«فريسكا»... حلوى الشواطئ تغازل سكان القاهرة

رقائق من الدقيق والعسل أو محشوة بالمكسرات

بائع الفريسكا جابر الإسكندراني
بائع الفريسكا جابر الإسكندراني
TT

«فريسكا»... حلوى الشواطئ تغازل سكان القاهرة

بائع الفريسكا جابر الإسكندراني
بائع الفريسكا جابر الإسكندراني

بمزيج من الدقيق والعسل والحليب مع إضافات مُقدرة من الفانيلا والزبد وبيكنج بودر، يمكنك أن تستمتع برقائق من حلوى الفريسكا. فإن لم تتمكن من ذلك، فليس عليك إلا أن تنتظر جابر الإسكندراني في أحد شوارع منطقة الدقي بالقاهرة التي يصلها مساءً لتتذوق كثيراً من الأقراص المحشوة بالمكسرات.
حلوى «الفريسكا» عبارة عن رقائق من البسكويت، أشبه بـ«الويفر»، تحمل ختماً تاريخياً وطعماً يذكرك بشواطئ البحر في أيام الصيف، لكن بعد أن كان تذوقها يتوقف على ذهابك إلى مدن مثل الإسكندرية، الآن باتت متوفرة في شوارع العاصمة المصرية.
وسط شارع محيي الدين أبو العز بمنطقة الدقي بمحافظة الجيزة يقف باع الـ«فريسكا» جابر الإسكندراني بزيه الأبيض الناصع، مبتسماً في وجه زبائنه، وهو يهتف بندائه الشهير «أيوه الفريسكا»، يقول لـ«الشرق الأوسط»، إنه حضر ببضاعته وصندوقه الزجاجي من الإسكندرية إلى القاهرة قبل نحو 10 سنوات، في محاولة لفتح سوق جديدة لهذه الحلوى الشهيرة، التي ورث أصول صناعتها وبيعها وتسويقها من أخواله، الذين ورثوها بدورهم من آبائهم.
ويضيف جابر: «كثيرون من مواطني القاهرة يفضلون تناول الفريسكا خلال زيارتهم الإسكندرية في فصل الصيف، لذا فكرت أن أنقلها لهم كي يتذوقوها طوال العام، وبالفعل وجدت رواجاً لأنها حلوى رخيصة الثمن ولذيذة، إلى جانب أنها تقدم دوماً طازجة، وهذا هو السر وراء تفضيلها من جانب الصغار والكبار».
وفيما يلفت جابر إلى أن زوجته تصنّعها منزلياً بمساعدة ابنته، ويتولى هو مهمة البيع، قال: «الفريسكا تحتاج مهارة وخبرة في تحضيرها، لأنها تجهز يدوياً مع استخدام بعض الآلات البسيطة في إنتاج الرقائق».
وتشتهر الفريسكا بأقراصها الدائرية الرقيقة والهشة، الأقرب حجماً لرغيف الخبز، وهو النوع السادة، المصنوع من الدقيق والعسل، والأكثر شهرة عن نوعها الآخر المحشو، والذي يكون عبارة عن طبقتين من رقائق دائرية صغيرة من الفريسكا، وبينها طبقة من المكسرات، كالسوداني أو السمسم أو جوز الهند، وقد تمتد إلى الكاجو والبندق، ليكون الناتج أقراصاً صغيرة يتم تذوقها واحدة تلو الأخرى.
تاريخياً؛ تعددت الروايات حول أصل الفريسكا، وسط ترجيحات تربطها بالطبيعة الكوزموبوليتانية لمدينة الإسكندرية، كونها متعددة الجنسيات الثقافات، كما أن البعض يرجع الفريسكا إلى أصول يونانية، أو أن أصلها إيطالي حيث إن كلمة FRESCO في اللغة الإيطالية تعني الطازج أو اللذيذ، لكن هناك من يتمسك بأنها أصلها سكندري دون أي تدخلات خارجية، وظهرت في أعقاب الاحتلال البريطاني لمصر.
لكن في الأحوال كافة؛ اشتهرت الفريسكا على مدار أعوام طويلة بانتشارها على شواطئ مدينة الإسكندرية، ومن بعدها السواحل الشمالية؛ حيث يبيعها بائعون متجولون هناك في صناديق زجاجية على أكتافهم كي يشاهدها المصطافون، وتجذب أنظارهم، وبخاصة الأطفال قبل الكبار، فهي حلوى خفيفة سهلة الهضم، كما أنها في متناول الجميع حيث تمتاز بسعرها الرخيص للغاية.
جغرافياً؛ غيّر بعض باعة «الفريسكا» مكانهم المعتاد، ففي السنوات الأخيرة انتقلت الفريسكا من الشواطئ إلى شوارع وميادين العاصمة القاهرة، كما لم تعد تقتصر على فصل الصيف فقط، وهو ما أضفى على الحلوى تطوراً جديداً، وجعلها تأخذ مكانة جديدة، ولا سيما أنها أقرب لمختلف الفئات والطبقات، بل أخذت طريقها إلى أفواه زائري القاهرة من العرب والأجانب.
والمكونات الرئيسية لرقائق الفريسكا كما يوضح جابر الإسكندراني، الدقيق والعسل، والأخير مزيج من السكر وملح الليمون، لافتاً إلى أن رقائق الفريسكا السادة هي الأكثر مبيعاً وإقبالاً، لكونها الأرخص، ولأنها أصل هذه الحلوى، أما الأنواع المحشوة فمنها «الفولية» التي يكون قوامها الفول السوداني، و«السمسمية» التي تعتمد على السمسم، و«الجوزية» نسبة إلى جوز الهند، ويتم إضافة العسل الأبيض لهذه المكونات.
وعن طريقة إعدادها، يوضح أنه يتم تجهيز هذه المكسرات مع تسخين العسل، ثم يتم وضع المكسرات عليه مع التقليب، ثم يقسم الخليط إلى قطع بأحجام صغيرة، ليتم وضعها بين طبقتين من الرقائق الصغيرة حتى يلتصقا بعضهما ببعض.
ويرى جابر أن الفريسكا رغم أنها حلوى تقليدية وتراثية فإنها شهدت تطويراً قبل سنوات، الأمر الذي يحفظها من الانقراض، وذلك مع اتجاه بعض الصناع إلى تسويقها في محلات «السوبر ماركت» والمتاجر والمراكز التجارية الكبرى عبر تغليفها وتعليبها، وهو ما فتح لها أسواقاً جديدة.
ولعمل الفريسكا في المنزل بشكل أكثر تفصيلاً، يقدم الشيف خالد عبد الفتاح عضو جمعية الطهاة المصريين، وصفة عبارة عن كوب ونصف كوب دقيق، وكوب من السكر البودرة، ونصف كوب من الزبد، وبياض 3 بيضات، وفانيلا، وكوب حليب دافئ، وملعقتين صغيرتين من خميرة فورية، ومثلهما من بكينج بودر.
يتم وضع الزبد مع السكر البودرة، وخفقها بمضرب البيض الكهربائي، ويضاف بياض بيضتين، والفانيلا، مع استمرار الخفق السريع حتى يصبح القوام مثل الكريمة، يضاف الدقيق والبكينج بودر حتى يصبح العجين متماسكاً، يتم إضافة الحليب الدافئ بعد إذابة الخميرة الفورية فيه، حتى تصبح العجين طرية.
يتم فرد العجين فوق صينية سيليكون خشنة، أو وضعه على ورق خبز، وعليه طبقة من الزيت وسكر البودرة، ثم يتم دهان العجين ببياض بيضة باستخدام الفرشاة، ثم يتم إدخال العجين إلى الفرن لنحو 8 دقائق حتى يكون أشبه برقائق البسكويت أو الويفر.


