اتفاق فرنسي ـ مصري على صفقة بيع مقاتلات «رافال» ومعدات عسكرية بقيمة 5 مليارات يورو

مصادر فرنسية لـ«الشرق الأوسط»: 4 أهداف أساسية تسعى إليها القاهرة من خلال الصفقة

طائرات «داسو رافال» المقاتلة خلال افتتاح معرض باريس للطيران الـ50 في مطار لو بورجيه قرب باريس (رويترز)
طائرات «داسو رافال» المقاتلة خلال افتتاح معرض باريس للطيران الـ50 في مطار لو بورجيه قرب باريس (رويترز)
TT

اتفاق فرنسي ـ مصري على صفقة بيع مقاتلات «رافال» ومعدات عسكرية بقيمة 5 مليارات يورو

طائرات «داسو رافال» المقاتلة خلال افتتاح معرض باريس للطيران الـ50 في مطار لو بورجيه قرب باريس (رويترز)
طائرات «داسو رافال» المقاتلة خلال افتتاح معرض باريس للطيران الـ50 في مطار لو بورجيه قرب باريس (رويترز)

أصدر قصر الإليزيه بيانا رسميا باسم الرئيس هولاند جاء فيه أن السلطات المصرية أبلغته بنيتها شراء 24 طائرة رافال وفرقاطة متعددة المهام والتجهيزات المصاحبة. ورأى هولاند أن هذه الصفقة «ستمكن مصر من ضمان أمنها بشكل أكبر وأن تلعب كامل دورها في خدمة الاستقرار الإقليمي».
وأفاد البيان أن الدولة الفرنسية «لعبت دورها بالكامل» في المفاوضات ما أدى إلى التوصل إلى الاتفاق، مشيرا إلى أن الرئيس هولاند طلب من وزير الدفاع جان إيف لودريان التوجه إلى مصر للتوقيع باسم فرنسا يوم الاثنين القادم.
وتستطيع شركة «داسو» الفرنسية للطيران التي تصنع طائرة «رافال» المقاتلة المتعددة الأدوار، أن تتنفس الصعداء. فما جاهدت من أجله منذ الثمانينات تحقق أخيرا مع توقيع اتفاق بالأحرف الأولى بين مصر وفرنسا تحصل القاهرة بموجبه على 24 طائرة «رافال» وعلى فرقاطة حديثة من طراز فريم «FREMM» وعلى صواريخ أرض جو قصيرة ومتوسطة المدى تصنعها شركة «إم بي دي آي». وتزيد قيمة الصفقة الإجمالية على خمسة مليارات يورو بحيث تكون من أهم الصفقات العسكرية التي أبرمتها الصناعات الدفاعية الفرنسية في السنوات الأخيرة.
وحتى يوم أمس، لم يكن قد كشف النقاب عن كل التفاصيل الخاصة بالصفقة لجهة مهل التسليم والهندسة المالية وما تطلبه مصر في ما يسمى «الأوفست» أي ما سيتعين على الصناعات الفرنسية أن تقوم به من نقل للتكنولوجيا أو التأهيل والتدريب وإلى ذلك من الجوانب الفنية. لكن الثابت أن الطرفين توصلا إلى تفاهم على تمويل الصفقة وجداول الدفع وعلى الأسلحة ونوعيتها وتسليمها. أما التوقيع النهائي فسوف يتم في القاهرة يوم الاثنين المقبل بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي ووزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان.
أهم ما في الصفقة بالنسبة لفرنسا التي حققت العام الماضي دفتر طلبيات عسكرية يربو على 8 مليارات يورو (وهو الرقم الأعلى منذ عام 2009) أنها أخيرا نجحت في توقيع عقد بيع «رافال» للخارج؛ ذلك أن «داسو» للطيران أصيبت في السنوات الماضية بالكثير من الخيبات في اليونان وهولندا وسويسرا، وخصوصا في الهند والبرازيل.
