الصين تصادق على تعديلات جذرية لنظام هونغ كونغ السياسي

صادق قادة الصين أمس على إدخال تغييرات واسعة النطاق على نظام هونغ كونغ الانتخابي (رويترز)
صادق قادة الصين أمس على إدخال تغييرات واسعة النطاق على نظام هونغ كونغ الانتخابي (رويترز)
TT

الصين تصادق على تعديلات جذرية لنظام هونغ كونغ السياسي

صادق قادة الصين أمس على إدخال تغييرات واسعة النطاق على نظام هونغ كونغ الانتخابي (رويترز)
صادق قادة الصين أمس على إدخال تغييرات واسعة النطاق على نظام هونغ كونغ الانتخابي (رويترز)

صادق قادة الصين، أمس (الثلاثاء)، على إدخال تغييرات واسعة النطاق على نظام هونغ كونغ الانتخابي، تفسح المجال للتدقيق في أي شخص يترشح لتولي منصب عام، وتخفض بشكل كبير عدد السياسيين المنتخبين بشكل مباشر.
وأفادت وكالة الصحافة الفرنسية بأن الإجراءات الجديدة التي تجاوزت مجلس هونغ كونغ التشريعي، وفرضت مباشرة من قبل بكين، تمثل الخطوة الأخيرة الهادفة لسحق الحراك الديمقراطي في المدينة بعد المظاهرات الضخمة التي شهدتها.
ووقع الرئيس الصيني شي جينبينغ القانون الجديد بعدما تم إقراره بالإجماع من قبل أعلى هيئة لصنع القرار في الصين. ومن بين أكبر التغييرات تشكيل لجنة تدقق بشأن أي شخص يأمل في دخول معترك السياسة في هونغ كونغ للتأكد من مدى «وطنيته».
وسيرفع جهاز الأمن الوطني الجديد معلومات التدقيق في الشخصيات إلى اللجنة التي لا يمكن الطعن في قراراتها قانونياً. وأفاد الممثل الوحيد لهونغ كونغ في البرلمان الصيني تام يو - تشانغ وكالة الصحافة الفرنسية بأن «لجنة الأمن الوطني وشرطة الأمن الوطني سيقدمان تقارير بشأن كل مرشح لمساعدة لجنة مراجعة المؤهلات في عملية التدقيق».
وعندما يسمح لأهالي هونغ كونغ بالتصويت في انتخابات محلية محدودة، يفوز عادة مرشحون مؤيدون للديمقراطية بغالبية المقاعد، وهو أمر يثير قلق بكين. وسيتم بموجب الإجراءات الجديدة توسيع مجلس هونغ كونغ التشريعي ليشمل 90، بدلاً من 70 مقعداً. وسيُنتخب عشرون من النواب فقط بشكل مباشر، مقارنة بـ35 سابقاً، ما يعني أن نسبة التمثيل المباشر ستنخفض من نصف إلى أقل من ربع المقاعد.
وستختار لجنة مؤيدة بالكامل لبكين أغلبية النواب (40 نائباً). وأما الباقي، وعددهم 30 نائباً، فستختارهم «دوائر انتخابية قطاعية»، وهي هيئات تمثل قطاعات معينة ومجموعات ذات اهتمامات خاصة لطالما كانت موالية لبكين.
ورحبت حكومة هونغ كونغ الموالية لبكين بالتدابير الجديدة، إذ لن يعود عليها مواجهة معارضة صاخبة داعمة للديمقراطية في المجلس التشريعي.
وقالت رئيسة سلطة هونغ كونغ التنفيذية كاري لام إنه بات من الممكن «التخفيف بشكل فاعل من التسييس المفرط للمجتمع، والشرخ الداخلي الذي تسبب بانقسامات في هونغ كونغ». وأضافت أن الانتخابات التشريعية المقبلة بموجب النظام الجديد قد تجري في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، حسب تقرير الوكالة الفرنسية.
