زعيمة ميانمار أمام القضاء... والأمم المتحدة تخشى «حمام دم» وشيكاً

لندن تفرض عقوبات وبكين تطالب بـ«التريث» في مجلس الأمن

فريق محامي الزعيمة المحتجزة سو تشي عقد الأربعاء أول اجتماع معها عبر الاتصال المرئي (إ.ب.أ)
فريق محامي الزعيمة المحتجزة سو تشي عقد الأربعاء أول اجتماع معها عبر الاتصال المرئي (إ.ب.أ)
TT

زعيمة ميانمار أمام القضاء... والأمم المتحدة تخشى «حمام دم» وشيكاً

فريق محامي الزعيمة المحتجزة سو تشي عقد الأربعاء أول اجتماع معها عبر الاتصال المرئي (إ.ب.أ)
فريق محامي الزعيمة المحتجزة سو تشي عقد الأربعاء أول اجتماع معها عبر الاتصال المرئي (إ.ب.أ)

استدعيت زعيمة ميانمار أونغ سان سو تشي، التي أطاح بها الجيش في انقلاب عسكري في الأول من فبراير (شباط)، للمثول أمام القضاء الخميس بعد ساعات على تحذير مبعوثة الأمم المتحدة إلى بورما من مخاطر «حرب أهلية» و«حمام دم وشيك» في البلاد.
حذرت المبعوثة الخاصة للأمم المتحدة إلى ميانمار كريستين شرانر بورغنر من أن هذا البلد يواجه احتمال وقوع حرب أهلية على نطاق غير مسبوق، مطالبة مجلس الأمن باتخاذ إجراء جوهري لعكس التدهور الذي بدأ مع الانقلاب الذي نفذه الجيش ضد السلطات المدنية المنتخبة. وقالت إن ذلك «يمكن أن يحدث تحت ناظرينا، والفشل في منع المزيد من تصعيد الفظائع سيكلف العالم كثيراً على المدى الطويل أكثر من الاستثمار الآن في الوقاية، وخاصةً من جيران ميانمار والمنطقة الأوسع». وأشارت إلى مقتل أكثر من 520 شخصاً منذ الانقلاب، مضيفة أنه في 27 مارس (آذار) شهد «يوم القوات المسلحة»، المسماة أيضاً «التاتماداو»، وقوع «نحو 100 جريمة قتل وحشية على يد قوات الأمن ضد مواطنيها، وبينهم أطفال وشباب ونساء». وأضافت أن «بعضكم (أعضاء مجلس الأمن) شاهد لقطات لمدنيين يطلق النار عليهم من مسافة قريبة، وغير ذلك من عمليات القتل الوحشية في الشوارع وحتى في المنازل».
وأعلنت بريطانيا الخميس فرض عقوبات على «مؤسسة ميانمار الاقتصادية» لدورها «في انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان»، بعد أسبوع من العقوبات الأميركية على هذا التكتل المرتبط بالجيش.
وقال وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب في بيان «بعد شهرين من بداية انقلاب فبراير هبط جيش ميانمار إلى أدنى مستوياته مع القتل العشوائي لأشخاص أبرياء بينهم أطفال». وأضاف أن «الإجراءات الأخيرة لبريطانيا تستهدف أحد مصادر التمويل الرئيسية للجيش وتفرض عليهم تكلفة إضافية لانتهاكاتهم لحقوق الإنسان».
ولفتت بورغنر إلى أن الضربات الجوية العسكرية على المناطق الحدودية لولاية كايين أدت إلى فرار الآلاف إلى تايلاند، بالإضافة إلى احتدام النزاع مع جيش استقلال كاشين قرب الحدود الصينية. ولفتت إلى أن المنظمات العرقية المسلحة على الحدود الشرقية والغربية تتخذ بشكل متزايد مواقف معارضة للجيش «مما يزيد احتمال وقوع حرب أهلية على نطاق غير مسبوق». وناشدت مجلس الأمن أن «ينظر في كل الأدوات المتاحة لاتخاذ إجراءات جماعية والقيام بما هو صائب، وما يستحقه شعب ميانمار ومنع وقوع كارثة متعددة الأبعاد في قلب آسيا».
وقالت المبعوثة الدولية إنها تأمل في زيارة المنطقة الأسبوع المقبل لمواصلة المشاورات مع رابطة دول جنوب شرقي آسيا والقادة الآخرين في المنطقة. ولكنها أوضحت أن الجيش في ميانمار يوصد أبوابه أمام معظم دول العالم، رفضاً لجهود الوساطة، ولهذا فإن «الوضع على الأرض سيزداد سوءاً. إن حمام الدماء وشيك». ودعت إلى «عمل جماعي» لوضع حد لهذا التدهور. وحذرت من تزايد المخاطر الصحية على المواطنين في ظل تفشي جائحة «كوفيد 19»، قائلة إن الفئات الضعيفة التي تحتاج إلى مساعدة إنسانية، بما في ذلك الأقليات العرقية وأقلية الروهينجيا. وحضت أعضاء مجلس الأمن على الاستجابة لدعوة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أجل «استجابة دولية حازمة وموحدة»، وأن «ينظر في اتخاذ إجراءات جوهرية يمكن أن تغير مسار الأحداث في ميانمار».
ولم يصدر البيان المقترح من مجلس الأمن لأن الصين طلبت وقتاً إضافياً للنظر في مضمونه، وفقاً لما قاله دبلوماسيون لـ«الشرق الأوسط». وحذر المندوب الصيني الدائم لدى الأمم المتحدة تشانغ جون من أن «الضغط من جانب واحد والدعوة إلى فرض عقوبات أو اتخاذ إجراءات قسرية أخرى لن يؤدي إلا إلى تفاقم التوتر والمواجهة وزيادة تعقيد الوضع، وهو أمر غير بناء». وحذر من أنه إذا انزلق البلد «إلى اضطراب طويل الأمد، فسيكون ذلك كارثة على ميانمار والمنطقة ككل».
وفي موازاة ذلك، طالب مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان دول منطقة جنوب شرقي آسيا بحماية الفارين من العنف والاضطهاد في ميانمار وضمان عدم إعادة اللاجئين والمهاجرين قسراً نظراً إلى التدهور السريع في وضع حقوق الإنسان داخل هذا البلد منذ استيلاء جيش ميانمار على السلطة. وأشار إلى «قتال جديد وقع بين الجيش وبعض المنظمات العرقية المسلحة، بما في ذلك في ولاية كايين، حيث أجبرت الغارات الجوية الأخيرة آلاف المدنيين على الفرار».
وقالت الممثلة الإقليمية لجنوب شرقي آسيا لمكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان سينثيا فيليكو إنه «لا ينبغي أن يواجه أي شخص خطر الإعادة إلى ميانمار عندما تكون حياته أو سلامته أو حقوقه الإنسانية الأساسية مهددة»، داعية «كل الدول إلى ضمان أن يتمكن جميع طالبي اللجوء من الحصول على الحماية التي يحق لهم الحصول عليها بموجب القانون الدولي».
وجاءت هذه التصريحات على أثر تقارير أفادت أن «قارباً واحداً على الأقل يحمل لاجئين من ميانمار عالق حالياً في بحر أندامان، غير قادر على الوصول إلى خيارات الإنزال الآمن». وقالت فيليكو إنه «يجب على الدول الساحلية وغيرها أن تتعاون لتحديد مكان آمن لإنزال هؤلاء الأشخاص المعرضين للخطر وضمان إيجاد حلول إقليمية وقائمة على الحقوق».



