في الوقت الذي يبدو فيه أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لا ينجح في تجميع أكثرية لتشكيل الحكومة، ينقسم رؤساء المعسكر المناوئ له، باختلافهم على مرشح متفق عليه لرئاسة الحكومة، وعلى رفض تشكيل حكومة تستند إلى النواب العرب، ويتركون له بالتالي، حيزاً واسعاً لاستقطاب نواب إضافيين يوفرون له أكثرية 61 مقعداً.
والمعروف أن الأحزاب التي تلتف حول نتنياهو وتريد استمراره في رئاسة الحكومة، جمعت 52 نائباً، وهذه الأحزاب، هي: الليكود (30)، وشاس لليهود الشرقيين المتدينين (9)، ويهودوت هتوراه لليهود المتدينين الغربيين (7)، وحزب الصهيونية الدينية المتطرف (6 نواب). في المقابل، توجد قاعدة ثابتة لمعسكر التغيير، إذ إن هناك 68 نائباً مناوئاً لنتنياهو. وهم: حزب «ييش عتيد»، برئاسة يائير لبيد (17 نائباً)، و«كحول لفان» برئاسة بيني غانتس (8 نواب)، و«يمينا»، برئاسة نفتالي بنيت، وحزب العمل برئاسة ميراف ميخائيلي، و«يسرائيل بيتينو» برئاسة أفيغدور ليبرمان (7 نواب لكل حزب). بينما يحظى حزب ميرتس اليساري برئاسة نتسان هوروفتش، وحزب «تكفا حداشا»، برئاسة غدعون ساعر، والقائمة المشتركة للأحزاب العربية برئاسة أيمن عودة، بـ6 نواب لكل منها. المجموع 68 نائباً. وهذا يكفي لتشكيل حكومة.
لكن حزبي ساعر وبنيت، أعلنا رفضهما المشاركة في حكومة تضم نواب الحزبين العربيين، بل هاجما لبيد لأنه اجتمع مع رئيس كتلة الحركة الإسلامية، منصور عباس، وينوي الاجتماع مع رئيس القائمة المشتركة، أيمن عودة. واعتبرا هذين الاجتماعين خطأ استراتيجياً سيلقي بنفتالي بنيت بأحضان نتنياهو. وقال قياديون في حزب ساعر إنه «لن تكون هناك حكومة تستند إلى دعم الأحزاب العربية. وقد تعهدنا بأمرين خلال الحملة الانتخابية: ألا نجلس مع نتنياهو وألا ندعم حكومة بمشاركة الأحزاب العربية، وهذا ما سيحدث».
ولبيد من جهته، يعلن أنه ولكونه رئيس أكبر كتلة (17 نائباً)، يستحق تولي رئاسة الحكومة ولن يوصي على أحد غيره أمام رئيس الدولة، رؤوبين رفلين، لتكليفه. وهو يلقى الدعم من حزبي ليبرمان وميرتس. وعلق لبيد بالقول: «إننا نبذل جهوداً من أجل بلورة ائتلاف التغيير وتشكيل حكومة. والانتخابات انتهت. وحان الوقت لوضع المصالح الشخصية جانباً وعدم قيادة إسرائيل إلى انتخابات خامسة».
والتقى لبيد مع رئيس حزب «كحول لفان»، غانتس، طالباً دعمه، فرفض، وقال: «سأوصي عليك فقط في حال كان لديك احتمال حقيقي لتشكيل الحكومة المقبلة». واعتبر المراقبون موقف غانتس هذا، محاولة لإحداث أزمة تسفر عن اللجوء إليه من كل الأطراف ليضعوه هو رئيس حكومة كحل وسط. وقالت مصادر مقربة من غانتس، إنه أفضل حل للمشكلة، لأنه يقيم علاقات جيدة مع الأحزاب الدينية، ففي اللحظة التي سيبدو فيها أن نتنياهو سيفشل في تشكيل حكومة، ستحاول الأحزاب الدينية الانضمام إليه.
ويحاول عدد من الشخصيات الوسطية التدخل لتسوية الخلافات بين معسكر التغيير، حتى لا يتم تفويت الفرصة أمام إسقاط نتنياهو. ويتم طرح عدة حلول، منها: تشكيل حكومة يرأسها بالتناوب، بنيت ولبيد، بحيث يتولى بنيت رئاسة الحكومة أولاً. ويؤيد ساعر هذا الحل، قائلاً: «لا توجد إمكانية لتشكيل حكومة من دون أن يكون بنيت الأول في التناوب. ويتعين على بنيت أن ينتقل من معسكر إلى آخر، وهو سيفعل ذلك فقط في حال كان الأول في التناوب». وأضاف القيادي في حزب ساعر، أن «لبيد يلحق ضرراً من خلال محاولته تشكيل حكومة بأي ثمن بالتعاون مع الأحزاب العربية». ومن جهة بنيت، قال مصدر في «يمينا»، إن لبيد «يسعى لتشكيل حكومة يسار بدعم العرب، بدلاً من العمل ككتلة واحدة مع يمينا وتيكفا حدشا».
وقالت مصادر أخرى إن غانتس يدرس إمكانية التوصية على بنيت أمام ريفلين، في حال اقتنع أن بإمكانه تشكيل حكومة مع معسكر التغيير المناوئ لنتنياهو. وأضافت أن محوراً جديداً نشأ في هذا المعسكر يضم ساعر وبنيت وغانتس. وتحدث ساعر وبنيت، بعد لقاء بينهما، أمس، عن تشكيل «حكومة مصالحة وطنية»، يشارك فيها «يمينا» ومعسكر التغيير، من دون الأحزاب العربية. ويسعى ساعر وبنيت بالتنسيق مع غانتس، إلى تشكيل حكومة أقلية في البداية، والهدف أن ينضم إليها في مرحلة لاحقة حزب الليكود «من دون نتنياهو»، والأحزاب الدينية اليهودية أو قسم منها. واعتبر غانتس أن احتمالات تشكيل «حكومة مصالحة وطنية» أعلى من تشكيل «حكومة تغيير».
ويخشى العديد من القوى أن تؤدي هذه الخلافات إلى انتخابات خامسة في الصيف المقبل. وبذلك يبقى نتنياهو رئيساً للحكومة لستة شهور أخرى بشكل مضمون. إلا أن نتنياهو ينتهز هذه الخلافات لممارسة ضغوط شعبية على بنيت وساعر، حتى ينضووا تحت لوائه، ويعرض عليهما مغريات بأن يتناوبا على رئاسة الحكومة معه، على أن يبقى رئيساً لمدة سنة. ومع أن حلفاءه يرفضون توجهه لضم الحركة الإسلامية إلى حكومته، فإنه يواصل الاتصال مع رئيسها، منصور عباس، ويبعث له المراسيل التي يتوسط فيها رئيس حزب شاس الديني أريه درعي.
نتنياهو يحاول الإفادة من صراعات منافسيه لتشكيل حكومة برئاسته
مع استبعاد حكومة وسط ويسار تستند إلى دعم العرب
نتنياهو يحاول الإفادة من صراعات منافسيه لتشكيل حكومة برئاسته
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة