إقالة رئيس النيابة العسكرية في بنغازي بسبب حديثه عن «الصحة النفسية» للورفلي

محمود الورفلي (أ.ف.ب)
محمود الورفلي (أ.ف.ب)
TT

إقالة رئيس النيابة العسكرية في بنغازي بسبب حديثه عن «الصحة النفسية» للورفلي

محمود الورفلي (أ.ف.ب)
محمود الورفلي (أ.ف.ب)

لا تزال تداعيات اغتيال المقدم محمود الورفلي، القائد بـ«الجيش الوطني» الليبي، متواصلة. ففيما قالت فاتو بنسودا، المدعية العامة بالمحكمة الجنائية الدولية، إن مكتبها يسعى للتأكد من التقارير الواردة حول وفاته، أعفى المدعي العام العسكري في بنغازي (شرق) اللواء فرج الصوصاع، رئيس النيابة العسكرية العقيد علي أحمد ماضي، من منصبه على خلفية «تصريحات خاطئة»، تتعلق بالحالة الصحية التي كان عليها الورفلي قبل مقتله.
وتوفي الورفلي مساء الأربعاء الماضي، بعد تعرض سيارته لوابل من الرصاص من مجهولين، قرب جامعة العرب الطبية في بنغازي، فيما أصيب شقيقه في الهجوم، ونقل حينها إلى العناية المركزة.
ونسبت مواقع التواصل الاجتماعي، وبعض المنصات الإعلامية لماضي قوله إن الورفلي «كان يعاني من الجنون». لكنه سرعان ما نفى ذلك، ورأى أن حديثه عما يعانيه الورفلي من «مرض نفسي جزئي» فسر خطأ.
وأوضح ماضي في تصريحات إعلامية أنه تحدث عن تداعيات ما بعد الصدمة، وقال بهذا الخصوص: «ما قصدته أن أسود الجيش والقوات المساندة له حاربت التنظيمات الإرهابية، التي لا تعترف بالقانون الدولي الإنساني، وكانت تقطع الأطراف وتلعب برؤوس الرجال الكرة، وهذا واضح ومسجل، مما تسبب في معاناة نفسية، بل حتى الأطفال عانوا من الأعراض نفسها».
وتابع ماضي موضحا: «لم أقل إن الشهيد البطل الورفلي أصيب الجنون، فهذا افتراء وتفسير للكلام بغير معانيه. لكن معروف علمياً آثار ما بعد الصدمة، التي نعاني منها جميعاً، خصوصاً من حامل السلاح وقاتل الإرهاب». وذهب إلى أن المحكمة الجنائية الدولية اقتنعت بأن «آثار ما بعد الصدمة كانت السبب فيما قام به الورفلي، وما تقوم به كل القوات المسلحة أثناء الحروب والانهيار النفسي في العمليات الحربية»، معتذراً لقبيلة ورفلة والقوات الخاصة على «ما نسب إليه خطأ، وتفسير حديثه بعكس ما يعنيه».
وفيما قالت فاتو بنسودا إن مكتبها يسعى للتثبت من تقارير حول وفاة الورفلي، نفت أنباء عن وجود وفد من المحكمة في ليبيا لهذا الغرض. وأكدت في تغريدة على حساب المحكمة بـ«تويتر»، تناقلتها وسائل إعلام محلية، أن مكتبها يؤكد التزامه بمهمته، وفقاً لنظام روما الأساسي بشأن التحقيق في ليبيا.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.