هلع في لبنان بعد الكشف عن «مواد نووية» في منشأة للنفط بالجنوب

دياب دعا إلى حالة «استنفار» و«هيئة الطاقة الذرية» تتسلمها الاثنين

من اجتماع «المجلس الأعلى للدفاع» أمس برئاسة الرئيس ميشال عون (دالاتي ونهرا)
من اجتماع «المجلس الأعلى للدفاع» أمس برئاسة الرئيس ميشال عون (دالاتي ونهرا)
TT

هلع في لبنان بعد الكشف عن «مواد نووية» في منشأة للنفط بالجنوب

من اجتماع «المجلس الأعلى للدفاع» أمس برئاسة الرئيس ميشال عون (دالاتي ونهرا)
من اجتماع «المجلس الأعلى للدفاع» أمس برئاسة الرئيس ميشال عون (دالاتي ونهرا)

يتسلم «المجلس الوطني للبحوث العلمية» في لبنان الاثنين المقبل عبوات تتضمن «مواد نووية عالية النقاوة» من مصفاة النفط في الزهراني في جنوب لبنان، بعد الكشف عن وجود تلك المواد في منشأة النفط.
وكشف رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب خلال مداخلة له في اجتماع «المجلس الأعلى للدفاع» أمس عن ملف جديد «يشكل خطراً أيضاً»؛ وهو ما تحدث عنه التقرير الذي أعدته شركة COMBILIFT الألمانية، ويشير إلى «مواد كيميائية خطرة موجودة في مستودع في منشآت النفط في الزهراني».
وقال دياب «تبين بعد الكشف عليها من قبل خبراء في الهيئة اللبنانية للطاقة الذرية، أن هذه المواد هي مواد نووية عالية النقاوة، ويشكل وجودها خطراً، بحسب التقرير الذي وردني من الأمن العام». وقال «هذا الموضوع يجب مناقشته الآن، ويجب أن يكون هناك إجراء سريع جداً للتعامل معه بأقصى درجات الاستنفار».
وكلف المجلس الأعلى للدفاع وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال ريمون غجر باتخاذ الإجراءات اللازمة بالتنسيق مع الوزارات والمؤسسات المعنية، لا سيما الهيئة اللبنانية للطاقة الذرية لتخزين المواد الشديدة الخطورة، بعد سحبها من منشآت النفط أو أي أمكنة أخرى.
وتعود قصة المواد الكيميائية التي تتضمن أملاحاً نووية، إلى الخمسينات من القرن الماضي حين كانت هناك شركة أميركية تتولى تشغيل مصفاة النفط في الزهراني في الجنوب، وتستخدم تلك المواد في أعمال المصفاة، بحسب ما يقول أمين عام المجلس الوطني للبحوث العلمية الدكتور معين حمزة، موضحاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنها «ليست مواد نووية، بل مواد كيميائية تتضمن أملاح يورانيوم منضب»، مشدداً على أنها «محفوظة بطريقة سليمة جداً، وموجودة في عبوات صغيرة».
ولفت حمزة إلى كتاب وصل إلى «المجلس الوطني للبحوث العلمية» من وزارة الطاقة وفقاً للأصول يطلب الكشف على تلك العبوات بعدما لفتت شركة COMBILIFT الألمانية الانتباه إلى وجودها. وقال «أرسلنا خبراء من قبلنا للكشف عليها، واقترحنا على وزارة الطاقة احتمالين، أولهما مساعدتهم بتوضيبها بطريقة آمنة، أو نقلها إلى مراكزنا لأنها مواد بقيمة مخبرية عالية جداً ونحن نحتاج إليها»، مؤكداً أن تلك المواد «لا تشكل خطراً على مستعمليها ولا المحيطين بمواد وجودها كونها من اليورانيوم المنضب».
وأرسلت المديرية العامة للنفط كتاباً بتاريخ 24 مارس (آذار) الحالي إلى المجلس الوطني للبحوث العلمية والهيئة اللبنانية للطاقة الذرية بخصوص وجود مواد مشعة في منشآت النفط في الزهراني. وتقول المديرية في الكتاب الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إنها اطلعت على «تقرير الخبير المكلف من قبلكم بالكشف عن المواد المشعة وتحديد مدى خطورتها والإجراءات اللازمة لرفعها ونقلها خارج المنشآت»، وتبلغ المديرية، المجلس الوطني للبحوث العلمية في الكتاب بأنه يتعذر عليها تخزين هذه المواد لدى منشآت النفط، طالبة من الهيئة اللبنانية للطاقة الذرية نقلها إلى مختبراتها، استناداً إلى عرضها؛ «ليُصار إلى وضعها تحت التحكم الرقابي واعتماد الأصول والمعايير المعتمدة والمتعلقة بتلك المواد».
وقال حمزة لـ«الشرق الأوسط»، «قررنا وأبلغنا المجلس الأعلى للدفاع أننا سننقل تلك المواد إلى مراكزنا، وسنعتبرها هدية علمية قيمة سنستخدمها ضمن مختبرات الهيئة، وسوف نبلغ عنها وفق الأصول للهيئة الدولية للطاقة الذرية». ودعا حمزة إلى عدم الخوف من وجودها، قائلاً إن المواد الكيماوية موجودة في الجامعات والمختبرات العلمية، ويتم التعامل مع كل حالة بحالتها وفق الأصول، وهي لا تشكل خطراً، مشيراً إلى «أننا سننقلها يوم الاثنين ونتصرف ضمن البروتوكول المعتمد لدينا، ونتبع البروتوكول الدولي بإعلام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وستكون لدينا بالحفظ والأمان».
بدوره، قال مدير منشآت النفط في الزهراني زياد الزين، إنه أثناء القيام بجردة شاملة في المنشآت، «تم توثيق 8 عقاقير لا يتعدى وزنها الكليوجرامين تحتوي على مواد كيميائية فطلبت مديرية المنشآت من الشركة الألمانية التي تعمل على إعادة توضيب المواد المشعة في مرفا بيروت الكشف عليها»، موضحاً في حديث تلفزيوني أنها «مواد للبحوث العلمية؛ أدخلت في الخمسينات، حين كانت المنشأة بإدارة الشركة الأميركية Medrico حين كان في المنشأة مصفاة للنفط وقبل إصدار معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية».
وأوضح مدير الهيئة الوطنية للطاقة الذرية بلال نصولي، أن «أملاح اليورانيوم المنضب هي مواد استهلاكية يتم استخدامها في الأبحاث العلمية»، مشدداً على أنها «غير قابلة للانفجار أو الاشتعال». وفي تفسير لوصفها بـ«عالية النقاوة»، قال «نقصد أنها من جودة جيدة، أي يمكن استثمارها في إطار البحوث، ولا نقصد أنها خطرة أو ما شابه».
وينضم هذا الملف إلى ملف النفايات المشعة والمواد السامة في مستوعبات متهالكة في مرفأ بيروت، وتطرق إليها دياب في مداخلته ضمن المجلس الأعلى للدفاع، مشيراً إلى أن المستوعبات يُفترض أن يبدأ ترحيلها خلال أيام، بعد أن انطلقت الباخرة التي ستشحن تلك المستوعبات إلى خارج لبنان، لافتاً إلى أنه «يبقى هناك ملف المستوعبات الجديدة التي يتم الكشف عنها في عدة مناطق». وأضاف «بالنسبة لملف نفايات الطاقة المشعة، وبانتظار عملية إنشاء المبنى الذي كان مجلس الدفاع الأعلى قد أوصى بإنشائه في السلسلة الشرقية، نحن نعمل على ترحيل هذه النفايات إلى خارج لبنان، مع المستوعبات الموجودة في مرفأ بيروت».



محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر
TT

محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر

خلافاً للكثير من القادة الذين عاشوا في الظل طويلا، ولم يفرج عن أسمائهم إلا بعد مقتلهم، يعتبر محمد حيدر، الذي يعتقد أنه المستهدف بالغارة على بيروت فجر السبت، واحداً من قلائل القادة في «حزب الله» الذين خرجوا من العلن إلى الظل.

النائب السابق، والإعلامي السابق، اختفى فجأة عن مسرح العمل السياسي والإعلامي، بعد اغتيال القيادي البارز عماد مغنية عام 2008، فتخلى عن المقعد النيابي واختفت آثاره ليبدأ اسمه يتردد في دوائر الاستخبارات العالمية كواحد من القادة العسكريين الميدانيين، ثم «قائداً جهادياً»، أي عضواً في المجلس الجهادي الذي يقود العمل العسكري للحزب.

ويعتبر حيدر قائداً بارزاً في مجلس الجهاد في الحزب. وتقول تقارير غربية إنه كان يرأس «الوحدة 113»، وكان يدير شبكات «حزب الله» العاملة خارج لبنان وعين قادة من مختلف الوحدات. كان قريباً جداً من مسؤول «حزب الله» العسكري السابق عماد مغنية. كما أنه إحدى الشخصيات الثلاث المعروفة في مجلس الجهاد الخاص بالحزب، مع طلال حمية، وخضر يوسف نادر.

ويعتقد أن حيدر كان المستهدف في عملية تفجير نفذت في ضاحية بيروت الجنوبية عام 2019، عبر مسيرتين مفخختين انفجرت إحداهما في محلة معوض بضاحية بيروت الجنوبية.

عمال الإنقاذ يبحثون عن ضحايا في موقع غارة جوية إسرائيلية ضربت منطقة البسطة في قلب بيروت (أ.ب)

ولد حيدر في بلدة قبريخا في جنوب لبنان عام 1959، وهو حاصل على شهادة في التعليم المهني، كما درس سنوات عدة في الحوزة العلمية بين لبنان وإيران، وخضع لدورات تدريبية بينها دورة في «رسم وتدوين الاستراتيجيات العليا والإدارة الإشرافية على الأفراد والمؤسسات والتخطيط الاستراتيجي، وتقنيات ومصطلحات العمل السياسي».

بدأ حيدر عمله إدارياً في شركة «طيران الشرق الأوسط»، الناقل الوطني اللبناني، ومن ثم غادرها للتفرغ للعمل الحزبي حيث تولى مسؤوليات عدة في العمل العسكري أولاً، ليتولى بعدها موقع نائب رئيس المجلس التنفيذي وفي الوقت نفسه عضواً في مجلس التخطيط العام. وبعدها بنحو ثماني سنوات عيّن رئيساً لمجلس إدارة تلفزيون «المنار».

انتخب في العام 2005، نائباً في البرلمان اللبناني عن إحدى دوائر الجنوب.