العراق يبدأ بتحصين حدوده الغربية مع سوريا لمنع تسلل «داعش»

حرس الحدود العراقي (واع)
حرس الحدود العراقي (واع)
TT

العراق يبدأ بتحصين حدوده الغربية مع سوريا لمنع تسلل «داعش»

حرس الحدود العراقي (واع)
حرس الحدود العراقي (واع)

أعلنت الحكومة العراقية أنها بدأت إجراءات تأمين الحدود العراقية مع سوريا من أجل منع عمليات تسلل عناصر تنظيم «داعش»، فضلاً عن منع التهريب. وقال قائد حرس الحدود الفريق الركن حامد الحسيني في بيان، أمس (الخميس): «تم الشروع بالتحصينات الخاصة بتأمين الحدود مع الجانب السوري، ووضع الأبراج والكاميرات الحرارية». وأضاف أن «أكثر من 150 برجاً سيتم نصبها في القاطع الخاص لجبل سنجار»، لافتاً إلى أن «الوضع في تحسن مستمر ومنظومة الكاميرات فعالة». وبين أن «قيادة حرس الحدود لديها قيادة ماسكة لحدود الإقليم». وأكد أن «الحدود السورية ستكون على طول 617 كيلومتراً بيد حرس الحدود».
ولفت إلى «العزم على إبعاد خطر بقايا (داعش) وإنهاء ملف التهريب من الأراضي السورية». وكشف عن «افتتاح مقر قيادة المنطقة السادسة وتقديم جميع متطلبات تأمين الحدود السورية». تأتي هذه الإجراءات عقب تزايد عمليات تنظيم (داعش) في الآونة الأخيرة، التي أدت إلى اتخاذ حلف (الناتو) قراراً بزيادة عدد قواته في العراق من 500 شخص إلى نحو 4000». وفيما أعلنت كل من بغداد وواشنطن عن تخفيض كبير في أعداد القوات الأميركية بالعراق، بنسبة تبلغ نحو 62 في المائة في المائة، حيث لم يبق منها سوى 2500 عنصر؛ فإن المطالبات بإخراج القوات الأميركية من العراق مستمرة سواء على مستوى الكتل الشيعية داخل البرلمان أو من قبل الفصائل المسلحة. ورغم إعلان هدنة من قبل العديد من الفصائل المسلحة بشأن استهداف المصالح الأميركية في العراق؛ بمن في ذلك السفارة الأميركية الواقعة في المنطقة الخضراء ببغداد، فإن عمليات استهداف أرتال الدعم اللوجيستي للتحالف الدولي ما زالت مستمرة بحيث تكاد تكون عملاً روتينياً يومياً. وفي هذا السياق، فقد انفجرت، أمس (الخميس)، عبوة ناسفة عند مرور رتل للتحالف الدولي جنوب العراق. وقال مصدر أمني إن «عبوة ناسفة انفجرت برتل مدني يوصل الدعم اللوجيستي للتحالف الدولي على الطريق السريع في محافظة الديوانية جنوب العراق». وأضاف المصدر: «لا توجد إصابات بشرية».
على صعيد آخر، أعلن مصدر أمني عن تسليم العشرات من عناصر تنظيم «داعش» في جبل مخمور. وقال المصدر إن «القوات الأمنية أحكمت قبضتها على تلك المنطقة، حيث سلم العشرات من الدواعش أنفسهم فيما انسحب القسم الآخر إلى صحراء نينوى».
- استئناف الحوار الاستراتيجي
