في ظل العد العكسي لحكم ميركل... ألمانيا إلى أين؟

تحت ثقل الأخطاء والفضائح المتراكمة

في ظل العد العكسي لحكم ميركل... ألمانيا إلى أين؟
TT

في ظل العد العكسي لحكم ميركل... ألمانيا إلى أين؟

في ظل العد العكسي لحكم ميركل... ألمانيا إلى أين؟

تبدو الأشهر الأخيرة في الحياة السياسية للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، أشبه بانهيار ثلجي. بدأ صامتاً صغيراً، لكنه أخذ يتعاظم كلما تدحرج أكثر. في النهاية، لا أحد يعرف بعد كم سيكون حجم هذا الانهيار، ولا مدى الأضرار التي سيتسبب بها. والحقيقة أن الفوضى الكبيرة التي باتت تحيط بميركل، بدأ البعض يشبهها بالأيام الأخيرة لحكم هيلموت كول، المستشار الألماني الذي قاد البلاد إلى وحدتها، وبقي يقود ألمانيا لـ16 سنة، وهي المدة نفسها التي ستكون ميركل قد أمضتها في الحكم في نهاية ولايتها في سبتمبر (أيلول) المقبل. ولكن كول سقط في النهاية سقوطاً مدوياً، ولم يأت سقوطه إلا على يد «فتاته» كما كان يسميها، ميركل نفسها.
ذلك أن أنجيلا ميركل هي التي «انقلبت» على الرجل الذي كان سبب صعودها، وساعدها على إيجاد قدم لها داخل حزب محافظ كان يطغى الرجال عليه. ولقد كتبت حينذاك، في ديسمبر (كانون الأول) من عام 1999، مقالاً تاريخياً في صحيفة «فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ» دعت فيه كول، الذي كان يُنظر إليه كبطل وحد البلاد، إلى الاستقالة. وجاء مقالها على خلفية فضيحة فساد لفت حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي آنذاك، تتعلق بقبول كول لهبات مالية ضخمة للحزب في مخالفة للقوانين، ورفضه الإفصاح عن أسماء مانحيها.
وبالفعل، هزت تلك الفضيحة شعبية الحزب آنذاك. ولكن، مع ذلك، لم يتجرأ أحد على دعوة كول الاستقالة، باستثناء «آنجي» الشابة الفتية التي كانت تجلس إلى يمين المستشار.
جرأتها، يومذاك، قسمت حينها الحزب والبلاد، بين مؤيد وداعم لها، ومع ذلك دخلت التاريخ، وكان سبب صعودها إلى قمة السلطة. لكنها اليوم، بعد أكثر من 20 سنة، تجد نفسها في موقف لا يختلف كثيراً عما عاشه كول. فهي محاطة بالفضائح والأخطاء التي تتزايد يوماً بعد يوم، في حزب تتدهور شعبيته، ومنقسم على نفسه. بيد أن الفارق هنا أن مَن يمكن أن يتحداها بقوة داخل الحزب غير موجود.

