إخلاء سبيل صحافيي «الجزيرة» المتهمين في «خلية الماريوت» مع منعهم من السفر

الطب الشرعي يحمل «التدافع» مسؤولية مقتل 19 مشجعًا بـ«الدفاع الجوي»

الصحافي محمد فهمي يحمل العلم المصري بعد سماع حكم القضاء أمس بإخلاء سبيله بكفالة مالية وإعادة محاكمته في قضية قناة «الجزيرة الإنجليزية» (أ.ف.ب)
الصحافي محمد فهمي يحمل العلم المصري بعد سماع حكم القضاء أمس بإخلاء سبيله بكفالة مالية وإعادة محاكمته في قضية قناة «الجزيرة الإنجليزية» (أ.ف.ب)
TT

إخلاء سبيل صحافيي «الجزيرة» المتهمين في «خلية الماريوت» مع منعهم من السفر

الصحافي محمد فهمي يحمل العلم المصري بعد سماع حكم القضاء أمس بإخلاء سبيله بكفالة مالية وإعادة محاكمته في قضية قناة «الجزيرة الإنجليزية» (أ.ف.ب)
الصحافي محمد فهمي يحمل العلم المصري بعد سماع حكم القضاء أمس بإخلاء سبيله بكفالة مالية وإعادة محاكمته في قضية قناة «الجزيرة الإنجليزية» (أ.ف.ب)