بدوره، أفاد مكتب شؤون هونغ كونغ وماكاو، المسؤول عن رسم سياسات بكين للمركز المالي، بأنه «يتعين أن تكون مؤسسات هونغ كونغ ذات السلطة السياسية والحوكمة بشكل قوي في أيدي الأشخاص المحبين للوطن الأم ولهونغ كونغ».
وفي المقابل، عبرت شخصيات معارضة وبعض المحللين عن موقف أقل تفاؤلاً، ووصفوا الإجراءات الجديدة بأنها خطوة واضحة لضمان القضاء على أي معارضة متبقية لسلطة بكين.
وقالت إميلي لاو النائبة السابقة المؤيدة للديمقراطية لوكالة الصحافة الفرنسية: «هذا النظام الجديد برمته مهين وقمعي للغاية»، وأضافت: «إذا كان هناك مثل هذا العدد الكبير من الأشخاص غير الراضين بالداخل، فكل ما تحتاجه هو مؤثر بسيط، وسيتحرك كثير من الناس».
وقال الأستاذ المساعد المتخصص في السياسة لدى جامعة سنغافورة الوطنية تشونغ جا إيان إن الخطوة «تتعارض (على ما يبدو) مع روح إقامة انتخابات حرة منصفة تشهد منافسة، ما يحد من المشاركة الشعبية في العملية السياسية». وأضاف للوكالة الفرنسية: «بالتأكيد، منح قوة شرطة سلطة الإشراف على الشخصيات التي يمكنها الترشح للانتخابات أمر لا وجود له في أنظمة تعد عادة ديمقراطية».
وعمل قادة الصين بحزم على تفكيك أسس الديمقراطية المحدودة في هونغ كونغ بعد احتجاجات عام 2019 الحاشدة، فتم فرض قانون للأمن القومي استخدم سلاحاً في وجه الحراك الديمقراطي في المركز المالي. وتمت ملاحقة عشرات المدافعين عن حقوق الإنسان قضائياً أو سجنهم، وإسكات الاحتجاجات في مدينة كانت تتمتع بحريات سياسية أكبر من تلك المعروفة في البر الصيني الرئيسي، بموجب قاعدة «بلد واحد بنظامين» التي تم الاتفاق عليها قبل أن تسلم بريطانيا المدينة عام 1997.
وأشادت بكين بالتعديل الانتخابي، بصفته ثاني خطوة ضمن «مجموعة لكمات» تم تسديدها للسيطرة على الاضطرابات في المدينة، بعد القانون الأمني. لكن تراجع الحريات في هونغ كونغ بات يشكل إحدى أبرز نقاط الخلاف بين الغرب والصين التي تصر على أن ما يحصل في المدينة شأن داخلي.
وأعادت التغييرات في النظام الانتخابي إحياء موجة انتقادات من القوى الغربية منذ أعلنت أول مرة في وقت سابق من شهر مارس (آذار) الحالي.
وأعلنت بريطانيا أن الصين لم تعد تمتثل لتعهدها بموجب قاعدة «بلد واحد بنظامين». وجاء في تغريدة أطلقها الثلاثاء وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب أن التعديلات التي أقرت تشكل «انتهاكاً صريحاً للإعلان المشترك»، في إشارة إلى الاتفاق الصيني - البريطاني حول هونغ كونغ.
أما الرئيس الأميركي جو بايدن، فرأى أن تقليص الحريات في المدينة جزء من هجوم أوسع تقوده بكين على الديمقراطية والحقوق، بما في ذلك طريقة تعاملها مع الأقليات المسلمة في إقليم شينغيانغ (شمال غربي البلاد).
وتولي القوى الدولية والأعمال التجارية مستقبل هونغ كونغ أهمية بالغة، إذ إنها تضم مئات آلاف العاملين الأجانب، إضافة إلى استثمارات بمليارات الدولارات. ولطالما صورت المدينة نفسها على أنها منفذ تجاري إلى الصين يمكن الاعتماد عليه، ويتمتع بحريات ومحاكم يمكن الوثوق بها بشكل لا مثيل له في البر الرئيسي.



إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.