الراعي: لا نؤيد جماعات تعطي الأولوية لمصالحها الشخصية

الراعي ملقياً عظته أمس (الوكالة الوطنية)
الراعي ملقياً عظته أمس (الوكالة الوطنية)
TT

الراعي: لا نؤيد جماعات تعطي الأولوية لمصالحها الشخصية

الراعي ملقياً عظته أمس (الوكالة الوطنية)
الراعي ملقياً عظته أمس (الوكالة الوطنية)

أكد البطريرك الماروني بشارة الراعي أن رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري محكومان بالتشاور وبالاتفاق لتشكيل الحكومة، مشددا على أن الصرح البطريركي لا يؤيد أي مسؤول ينأى بنفسه عن إنقاذ لبنان، وسلطة تمتنع عن احترام الاستحقاق الدستوري وتعرقل تأليف الحكومات، ولا جماعات سياسية تعطي الأولوية لطموحاتها الشخصية على حساب لبنان.
وقال الراعي في قداس أحد الشعانين: «يا ليت المسؤولين السياسيين عندنا، الممسكين بسلطان الحل والربط بشأن تأليف الحكومة، يسمعون لصوت الشعب الذي لا يسكت وهو مصدر سلطتهم وشرعيتهم»، لافتا إلى أنه كان «بمقدور الجماعة السياسية أن تغير نظرة الشعب إليها وتعوم دورها، لو استيقظت على الواقع وعدلت بسلوكها وعملت على إنقاذ لبنان، وخصوصا بعد تفجير مرفأ بيروت. لكن معظم المسؤولين تمادوا في الخطأ والفشل واللامبالاة، حتى أن بعضهم أعطى الأولوية لمصالح دول أجنبية ولم يسألوا عن مصير الشعب الذي انتخبهم، فسقطوا وأكدوا أنهم غير صالحين لقيادة هذا الشعب الذي ضحى في سبيل لبنان».
وشدد الراعي على رفضه «هذا الواقع»، قائلا: «ندين كل مسؤول سياسي أوصل دولة لبنان وشعب لبنان إلى هذه الحالة المأسوية. لم يكن هذا الصرح البطريركي يوما مؤيدا لأي مسؤول ينأى بنفسه عن إنقاذ لبنان وشعبه، ولسلطة تمتنع قصدا عن احترام الاستحقاق الدستوري وتعرقل تأليف الحكومات، أو مؤيدا لجماعات سياسية تعطي الأولوية لطموحاتها الشخصية على حساب سيادة لبنان واستقلاله».
وأضاف الراعي: «نرجو أن يدرك رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف أنهما، انطلاقا من الثقة المتبادلة والمسؤولية المشتركة، محكومان بالتشاور وبالاتفاق وفقا للقاعدة التي جرت منذ التعديلات الدستورية عام 1990 ما بعد الطائف، إذ كانا يحددان معا المعايير ويختار كل منهما وزراء، ثم يتفقان على التشكيلة برمتها».
وفي الإطار نفسه، تحدث مطران بيروت لطائفة الروم الأرثوذكس إلياس عودة منتقدا عرقلة تأليف الحكومة، وقال في قداس الأحد: «من المعيب في بلد أن يتوقف تشكيل حكومة بسبب أداء قبلي، كل واحد فيه يريد حصة قبيلته ومصلحتها قبل مصلحة البلد والمجتمع، حتى ولو كان هذا على حساب تجويع الملايين من الناس وإيقاف عمل مئات المؤسسات، وإفلاس عشرات القطاعات». وسأل: «في أي عصر نعيش؟ علينا كسر الطوق الطائفي والمذهبي إن كنا نريد الخلاص. الحل في استظلال راية الوطن. منطق الاستقواء مرفوض كائنا من كان من يقوم به. كفى تقديم المصالح الخاصة على مصلحة الشعب. لا يجوز أن يتفرد أحد في لبنان بمصير البلد وناسه، كائنا من كان».
وأضاف عودة: «في الماضي القريب أتحفونا بالديمقراطية التوافقية»، سائلا: «لم يجز التوافق في أزمنة ولا يجوز في أخرى؟ لغة التحدي والتهويل مرفوضة في وقت مطلوب فيه التنازل عن المصالح، والاتفاق بين المسؤولين، والالتفاف حول فكرة الوطن الواحد الحر والمستقل، للخروج من الأزمة. الاستقواء لا يدوم. الوطن هو الثابت. لذا مطلوب الكف عن الكلام والتراجع عن المحاصصة وتقاسم السلطة وتشكيل حكومة تنكب على العمل ليل نهار، والبدء بسلسلة إصلاحات تطمئن الشعب والخارج، عوض نعي ما وصلنا إليه. ولنبعد لبنان عن صراعات المنطقة في هذا الظرف الصعب، كي لا ندفع ثمن صراعات الآخرين. لبنان هو وطننا، واستقلاله وحريته واستقراره وإبعاده عن كل ما يجري خارج حدوده يعود بالمنفعة على الجميع».
وتوجه إلى المسؤولين بالقول: «نخاطب ضمائركم مرة جديدة: ضعوا انتماءاتكم وطموحاتكم ومكاسبكم جانبا وشكلوا حكومة تجري الإصلاحات الضرورية، وتعمل على إنقاذ ما تبقى من لبنان».



مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي»، وهو ما عبر عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منشور له عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس» الأربعاء، هنأ خلاله الرئيس الأميركي المنتخب.

وقال السيسي: «نتطلع لأن نصل سوياً لإحلال السلام والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة وشعبيهما الصديقين»، وأضاف: «البلدان لطالما قدما نموذجاً للتعاون ونجحا سوياً في تحقيق المصالح المشتركة»، مؤكداً تطلعه إلى مواصلة هذا النموذج في «هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم».

