بسبب القدس... الانتخابات الفلسطينية في «مهب الريح»

اتهامات رسمية لإسرائيل بتعطيلها... وشكوك متزايدة حول إجرائها

TT

بسبب القدس... الانتخابات الفلسطينية في «مهب الريح»

عززت تصريحات جديدة ومتوالية لمسؤولين فلسطينيين حول استحالة إجراء الانتخابات من دون مشاركة فلسطينيي القدس، مخاوف سابقة بتأجيل الانتخابات التشريعية المقررة في مايو (أيار)، وهي مخاوف لم يبددها المرسوم الرئاسي بإجراء الانتخابات وتسجيل القوائم المتنافسة بشكل رسمي.
وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، أحمد مجدلاني، أمس، إنه يستحيل إجراء الانتخابات العامة من دون مشاركة مدينة القدس ترشيحاً وانتخاباً، من خلال صناديق الاقتراع داخل العاصمة، وعلى المجتمع الدولي تحمّل مسؤوليته لإتمام إجرائها. وأشار مجدلاني، إلى أن إسرائيل أبلغت الاتحاد الأوروبي بمنع إجراء الانتخابات في القدس في محاولة لاستهداف وتعطيل هذه الانتخابات.
وطالب مجدلاني، في بيان، المجتمع الدولي والاتحاد الأوروبي وروسيا والصين، بالضغط على دولة الاحتلال لإجراء الانتخابات في القدس، وممارسة أبناء شعبنا هناك حقهم الديمقراطي بالمشاركة. وتابع أن «القدس ليست شعاراً انتخابياً، بل هي جوهر الصراع، وأنه لا تفريط بأي حق من حقوق المقدسيين في العملية الديمقراطية، وأن الاحتلال يسعى لتعطيل العملية الديمقراطية في دولة فلسطين».
ومثّل تصريح مجدلاني صدمة للكثيرين الذين لم يعتقدوا بإمكانية تأجيل الانتخابات، وعزز شكوك كثيرين آخرين لطالما قالوا إنها ستؤجل، لكن الأمر لم يحسم بأي من الاتجاهين. وقال عضو اللجنتين التنفيذية لمنظمة التحرير، والمركزية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، عزام الأحمد، إنه لا تراجع عن قرار الانتخابات التي ستجرى في موعدها المحدد. لكن أيضاً «لا انتخابات من دون القدس، الشريك الرئيسي في العملية الديمقراطية»، مضيفاً، أن القيادة درست سيناريوهات كثيرة في حال منعت حكومة الاحتلال إجراء الانتخابات فيها. وأكد على تفاهم «فتح» مع «حماس» وكل الفصائل على أنه لا انتخابات دون القدس، وأنه يتم التحرك لمواجهة هذا الأمر، الذي يعتبر من العقبات التي تحاول إسرائيل فرضها أمام إجراء الانتخابات.
الأحمد شدد على أن عدم إجراء الانتخابات في القدس، ينتقص من الهوية الفلسطينية، ومن حق المقدسيين ممارسة العملية الديمقراطية، ومن دونها لن تكون هناك انتخابات «ونحن طلبنا من أشقائنا وأصدقائنا دعم قراراتنا ومساعدتنا على تذليل أي عقبات تظهر أمامنا في إجراء الانتخابات».
والتصريحات التي فسرت على أنها تغيير واضح في لغة المسؤولين الفلسطينيين، بعد أشهر من القول إنه لا يمكن لأي قوة تأجيل أو إلغاء الانتخابات، جاءت بعد أن أثارت جهات في إسرائيل و«حماس» ومعارضين، احتمال أن يلجأ الرئيس الفلسطيني محمود عباس لتأجيل الانتخابات لأسباب مختلفة. وقالت مصادر إسرائيلية، إن مقربين من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أجروا مباحثات خلال زيارة سرية مع الإدارة الأميركية حول تأجيل الانتخابات الفلسطينية، وذلك على خلفية الانقسام في حركة «فتح»، والتخوف من خسارتها في الانتخابات وفوز حركة «حماس». وقالت المصادر، إن هذا التخوف موجود أيضاً لدى إسرائيل ودول إقليمية مؤثرة، طالبت عباس رسمياً بإلغاء الانتخابات في هذا الوقت، وهو توجه لم ينفه المسؤولون الفلسطينيون، لكنهم قالوا إن عباس رفضه.
وفي حين أقرت حركة «حماس» قائمتها بسرعة وصمت، وبلا مشاكل تذكر، تواجه «فتح» مخاضاً عسيراً لا يتعلق فقط بوجود قوائم منافسة من داخل الحركة، مثل قائمة تيار القيادي المفصول محمد دحلان والقائمة التي شكلها عضو المركزية المفصول، ناصر القدوة، لكن أيضاً لجهة تشكيل قائمتها التي تأخر الإعلان عنها.
ولم يخف فتحاويون صراحة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، انسحابهم من السباق، أو رفضهم الترشح على القائمة، بسبب موقعهم فيها، وهي انتقادات علنية قلما يمكن مشاهدتها في فصائل أخرى. وضجت مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل إعلام محلية وأخرى معارضه للسلطة، بما يمكن وصفه بـ«الذريعة» الجاهزة لإلغاء الانتخابات.
وإمكانية تأجيل الانتخابات ليست مفاجئة بالنسبة لـ«حماس»، المنافس الأقوى لـ«فتح». وكان عضو المكتب السياسي لحركة «حماس»، موسى أبو مرزوق، قال قبل أيام، إن حركته تُقدر أن احتمالية إعلان الرئيس الفلسطيني محمود عباس التأجيل تصل إلى 40 في المائة. وتطرق القيادي في «حماس»، إلى أسباب تأجيل الانتخابات الفلسطينية، والتي تنحصر من وجهة نظره في أربعة عوامل، هي «عدم تشكيل الفريق الأميركي الخاص بالمنطقة، وموقف إسرائيل وتدخلها في الانتخابات، وانقسامات فتح الداخلية، ومشاركة المقدسيين في الانتخابات ترشيحاً وتصويتاً».
ودعت «حماس» أمس إلى ضرورة إجراء الانتخابات في مدينة القدس المحتلة، وتكاتف الكل الوطني في وحدة راسخة لخوض مواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي من أجل القدس وأهلها. وقالت، في تصريح «إن قائمتها التي تقدّمت بها للجنة الانتخابات المركزية باسم (القدس موعدنا)، تأكيد على مركزية القدس في القضية الفلسطينية، وأنها تاج مكونات القضية الفلسطينية كافة، وضرورة أن يتوحد الكل في كفاح وطني على كل المستويات لانتزاع حريتها كعاصمة للدولة الفلسطينية المستقلة».
وذكرت الحركة، أنها كانت وستبقى حريصة كل الحرص، على تصليب الجبهة الداخلية الفلسطينية، وتعزيز مسار الوحدة الوطنية، وتوسيع قواعد العمل الوطني المشترك، مشددة على أنها ترى في الانتخابات بكل مستوياتها، خطوة ضرورية ومدخلاً حقيقياً لرسم استراتيجية نضالية متكاملة. كما لفت بيان الحركة، إلى أنها تقدمت بقائمتها لانتخابات المجلس التشريعي - المرحلة الأولى من انتخابات المجلس الوطني - وتنتظر إشعار لجنة الانتخابات لها باعتماد القائمة، التزاماً بالقوانين الخاصة بالانتخابات.
وحتى مع الحديث عن تأجيل الانتخابات، واصلت القوائم تقديم نفسها، وانضم إلى المتقدمين، أمس، الجبهة الشعبية التي سجلت قائمتها تحت اسم «نبض الشعب»، مؤكدة أن الأمين العام أحمد سعدات سيكون على رأس القائمة تتلوه المناضلة الأسيرة خالدة جرار. ويغلق باب الترشح للانتخابات اليوم، لكن لا أحد يعطي جواباً قاطعاً حول ما إذا كان هذا الاستحقاق سيجرى فعلاً أم لا.



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).