مقالات ذات صلة

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

مذاقات ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

عندما يأتي الكلام عن تقييم مطعم لبناني بالنسبة لي يختلف الأمر بحكم نشأتي وأصولي. المطابخ الغربية مبنية على الابتكار والتحريف، وتقييمها يعتمد على ذائقة الشخص

جوسلين إيليا (لندن)
مذاقات الشيف البريطاني هيستون بلومنتال (الشرق الأوسط)

9 نصائح من الشيف هيستون بلومنتال لوجبة الكريسماس المثالية

تعد الخضراوات غير المطبوخة بشكل جيد والديك الرومي المحروق من أكثر كوارث عيد الميلاد المحتملة للطهاة في وقت يقومون فيه بتحضير الوجبة الأكثر أهمية في العام.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك 6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

لا يزال كبار الطهاة العالميين، إضافة إلى ربات البيوت الماهرات في الطهي، يستخدمون أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر Cast Iron Cookware.

د. عبير مبارك (الرياض)
مذاقات توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات إم غريل متخصص بالمشاوي (الشرق الاوسط)

دليلك إلى أفضل المطاعم الحلال في كاليفورنيا

تتمتع كاليفورنيا بمشهد ثقافي غني ومتنوع، ويتميز مطبخها بكونه خليطاً فريداً من تقاليد عالمية ومكونات محلية طازجة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
TT

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)

عندما يأتي الكلام عن تقييم مطعم لبناني بالنسبة لي يختلف الأمر بحكم نشأتي وأصولي. المطابخ الغربية مبنية على الابتكار والتحريف، وتقييمها يعتمد على ذائقة الشخص، أما أطباق بلاد الشام فلا تعتمد على الابتكار على قدر الالتزام بقواعد متَّبعة، وإنني لست ضد الابتكار من ناحية طريقة التقديم وإضافة اللمسات الخاصة تارة، وإضافة مكون مختلف تارة أخرى شرط احترام تاريخ الطبق وأصله.

