تونس: توجس من استعمال صلاحيات «الدستورية» لعزل الرئيس

الرئيس قيس سعيد (د.ب.أ)
الرئيس قيس سعيد (د.ب.أ)
TT

تونس: توجس من استعمال صلاحيات «الدستورية» لعزل الرئيس

الرئيس قيس سعيد (د.ب.أ)
الرئيس قيس سعيد (د.ب.أ)

كشف نوفل سعيد، شقيق الرئيس التونسي قيس سعيد، عن مخاوف جدية من احتمال استعمال صلاحيات المحكمة الدستورية، المنتظر تركيزها بعد أكثر من خمس سنوات من التعطيل، لعزل شقيقه من منصبه.
وقال نوفل، إنه «بالرجوع إلى الأزمة السياسية الراهنة بين سعيد والمشيشي، فإن سبب الإسراع في إرساء المحكمة الدستورية هو الحرص على توفير الآلية الدستورية الوحيدة لعزل رئيس الجمهورية، وهي المحكمة الدستورية، التي ظلّت غائبة طوال السنوات الأخيرة، بحجج مختلفة؛ لأن الأجواء السياسية لم تكن وقتها تتطلّب التعجيل بإقامتها».
وأضاف نوفل، وهو أيضاً أستاذ مختص في القانون الدستوري، أن هذا التوجه «يعطي مؤشرات جدّ سيئة على أن النية متجهة لجعل المحكمة طرفاً في الصراعات السياسية الآنية، وحتى المستقبلية، بينما المفترض في هذه المحكمة هو أن تكون محايدة، وفوق الصراعات». متهماً من يسارعون اليوم إلى تركيز المحكمة الدستورية بـ«البحث عن الأعضاء الذين يشاركونهم توجهاتهم وتموقعاتهم السياسية ليكونوا سنداً لهم في صراعاتهم السياسية».
في غضون ذلك، تستعد مختلف الأطراف السياسية لموعد التصويت على أعضاء المحكمة الدستورية في الثامن من أبريل (نيسان) المقبل، في ظل مخاوف من استعمالها من قبل الائتلاف الحاكم لعزل رئيس الجمهورية.
ولتسليط الضوء على صلاحيات هذه المحكمة ودورها الدستوري، اجتمع الرئيس سعيد مع عدد من أساتذة القانون، وبحث معهم على وجه الخصوص القانون المتعلق بالمحكمة الدستورية، الذي صادق عليه البرلمان في 25 من مارس (آذار) الحالي، وأحاله إلى الرئيس سعيّد لتوقيعه ليصبح ساري المفعول. ومن جانبه، اجتمع رئيس الحكومة هشام المشيشي مع ممثلي الأحزاب والكتل البرلمانية الداعمة للحكومة، بهدف بحث تركيز المحكمة الدستورية، ودراسة حجم التحديات المقبلة المطروحة، وحاجة تونس إلى مزيد من تنسيق الجهود في ظل هذه الأزمة المالية الصعبة.
على صعيد متصل، أكد سمير ديلو، رئيس اللجنة الانتخابية في البرلمان، الإبقاء على قائمة المرشحين ذاتها لعضوية المحكمة الدستورية، التي أقرتها اللجنة في يوليو (تموز) الماضي، وذلك خلال جلسة البرلمان المبرمجة في الثامن من أبريل المقبل بهدف اختيار بقية أعضاء هذه المحكمة. وتتكون المحكمة الدستورية، وهي هيئة قضائية مستقلة، من 12 عضواً من ذوي الكفاءة، ثلاثة أرباعهم (9 أعضاء) من المختصين في القانون، لا تقل خبرتهم في الميدان عن عشرين سنة. ويعيّن كل من رئيس الجمهورية ومجلس نواب الشعب (البرلمان) والمجلس الأعلى للقضاء، أربعة أعضاء، ويكون التعيين لفترة واحدة، مدتها تسع سنوات.
على صعيد غير متصل، تعهد يوسف الشاهد، الرئيس السابق للحكومة بردٍ قاس على من اتهموه بالتخطيط للانقلاب على الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي، ووصف من اتهموه بأنهم « الأشخاص أنفسهم الذين امتهنوا تزييف الوقائع، والاسترزاق من الأزمات والمستنقعات واستباحة شرف الناس». وقال الشاهد رداً على منتقديه «التزمت الصمت لفترة طويلة، لكن الآن أقول لهؤلاء إن زمن الانقلابات ولى وانتهى. فاستعدوا بسرعة؛ لأن ردنا عبر القضاء سيكون قاسياً، وسوف تكشف الحقيقة».
في السياق ذاته، انتقدت هالة عمران، المتحدثة باسم حركة «تحيا تونس»، التي يرأسها الشاهد، ما ورد في كتاب رئيس الجمهورية المؤقت السابق، محمد الناصر (جمهوريتان وتونس واحدة)، حول أحداث 27 يونيو (حزيران) 2019، ونية الانقلاب على الرئيس الراحل، من خلال إعلان شغور منصبه، ليتولى رئيس الحكومة حينها (يوسف الشاهد) المنصب، والحديث عن ذلك في شكل فرضية.
وقالت عمران، إن الانقلاب «يكون بالسلاح وعلى دبابة لا بالدستور والقوانين»، مشيرة إلى أن نواب البرلمان لجأوا إلى الدستور بسبب الأنباء المتواترة آنذاك حول تدهور صحة رئيس الجمهورية وإشاعات وفاته، ما خلق حالة من البلبلة في صفوف أعضاء البرلمان، على حد تعبيرها.



مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي»، وهو ما عبر عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منشور له عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس» الأربعاء، هنأ خلاله الرئيس الأميركي المنتخب.

وقال السيسي: «نتطلع لأن نصل سوياً لإحلال السلام والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة وشعبيهما الصديقين»، وأضاف: «البلدان لطالما قدما نموذجاً للتعاون ونجحا سوياً في تحقيق المصالح المشتركة»، مؤكداً تطلعه إلى مواصلة هذا النموذج في «هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم».

وأثارت أنباء فوز ترمب تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتصدر وسوم عدة الترند في مصر، مصحوبة بمنشورات لتهنئة للرئيس الأميركي المنتخب. وبينما عول سياسيون وإعلاميون مصريون على ترمب لوقف الحرب الدائرة في غزة منذ أكثر من عام، ووضع حد للتصعيد في المنطقة، أكدوا أن «مواقف الرئيس المنتخب غير التقليدية تجعل من الصعب التنبؤ بسياسة الإدارة الأميركية في السنوات الأربع المقبلة».

ولا يرى الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري «اختلافاً بين ترمب ومنافسته الخاسرة كامالا هاريس من القضية الفلسطينية»، لكنه أعرب في منشور له عبر «إكس» عن سعادته بفوز ترمب، وعده «هزيمة للمتواطئين في حرب الإبادة».

أما الإعلامي المصري أحمد موسى فعد فوز ترمب هزيمة لـ«الإخوان»، ومن وصفهم بـ«الراغبين في الخراب». وقال في منشور عبر «إكس» إن هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن «كانوا شركاء في الحرب» التي تشنها إسرائيل على لبنان وغزة.

وعول موسى على ترمب في «وقف الحروب بالمنطقة وإحلال السلام وعودة الاستقرار». وكذلك أعرب الإعلامي المصري عمرو أديب عن أمله في أن «يتغير الوضع في المنطقة والعالم للأفضل بعد فوز ترمب».

مفاهيم السلام

رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق، السفير محمد العرابي، أكد أن «العلاقات بين مصر والولايات المتحدة لن تواجه عقبات أو مشكلات على المستوى الثنائي خلال عهد ترمب»، لكنه أشار إلى أن «مواقف الرئيس المنتخب من القضية الفلسطينية وأفكاره غير التقليدية بشأنها قد تكون أحد الملفات الشائكة بين القاهرة وواشنطن».

