البرهان إلى جوبا بدعوة من الوساطة الجنوبية للقاء الحلو

لتحريك جمود التفاوض وتهيئة الأجواء لجولة جديدة مع «الشعبية»

عبد الفتاح البرهان (أ.ف.ب)
عبد الفتاح البرهان (أ.ف.ب)
TT

البرهان إلى جوبا بدعوة من الوساطة الجنوبية للقاء الحلو

عبد الفتاح البرهان (أ.ف.ب)
عبد الفتاح البرهان (أ.ف.ب)

كشفت دولة جنوب السودان، عن لقاء مرتقب اليوم بين رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان، ورئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان – الشمال، عبد العزيز الحلو، يعقد في جوبا.
ونقل إعلام مجلس السيادة عن مستشار رئيس جنوب السودان توت قلواك، والذي يقود الوساطة بين الحكومة السودانية، والحركات المسلحة أمس، أن رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان سيصل جوبا اليوم (السبت)، في زيارة تستهدف تنشيط الحوار مع الحركة الشعبية لتحرير السودان – الشمال، عبد العزيز آدم الحلو.
وتشترط الحركة الشعبية لتحرير السودان، قبل توقيع اتفاق سلام مع حكومة الخرطوم، النص على «علمانية الدولة» صراحة أو إقرار حق تقرير المصير، في الوقت الذي يتمسك فيه المفاوض الحكومي بالنص على «دولة مدنية»؛ وهو ما أدى إلى عدم مشاركة شق الحركة الشعبية الذي يقوده الحلو في اتفاقية سلام جوبا الموقعة مع فصائل دارفورية، والشق الآخر مع الحركة الشعبية الذي يقوده مالك عقار.
وكان البرهان قد التقى الحلو بداية الشهر الحالي في جوبا، والتي حطت فيها طائرته بعيدة عودته من زيارة إلى أوغندا 3 مارس (آذار) الحالي، وقال بيان صادر من المجلس وقتها، إن لقاء الرجلين بحث عملية السلام، والعودة للتفاوض مع الشعبية مجدداً، ليعم السلام أرجاء البلاد كافة، في حين قال الأمين العام للحركة عمار أموم، إن اللقاء يهدف لفك الجمود وتحريك العملية التفاوضية التي تعثرت منذ أغسطس (آب) 2020، دون ذكر المزيد من التفاصيل.
ووقّع رئيس الوزراء عبد الله حمدوك ورئيس الحركة عبد العزيز الحلو سبتمبر (أيلول) الماضي في أديس أبابا، ما أطلقا عليه «إعلان مبادئ»، لحل معضلة الخلاف على العلاقة بين الدين والدولة، وحق تقرير المصير. ونتيجة لذلك الاتفاق؛ عقدت ورشة عمل بين الحكومة والحركة في جوبا 29 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ناقشت باستفاضة علاقة الدين والدولة، دون أن تصدر تقارير بشأن ما تم التوصل إليه في تلك الورشة.
وتتكون الحركة الشعبية التي تقاتل الحكومة السودانية منذ يونيو (حزيران) 2011 في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، من سودانيين انحازوا لجنوب السودان في الحرب الأهلية بقيادة الراحل جون قرنق دمبيور، وبعد انفصال الجنوب احتفظت بالاسم ذاته، وواصلت القتال ضد الحكومة السودانية، قبل أن تنشق هي الأخرى إلى حركتين، الأولى بقيادة عبد العزيز آدم الحلو، والأخرى بقيادة مالك عقار، لا تزال الأولى تفاوض الحكومة، في حين وقّعت الأخرى اتفاقية جوبا، ويشغل رئيسها «مالك عقار» حالياً منصب عضو المجلس السيادة الانتقالي، وذلك ضمن ما قضت به اتفاقية سلام جوبا 3 أكتوبر الماضي.
وفي غضون ذلك، عاد أمس نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي محمد حمدان دقلو (حميدتي)، وهو الذي يقود التفاوض بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة، من زيارة لعاصمة جنوب السودان استغرقت يوماً واحداً. وقال إعلام مجلس السيادة الانتقالي بحسب نشرة صحافية، حمدوك بحث خلال الزيارة مع المسؤولين الجنوبيين، عدداً من الملفات المشتركة، بما في ذلك تطور عملية السلام في جنوب السودان، وتقديم شرح لقيادة الدولة المضيفة عن سير تنفيذ اتفاق جوبا للسلام الذي تولت الوساطة فيه. وبحسب النشرة، شارك حميدتي في «حفل تكريم» نظمه اتحاد التلفزة الخاصة بأفريقيا وحكومة جنوب السودان؛ لتكريم من أطلق عليهم «صناع السلام»، ونال بموجبه «درع القيادة» لدوره في تحقيق السلام في دولة جنوب السودان، ووقف الحرب بين القوات الحكومية الموالية للرئيس سلفا كير ميارديت، والقوات الموالية لنائبه الأول رياك مشار.
ورافق حميدتي إلى جوبا كلٌ من، عضو مجلس السيادة الهادي إدريس الذي نال منصبه وفقاً لاتفاقية سلام جوبا، بصفته رئيساً للجبهة الثورية الطرف الثاني في التفاوض، ووزير الرياضة يوسف آدم الضي، والذي كان يشغل وقتها منصب وزير الحكم الاتحادي، ولعب دوراً مهماً في مفاوضات السلام التي أفضت إلى توقيع اتفاقية «جوبا للسلام».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».