التبولة على أصولها (الشرق الاوسط)

زيارتي هذه المرة كانت لمطعم لبناني جديد في لندن اسمه «عناب براسري (Annab Brasserie)» فتح أبوابه في شارع فولهام بلندن متحدياً الغلاء والظروف الاقتصادية العاصفة بالمدينة، ومعتمداً على التوفيق من الله والخبرة والطاهي الجيد والخبرة الطويلة.

استقبلنا بشير بعقليني الذي يتشارك ملكية المشروع مع جلنارة نصرالدين، وبدا متحمساً لزيارتي. ألقيت نظرة على لائحة الطعام، ولكن بشير تولى المهمة، وسهَّلها عليَّ قائلاً: «خلّي الطلبية عليّ»، وأدركت حينها أنني على موعد مع مائدة غنية لا تقتصر على طبقين أو ثلاثة فقط. كان ظني في محله، الرائحة سبقت منظر الأطباق وهي تتراص على الطاولة مكوِّنة لوحة فنية ملونة مؤلَّفة من مازة لبنانية حقيقية من حيث الألوان والرائحة.

مازة لبنانية غنية بالنكهة (الشرق الاوسط)

برأيي بوصفي لبنانية، التبولة في المطعم اللبناني تكون بين العلامات التي تساعدك على معرفة ما إذا كان المطعم جيداً وسخياً أم لا، لأن هذا الطبق على الرغم من بساطته فإنه يجب أن يعتمد على كمية غنية من الطماطم واللون المائل إلى الأحمر؛ لأن بعض المطاعم تتقشف، وتقلل من كمية الطماطم بهدف التوفير، فتكون التبولة خضراء باهتة اللون؛ لأنها فقيرة من حيث الليمون وزيت الزيتون جيد النوعية.

جربنا الفتوش والمقبلات الأخرى مثل الحمص والباباغنوج والباذنجان المشوي مع الطماطم ورقاقات الجبن والشنكليش والنقانق مع دبس الرمان والمحمرة وورق العنب والروبيان «الجمبري» المشوي مع الكزبرة والثوم والليمون، ويمكنني الجزم بأن النكهة تشعرك كأنك في أحد مطاعم لبنان الشهيرة، ولا ينقص أي منها أي شيء مثل الليمون أو الملح، وهذا ما يعلل النسبة الإيجابية العالية (4.9) من أصل (5) على محرك البحث غوغل بحسب الزبائن الذين زاروا المطعم.

الروبيان المشوي مع الارز (الشرق الاوسط)

الطاهي الرئيسي في «عناب براسري» هو الطاهي المعروف بديع الأسمر الذي يملك في جعبته خبرة تزيد على 40 عاماً، حيث عمل في كثير من المطاعم الشهيرة، وتولى منصب الطاهي الرئيسي في مطعم «برج الحمام» بلبنان.

يشتهر المطعم أيضاً بطبق المشاوي، وكان لا بد من تجربته. الميزة كانت في نوعية اللحم المستخدم وتتبيلة الدجاج، أما اللحم الأحمر فهو من نوع «فيليه الظهر»، وهذا ما يجعل القطع المربعة الصغيرة تذوب في الفم، وتعطيها نكهة إضافية خالية من الدهن.

حمص باللحمة (الشرق الاوسط)

المطعم مقسَّم إلى 3 أقسام؛ لأنه طولي الشكل، وجميع الأثاث تم استيراده من لبنان، فهو بسيط ومريح وأنيق في الوقت نفسه، وهو يضم كلمة «براسري»، والديكور يوحي بديكورات البراسري الفرنسية التي يغلب عليها استخدام الخشب والأرائك المريحة.

زبائن المطعم خليط من العرب والأجانب الذين يقطنون في منطقة فولهام والمناطق القريبة منها مثل شارع كينغز رود الراقي ومنطقة تشيلسي.

بقلاوة بالآيس كريم (الشرق الاوسط)

في نهاية العشاء كان لا بد من ترك مساحة ليكون «ختامه حلوى»، فاخترنا الكنافة على الطريقة اللبنانية، والبقلاوة المحشوة بالآيس كريم، والمهلبية بالفستق الحلبي مع كأس من النعناع الطازج.

المطاعم اللبنانية في لندن متنوعة وكثيرة، بعضها دخيل على مشهد الطعام بشكل عام، والبعض الآخر يستحق الوجود والظهور والمنافسة على ساحة الطعام، وأعتقد أن «عناب» هو واحد من الفائزين؛ لأنه بالفعل من بين النخبة التي قل نظيرها من حيث المذاق والسخاء والنكهة وروعة المكان، ويستحق الزيارة.