خلال سنوات حكم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، التي بدأت عام 2000، اعترفت الزعيمة المحافظة بأخطائها أكثر من مرة. إلا أنه لم يسبق لها أن جاءت اعترافاتها بالشكل الدراماتيكي الذي شهده الألمان لدى إقرارها بـ«خطأ» إعلان حكومتها إغلاقاً تاماً لمدة خمسة أيام خلال عطلة عيد الفصح. فبعد أقل من 24 ساعة على قرار الإقفال، خرجت ميركل لتعلن التراجع عن قرارها... وتقول إنه «ارتُكِب خطأ»، وطلبت «المسامحة» من مواطنيها.
هذا التراجع، الذي رحب به البعض ووصفه آخرون بأنه دليل على ضعفها، جاء نتيجة الارتباك الكبير الذي تسبب به قرار إعلان الإغلاق التام، والتخوف من دعاوى قضائية قد ترفع على الحكومة. واختصاراً، كان من المستحيل من الناحية القانونية تطبيق قرار الإغلاق. إذ كانت ثمة تساؤلات كثيرة عالقة حول اعتبار أيام الفرصة التي أعلنتها ميركل عطلاً رسمية أم أيام عمل مدفوعة. وتجدر الإشارة إلى أن العطل الرسمية تقر عادة في البرلمان، وهو ما لم تدعُ إليه ميركل قبل اتخاذ قرارها ودفع رؤساء حكومات الولايات الألمانية الـ16 للقبول به.
- أضحت «بطة عرجاء»؟!
وهكذا عندما استنتجت ميركل ذلك، بعد ساعات قليلة على إعلانها الإغلاق التام لمدة خمسة أيام، وتسميتها فترة الإغلاق هذه بـ«أيام راحة»، فإنها سرعان ما عادت لتعلن تراجعها وتقدم اعتذارها. ولم تنتظر صحيفة «بيلد» الشعبية الأكثر انتشاراً في البلاد طويلاً، إذ نشرت آراء مختلفة لكتابها حول اعتذار ميركل. ووصلت الأمور بأحدهم إلى حد وصف المستشارة بـ«البطة العرجاء»... في حين قال غيره إن تقديم الاعتذار كان «قراراً راقياً» ويجب قبوله.
من جهته، كتب الصحافي غابور شتاينغارت، رئيس التحرير السابق لمجلة «هاندسبلات» المالية، يقول بأن اعتذار ميركل «ليس إلا هروباً من تحمل المسؤولية». وعدد، من ثم، المشاكل التي تحيط بميركل وحكومتها الائتلافية في التعامل مع جائحة «كوفيد - 19»، مشيراً إلى أن «النظام الصحي الأميركي الذي يتعرض لانتقادات كبيرة نجح في إعطاء أكثر من 130 مليون جرعة لقاح خلال الفترة نفسها التي بدأت ألمانيا فيها التلقيح، وهي لم تنجح في تلقيح 10 في المائة من هذا الرقم». وبالنسبة للكاتب، فإن ميركل رغم تقديمها الاعتذار، فهي لم تقل ما الذي تعلمته من هذا الدرس، وما إذا كان سيكون هناك تغيير في سياسة التعاطي مع الجائحة.
أما مجلة «فوكس» فقالت بأن هذه الفوضى «أضرت بسلطة ميركل بشكل كبير». ووصفت ما حدث بأنه «النقطة الأدنى في حكم ميركل قبل 6 أشهر على انتهاء ولايتها». وبالفعل، كانت ميركل نفسها قد اعترفت قبل بضعة أشهر بأن إدارة أزمة «كوفيد - 19» هي أصعب ما واجهته خلال فترة حكمها حتى الآن، وليس أزمة اللاجئين الذي سمحت لهم بالدخول ما تسبب بصعود اليمين المتطرف بشكل غير مسبوق في البلاد منذ هزيمة النازيين.
أكثر من هذا، أخذت بعض الأصوات تتصاعد مطالبة باستقالة ميركل وطرح التصويت على حكومتها. وعلى هذه الأصوات ردت المستشارة المُحرجة بالقول «لا حاجة إلى ذلك، لقد ارتكبت خطأ وصححته».
- الانتقادات من اليسار واليمين
مع هذا، فإن الدعوات المناوئة والمطالبة بالاستقالة لم تتوقف. ولقد صدرت أولاً عن حزب «دي لينكا» اليساري المتشدد. ولم يلبث أن حذا حذوه حزب «البديل لألمانيا» اليميني المتطرف. ثم تبعهما حزب الليبراليين الوسطي. وبالتالي، فإن الحزب الوحيد في المعارضة الذي لم يدع لاستقالة ميركل ولا لطرح الثقة بحكومتها، كان حزب «الخضر» البيئي الذي رأى أن تراجع ميركل عن قرار الإغلاق الشامل، مقبول بالنسبة إليه. ولعل، سبب هذا الموقف كما يرى بعض المراقبين، أن حزب «الخضر» قد يكون بصدد التحضير منذ الآن للمشاركة في الحكم بعد الانتخابات المقبلة، ولذا ربما ارتأى تحاشي قطع الجسور لأنه سيكون عليه - على الأرجح - الدخول في حكومة ائتلافية مع حزب ميركل الديمقراطي المسيحي المحافظ.
الواقع أن هذا ليس الخطأ الأول الذي تقع به ميركل منذ بدء أزمة جائحة «كوفيد - 19»، مع أن أداء إدارة ميركل عملية التعامل مع الجائحة وتداعياتها كان جيداً عند بداية الأزمة في شهر مارس (آذار) من العام الماضي. وحقاً نجحت القرارات التي اتخذتها الحكومة الألمانية بإبقاء أعداد الإصابات والوفيات منخفضة نسبياً في البداية. وانعكس هذا النجاح في استطلاعات الرأي التي أظهرت ارتفاعاً كبيراً في شعبية المستشارة، حتى بدأت تظهر دعوات لها تطالبها بالتراجع عن قرارها التقاعد، وتناشدها الترشح لولاية جديدة في الانتخابات المقبلة.
