(2*)Every Thing Will Be Fine
فيم فندرز، مخرج «كل شيء سيكون على ما يرام»، يصعد درجتين ويتراجع درجة. هو أحد الأسماء الكبرى في سماء السينما الألمانية والأوروبية، ولديه بلا ريب الكثير من الأفلام الجيدة والملهمة، من بينها «بعيد عن قرب» و«الصديق الأميركي» و«باريس.. تكساس»، لكن هذا الفيلم الجديد ليس من بينها.
إنه حول شاب روائي (جيمس فرانكو) نتعرف عليه نائما في خيمة بمنطقة ثلجية نفهم أنها بعيدة عن المدينة. يصحو ثم يركب سيارته ويتحدث مع صديقته سارا (راتشل ماكأدامز) في اللحظة التي ينزلق فيها طفل تحت سيارته فوق ذلك الطريق الضيق الممتد في العراء. لا نراه، لكننا نرى شقيقه، وهو طفل أيضا، واقفا أمام السيارة مذهولا. الروائي توماس يعتقد أن الطفل الواقف هو من اعتقد أنه صدمه ويصطحبه إلى بيته القائم في القرية القريبة. فقط عندما تسأل الأم (شارلوت غينسبورغ) عن الابن الآخر يدرك أن ذاك لا يزال تحت السيارة!
علينا أن نصبر على تغييب تلك التفصيلة بعض الوقت قبل أن ندرك أن المخرج لم يرد إظهار تفاصيل الحادثة لكي يثير تساؤلاتنا. هذه حيلة طائشة تنجح في المدى القصير ثم تكبّل سير الفيلم بعد ذلك. سننتقل عبر فترات زمنية. هنا يمر عامان، هناك تمر 4 أعوام، ثم 4 أعوام أخرى، وخلال ذلك نجد الكاتب قد ترك صديقته ثم ترك صديقة أخرى والتزم بامرأة متزوّجة ولديها ابنة، لكن شبح الحادثة يسبح فوقه طوال تلك السنين حتى من بعد أن تواصل مع الأم المنكوبة التي بدا أنها تغلبت على مصابها أكثر مما تغلب هو على آثار الحادثة.
تمضي الحكاية بلا أي حيوية أو نشاط، تماما مثل بطلها الذي لا تعرف على محياه معنى للألم الدفين الذي يدور الفيلم حوله، ولا تدرك متى استطاع التغلب على تلك الذكرى، كما يقترح الفيلم، ولا تشهد ملامحه أي انفعال قد يشي بأن هناك شعورا فعليا حيال هذه الدراما المفترض بها أن تتحدث عن المشاعر الداخلية أساسا. في مكان ما من الفيلم تقول الممثلة شارلوت غينسبورغ لجيمس فرانكو بأن عليهما محاول الإيمان بأن هناك معنى لما يحدث، وربما كانت تتحدث عن الفيلم في تلك اللحظة وليس عن الحادثة التي دهس فيها فرانكو ابنها.
فندرز يقترب هنا من حدود سينما المخرج الكندي أتوم إيغويان (والتصوير تم في كندا فعلا) لكن من دون لمعات إيغويان في «ديسبورا» أو «حيث تكمن الحقيقة». وهو يوظف الموسيقار ألكسندر دسبلات ليضع موسيقى تشبه تلك التي استخدمها برنارد هرمان في «فرتيغو» لألفرد هيتشكوك. في الحقيقة تشتم رائحة أعمال هيتشكوك هنا من دون روعتها.
وفي الوقت الذي كان فيه تصوير فندرز لفيلمه التسجيلي «بينا» بالأبعاد الثلاثة يحمل إضافة ما على بعض الأفلام التي استخدمت هذا النظام، فإنه لا يوجد أي أثر فني حققه «كل شيء سيكون على ما يرام» باعتماده الأبعاد الثلاثة. كل ما يتألف منه المشهد الواحد (ثم كل المشاهد متتابعة) بالأبعاد الثلاثة كان يمكن تحقيقه بنسيج السينما العادية، وسبق تحقيقه بذلك النسيج بنتائج أفضل مئات المرات.
لا تشويق يذكر هنا بعد ربع الساعة الأولى ولو أن الفيلم يبقى مثيرا للمتابعة على نحو عام. هذا فندرز على خفيف.. السينمائي المهم حين يعتقد أنه يستطيع تحقيق فيلم جيد إذا ما غير لونه.
شاشة الناقد
فيم فندرز على خفيف
شاشة الناقد
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة