تضامن عربي مع القاهرة والخرطوم بعد تحذير السيسي لأديس أبابا

تدريب جوي مصري ـ سوداني... وإثيوبيا تؤكد «التزامها المفاوضات والحلول السلمية»

جانب من القوات المشاركة في التدريب الجوي المصري - السوداني أمس (الجيش المصري)
جانب من القوات المشاركة في التدريب الجوي المصري - السوداني أمس (الجيش المصري)
TT

تضامن عربي مع القاهرة والخرطوم بعد تحذير السيسي لأديس أبابا

جانب من القوات المشاركة في التدريب الجوي المصري - السوداني أمس (الجيش المصري)
جانب من القوات المشاركة في التدريب الجوي المصري - السوداني أمس (الجيش المصري)

تلقت مصر والسودان دعماً عربياً واسعاً، أمس، في نزاعهما مع إثيوبيا حول «سد النهضة»، غداة تحذير الرئيس عبد الفتاح السيسي من «المساس بحصة مصر المائية»، فيما ردت أديس أبابا بالتأكيد على «التزامها المفاوضات والحلول السلمية».
وتطالب مصر والسودان بإبرام اتفاق قانوني مُلزم مع إثيوبيا، قبل الشروع في تنفيذ المرحلة الثانية لملء السد في يوليو (تموز) المقبل، واقترح البلدان وساطة من الأمم المتحدة والاتحادين الأوروبي والأفريقي والولايات المتحدة لتذليل عقبات المفاوضات، لكن المقترح قوبل برفض إثيوبي.
وأحدثت تصريحات حادة للسيسي شدد فيها على أن المساس بحصة مصر المائية «خط أحمر»، صدى إقليمياً واسعاً، وعبرت دول عربية؛ من بينها السعودية والكويت والبحرين واليمن وغيرها، عن الوقوف بجانب مصر والسودان في حماية أمنهما المائي.
وتتفاوض مصر والسودان مع إثيوبيا، منذ نحو 10 سنوات، من دون نتيجة، بهدف عقد اتفاق قانوني ينظم عمليتي الملء والتشغيل للسد، الذي تبنيه أديس أبابا على الرافد الرئيسي لنهر النيل، لتوليد الطاقة الكهربائية. وحذر السيسي إثيوبيا، أول من أمس، من رد فعل «يؤثر على استقرار المنطقة بالكامل»، وأضاف: «محدش (لا أحد) يتصور أنه يقدر (على أن) يبقى بعيداً عن قدراتنا».
وأكدت السعودية دعمها ومساندتها لمصر والسودان، وشددت على أن «أمنهما المائي جزء لا يتجزأ من الأمن العربي». وعبرت عن مساندتها «أي مساعٍ تسهم في إنهاء ملف سد النهضة وتراعي مصالح كل الأطراف»، مشددة على ضرورة استمرار المفاوضات بحسن نية للوصول إلى اتفاق عادل وملزم في أقرب وقت ممكن، وفق القوانين والمعايير الدولية المعمول بها في هذا الشأن، بما يحافظ على حقوق دول حوض النيل كافة في مياهه، ويخدم مصالحها وشعوبها معاً.
بدورها، أعربت وزارة الخارجية الكويتية عن «تضامن الكويت مع مصر والسودان في جهودهما الحثيثة في الحفاظ على الاستقرار الإقليمي ومساعيهما لحل أزمة ملء وتشغيل سد النهضة بما يحفظ لدولتي مصب نهر النیل حقوقهما المائیة والاقتصادية وفق القوانین الدولیة وبما یمكّن الدولتين من تحقیق طموحاتهما في التنمیة». وأكدت أن «أمن مصر والسودان المائي جزء لا یتجزأ من الأمن القومي العربي». وأصدرت الخارجية البحرينية بياناً أعلنت فيه عن «تضامن البحرين مع مصر في الحفاظ على أمنها القومي والمائي، وحماية مصالح شعبها، وحقها المشروع في الحياة، ودعمها للجهود المبذولة لحل أزمة تشغيل وملء سد النهضة بما يحفظ الحقوق المائية لدول مصب نهر النيل وفق القوانين الدولية، لتحقيق طموحات التنمية في دول حوض النيل جميعها».
وأعربت الحكومة اليمنية عن تضامنها ووقوفها مع مصر في سعيها لإيجاد حل عادل لملف سد النهضة ودعم جهودها لتحقيق السلم والاستقرار الإقليمي. وقالت وزارة الخارجية، في بيان، إن «الأمن المائي لمصر جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي»، مؤكدة أهمية عدم اتخاذ خطوات أحادية تمسّ بمصالحها واستخداماتها المائية وبما يحفظ الحقوق المائية والاقتصادية لدول مصب نهر النيل ويحقق لدول حوض النيل التنمية والنمو الاقتصادي وفقاً لمبادئ القانون الدولي.
فيما قالت الخارجية العمانية إنها «تؤيد حل الخلاف عبر الحوار والتفاوض بما يحفظ حقوق جميع دول حوض النيل، ويحقق الاستقرار للمنطقة».
وفي الاتجاه ذاته، أكدت الإمارات، في بيان صادر عن وزارة الخارجية، «اهتمامها البالغ وحرصها الشديد على استمرار الحوار الدبلوماسي البناء والمفاوضات المثمرة لتجاوز أي خلافات حول سد النهضة... وأهمية العمل من خلال القوانين والمعايير الدولية المرعية للوصول إلى حل يقبله الجميع ويؤمن حقوق الدول الثلاث وأمنها المائي».
من جانبه، أعرب البرلمان العربي عن تضامنه وتأييده التام لمصر والسودان في ضمان حقوقهما المشروعة في حصتهما من مياه نهر النيل، ومساندته أي مساعٍ تسهم في حل هذه الأزمة من خلال التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم. وأكد في بيان «رفضه القاطع لأي إجراءات أحادية من جانب إثيوبيا»، وطالبها بـ«الابتعاد عن سياسة فرض الأمر الواقع، التي قد تؤدي إلى تصعيد الأزمة وزيادة أسباب التوتر في المنطقة».
وفي أول تعليق إثيوبي على تصريحات الرئيس المصري، قال السفير الإثيوبي في القاهرة ماركوس تيكلي، أمس، إن بلاده «ملتزمة مسار التفاوض من أجل التوصل إلى اتفاق مرضٍ لجميع الأطراف». وجدد التأكيد على اهتمام بلاده بالعلاقات مع مصر، وحرصها على الوصول من خلال المفاوضات إلى «اتفاق يخدم مصالح جميع الأطراف».
ورغم إعلان إثيوبيا رسمياً رفض مقترح «الوساطة الرباعية» في النزاع، فإن السفير قال، في مؤتمر صحافي في القاهرة، أمس، إن بلاده «تنظر على نحو إيجابي إلى جهود المبعوث الأميركي، وتقدر جميع جهود الدول الصديقة والحليفة التي تحاول الإسهام في تقريب وجهات النظر بين الدول الثلاث المعنية بقضية سد النهضة». كما اكتفى بالإشارة إلى مشاركة بعض الدول العربية في جهود دفع تسوية مرضية لقضية السد، من دون الكشف عنها أو مزيد من التفاصيل.
ووسط التوترات مع إثيوبيا، تجري عناصر من القوات الجوية المصرية والسودانية وعناصر من قوات الصاعقة لكلا البلدين، تدريباً جوياً مشتركاً تحت اسم «نسور النيل – 2» في قاعدة مروى الجوية في السودان.
ووفق بيان للقوات المسلحة المصرية، أمس، اشتمل التدريب على عدد من الأنشطة المكثفة بدأت مراحلها الأولى بإجراءات التلقين وأسلوب تنظيم التعاون لتوحيد المفاهيم وصقل المهارات لإدارة العمليات الجوية المشتركة بكفاءة عالية، فضلاً عن تنفيذ العديد من الطلعات المشتركة لمهاجمة الأهداف المعادية وحماية الأهداف الحيوية بمشاركة مجموعة من المقاتلات متعددة المهام. كما تضمن تدريب عناصر قوات الصاعقة على أعمال الاقتحام وعمليات الإخفاء والتمويه لتنفيذ العمليات الخاصة وتنفيذ رمايات عدة من أوضاع الرمي المختلفة.
ويهدف التدريب، وفق البيان، إلى «تحقيق أقصى استفادة ممكنة للعناصر المشاركة في التخطيط والتنفيذ لإدارة العمليات الجوية وقياس مدى جاهزية واستعداد القوات لتنفيذ عمليات مشتركة على الأهداف المختلفة».



بن مبارك: الحرب الاقتصادية الحوثية أشد أثراً من الصراع العسكري

رئيس الحكومة اليمنية خلال كلمة له أمام ممثلي التكتل الحزبي الجديد (سبأ)
رئيس الحكومة اليمنية خلال كلمة له أمام ممثلي التكتل الحزبي الجديد (سبأ)
TT

بن مبارك: الحرب الاقتصادية الحوثية أشد أثراً من الصراع العسكري

رئيس الحكومة اليمنية خلال كلمة له أمام ممثلي التكتل الحزبي الجديد (سبأ)
رئيس الحكومة اليمنية خلال كلمة له أمام ممثلي التكتل الحزبي الجديد (سبأ)

أكد رئيس مجلس الوزراء اليمني أحمد عوض بن مبارك تطلع حكومته للتفاعل الإيجابي مع التكتل السياسي الحزبي الجديد للقوى اليمنية الذي أُشهر من العاصمة المؤقتة عدن، وقال إن الحرب الحوثية الاقتصادية باتت أشد أثراً على معيشة اليمنيين من الصراع العسكري.

وكانت الأحزاب والقوى اليمنية قد أشهرت، الثلاثاء، تكتلاً حزبياً واسعاً في عدن هدفه العريض استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب الحوثي والحفاظ على الجمهورية وفق دولة اتحادية.

بن مبارك تعهد بالاستمرار في مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية في حكومته (سبأ)

وقال بن مبارك: «ننظر لهذا التكتل على أنه صوت جديد، ورؤية متجددة، وأداة للتغيير البناء وجهد بارز في السياق الوطني يضاف للجهود التي تسعى لرص الصفوف وتهيئة السبل لإنقاذ اليمن من براثن ميليشيا الحوثي».