- من النجاح... إلى الفشل
إلا أن هذه النجاحات المبكرة تحولت بعد بضعة أشهر إلى فشل كبير في إدارة الأزمة. وهكذا دخلت ألمانيا في دوامة إغلاقات لا تنتهي، ومن دون أفق، حتى بعد توافر لقاح ضد الفيروس، صنعته شركة ألمانية أولاً. ورغم أن ميركل كان تقول بأن أزمة الجائحة لن تنتهي إلا بعد إيجاد لقاح، فإنه حتى اللحظة لا يبدو أن هناك ضوءاً واضحاً في نهاية النفق حتى الآن.
ولعل بين أسوأ وجوه الإخفاق، أن عمليات التطعيم، أو التلقيح، تسير بشكل بطيء للغاية، وبشكل أساسي بسبب النقص الحاصل في كميات الجرعات اللازمة من اللقاحات. وهنا يلوم البعض اعتماد ألمانيا على الاتحاد الأوروبي لإدارة عمليات التلقيح لكل دول الاتحاد، وهي عملية أساءت رئيس المفوضية أورسولا فون دير لاين – الوزيرة الألمانية السابقة، وهي أيضاً طبيبة – إدارتها بصورة مؤسفة. وبلغ الأمر ببعض الصحافيين الألمان أن شبهوا إدارة فون دير لاين، التي كانت وزيرة الدفاع في حكومة ميركل قبل انتقالها إلى المفوضة الأوروبية في بروكسل، بإدارتها وزارة الدفاع... أي بنصيب كبير من قلة الفاعلية. وللعلم، كانت فون دير لاين قد غادرت منصبها السابق في الحكومة الألمانية من دون أن تحقق الكثير على صعيدي تطوير معدات الجيش الألماني المهترئة وتحديثها، وأيضاً من دون التعاطي بشكل حازم مع فضائح التطرف اليميني الذي تزايد داخل صفوف الجيش والقوات التابعة لها.
وتضاف إلى هذا كله قضايا فساد لم تتمكن من تبييض صفحتها كلياً قبل مغادرتها برلين.
- مشاكل وأخطاء أخرى
ثم أنه، إضافة للنقص في الجرعات الموجودة، فإن بطء عملية التلقيح لها أسباب أخرى، منها البيروقراطية الألمانية الكبيرة والقليلة المرونة. فكثيرون من السكان يتلقون رسائل من السلطات الصحية المحلية تبلغهم بأن دورهم جاء لتلقي اللقاح، وتطلب منهم حجز موعد باستخدام رقم خاص أرسل إليهم. إلا أن الآلاف يشكون من صعوبة حجز مواعيد، ومن أنهم لا يتلقون ردوداً على أرقام الهواتف المذكورة. كذلك، هناك مشكلة رفض الحكومات المحلية توزيع اللقاحات على عيادات الأطباء، وحصرها بدلاً من ذلك في مراكز تلقيح خاصة. وهو أمر زاد من بطء عملية التلقيح التي ما زالت في المرحلة الأولى، أي أنها محصورة بمن هم فوق سن الثمانين وأفراد الأطقم الطبية.
ثم جاء الجدل حول لقاح «أسترازينيكا» وقرار الحكومة تعليق إعطاء اللقاح لبضعة أيام، ليضيف إلى فوضى التلقيح. وللعلم، كانت الحكومة الألمانية، قبل تعليقها استخدام هذا اللقاح، قد أطلقت حملة دعائية كبيرة لإقناع الألمان بفاعليته. ثم، بعد بضعة أيام من إطلاق الحملة، جاء قرار تعليق إعطائه بحجة «تسببه» بجلطات لـ13 شخصاً في ألمانيا من بين أكثر من مليون ونصف المليون شخص تلقوه. وهكذا، دخلت البلاد في فوضى التلقيح، وتوقفت فعلياً إعطاء الجرعات لأن لقاح «أسترازينيكا» هو الأكثر توافراً حالياً. ولم تعد الحكومة قادرة على إعطاء التطمينات للمواطنين بفاعلية اللقاح أو أمانه. وباتت تنتظر قرار وكالة الأدوية الأوروبية حياله، وهو لم يصدر إلا بعد أيام كانت خلاله سمعة اللقاح قد تضررت كثيراً.
ومع أن الحكومة حاولت إعادة الثقة به، ما زال من غير الواضح ما إذا كانت قد نجحت في ذلك. ففي العاصمة برلين وحدها، ذكر تقرير لصحيفة «تاغس شبيغل» أن أكثر من 600 ألف شخص أرسلت لهم رسائل لحجز مواعيد لكنهم لم يفعلوا ذلك، من دون تحديد أي لقاح عرض عليهم. وحتى الآن، فإن أكثر من 300 ألف شخص بقليل تقدموا لتلقي اللقاح في برلين من أصل قرابة مليون دعوة أرسلتها الهيئة الصحية.
على صعيد آخر، الفضائح تلف حزب ميركل من كل الجهات، تضاف إليها الإدارة السيئة لأزمة «كوفيد - 19»، والإغلاق - وإن كان جزئياً - في البلاد منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي لأصحاب المطاعم والفنادق. وهناك مَن يقول بأن كل هذا لأن ميركل باتت «متعبة» وما عاد بإمكانها الحكم بشكل صحيح. كذلك ثمة مَن يعتبر أن غياب مرشح واضح لخلافتها يزيد من قلة الثقة بالحزب ويسهم بتدهور شعبيته. فرغم أن لاشيت اختير ليكون زعيم الحزب، ولكن لم يتم اختياره أو اختيار أي شخص آخر، ليكون المرشح الرسمي لحزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي وشقيقه البافاري، لمنصب المستشار. ثم إن استطلاعات الرأي لا تعطي الكثير من الثقة بلاشيت، ولا بوزير الصحة ينس شبان الذي يطمح أيضاً للترشح للمنصب.