جماهير حاشدة تستقبل الوفد الفلسطيني للألعاب الأولمبية في باريس (فيديو)

TT

جماهير حاشدة تستقبل الوفد الفلسطيني للألعاب الأولمبية في باريس (فيديو)

الرياضيون الأولمبيون الفلسطينيون وأعضاء الوفد يقفون مع أنصارهم لدى وصولهم إلى مطار شارل ديغول في باريس (أ.ف.ب)
الرياضيون الأولمبيون الفلسطينيون وأعضاء الوفد يقفون مع أنصارهم لدى وصولهم إلى مطار شارل ديغول في باريس (أ.ف.ب)

تم الترحيب بالرياضيين الأولمبيين الفلسطينيين بهتاف جماهيري «تحيا فلسطين»، وهدايا من الطعام والورود عند وصولهم إلى باريس، الخميس، لتمثيل غزة التي مزقتها الحرب وبقية المناطق الفلسطينية على المسرح العالمي.

وبينما كان الرياضيون المبتهجون يسيرون عبر بحر من الأعلام الفلسطينية في مطار باريس الرئيسي، قالوا إنهم يأملون أن يكون وجودهم بمثابة رمز وسط الحرب بين إسرائيل و«حماس»، حسبما أفادت وكالة «أسوشييتد برس».

وحث الرياضيون والمؤيدون الفرنسيون والسياسيون الحاضرون الأمةَ الأوروبية على الاعتراف بالدولة الفلسطينية، بينما أعرب آخرون عن غضبهم من الوجود الإسرائيلي في الألعاب.

وقال يزن البواب، وهو سباح فلسطيني يبلغ من العمر 24 عاماً وُلد في السعودية: «فرنسا لا تعترف بفلسطين دولةً، لذلك أنا هنا لرفع العلم الفلسطيني». وأضاف: «لا نعامل بوصفنا بشراً، لذلك عندما نلعب الرياضة يدرك الناس أننا متساوون معهم». وتابع: «نحن 50 مليون شخص بلا دولة».

