انهيار سعر صرف الليرة يهدد بتغيير كبير في نمط عيش اللبنانيين

فقدان مواد غذائية أساسية... والمستوردون يبحثون عن بضائع أرخص وأقل جودة

رفوف أحد المخازن الكبرى في بيروت (إ.ب.أ)
رفوف أحد المخازن الكبرى في بيروت (إ.ب.أ)
TT

انهيار سعر صرف الليرة يهدد بتغيير كبير في نمط عيش اللبنانيين

رفوف أحد المخازن الكبرى في بيروت (إ.ب.أ)
رفوف أحد المخازن الكبرى في بيروت (إ.ب.أ)

لم يستفق اللبنانيون بعد من صدمة إدراج منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة «الفاو» وبرنامج الأغذية العالمي لبنان بين 4 دول في العالم مهددة بانعدام الأمن الغذائي لجزء من سكانها، وتحذيرهما من إمكانية أن تؤدي الأزمة الاقتصاديّة إلى ارتفاع مستوى الاضطرابات وأعمال العنف. فرغم أن لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا «الاسكوا» كانت أطلقت تحذيرات مماثلة صيف عام 2020 منبهة من أنه قد يتعذّر على نصف سكان لبنان الوصول إلى احتياجاتهم الغذائية الأساسية، فإن القوى المعنية لم تتخذ أي إجراءات تذكر في ذلك الوقت لمنع الوصول للسيناريو الذي تحول اليوم أمراً واقعاً نتيجة تسجيل سعر صرف الدولار في الأيام الماضية مستويات قياسية مقابل الليرة اللبنانية.
وباتت معظم الرفوف في المخازن الكبرى تفتقد البضائع التي اعتادها اللبنانيون، وهي وإن كانت متوفرة فبأسعار خيالية تفوق الإمكانيات المادية المحدودة جداً للأكثرية الساحقة. إلا أنه، وبحسب الخبراء، فإن نحو 60 في المائة من اللبنانيين، وهي نسبة الفقراء في البلاد حالياً بحسب وزارة الشؤون الاجتماعية، لن يكونوا قادرين حتى على شراء البضائع الجديدة التي يتم استيرادها من دول لم يعتدها المستوردون، نظراً لكلفتها المنخفضة، في حال استمر انهيار سعر صرف الليرة، ما يعني تهديداً واضحاً لأمنهم الغذائي.
ويتحدث رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي عن 3 أبعاد للأمن الغذائي، وهي وجود الغذاء، والوصول للغذاء وسلامة الغذاء. وبرأيه فإن الأبعاد الثلاثة مهددة بحيث «باتت إمكانية الاستيراد الذي يعتمد عليه لبنان بنسبة 85 في المائة أو التصنيع محلياً محدودة جداً، تماماً كما إمكانية الوصول للغذاء بحيث بتنا نستورد كميات أقل لافتقارنا للدولار، كما باتت أكثرية اللبنانيين قادرة على شراء السلع بسبب أسعارها، وصولا لسلامة الغذاء التي تبدو كذلك مهددة والمطلوب التشدد بمراقبة مواصفاتها وكونها مطابقة للشروط العالمية، والأهم ألا تكون مغشوشة أو مهربة أو مقلدة».
ويشير بحصلي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «إذا كانت هناك أكثرية مهددة بالجوع فإن هناك قسماً من اللبنانيين سيفتقر لنمط الحياة الذي اعتاده، بحيث قد لا يجد مجدداً البضاعة العالمية التي اعتادها». وهو ما يشير إليه أيضاً حسان عز الدين، عضو نقابة المتاجر في لبنان، لافتاً إلى أنه يتم حالياً اللجوء إلى بضائع جديدة للحلول مكان تلك العالمية التي اعتادها اللبنانيون، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «مثلاً تم استبدال الكثير من أصناف الشوكولاتة ببضاعة محلية الصنع كما انفتحنا على أسواق لم نكن نطرق أبوابها من قبل كبولندا وأوكرانيا، حرصاً منا على الإبقاء على بعض التنوع في الأصناف... ففي نهاية المطاف البضاعة التي سيتراجع طلبها وبخاصة للارتفاع الكبير بسعرها قد تختفي تباعاً عن الرفوف، حتى إننا في مرحلة من المراحل قد نتجه لبيع عبوات أصغر من تلك التي اعتادها اللبنانيون بحيث إنه قد يكون هناك قسم كبير منهم غير قادر على دفع ثمن العبوات الكبيرة». ويشير عز الدين إلى أن أبرز المواد الغذائية الأساسية إما المفقودة أو الموجودة بشح حالياً هي الزيت والحليب، موضحاً أن هناك حلاً لأزمة الزيت بعد موافقة وزارة الاقتصاد على دعم الزيت المستورد من أوكرانيا، كما أن أزمة الحليب بطور الحل. ويتحدث عن 4 أسباب رئيسية تهدد الأمن الغذائي وهي انهيار سعر صرف الليرة، وسياسة الدعم بشكلها الحالي، والتهريب المستمر للبضائع، والأهم الخلل الحاصل بالسلسلة التوريدية سواء بسبب التضخم المفرط والإفلاسات كما تأخير الدفع للمستوردين بإطار سياسة الدعم كما بسبب قرارات إقفال المتاجر والسوبر ماركات بإطار مواجهة «كورونا»، وهو إجراء لم تتخذه أي دولة في العالم بحيث الكل يعي خطورة العبث بالسلسلة التوريدية التي تقوم على حلقات أساسية هي الإنتاج، والتسليم، وبيع المنتج للمستهلك النهائي، وبالتالي في حال الخلل بإحدى الحلقات تصاب السلسلة ككل بخلل.
ويتفق عز الدين وبحصلي على أن التصدي لواقع الأمن الغذائي المهدد يكون بالمسارعة في تشكيل حكومة فاعلة وبضخ دولارات في السوق اللبناني للوصول لنوع من الاستقرار المالي والاقتصادي. ويشدد بحصلي على أهمية اتخاذ قرارات حاسمة، سواء بوقف التهريب، كما بوقف الدعم بشكله الحالي رغم صعوبة اتخاذ قرار مماثل، لافتاً إلى وجوب المسارعة لإصدار بطاقات تمويلية للمئات المحتاجة، خاصة أنه طالما سعر الصرف يحلق فإن أسعار السلع ستبقى مرتفعة.



