الحكومة المغربية تحيل «القنب الهندي» إلى البرلمان

العثماني الأمين العام لحزب «العدالة والتنمية»... (ماب)
العثماني الأمين العام لحزب «العدالة والتنمية»... (ماب)
TT

الحكومة المغربية تحيل «القنب الهندي» إلى البرلمان

العثماني الأمين العام لحزب «العدالة والتنمية»... (ماب)
العثماني الأمين العام لحزب «العدالة والتنمية»... (ماب)

أحالت الحكومة المغربية، مساء أول من أمس، مشروع قانون يتعلق بالاستعمالات المشروعة للقنب الهندي إلى مجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان)، وسط ترقب لردود الفعل الرافضة المشروع من نواب حزب العدالة والتنمية (مرجعية إسلامية).
وينتظر أن يحيل الحبيب المالكي، رئيس مجلس النواب، مشروع القانون إلى «لجنة الداخلية» بالمجلس، وفق ما ذكر مصدر مطلع لـ«الشرق الأوسط». كما ترتقب برمجة تقديمه أمام اللجنة الأسبوع المقبل من طرف وزير الداخلية. ورغم أن الحكومة، بقيادة سعد الدين العثماني؛ الأمين العام لحزب «العدالة والتنمية»، صادقت على المشروع، فإن نواب الحزب وعدداً من قياداته يتحفظون على المشروع، الذي أعدته وزارة الداخلية.
وسبق للأمانة العامة للحزب أن دعت إلى فتح «نقاش عمومي» حول الموضوع، وإنجاز دراسة أثره، كما أن «المجلس الوطني» للحزب (أعلى هيئة تقريرية في الحزب بعد المؤتمر) المنعقد من بعد في 21 مارس (آذار) الماضي، عبر عن «تحفظه» على مشروع القانون. ودعا إلى «ضرورة مواصلة وتسريع مجهودات تنمية الأقاليم الشمالية المعروفة بهذه الزراعة، من خلال مقاربة تنموية شاملة ومندمجة»، وأعلن أنه يثمن ما سبق أن أكدت عليه الأمانة العامة للحزب بخصوص «أهمية فتح نقاش عمومي وتوسيع الاستشارة المؤسساتية».
وحسب مصدر في الحزب، فإن نواب هذا الأخير «سيجدون أنفسهم في حرج كبير»، خلال مسطرة المصادقة على المشروع في مجلس النواب، بعدما سبق أن صادقت عليه الحكومة في 11 مارس الماضي؛ «ذلك أنهم يشكلون العمود الفقري للغالبية الحكومية، ومن المفروض أن يدافعوا عن المشروع، بدل أن يعارضوه ويتموقعوا ضد الحكومة. فكيف سيتعاملون مع نص صادقت عليه حكومة يقودها حزبهم، وفي الوقت نفسه هناك (تحفظ) عليه من طرف أعلى هيئة تقريرية في الحزب»، بحسب تعبير المصدر ذاته.
وكان عبد الإله ابن كيران؛ الأمين العام السابق للحزب ورئيس الحكومة السابق، قد هدد في وثيقة مكتوبة بخط يده، نشرها في «فيسبوك» في 1 مارس الماضي، بأنه سيغادر حزب العدالة والتنمية إذا صوّت نوابه على تقنين القنب الهندي، وأنه سيجمد عضويته في الحزب إذا قررت الأمانة العامة للحزب الموافقة على المشروع.
ونص المشروع على منح تراخيص لهذه الزراعة بمواصفات محددة، في مناطق محددة بمرسوم حكومي. كما ينص على ضرورة انتظام الفلاحين في تعاونيات فلاحية، تبرم عقوداً مع شركات تصنيع وتحويل القنب الهندي، أو شركات التصدير المرخص لها، تلتزم بموجبه بتفويت المحصول المسلم لها من قبل المزارعين والمنتجين. ويجب على كل منتج من القنب الهندي الموجه لأغراض طبية وصيدلية وصناعية، أن يتضمن عنونة له، تتكون من رقم الرخصة، واسم المادة المستعملة، وبيان كميتها، واسم المرسل أو المرسل إليه.
وينتظر أن يتم الشروع في مناقشة المشروع في الأيام القليلة المقبلة، وسط ترقب للموقف الذي سيتخذه نواب «العدالة والتنمية». وحسب مصدر في الحزب، فإن هؤلاء قد يطالبون بتأجيل المصادقة على المشروع، إلى حين مرور الانتخابات المقبلة المقررة خلال 2021، بدعوى عدم استعجاليته، وإذا لم ينجحوا في ذلك؛ فإنهم قد يصوتون عليه بالامتناع.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.