بقي إضافة إلى هؤلاء، واحد لم تطله أي فضائح بعد، ويبدو أنه المفضل في استطلاعات الرأي: ماركوس زودر، زعيم حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي البافاري ورئيس ولاية بافاريا. زودر لم يعلن ترشحه رسمياً للمنصب، ولكن الحزبين الشقيقين سيجتمعان بعد عطلة عيد الفصح ليختارا مرشحهما. والآن يبدو زودر الخيار الأفضل، مع أن اختياره لن يكون سهلاً. فلو حصل ذلك، هي ستكون المرة الأولى التي يرشح فيه الاتحاد لمنصب المستشار زعيم الحزب البافاري الشقيق.
في مطلق الأحوال، يبدو حزب ميركل في منزلق شديد نحو الهاوية. وما لم تنجح المستشارة بانتشاله قبل أن يصل إلى القعر، عبر إدارة أزمة «كوفيد - 19» والتلقيح بشكل أفضل، فإن سقوط الحزب قد يكون مخيفاً في انتخابات سبتمبر المقبلة. وقد يضطر الحزب لمغادرة السلطة حينها، عندما تغادر ميركل نفسها السلطة وتتقاعد من العمل السياسي.
- فضائح فساد تكمل صورة فوضى الأشهر الأخيرة
في خضم كل الفوضى المطبقة على الأشهر الأخيرة من حكم المستشارة أنجيلا ميركل، تلف حزبها فضيحة فساد لم تنته فصولها بعد، تورط بها حتى وزير الصحة يانس شبان.
الفضيحة أدت حتى الآن إلى استقالة 3 نواب من حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي والحزب الشقيق، الاتحاد الاجتماعي المسيحي في ولاية بافاريا. إذ تبين أن النواب الثلاثة حققوا أرباحاً غير مشروعة عبر عقد صفقات بيع كمامات، وتحقيق أرباح خاصة لهم من الصفقات، إحداها وصلت أرباحها إلى 600 ألف يورو. ويبدو أن أكثر من 10 نواب متورطين بصفقات مماثلة، ولكن لم تكشف أسماؤهم جميعاً بعد.
زعيم الحزب أرمين لاشيت، الذي يطمح لخلافة ميركل في منصب المستشار، حاول تلقف الفضيحة ليعلن عن «تعهد أخلاقي» على كل عضو في الحزب أخذه قبل الترشح لمنصب عام. وهذا التعهد يضمن تخلي الشخص المعني عن الكشف عن الأرباح المادية التي يحققها خارج عمله، «ما يضمن الشفافية»، حسب لاشيت.
غير أن «فضائح الكمامات» هذه أفقدت الحزب الحاكم أصواتاً كثيرة، وألحقت به خسائر تاريخية مُني بها في الانتخابات المحلية بولايتي بادن فورتمبيرغ وبالاتينية الراين. ولم تكد تمر هذه الانتخابات، حتى ظهرت فضيحة وزير الصحة المشار إليها. هذا، ونشرت مجلة «دير شبيغل» تقريراً يؤكد شراء وزارة الصحة كميات كبيرة من الكمامات من شركة يرأس مكتبها في برلين دانيال فونكه شريك الوزير شبان. ومع أن الشركة أكدت أن فونكه لم يكن على علم ولا على علاقة بالصفقة، فإن الضرر لا يمكن عكسه.
ويضيف هذا إلى عدد من المشاكل الأخرى التي تلاحق وزير الصحة الذي ما زال يطمح هو أيضاً لأن يرشحه حزب ميركل لمنصب المستشار. وهو مثل ميركل، حقق ارتفاعاً كبيراً في شعبيته مع بداية الأزمة، لكنها تراجعت لسوء إدارته للجائحة، ولأسباب أخرى شخصية مثل شرائه مع شريكه منزلاً ضخماً في منطقة راقية ببرلين بمليارات اليوروهات، في عز محنة الجائحة. وبالفعل، وجهت الصحافة انتقادات شديدة لشبان بعد شرائه منزلاً باهظ الثمن بينما يخسر المواطنون أعمالهم بالآلاف بسبب الفيروس القاتل. وصورته الصحف على أنه «فاقد للاتصال بالواقع». بل، ولم يساعده أنه أصيب أيضاً بالفيروس، بعدما حضر سهرة كان يشارك فيها ما يزيد على الـ30 شخصاً، وهو الذي كان يحث المواطنين على تجنب التجمعات وتحاشي لقاء الأصدقاء لتجنب العدوى. وساءت صورة شبان أكثر عندما تبين لاحقاً أنه طلب أسماء الصحافيين الذين كانوا يستفسرون عن المنزل الذي اشتراه، وأجرى بحثاً عنهم لغرض ما.
بالمناسبة، «فضيحة الكمامات» لم يسلم منها حتى زعيم الحزب المنتخب لاشيت، رغم أنها لم تؤثر على قرار الحزب انتخابه. ولكن الناخبين قد قرروا العكس، واستنتجوا أن لاشيت غير جدير بالثقة. وهو أيضاً عقد صفقة كمامات ضخمة مع شركة ألبسة يعمل ابنه الشاب معها، ويعرض ثيابها على صفحته على «إنستغرام».


