كوخافي يدرس تغيير أوامر إطلاق النار

مخاوف إسرائيلية من محكمة لاهاي لجرائم الحرب

TT

كوخافي يدرس تغيير أوامر إطلاق النار

قرر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أفيف كوخافي، تغيير التعليمات المعطاة لجنوده حول طرق إطلاق النار تجاه أشخاص يحاولون سرقة سلاح جندي، أو يدخلون إلى قواعد عسكرية بهدف سرقة سلاح وذخيرة، والسماح لهم بإطلاق النار الحي لغرض الإصابة حتى لو لم يكن هناك خطر على حياته. وقد اعتبر الفلسطينيون في إسرائيل والسلطة هذا التوجه بمثابة السماح بإجراء إعدامات ميدانية للفلسطينيين.
وقد جاء قرار كوخافي استجابة لمطالب اليمين المتطرف في إسرائيل الذي يهاجم الجيش على المحاكمات التي يجريها للجنود الذين يسارعون للضغط على الزناد عندما يكون مقابلهم فلسطينيون. ومع أن هذه المحاكمات تعتبر قليلة جداً، وعندما تقام تفرض أحكام سهلة وخفيفة، اعتبر نشطاء اليمين محاكمة الجنود بمثابة «تشجيع للإرهاب الفلسطيني»، و«تشجيع للجنود على اتخاذ قرارات جبانة أمام المعتدين عليهم». ولذلك قرر كوخافي، وفق ما ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أمس (الجمعة)، تكليف شعبة العمليات في الجيش الإسرائيلي والنيابة العامة العسكرية إعداد تعليمات جديدة، وطرحها على المستشار القضائي للحكومة، أفيخاي مندلبليت، الأسبوع المقبل.
والتغيير الذي يريده كوخافي، حسب المصادر، هو عدم اقتصار تعليمات إطلاق النار على «شعور جندي بوجود خطر على حياته»، وأن يتاح للجنود إطلاق النار عندما تجري سرقة أسلحة أو تسلل إلى قاعدة عسكرية بغرض شل حركة من يقابلهم.
يذكر أن النقاش في اليمين المتطرف تصاعد حول هذا الموضوع، على خلفية حدوث حالات تسلل عدة إلى قواعد عسكرية وسرقة أسلحة وذخيرة منها، وحالات أخرى تم فيها ضرب جنود وسرقة أسلحتهم الشخصية بلا مقاومة. ففي مطلع الشهر الحالي، هاجم شابان من قرية إبطن العربية في الجليل جندياً كان يسير خلال تدريب ليلي في حرش قريب من مدينة شفاعمرو، وسرقا سلاحه ولاذا بالفرار. والتعليمات التي يسعى كوخافي إلى فرضها تعني أنه كان يتعين على الجندي إطلاق النار عليهما؛ الأمر الذي قد يؤدي إلى مقتلهما. لكن الشرطة تمكنت من اعتقال مشتبهيْن وقدمت لائحة اتهام ضدهما. وفي بداية الشهر الماضي تسلل مجهولون إلى قاعدة «تسيئيليم» العسكرية في النقب، التي تعتبر واحدة من أكبر القواعد العسكرية الإسرائيلية، وتمت سرقة 95 ألف رصاصة من مخزن للذخيرة فيها. ومع أن التحقيقات أشارت إلى وجود احتمال كبير بحصول السارقين على مساعدة من داخل القاعدة العسكرية، إلا أن السياسيين الإسرائيليين اعتبروا المشكلة في عدم وضوح أوامر إطلاق النار وخوف الجنود من قتل من يهاجمهم. وقد طالبوا كوخافي بأن يتم تنفيذ عمليات إعدام ميدانية ضد سارقين، أو ضد أشخاص يشتبهون بالسرقة أو دخلوا إلى قواعد عسكرية.
وقالت الصحيفة، إنه «لأن الحديث يدور عن خطوة دراماتيكية، فإن الجيش الإسرائيلي سيحاول إقناع المستشار القضائي للحكومة بضرورة إطلاق النار ليس في حال وجود خطر على حياة الجنود فقط». وهو يعارض ذلك حالياً بسبب الخوف من محكمة لاهاي لجرائم الحرب، التي قررت التحقيق في إطلاق النار تجاه الفلسطينيين خلال مسيرات العودة عند السياج الأمني المحيط بقطاع غزة.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.