في سياق ذلك، أعلنت الولايات المتحدة الأميركية والعراق عن استئناف الحوار الاستراتيجي بين البلدين خلال شهر أبريل (نيسان) المقبل. وكانت بغداد وواشنطن أجرت العام الماضي (2020) جولتين من الحوار الاستراتيجي؛ الأولى خلال شهر يونيو (حزيران) والثانية خلال شهر أغسطس (آب) من العام الماضي، أثناء زيارة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي إلى واشنطن. وفيما توقف الحوار بين الطرفين بسبب الانتخابات الأميركية، فإن اتفاق الطرفين على استئنافه الآن يأتي في ظل ظروف ومتغيرات جديدة، من أبرزها قرار «الناتو» زيادة عدد قواته في العراق الأمر الذي يعني أن هناك استراتيجية أميركية جديدة بالتنسيق مع «الناتو» في كيفية التعامل مع خطر «داعش»، الأمر الذي لا يرضي الجماعات المسلحة الموالية لإيران في العراق التي تعلن مقاومة الوجود الأميركي في العراق.
وبشأن انطلاق الجولة الجديدة من الحوار الاستراتيجي بين بغداد وواشنطن يقول أستاذ الأمن الوطني في جامعة النهرين الدكتور حسين علاوي لـ«الشرق الأوسط» إن «انطلاق الجولة الجديدة من الحوار بين بغداد وواشنطن إنما هو نجاح للحكومة العراقية الحالية برئاسة مصطفى الكاظمي». وأضاف علاوي إن «هناك إصراراً من قبل الكاظمي على نقل العلاقات نحو أفق أوسع من الجانب الأحادي إلى الجوانب المتعددة»، مبيناً أنه «سيكون كفيلاً بدعم التجربة الديمقراطية ومكافحة الإرهاب».
إلى ذلك، حدد السفير الأميركي لدى العراق، ماثيو تولر، أهداف حكومة الولايات المتحدة في العراق للفترة المقبلة. وقال تولر خلال ندوة مرئية إن «الأهداف الاستراتيجية الأميركية ثابتة رغم تغير الإدارات المتعاقبة في البيت الأبيض، إلا أنه من ناحية عملية، فإن إحدى ثمار هذا النظام الأميركي أنه في كل 4 أو 8 أعوام تأتي إدارة جديدة تنظر إلى التحديات بعيون تختلف عن الإدارة السابقة». وأضاف أن «هذه العيون تجلب عدسات جديدة لبعض التحديات التي نواجهها، لكن بالطبع ستكون هناك استمرارية، لأن اهتمام الولايات المتحدة بهذا البلد الحيوي لن يتغير». وأشار تولير إلى أن «هزيمة (داعش) تظل مهمة أمنية ذات أولوية أميركية في العراق، ورغم خسارة التنظيم بشكل مادي، فإن وجود القوات الأميركية في العراق يأتي بناء على دعوة من الحكومة العراقية، للقيام بمهمة محدودة تركز على تقديم المشورة والمساعدة لقوات مكافحة الإرهاب العراقية، بما في ذلك (البيشمركة)، لمنع تنظيم (داعش)». وأكد السفير الأميركي: «مواصلة الحفاظ على هذا الوجود، ما دام ذلك ضرورياً لمساعدة الحكومة العراقية في منع عودة (داعش) والإرهابيين لتهديد الشعب العراقي وتهديد الأمن الإقليمي».