أجلت محكمة مصرية أمس نظر إعادة محاكمة المتهمين في قضية تحريض قناة «الجزيرة» ضد مصر والمعروفة إعلاميا باسم «خلية الماريوت»، إلى جلسة 23 فبراير (شباط) الحالي، مع إخلاء سبيل الصحافي الكندي محمد فهمي، بضمان مالي قدره 250 ألف جنيه (نحو 33 ألف دولار)، وكذلك إخلاء سبيل بقية المتهمين بضمان محل إقامتهم مع منعهم من السفر على ذمة القضية.
ويتهم فهمي وصحافي مصري يدعى باهر محمد، وآخرون، في القضية بـ«نشر أخبار كاذبة لمساعدة منظمة إرهابية». وقبلت محكمة النقض طعن المتهمين ضد حكم سابق صدر ضدهم بالسجن المشدد ما بين 3 و10 سنوات، فيما رحلت السلطات المصرية قبل أسبوع الصحافي الأسترالي بيتر غريست إلى بلاده، أحد المتهمين بالقضية، وذلك وفق قانون أصدره الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يسمح بترحيل المتهمين الأجانب إلى بلادهم للمحاكمة هناك أو قضاء العقوبة.
وكان فهمي يحمل الجنسية المصرية إلى جانب جنسيته الكندية عندما ألقي القبض عليه على ذمة القضية، لكن السلطات المصرية قالت الأسبوع الماضي إنه تنازل عن جنسيته المصرية تمهيدا لترحيله إلى كندا، أسوة بغريست.
وبدأت أمس أولى جلسات إعادة محاكمة المتهمين في القضية، ونفى المتهمون خلال الجلسة الاتهامات الموجهة إليهم. فيما قال فهمي إن «مسؤولا مصريا طلب منه التنازل عن الجنسية المصرية من أجل ترحليه إلى كندا».
من جهة أخرى، أكد الدكتور هشام عبد الحميد مدير عام دار التشريح بمصلحة الطب الشرعي، أن جميع حالات وفاة أحداث استاد الدفاع الجوي (19 حالة)، كان السبب الوحيد فيها هو «التدافع الشديد» بين المشجعين، الذي تسبب في حدوث ضغط وكدمات وسحجات شديدة في الصدر والرئتين وأجزاء الجسم وترتب عليه إعاقة وفشل حركة التنفس ومن ثم الوفاة.
وقتل 19 من جمهور نادي الزمالك الأحد الماضي خلال مواجهات مع قوات الأمن أمام استاد الدفاع الجوي (شرق القاهرة)، قبيل بدء مباراة الزمالك مع إنبي في الدوري العام لكرة القدم.
وقال عبد الحميد خلال مؤتمر صحافي عقده أمس إن التقرير الطبي النهائي لجميع حالات الوفاة تم تسليمه إلى النيابة العامة، ويقع في 45 صفحة تتضمن شرحا طبيا وافيا وموثقا لسبب الوفاة بتلك الحالات، نافيا صحة ما تردد حول أن بعض حالات الوفيات وقعت جراء طلقات نارية أو ضرب بعصي وهراوات أو اختناق بالغاز المسيل للدموع الذي أطلقته الشرطة لحمل المشجعين على التفرق.
وأكد أن مصلحة الطب الشرعي لا تخضع لأي ضغوط أو إملاءات أو هوى، وأن تقاريرها تصدر بناء على أسس علمية وضمائر الأطباء، مشددا على أن الطبيب الشرعي لا يختلق واقعة وإنما يقوم بإعداد التقرير الفني القائم على الأساس العلمي الذي يحدد فيه سبب الوفاة على وجه الدقة والتحديد.
إلى ذلك، أجلت محكمة جنايات القاهرة أمس جلسات إعادة محاكمة الناشط علاء عبد الفتاح و24 آخرين في القضية المعروفة إعلاميا بـ«أحداث مجلس الشورى» إلى جلسة 16 فبراير الجاري لاستكمال المرافعة. وتعود أحداث القضية إلى نوفمبر (تشرين الثاني) 2013. حيث فضت الشرطة مظاهرة أمام مجلس الشورى، للتنديد بالمحاكمات العسكرية للمدنيين، بعد أن استخدمت خراطيم المياه والغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين. وأسندت النيابة إلى المتهمين جرائم التجمهر وتنظيم مظاهرة دون إخطار السلطات المختصة.
وحكم على المتهمين في يونيو (حزيران) 2014. بالسجن المشدد لمدة 15 عاما وتغريم كل منهم 100 ألف جنيه ووضعهم تحت المراقبة الشرطية لمدة 5 سنوات، وذلك قبل أن تتم إعادة الإجراءات في القضية.
ورفضت المحكمة خلال جلسة أمس الطلب الذي تقدم به محامي الدفاع بإثبات ما قال إن المتهمين تعرضوا له من اعتداء بدني ولفظي في قفص الاتهام قبل بدء الجلسة من قبل الحراس ما دفعهم إلى الصراخ والاستنجاد بدفاعهم وهيئة المحكمة.
في سياق آخر، أصدر النائب العام المستشار هشام بركات قرارا أمس بحظر النشر في قضية مقتل الناشطة السياسية شيماء الصباغ. وقال في بيان أمس إن «النيابة العامة تابعت باستنكار بالغ ما تداولته وسائل الإعلام المختلفة بأساليب تخرج عن إطار العمل الإعلامي من خلال روايات كثيرة ومعلومات غير دقيقة ومتناقضة، دون مراعاة للتحقيقات التي تجري، الأمر الذي من شأنه التأثير على سلامة التحقيقات والعدالة».
وقتلت الصباغ في 24 يناير (كانون الثاني) الماضي، أثناء تفريق قوات الأمن مسيرة لحزب التحالف الشعبي الاشتراكي كانت متوجهة إلى ميدان التحرير لوضع أكاليل الزهور عند نصب شهداء الثورة. وأفاد تقرير الطب الشرعي أن «طلقات خرطوشية هي التي تسببت في وفاتها».
وأهابت النيابة العامة بجميع وسائل الإعلام «ضرورة توخي الصدق والدقة الفائقة فيما تنشره من أخبار مراعاة للوطن والمصلحة العامة وحرصا على سيادة القانون»، محذرة من مخالفة هذا القرار بما يؤدي إلى الوقوع تحت طائلة القانون.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.