وأضاف أن حكومته «تتطلع وبانفتاح كامل للتفاعل إيجابياً» مع هذا التكتل الحزبي وبما يقود لتوحيد الجهود لاستكمال استعادة الدولة وهزيمة الانقلاب وتحقيق السلام.

وشدد رئيس الوزراء اليمني على ضرورة تكاتف الجهود في إطار رؤية وطنية شاملة تهدف إلى تحقيق الاستقرار، وتعزيز السيادة، وبناء يمن اتحادي موحد وقوي، وقال: «ندرك جميعاً التحديات، ونعلم أن الطريق لن يكون سهلاً، ولكن بإيماننا العميق بقضيتنا وبإرادة أبناء شعبنا، يمكننا أن نصنع الفارق».

حرب الاقتصاد

استعرض رئيس الحكومة اليمنية الحرب الاقتصادية الحوثية وقال إن آثارها التدميرية «تتجاوز الآثار الناتجة عن الصراع العسكري»، مشيراً إلى أنها أضرت بحياة المواطنين وسبل عيشهم، واستنزفت موارد البلاد، وتسببت بارتفاع معدلات الفقر والبطالة، وانهيار الخدمات الأساسية.

ورأى بن مبارك أن ذلك «يتطلب توحيد الصفوف ودعم مؤسسات الدولة، لمواجهة هذه الحرب الاقتصادية وحماية الاقتصاد الوطني والتخفيف عن المواطنين الذين يتحملون أعباء كبيرة».

جانب من حفل إشهار التكتل الجديد للقوى والأحزاب اليمنية (سبأ)

وقال: «الحرب الاقتصادية المستمرة التي تشنها ميليشيات الحوثي، إلى جانب استهدافها المنشآت النفطية، أثرت بشكل كبير على استقرار الاقتصاد اليمني وأسهمت في التدهور السريع لسعر صرف العملة الوطنية، وتقويض قدرة الحكومة على الحفاظ على استقرار العملة، ونتيجة لذلك، واجه الريال اليمني انخفاضاً كبيراً في قيمته، مما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية وتفاقم الأزمة الإنسانية التي يعاني منها الملايين في جميع أنحاء البلاد».

وأكد بن مبارك أن إعادة تصدير النفط ورفد الخزينة العامة بالعملة الصعبة حق من حقوق الشعب يجب العمل على انتزاعه وعدم السماح للحوثيين باستمرار عرقلة الاستفادة من هذا المورد الذي يعد العصب الرئيسي للاقتصاد الوطني.

وأوضح أن حكومته تمضي «بكل جدية وتصميم» لمكافحة الفساد وتعزيز الشفافية والمساءلة في جميع مؤسسات الدولة، وإرساء ثقافة النزاهة واحترام القانون، وأنها ستقوم باتخاذ خطوات عملية لتقوية الأجهزة الرقابية وتفعيل آليات المحاسبة.

تكتل واسع

كانت القوى اليمنية قد أشهرت من عدن «التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية» عقب سلسلة لقاءات تشاورية، توصلت إلى إعلان التكتل الجديد الذي يضم نحو 22 حزباً ومكوناً سياسياً وإقرار لائحته التنظيمية.

وتم التوافق على أن تكون رئاسة التكتل في دورته الأولى لحزب «المؤتمر الشعبي»، حيث سمى الحزب أحمد عبيد بن دغر رئيساً للمجلس الأعلى للتكتل في هذه الدورة.

وبحسب بيان الإشهار، يلتزم التكتل بالدستور والقوانين النافذة، والمرجعيات المتفق عليها وطنياً وإقليمياً ودولياً، والتعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة، والعدالة والمواطنة المتساوية، إضافة إلى التوافق والشراكة والشفافية والتسامح.

رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك مع رئيس مجلس الشورى أحمد عبيد بن دغر (سبأ)

كما يضع التكتل برنامجاً سياسياً لتحقيق عدد من الأهداف؛ بينها استعادة الدولة وتوحيد القوى الوطنية لمواجهة التمرد وإنهاء الانقلاب وحل القضية الجنوبية بوصفها قضية رئيسية ومفتاحاً لمعالجة القضايا الوطنية، ووضع إطار خاص لها في الحل السياسي النهائي، والتوافق على رؤية مشتركة لعملية السلام.

ويؤكد برنامج عمل التكتل على دعم سلطات الدولة لتوحيد قرارها وبسط نفوذها على التراب الوطني كافة، ومساندة الحكومة في برنامجها الاقتصادي لتقديم الخدمات ورفع المعاناة عن كاهل المواطنين، وعودة جميع مؤسسات الدولة للعمل من العاصمة المؤقتة عدن.

وأكد بيان الإشهار أن هذا التكتل باعثه الأساسي هو تعزيز الاصطفاف الوطني من أجل إنهاء انقلاب الحوثيين واستعادة الدولة، وأنه ليس موجهاً ضد أحد من شركاء العمل السياسي.