وبعد أن عولت كثيرا على بيع «رافال» من الجيل الرابع، إلا أنها في النهاية لم تجد إلا سلاح الجو الفرنسي والبحرية زبائن لها الأمر الذي أجبرها على خفض الإنتاج والاكتفاء بتصنيع 13 طائرة في العام تذهب كلها لوزارة الدفاع. ولذا، فإن باريس تأمل أن يكون العقد المصري عاملا دافعا لمزيد من العقود. وتبدو قطر المرشحة الأقرب «بعد مصر» لشراء «رافال». ومنذ نحو الشهر، بدأت تلوح في الأفق تباشير العقد الجديد مع مصر الذي جرى الحديث عنه جديا لدى زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي للعاصمة الفرنسية. وما يدهش باريس أن المفاوضات بين الشركات الفرنسية الضالعة في العقد المتعدد «داسو للطيران، طاليس وسافران» لم تستغرق أكثر من ثلاثة أشهر، الأمر الذي يعني، وفق مصادر دفاعية فرنسية، أن الطرفين «كانا بحاجة لهذا العقد الذي جاء في الوقت المناسب لكليهما».
ليست المرة الأولى التي تشتري فيها مصر طائرات قتالية فرنسية. ورغم أن القسم الأكبر من طيرانها الحربي يتشكل من طائرات إف 16 الأميركية «220 طائرة»، فإنها تمتلك أسرابا من طائرات ميراج «ميراج 5، وميراج 2000 وطائرات ألفا جيت». وكما في حالة «رافال»، فقد كان سلاح الجو المصري أول من اشترى ميراج 2000 (20 طائرة).
أما فيما يخص سلاح البحرية، فقد سبق لمصر أن اشترت 4 طرادات العام الماضي بقيمة مليار يورو. وكانت القاهرة قد اشترت طرادين إضافيين، ولكن كذلك فرقاطة ثقيلة وحديثة. وتم الاتفاق أخيرا على أن تضم الصفقة فرقاطة من طراز «فريم». وبالنظر للإلحاح المصري، فقد قررت وزارة الدفاع إعطاء القاهرة الفرقاطة «نورماندي» التي كانت تصنع لصالح البحرية الفرنسية، كما ستزود مصر بصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى للدفاع الجوي بقيمة 400 مليون يورو.
وتقول المصادر الفرنسية، إن القاهرة تسعى وراء مجموعة من الأهداف أولها بالطبع تقوية سلاحها الجوي هجوما ودفاعا نظرا للوضعين الداخلي والإقليمي، وثانيها تنويع مصادر التسلح، وثالثها إفهام واشنطن أنها قادرة على شراء السلاح الذي تحتاج إليه ليس فقط من روسيا التي زار رئيسها القاهرة قبل ثلاثة أيام، بل أيضا من مصادر غربية. أما الهدف الرابع، فإن القاهرة، وفق المصادر نفسها، تريد الخروج عن «الوصاية» الأميركية التي تقيد استخدام الطائرات الحربية أميركية الصنع. وفي أي حال، ليس من المؤكد أبدا أن مصر كانت تستطيع الحصول على السلاح الحديث الذي تريده من واشنطن لأن الأخيرة تراعي دوما التفوق الاستراتيجي الإسرائيلي.
وليس سرا أن صفقات السلاح تحمل دائما في طياتها رسائل سياسية؛ إذ إنها تعكس طبيعة التحالفات والعلاقات القائمة بين المشتري والبائع. وفي حالة مصر وفرنسا، فإن العلاقات بينهما أقل ما يقال فيها في الوقت الحاضر، إنها «جيدة». وأول من أمس، حضر إلى باريس وفد اقتصادي مصري كبير قدم عرضا عن الفرص الاستثمارية في إطار منتدى نظمته غرفتا التجارة الفرنسية والفرنسية العربية وحث الشركات ورجال الأعمال الفرنسيين على اقتناص الفرص التي يوفرها الاقتصاد المصري. كما أن المسؤولين المصريين يترددون باستمرار على العاصمة الفرنسية وتعمل باريس بالتنسيق مع القاهرة بشأن الكثير من الأزمات والمواضيع الساخنة ومنها الإرهاب والأزمة الليبية والأزمة الشرق أوسطية.
وبعد فترة من «البرودة» التي أعقبت عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، عادت الحرارة لتدب في شرايين العلاقات الثنائية، الأمر الذي تجسد بزيارة الرئيس السيسي لباريس نهاية شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، وذلك في جولته الأولى إلى أوروبا.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.