وأوضح العرابي لـ«الشرق الأوسط» أن «ترمب يتبنى مفاهيم عن السلام في الإقليم ربما تختلف عن الرؤية المصرية للحل»، مشيراً إلى أن «القضية الفلسطينية ستكون محل نقاش بين مصر والولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة».

وتبنى ترمب خلال ولايته الأولى مشروعاً لإحلال «السلام» في الشرق الأوسط عُرف باسم «صفقة القرن»، والتي يرى مراقبون أنه قد يعمل على إحيائها خلال الفترة المقبلة.

وعدّ سفير مصر الأسبق في واشنطن عبد الرؤوف الريدي وصول ترمب للبيت الأبيض «فرصة لتنشيط التعاون بين مصر والولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة، وربما إيجاد تصور لكيفية إدارة القطاع مستقبلاً».

وقال الريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «ترمب يسعى لتحقيق إنجازات وهو شخص منفتح على الجميع ووجوده في البيت الأبيض سيحافظ على الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن».

تصحيح العلاقات

من جانبه، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي أن فوز ترمب بمثابة «عودة للعلاقات الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة بين القاهرة وواشنطن». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «فوز ترمب هو تدعيم للعلاقة بين القيادة المصرية والبيت الأبيض»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري لم يزر البيت الأبيض طوال أربع سنوات من حكم بايدن، واصفاً ذلك بأنه «وضع غريب في العلاقات الثنائية سيتم تصحيحه في ولاية ترمب».

وأضاف هريدي أن «فوز ترمب يسدل الستار على الحقبة الأوبامية في السياسة الأميركية، والتي بدأت بتولي الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2009 واستُكملت في ولاية جو بايدن الحالية»، وهي حقبة يرى هريدي أن واشنطن «انتهجت فيها سياسات كادت تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة». ورجح أن تعمل إدارة ترمب على «وقف الحروب وحلحلة الصراعات في المنطقة».

وزار الرئيس المصري السيسي البيت الأبيض مرتين خلال فترة حكم ترمب عامي 2017 و2019. وقال ترمب، خلال استقباله السيسي عام 2019، إن «العلاقات بين القاهرة وواشنطن لم تكن يوماً جيدة أكثر مما هي عليه اليوم، وإن السيسي يقوم بعمل عظيم».

لكن السيسي لم يزر البيت الأبيض بعد ذلك، وإن التقى بايدن على هامش أحداث دولية، وكان أول لقاء جمعهما في يوليو (تموز) 2022 على هامش قمة جدة للأمن والتنمية، كما استقبل السيسي بايدن في شرم الشيخ نهاية نفس العام على هامش قمة المناخ «كوب 27».

بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس الدكتور جمال سلامة أن «مصر تتعامل مع الإدارة الأميركية أياً كان من يسكن البيت الأبيض». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات مع واشنطن لن تتأثر بفوز ترمب، وستبقى علاقات طبيعية متوازنة قائمة على المصالح المشتركة».

وعد مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي فوز ترمب فرصة لحلحلة ملف «سد النهضة»، الذي لعبت فيه الولايات المتحدة دور الوسيط عام 2019.

وهنا أكد العرابي أنه «من السابق لأوانه معرفة الدور الذي ستلعبه إدارة ترمب في عدد من الملفات المهمة لمصر ومن بينها (سد النهضة)»، وقال: «ترمب دائماً لديه جديد، وطالما قدم أفكاراً غير تقليدية، ما يجعل التنبؤ بمواقفه أمراً صعباً».

بينما قال هريدي إن «قضية سد النهضة ستحل في إطار ثنائي مصري - إثيوبي»، دون تعويل كبير على دور لواشنطن في المسألة لا سيما أنها «لم تكمل مشوار الوساطة من قبل».