مقالات ذات صلة

"تايم "تختار دونالد ترمب شخصية العام 2024

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ب)

"تايم "تختار دونالد ترمب شخصية العام 2024

اختارت مجلة تايم الأميركية دونالد ترمب الذي انتخب لولاية ثانية على رأس الولايات المتحدة شخصية العام 2024.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
حصاد الأسبوع شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شأن معظم دول المنطقة والإقليم، تسببت الأزمة السورية المتصاعدة في تراجع الاهتمام الرسمي والشعبي العراقي بالحرب التي تشنّها إسرائيل على غزة ولبنان، بعد أن كانت

فاضل النشمي (بغداد)
حصاد الأسبوع ليندنر اختلف مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين

كريستيان ليندنر... الزعيم الليبرالي الذي أسقط عزله الحكومة الألمانية

رجل واحد حمله المستشار الألماني أولاف شولتس مسؤولية انهيار حكومته، وما نتج عن ذلك من فوضى سياسية دخلت فيها ألمانيا بينما هي بأمس الحاجة للاستقرار وتهدئة

راغدة بهنام ( برلين)
حصاد الأسبوع شيل

ألمانيا... الحزب الديمقراطي الحر «شريك الحكم» شبه الدائم

مع أن «الحزب الديمقراطي الحر»، الذي يعرف في ألمانيا بـ«الحزب الليبرالي»، حزب صغير نسبياً، مقارنةً بالقطبين الكبيرين «الاتحاد الديمقراطي المسيحي» (المحافظ)

«الشرق الأوسط» (برلين)
حصاد الأسبوع لقاء ترمب وبوتين على هامش "قمة العشرين" عام 2017 (آ ف ب)

موسكو تترقّب إدارة ترمب... وتركيزها على سوريا والعلاقة مع إيران

لم تُخفِ موسكو ارتياحها للهزيمة القاسية التي مُنيت بها الإدارة الديمقراطية في الولايات المتحدة. إذ في عهد الرئيس جو بايدن تدهورت العلاقات بين البلدين إلى أسوأ

رائد جبر (موسكو)

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
TT

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)

شأن معظم دول المنطقة والإقليم، تسببت الأزمة السورية المتصاعدة في تراجع الاهتمام الرسمي والشعبي العراقي بالحرب التي تشنّها إسرائيل على غزة ولبنان، بعد أن كانت تحظى بأولوية قصوى، خصوصاً بعد التهديدات الإسرائيلية بتوجيه ضربات عسكرية ضد الفصائل المسلحة العراقية التي استهدفتها بأكثر من 200 هجمة صاروخية خلال الأشهر الماضية. وأظهر رئيس الوزراء محمد شيّاع السوداني، موقفاً داعماً للحكومة السورية في ظروفها الحالية منذ اليوم الأول للهجوم الذي شنَّته الفصائل السورية المسلحة وتمكّنت من السيطرة على محافظة حلب ومدن أخرى، إذ أجرى اتصالاً بالرئيس السوري بشار الأسد وكذلك الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وأكد دعمه لدمشق.

أعلن رئيس الحكومة العراقي محمد شيّاع السوداني، يوم الثلاثاء الماضي، موقفاً أكثر وضوحاً بالنسبة لدعم نظام دمشق، وذلك خلال اتصال - مماثل لاتصاليه مع القيادتين السورية والإيرانية - أجراه مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

ومما قاله السوداني إن «العراق لن يقف متفرجاً على التداعيات الخطيرة الحاصلة في سوريا، خصوصاً عمليات التطهير العرقي للمكوّنات والمذاهب هناك»، طبقاً لبيان حكومي.

كذلك شدّد الزعيم العراقي على أنه سبق لبلاده أن «تضرّرت من الإرهاب ونتائج سيطرة التنظيمات المتطرّفة على مناطق في سوريا، ولن يُسمَح بتكرار ذلك»، مؤكداً «أهمية احترام وحدة سوريا وسيادتها، وأن العراق سيبذل كل الجهود من أجل الحفاظ على أمنه وأمن سوريا».

محمد شياع السوداني (آ ف ب)

السوداني كان قد انهمك بسلسلة اتصالات خلال الأيام القليلة الماضية مع عدد من قادة الدول، بخصوص الوضع في سوريا؛ من «أجل دعم الاستقرار في المنطقة، وعدم حصول أي تداعيات فيها، خصوصاً مع ما تشهده من حرب إجرامية صهيونية مستمرة منذ أكثر من عام» بحسب بيان حكومي.

