث العقيدة النووية لروسيا الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً، تحذيراً للغرب، وفتحاً ﻟ«نافذة استراتيجية» قبل دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب البيت الأبيض، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

«إن تحديث العقيدة النووية الروسية يستبعد احتمال تعرّض الجيش الروسي للهزيمة في ساحة المعركة»، بيان صادر عن رئيس الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريتشكين، لا يمكن أن يكون بياناً عادياً، حسب «لوفيغارو». فمن الواضح، حسب هذا التصريح الموجه إلى الغربيين، أنه من غير المجدي محاولة هزيمة الجيش الروسي على الأرض، لأن الخيار النووي واقعي. هذه هي الرسالة الرئيسة التي بعث بها فلاديمير بوتين، الثلاثاء، عندما وقّع مرسوم تحديث العقيدة النووية الروسية المعتمد في عام 2020.

ويدرك الاستراتيجيون الجيوسياسيون الحقيقة الآتية جيداً: الردع هو مسألة غموض (فيما يتعلّق باندلاع حريق نووي) ومسألة تواصل. «وفي موسكو، يمكننا أن نرى بوضوح الذعر العالمي الذي يحدث في كل مرة يتم فيها نطق كلمة نووي. ولا يتردد فلاديمير بوتين في ذكر ذلك بانتظام، وفي كل مرة بالنتيجة المتوقعة»، حسب الصحيفة. ومرة أخرى يوم الثلاثاء، وبعد توقيع المرسوم الرئاسي، انتشرت موجة الصدمة من قمة مجموعة العشرين في كييف إلى بكين؛ حيث حثّت الحكومة الصينية التي كانت دائماً شديدة الحساسية تجاه مبادرات جيرانها في ما يتصل بالمسائل النووية، على «الهدوء» وضبط النفس. فالتأثير الخارق الذي تسعى روسيا إلى تحقيقه لا يرتبط بالجوهر، إذ إن العقيدة النووية الروسية الجديدة ليست ثورية مقارنة بالمبدأ السابق، بقدر ارتباطها بالتوقيت الذي اختارته موسكو لهذا الإعلان.

صورة نشرتها وزارة الدفاع الروسية في الأول من مارس 2024 اختبار إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات تابع لقوات الردع النووي في البلاد (أ.ف.ب)

العقيدة النووية الروسية

في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي حين شنّت قوات كييف في أغسطس (آب) توغلاً غير مسبوق في منطقة كورسك في الأراضي الروسية، رد فلاديمير بوتين بتحديد أنه يمكن استخدام الأسلحة النووية ضد دولة غير نووية تتلقى دعماً من دولة نووية، في إشارة واضحة إلى أوكرانيا والولايات المتحدة. لكن في نسخة 2020 من الميثاق النووي الروسي، احتفظت موسكو بإمكانية استخدام الأسلحة الذرية أولاً، لا سيما في حالة «العدوان الذي تم تنفيذه ضد روسيا بأسلحة تقليدية ذات طبيعة تهدّد وجود الدولة ذاته».

وجاء التعديل الثاني في العقيدة النووية الروسية، الثلاثاء الماضي، عندما سمحت واشنطن لكييف باستخدام الصواريخ بعيدة المدى: رئيس الكرملين يضع ختمه على العقيدة النووية الجديدة التي تنص على أن روسيا ستكون الآن قادرة على استخدام الأسلحة النووية «إذا تلقت معلومات موثوقة عن بدء هجوم جوي واسع النطاق عبر الحدود، عن طريق الطيران الاستراتيجي والتكتيكي وصواريخ كروز والطائرات من دون طيار والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت». وحسب المتخصصة في قضايا الردع في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري)، هيلواز فايت، فإن هذا يعني توسيع شروط استخدام السلاح النووي الروسي.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال اجتماع على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 28 يونيو 2019 (رويترز)

انتظار عودة ترمب

لفترة طويلة، لاحظ صقور الاستراتيجية الجيوستراتيجية الروسية أن الردع الروسي تلاشى. وبالنسبة إليهم، فقد حان الوقت لموسكو لإعادة تأكيد خطوطها الحمراء من خلال «إعادة ترسيخ الخوف» من الأسلحة النووية، على حد تعبير سيرغي كاراجانوف، الخبير الذي يحظى باهتمام فلاديمير بوتين. ةمن هذا المنظار أيضاً، يرى هؤلاء المختصون اندلاع الحرب في أوكرانيا، في 24 فبراير (شباط) 2022، متحدثين عن «عدوان» من الغرب لم تكن الترسانة النووية الروسية قادرة على ردعه. بالنسبة إلى هؤلاء المتعصبين النوويين، ينبغي عدم حظر التصعيد، بل على العكس تماماً. ومن الناحية الرسمية، فإن العقيدة الروسية ليست واضحة في هذا الصدد. لا تزال نسخة 2020 من العقيدة النووية الروسية تستحضر «تصعيداً لخفض التصعيد» غامضاً، بما في ذلك استخدام الوسائل غير النووية.

وحسب قناة «رايبار» المقربة من الجيش الروسي على «تلغرام»، فإنه كان من الضروري إجراء تحديث لهذه العقيدة؛ لأن «التحذيرات الروسية الأخيرة لم تُؤخذ على محمل الجد».

ومن خلال محاولته إعادة ترسيخ الغموض في الردع، فإن فلاديمير بوتين سيسعى بالتالي إلى تثبيط الجهود الغربية لدعم أوكرانيا. وفي ظل حملة عسكرية مكلفة للغاية على الأرض، يرغب رئيس «الكرملين» في الاستفادة من الفترة الاستراتيجية الفاصلة بين نهاية إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ووصول الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، الذي يتوقع منه بوتين مبادرات سلام محتملة لإنهاء الحرب.

يسعى بوتين، وفق الباحثة في مؤسسة «كارنيغي»، تاتيانا ستانوفايا، لوضع الغرب أمام خيارين جذريين: «إذا كنت تريد حرباً نووية، فستحصل عليها»، أو «دعونا ننهي هذه الحرب بشروط روسيا».