اتصالات مصرية مكثفة تبحث «تهدئة» في لبنان

اتصالات مصرية مكثفة تبحث «تهدئة» في لبنان
TT

اتصالات مصرية مكثفة تبحث «تهدئة» في لبنان

اتصالات مصرية مكثفة تبحث «تهدئة» في لبنان

كثّفت مصر من مشاوراتها بهدف احتواء التصعيد الراهن في المنطقة، خصوصاً باتجاه تحقيق تهدئة في لبنان؛ إذ أجرى وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، اتصالاً هاتفياً بنظيره الأميركي أنتوني بلينكن، أعقبه اتصال آخر، اليوم (الثلاثاء)، مع رئيس الحكومة اللبناني نجيب ميقاتي.

ووفق «الخارجية المصرية»، فإن الوزير عبد العاطي تناول خلال اتصاله مع بلينكن التطورات الإقليمية المتلاحقة في كل من لبنان وقطاع غزة، وما «تفرضه مستجدات الأحداث من ضرورة تكثيف التنسيق والتشاور لاحتواء التصعيد الراهن في المنطقة».

وزير الخارجية المصري يُجري اتصالاً مع نظيره الأميركي (الخارجية المصرية)

وحذّر الوزير المصري من أن وتيرة التصعيد الحالية في المنطقة «تستوجب تكاتف الجهود للتدخل السريع في هذه المرحلة الدقيقة لاحتواء الموقف... وبذل جهود حثيثة لخفض التصعيد وحثّ الأطراف كافّة على ضبط النفس، تجنباً لانزلاق المنطقة نحو حرب إقليمية ذات عواقب مدمرة لأطرافها كافّة».

وجدّد عبد العاطي «رفض مصر الكامل أي مساس بسيادة لبنان وسلامة أراضيه»، مؤكداً أهمية التوصل إلى وقف فوري وشامل لإطلاق النار، مع العمل على تكثيف إرسال المساعدات الإنسانية والإغاثية العاجلة للشعب اللبناني في ظل نزوح أكثر من مليون مواطن لبناني، فضلاً عن أهمية دعم المؤسسات اللبنانية وتمكينها، وعلى رأسها الجيش اللبناني، من الاضطلاع بواجباتها، مشدداً على ضرورة التزام الأطراف كافّة بتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم «1701» بعناصره كافّة.

وطالب وزير الخارجية المصري المجتمع الدولي بـ«الاضطلاع بمسؤولياته للتوصل إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار في قطاع غزة»، عقب مرور عام كامل على «الاعتداءات الإسرائيلية»، مشدداً على أهمية نفاذ المساعدات الإنسانية إلى القطاع بشكل كامل وغير مشروط، والتعامل مع جذور الصراع من خلال إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط 4 يونيو (حزيران) 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

وفي اتصاله مع رئيس الحكومة اللبناني نجيب ميقاتي، أكد وزير الخارجية المصري «استمرار تقديم مصر كل أشكال الدعم السياسي والإنساني إلى لبنان، في ظل ما يواجهه من ظرف دقيق»، وضرورة تكاتف جميع الأطراف المعنية في هذه المرحلة الحرجة لانتخاب رئيس للبلاد في أسرع وقت لإنهاء أزمة الشغور الرئاسي في لبنان.

اتصال هاتفي بين عبد العاطي وميقاتي (الخارجية المصرية)

كما شدد على «ضرورة العمل على تخفيف حدة التوتر المتصاعد الناجم عن العدوان الإسرائيلي على لبنان، وضبط النفس في هذه المرحلة الدقيقة؛ لمنع انزلاق المنطقة نحو حرب إقليمية ستُلقي بظلال وخيمة على السلم والأمن الإقليميين والدوليين».

وتأتي الاتصالات المصرية في إطار المتابعة التي يجريها وزير الخارجية مع الأطراف الإقليمية والدولية المعنية، والتي شملت وزراء خارجية إيران وبريطانيا وفرنسا وغيرها من الدول على مدار اليومين الماضيين.