وأظهرت قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية موقفاً مماثلاً وداعماً لحكومة السوداني في مواقفها حيال سوريا، لكنها أعربت خلال اجتماع، الثلاثاء الماضي أيضاً، عن قلقها جراء الأوضاع في سوريا بعد «احتلال الإرهابيين مناطق مهمة» طبقاً لبيان صدر عن الاجتماع. وعدّت «أمن سوريا امتداداً للأمن القومي العراقي للجوار الجغرافي بين البلدين، والامتدادات المختلفة لذلك الجوار».

الحدود المشتركة مؤمّنة

للعلم، مع الشرارة الأولى لاندلاع الأزمة السورية، اتخذت السلطات العراقية على المستوى الأمني إجراءات عديدة «لتأمين» حدودها الممتدة لأكثر من 600 كيلومتر مع سوريا. وصدرت بيانات كثيرة حول جاهزية القوات العراقية وقدرتها على التصدّي لأي محاولة توغّل داخل الأراضي العراقية من قبل الفصائل المسلحة من الجانب السوري، مثلما حدث صيف عام 2014، حين تمكَّنت تلك الجماعات من كسر الحدود المشتركة والسيطرة على مساحات واسعة من العراق.

اللواء يحيى رسول، الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، أوضح (الثلاثاء) أبرز الإجراءات المُتَّخذة لتحصين الحدود مع سوريا. وقال في تصريحات صحافية إن «الحدود مؤمَنة ومُحكمة بشكل كبير من تحكيمات وتحصينات، وهناك وجود لقوات الحدود على خط الصفر الذي يربطنا مع الجارة سوريا مدعومة بالأسلحة الساندة والجهد الفني، المتمثل بالكاميرات الحرارية وأبراج المراقبة المحصّنة». وأضاف رسول: «لا خوف على الحدود العراقية، فهي مؤمّنة ومحكمة ومحصّنة، وأبطالنا منتشرون على طولها»، مشيراً إلى أنه «تم تعزيز الحدود بقطاعات من الألوية المدرعة وهي موجودة أيضاً عند الحدود».

أيضاً، وصل وفد أمني برئاسة الفريق أول قوات خاصة الركن عبد الأمير رشيد يارالله، رئيس أركان الجيش، يوم الأربعاء، إلى الشريط الحدودي العراقي - السوري. وذكر بيان عسكري أن «هدف الزيارة جاء لمتابعة انتشار القطعات الأمنية وانفتاح خطوط الصد».

غموض في الموقف

إلا أنه حتى مع المواقف الحكومية الداعمة لدمشق في أزمتها الراهنة، يبدو جلياً «الالتباس» بالنسبة لكثرة من المراقبين، وبالأخص لجهة شكل ذلك الدعم وطبيعته، وما إذا كانت السلطات الحكومية العراقية ستنخرط بقوة لمساعدة نظام الأسد عسكرياً، أم أنها ستبقى عند منطقة الدعم السياسي والدبلوماسي، تاركة أمر الانخراط والمساعدة الميدانية للفصائل المسلحة.

وهنا يلاحظ إياد العنبر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، وجود «التباس واضح حيال الموقف من الحدث السوري، وهذا الالتباس نختبره منذ سنوات، وليس هناك تمييز واضح بين العراق الرسمي وغير الرسمي». وتابع العنبر لـ«الشرق الأوسط» أن «مستويات تفعيل المساهمة العراقية في الحرب غير واضحة، وإذا ما قررت الحكومة البقاء على المستوى الدبلوماسي بالنسبة لقضة دعم سوريا، أم أن هناك مشاركة عسكرية».

غير أن إحسان الشمري، أستاذ الدراسات الاستراتيجية والدولية في جامعة بغداد، يعتقد بأن «العراق الرسمي عبَر عتبة التردّد، وبات منخرطاً في الأزمة السورية». وفي لقاء مع «الشرق الأوسط» بنى الشمري فرضيته على مجمل المواقف الرسمية التي صدرت عن رئيس الوزراء، والناطق الرسمي، وزعماء «الإطار التنسيقي»، وشرح قائلاً إن «هذه المواقف بمجملها كسرت مبدأ الحياد وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى الذي يتمسّك به العراق، إلى جانب كونها انخراطاً رسمياً عراقياً بالأزمة السورية».

نتنياهو غير مضمون

ولكن، بعيداً عن الانشغال الراهن بالأزمة السورية، ما زالت التهديدات الإسرائيلية بين أهم القضايا التي تشغل الرأي العام ببعدَيه السياسي والشعبي. وحتى مع الترحيب العراقي بقرار وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله»، ما زالت مخاوف البلاد من ضربة إسرائيلية محتملة قائمةً.

ولقد قال الناطق باسم الحكومة باسم العوادي، الأربعاء قبل الماضي، في تصريحات صحافية، إنه «مع عملية وقف إطلاق النار في لبنان، نحن أنهينا الجزء الأسهل، فالمعركة انتهت والحرب لم تنتهِ، فالأصعب أنك ستدخل بالمخططات غير المعلومة. ونحن (العراق) واقعون في المنطقة الحرام، لكن السياسة العقلانية المتوازنة استطاعت أن تجنبنا الضرر».

وأجاب، من ثم، عن طبيعة الرد العراقي إذا ما هاجمت إسرائيل أراضيه، بالقول: «إلى حد أيام قليلة كانت تأتي نتائج جيدة من المعادلات التي اشتغل عليها رئيس الوزراء، لكن رغم ذلك فلا أحد يضمن ما الذي يدور في بال حكومة نتنياهو، وما هو القادم مع الإدارة الأميركية الجديدة، وكيف سيتصرف نتنياهو».

وتابع العوادي، أن «الإسرائيليين عملوا على تفكيك الساحات، وتوجيه ضربات إلى اليمن وسوريا، لكن الطرف العراقي هو الوحيد الذي لم يستطيعوا الوصول إليه بفضل المعادلة... وقد يكونون وضعونا للحظات الأخيرة أو الأيام الأخيرة بنوع ما، وهذا وارد جداً، وتتعامل الحكومة العراقية مع ذلك».

شبح هجوم إسرائيلي

وحقاً، لا يزال شبح هجوم إسرائيلي واسع يخيم على بغداد، إذ تناقلت أوساط حزبية تحذيرات جدية من شنِّ ضربات جوية على العراق. وفي وقت سابق، قال مصدر مقرّب من قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، لـ«الشرق الأوسط»، إنَّ «مخاوف الأحزاب الشيعية من جدية التهديد دفعتها إلى مطالبة رئيس الحكومة للقيام بما يلزم لمنع الهجمات». وأكَّد المصدر أنَّ «فصائل عراقية مسلّحة لجأت أخيراً إلى التحرك في أجواء من التكتم والسرية، وقد جرى بشكل مؤكد إبدال معظم المواقع العسكرية التابعة لها».

وفي سياق متصل، تتحدَّث مصادر صحافية عمَّا وصفتها بـ«التقديرات الحكومية» التي تشير إلى إمكانية تعرّض البلاد لـ«300 هجوم إسرائيلي». وفي مطلع الأسبوع الماضي، شدَّدت وزارة الخارجية العراقية، في رسالة إلى مجلس الأمن، على أهمية «تدخل المجتمع الدولي لوقف هذه السلوكيات العدوانية لإسرائيل».

كما أنَّه حيال التهديدات الجدية والخشية الحقيقية من عمل عسكري إسرائيل ضد البلاد، اهتدت بعض الشخصيات والأجواء المقرّبة من الحكومة والفصائل إلى «رمي الكرة» في الملعب الأميركي، مستندين بذلك إلى اتفاقية «الإطار الاستراتيجي» المُوقَّعة منذ عام 2011، بين بغداد وواشنطن، وهو العام الذي خرجت فيه القوات الأميركية من العراق.

التهديدات الإسرائيلية من أهم القضايا التي تشغل الرأي العام العراقي

هادي العامري (رووداو)

العامري يلوم واشنطن

أيضاً، وجد هادي العامري، زعيم منظمة «بدر»، بنهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الفرصة ليحمّل واشنطن مسؤولية حماية الأجواء العراقية، بعدما شنَّت إسرائيل هجوماً عسكرياً ضد إيران، مستخدمةً الأجواء العراقية في هجماتها. ويومذاك، حمّل العامري الجانب الأميركي «المسؤولية الكاملة» على انتهاك إسرائيل سيادة الأجواء العراقية في طريقها لضرب إيران. وقال، إن «الجانب الأميركي أثبت مجدّداً إصراره على الهيمنة على الأجواء العراقية، وعمله بالضد من مصالح العراق وشعبه وسيادته، بل سعيه لخدمة الكيان الصهيوني وإمداده بكل ما يحتاج إليه لممارسة أساليبه العدوانية، وتهديده للسلام والاستقرار في المنطقة».

وأضاف العامري: «لهذا باتت الحاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى لإنهاء الوجود العسكري الأميركي في العراق بأشكاله كافة». وللعلم، فإن منظمة «بدر» - التي يقودها العامري - وردت ضمن لائحة المنظمات التي اتهمتها إسرائيل بشنِّ هجمات ضدها خلال الشكوى التي قدمتها إلى مجلس الأمن في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وبناءً على تصريحات العامري السالفة، وتصريحات أخرى لشخصيات مقرّبة من الفصائل المسلحة وقوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، تبلورت خلال الأسبوع الأخير، قناعة داخل أوساط هذه القوى مفادها، بأن واشنطن «ملزمة وبشكل مباشر بحماية الأجواء العراقية» من أي هجوم محتمل من إسرائيل أو غيرها، أخذاً في الاعتبار الاتفاقية الاستراتيجية الموقعة و«سيطرتها على الأجواء العراقية».