وأثارت أنباء فوز ترمب تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتصدر وسوم عدة الترند في مصر، مصحوبة بمنشورات لتهنئة للرئيس الأميركي المنتخب. وبينما عول سياسيون وإعلاميون مصريون على ترمب لوقف الحرب الدائرة في غزة منذ أكثر من عام، ووضع حد للتصعيد في المنطقة، أكدوا أن «مواقف الرئيس المنتخب غير التقليدية تجعل من الصعب التنبؤ بسياسة الإدارة الأميركية في السنوات الأربع المقبلة».

ولا يرى الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري «اختلافاً بين ترمب ومنافسته الخاسرة كامالا هاريس من القضية الفلسطينية»، لكنه أعرب في منشور له عبر «إكس» عن سعادته بفوز ترمب، وعده «هزيمة للمتواطئين في حرب الإبادة».

أما الإعلامي المصري أحمد موسى فعد فوز ترمب هزيمة لـ«الإخوان»، ومن وصفهم بـ«الراغبين في الخراب». وقال في منشور عبر «إكس» إن هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن «كانوا شركاء في الحرب» التي تشنها إسرائيل على لبنان وغزة.

وعول موسى على ترمب في «وقف الحروب بالمنطقة وإحلال السلام وعودة الاستقرار». وكذلك أعرب الإعلامي المصري عمرو أديب عن أمله في أن «يتغير الوضع في المنطقة والعالم للأفضل بعد فوز ترمب».

مفاهيم السلام

رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق، السفير محمد العرابي، أكد أن «العلاقات بين مصر والولايات المتحدة لن تواجه عقبات أو مشكلات على المستوى الثنائي خلال عهد ترمب»، لكنه أشار إلى أن «مواقف الرئيس المنتخب من القضية الفلسطينية وأفكاره غير التقليدية بشأنها قد تكون أحد الملفات الشائكة بين القاهرة وواشنطن».

وأوضح العرابي لـ«الشرق الأوسط» أن «ترمب يتبنى مفاهيم عن السلام في الإقليم ربما تختلف عن الرؤية المصرية للحل»، مشيراً إلى أن «القضية الفلسطينية ستكون محل نقاش بين مصر والولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة».

وتبنى ترمب خلال ولايته الأولى مشروعاً لإحلال «السلام» في الشرق الأوسط عُرف باسم «صفقة القرن»، والتي يرى مراقبون أنه قد يعمل على إحيائها خلال الفترة المقبلة.

وعدّ سفير مصر الأسبق في واشنطن عبد الرؤوف الريدي وصول ترمب للبيت الأبيض «فرصة لتنشيط التعاون بين مصر والولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة، وربما إيجاد تصور لكيفية إدارة القطاع مستقبلاً».

وقال الريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «ترمب يسعى لتحقيق إنجازات وهو شخص منفتح على الجميع ووجوده في البيت الأبيض سيحافظ على الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن».

تصحيح العلاقات

من جانبه، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي أن فوز ترمب بمثابة «عودة للعلاقات الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة بين القاهرة وواشنطن». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «فوز ترمب هو تدعيم للعلاقة بين القيادة المصرية والبيت الأبيض»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري لم يزر البيت الأبيض طوال أربع سنوات من حكم بايدن، واصفاً ذلك بأنه «وضع غريب في العلاقات الثنائية سيتم تصحيحه في ولاية ترمب».

وأضاف هريدي أن «فوز ترمب يسدل الستار على الحقبة الأوبامية في السياسة الأميركية، والتي بدأت بتولي الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2009 واستُكملت في ولاية جو بايدن الحالية»، وهي حقبة يرى هريدي أن واشنطن «انتهجت فيها سياسات كادت تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة». ورجح أن تعمل إدارة ترمب على «وقف الحروب وحلحلة الصراعات في المنطقة».

وزار الرئيس المصري السيسي البيت الأبيض مرتين خلال فترة حكم ترمب عامي 2017 و2019. وقال ترمب، خلال استقباله السيسي عام 2019، إن «العلاقات بين القاهرة وواشنطن لم تكن يوماً جيدة أكثر مما هي عليه اليوم، وإن السيسي يقوم بعمل عظيم».

لكن السيسي لم يزر البيت الأبيض بعد ذلك، وإن التقى بايدن على هامش أحداث دولية، وكان أول لقاء جمعهما في يوليو (تموز) 2022 على هامش قمة جدة للأمن والتنمية، كما استقبل السيسي بايدن في شرم الشيخ نهاية نفس العام على هامش قمة المناخ «كوب 27».

بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس الدكتور جمال سلامة أن «مصر تتعامل مع الإدارة الأميركية أياً كان من يسكن البيت الأبيض». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات مع واشنطن لن تتأثر بفوز ترمب، وستبقى علاقات طبيعية متوازنة قائمة على المصالح المشتركة».

وعد مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي فوز ترمب فرصة لحلحلة ملف «سد النهضة»، الذي لعبت فيه الولايات المتحدة دور الوسيط عام 2019.

وهنا أكد العرابي أنه «من السابق لأوانه معرفة الدور الذي ستلعبه إدارة ترمب في عدد من الملفات المهمة لمصر ومن بينها (سد النهضة)»، وقال: «ترمب دائماً لديه جديد، وطالما قدم أفكاراً غير تقليدية، ما يجعل التنبؤ بمواقفه أمراً صعباً».

بينما قال هريدي إن «قضية سد النهضة ستحل في إطار ثنائي مصري - إثيوبي»، دون تعويل كبير على دور لواشنطن في المسألة لا سيما أنها «لم تكمل مشوار الوساطة من قبل».