وقام البواب، وهو واحد من ثمانية رياضيين في الفريق الفلسطيني، بالتوقيع للمشجعين، وتناول التمر من طبق قدمه طفل بين الحشد.

الرياضيون الأولمبيون الفلسطينيون وأعضاء الوفد يقفون مع أنصارهم لدى وصولهم إلى مطار شارل ديغول في باريس (أ.ف.ب)

وتُظهِر هتافات «فلسطين الحرة» التي يتردد صداها في مطار شارل ديغول في باريس كيف يؤثر الصراع والتوتر السياسي في الشرق الأوسط على الألعاب الأولمبية.

ويجتمع العالم في باريس في لحظة تشهد اضطرابات سياسية عالمية، وحروباً متعددة، وهجرة تاريخية، وأزمة مناخية متفاقمة، وكلها قضايا صعدت إلى صدارة المحادثات في الألعاب الأولمبية.

في مايو (أيار)، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إنه مستعد للاعتراف رسمياً بالدولة الفلسطينية، لكن الخطوة يجب أن «تأتي في لحظة مفيدة» عندما لا تكون المشاعر على هذا النحو (أي متوترة).

وأدى موقف ماكرون بعدم اعتراف مباشر بدولة فلسطينية، إلى إثارة غضب البعض، مثل إبراهيم بشروري البالغ من العمر 34 عاماً، وهو من سكان باريس، والذي كان من بين عشرات المؤيدين الذين كانوا ينتظرون لاستقبال الرياضيين الفلسطينيين في المطار. وقال بشروري: «أنا هنا لأظهر لهم أنهم ليسوا وحدهم. إنهم مدعومون».

وأضاف أن وجودهم هنا «يظهر أن الشعب الفلسطيني سيستمر في الوجود، وأنه لن يتم محوه. ويعني أيضاً أنه على الرغم من ذلك، في ظل الوضع المزري، فإنهم يظلون صامدين، وما زالوا جزءاً من العالم وهم هنا ليبقوا».

ودعت السفيرة الفلسطينية لدى فرنسا إلى الاعتراف رسمياً بالدولة الفلسطينية، ومقاطعة الوفد الأولمبي الإسرائيلي. وكانت قد قالت في وقت سابق إنها فقدت 60 من أقاربها في الحرب في غزة. وقالت: «إنه أمر مرحب به، وهذا ليس مفاجئاً للشعب الفرنسي، الذي يدعم العدالة، ويدعم الشعب الفلسطيني، ويدعم حقه في تقرير المصير».

وتأتي هذه الدعوة للاعتراف بعد يوم واحد فقط من إلقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خطاباً لاذعاً أمام الكونغرس خلال زيارة لواشنطن، والتي قوبلت بالاحتجاجات. وأعلن أنه سيحقق «النصر الكامل» ضد «حماس»، ووصف أولئك الذين يحتجون في الجامعات وفي أماكن أخرى في الولايات المتحدة، على الحرب، بأنهم «أغبياء مفيدون» لإيران.

ورددت سفارة إسرائيل في باريس موقف اللجنة الأولمبية الدولية في «قرار فصل السياسة عن الألعاب». وكتبت السفارة في بيان لوكالة «أسوشييتد برس»: «نرحب بالألعاب الأولمبية وبوفدنا الرائع إلى فرنسا. كما نرحب بمشاركة جميع الوفود الأجنبية... رياضيونا موجودون هنا ليمثلوا بلادهم بكل فخر، والأمة بأكملها تقف خلفهم لدعمهم».

مؤيدون يتجمعون للترحيب بالرياضيين الفلسطينيين في مطار شارل ديغول قبل دورة الألعاب الأولمبية في باريس (رويترز)

وفق «أسوشييتد برس»، حتى في ظل أفضل الظروف، من الصعب الحفاظ على برنامج تدريبي حيوي للألعاب الأولمبية في غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية. أصبح هذا الأمر أقرب إلى المستحيل خلال تسعة أشهر من الحرب بين إسرائيل و«حماس»، حيث تم تدمير جزء كبير من البنية التحتية الرياضية في البلاد.

ومن بين الجالية الفلسطينية الكبيرة في الشتات في جميع أنحاء العالم، وُلد العديد من الرياضيين في الفريق أو يعيشون في أماكن أخرى، ومع ذلك فإنهم يهتمون بشدة بالسياسة في وطن آبائهم وأجدادهم.

وكان من بينهم السباحة الأميركية الفلسطينية فاليري ترزي، التي وزعت الكوفية التقليدية على أنصارها المحيطين بها، الخميس. وقالت: «يمكنك إما أن تنهار تحت الضغط وإما أن تستخدمه كطاقة». وأضافت: «لقد اخترت استخدامه كطاقة».