وبالتوازي، سبق أن حمّل فادي الشمري، المستشار السياسي لرئيس الوزراء، الولايات المتحدة، أيضاً وفقاً لـ«اتفاقية الإطار الاستراتيجي والاتفاقية الأمنية»، مسؤولية «الردع، والرد على أي هجمات خارجية تمسّ الأمن الداخلي العراقي».

الرد الأميركي قاطع

في المقابل، تخلي واشنطن مسؤوليتها حيال هذا الأمر. ورداً على المزاعم العراقية المتعلقة بـ«الحماية الأميركية»، قالت ألينا رومانوسكي، السفيرة الأميركية في بغداد، صراحةً إن بلادها غير معنية بذلك. وأردفت رومانوسكي، خلال مقابلة تلفزيونية سابقة، أن التحالف الدولي دُعي إلى العراق لـ«محاربة (داعش) قبل 10 سنوات، وقد حققنا إنجازات على مستوى هزيمة هذا التنظيم، لكنه ما زال يمثل بعض التهديد، ودعوة الحكومة العراقية لنا تتعلق بهذا الجانب حصراً. أما اتفاقية الإطار الاستراتيجي فتلزمنا ببناء القدرات العسكرية العراقية، لكنها لا تتطرق لمسألة حماية الأجواء والدفاع بالنيابة». ونفت السفيرة أن تكون بلادها قد «فرضت سيطرتها على سماء العراق».

والاثنين قبل الماضي، قالت رومانوسكي، خلال لقاء «طاولة مستديرة» لعدد من وسائل الإعلام: «أود أن أكون واضحة جداً، ومنذ البداية، بأن الإسرائيليين وجّهوا تحذيرات ردع للميليشيات المدعومة إيرانياً والموجودة هنا في العراق، التي تعتدي على إسرائيل». وأضافت: «هذه الميليشيات هي التي بدأت الاعتداء على إسرائيل. ولأكون واضحة جداً في هذه النقطة، فإن الإسرائيليين حذّروا حكومة العراق بأن يوقف هذه الميليشيات عن اعتداءاتها المتكررة والمستمرة على إسرائيل... إن رسالتنا إلى حكومة العراق هي أن تسيطر على هذه الميليشيات المنفلتة، والتي لا تعتد بأوامر الحكومة وأوامر القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء. إن إسرائيل دولة لها سيادتها، وهي سترد على أي اعتداء من أي مكان ضدها».

جدعون ساعر (آ ف ب)

 

حقائق

قلق عراقي جدّي من التهديدات الإسرائيلية مع مطالبة واشنطن بالتدخّل

خلال الأسبوع قبل الماضي، بعث وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر رسالةً إلى مجلس الأمن تكلّم فيها عمّا أسماه بـ«حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»، وحمّل فيها الحكومة العراقية المسؤولية عن الهجمات التي تشنها الفصائل العراقية عليها، داعياً مجلس الأمن للتحرك والتأكد من أن الحكومة العراقية تفي بالتزاماتها. ساعر اتّهم بالتحديد «عصائب أهل الحق» و«كتائب حزب الله» و«ألوية بدر» وحركة «النُّجباء» و«أنصار الله الأوفياء» و«كتائب سيد الشهداء»، بمهاجمة إسرائيل، ومعظم هذه الفصائل مشاركة في الحكومة العراقية الحالية ولها نفوذ كبير داخلها. هنا، تجدر الإشارة إلى أنه سبق لرئاسة الوزراء العراقية توجيه وزارة الخارجية لمتابعة ملف التهديدات الإسرائيلية في المحافل الأممية والدولية وأمام هيئات منظمة الأمم المتحدة، واتخاذ كل الخطوات اللازمة، وفق مبادئ القانون الدولي، لحفظ حقوق العراق وردع تهديدات إسرائيل العدوانية. كذلك طالبت رئاسة الوزراء بـ«دعوة جامعة الدول العربية إلى اتخاذ موقف حازم وموحّد ضد تهديدات سلطات الكيان المحتل، يتضمن إجراءات عملية تستند إلى وحدة المصير والدفاع المشترك». وهذا بجانب «مطالبة مجلس الأمن الدولي بالنظر في الشكاوى المقدمة من جمهورية العراق ضد سلطات الكيان المحتل، واتخاذ إجراءات رادعة تكفل تحقيق الاستقرار والسِّلم الإقليمي والدولي»، وباتخاذ الولايات المتحدة مع العراق، من خلال الحوارات الأمنية والعسكرية ضمن إطار القسم الثالث من «اتفاقية الإطار الاستراتيجي»، خطوات فعالة «لردع سلطات الكيان المحتل» مع دعوة «التحالف الدولي والدول الأعضاء فيه إلى كبح هذه التهديدات والحدّ من اتساع رقعة الحرب».