​«هدنة غزة»: هل تسرّع نتائج الانتخابات الأميركية جهود الوسطاء؟

امرأة فلسطينية تبكي على أقاربها الذين قُتلوا في غارة إسرائيلية على خيام النزوح بدير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
امرأة فلسطينية تبكي على أقاربها الذين قُتلوا في غارة إسرائيلية على خيام النزوح بدير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

​«هدنة غزة»: هل تسرّع نتائج الانتخابات الأميركية جهود الوسطاء؟

امرأة فلسطينية تبكي على أقاربها الذين قُتلوا في غارة إسرائيلية على خيام النزوح بدير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
امرأة فلسطينية تبكي على أقاربها الذين قُتلوا في غارة إسرائيلية على خيام النزوح بدير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

يعول كثيرون على نتائج الانتخابات الأميركية، التي ستقود المرشح الجمهوري دونالد ترمب أو نظيرته الديمقراطية كامالا هاريس للبيت الأبيض، في إنجاز صفقة الرهائن، وإنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة بعد نحو عام راوحت المفاوضات مكانها، وسط مطالبات لنحو 50 دولة بوقف تسليح إسرائيل.

تلك النتائج التي يترقبها، لا سيما دولتا الوساطة مصر وقطر، وطرفا الحرب «حماس»، ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وفق خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، قد تؤثر بشكل كبير على مسار المفاوضات بغزة، وتسرع من وتيرة إبرام الوسطاء صفقة تنهي أطول حرب بين الجانبين، لافتين إلى وجود حراك دولي وعربي نحو إتمام حل دائم للأزمة في القطاع، يظهر مع القمة العربية الإسلامية الوشيكة في 11 نوفمبر (تشرين الثاني)، والجهود الدولية لوقف تسليح إسرائيل.

وفتحت مراكز الاقتراع، الثلاثاء، أبوابها أمام الناخبين الأميركيين بالانتخابات التي تُجرى لاختيار الرئيس الـ47 للولايات المتحدة، بعد أيام كانت قضية غزة هي مثار حديث كلا المرشحين في حملاتهما الانتخابية في محاولة لخطب ود الأميركيين العرب الذين يقدر عددهم بنحو 3.7 مليون من أصل 337 مليون نسمة يعيشون في الولايات المتحدة، ويعد اللبنانيون أكبر جالية عربية بينهم، وفق تقديرات المعهد العربي الأميركي (غير حكومي).

وأكدت هاريس، الأحد، في خطاب «الحاجة لإنهاء الحرب وإطلاق سراح الرهائن»، وتعهدت بـ«بذل كل ما في وسعها من أجل حلّ الدولتين، ومنح الفلسطينيين حقّهم في تقرير المصير والأمن والاستقرار».

وتعهد ترمب، في تغريدة أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بأنه سيحل السلام بالشرق الأوسط، وسيوقف المعاناة والدمار في لبنان إذا عاد إلى البيت الأبيض، في حين نقلت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» عن مصدرين مطلعين قولهما إن الرئيس الأميركي السابق أخبر نتنياهو أنه يريد أن تضع إسرائيل حداً لحربها في غزة بحلول موعد تسلمه للسلطة إذا فاز في الانتخابات.

وعشية الانتخابات الأميركية، طالب أكثر من 50 دولة مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة باتخاذ خطوات فورية لوقف بيع أو نقل الأسلحة إلى إسرائيل، وفق رسالة موجهة إلى الهيئتين التابعتين للأمم المتحدة والأمين العام أنطونيو غوتيريش: «اتهمت إسرائيل بانتهاك القوانين الدولية بشكل مستمر في غزة وبقية الأراضي الفلسطينية، وكذلك في لبنان وبقية الشرق الأوسط».

أطفال فلسطينيون يجمعون الدقيق من الأرض بعد سقوط كيس من شاحنة مساعدات كانت تسير على طريق صلاح الدين في دير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

وبالمقابل، ندّد مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة داني دانون، بطلب الحظر، ووصف على منصة «إكس» ذلك الطلب بأنه «تحرك آخر من محور الشر ضد إسرائيل على الساحة الدولية».

غير أن هذا التحرك، وفق المحلل السياسي الأميركي، مايكل مورغان، يأتي ضمن «حراك عربي ودولي يريد وقف الحرب فوراً بغزة ولبنان، وقد تساعد تلك المطالبات وغيرها في إنهاء ذلك، لا سيما بعد الانتخابات الأميركية التي يعول على نتائجها في حسم استقرار المنطقة».

ويتوقع الأكاديمي المصري المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور أحمد فؤاد أنور، تسريع جهود الوسطاء في إنهاء الحرب بغزة بعد إعلان الفائز بالسباق الرئاسي، مرجعاً ذلك إلى «رغبة الإدارة الأميركية الجديدة أياً كانت في تحقيق استقرار في المنطقة تحقيقاً للوعود، ويعلم الجانبان؛ الإسرائيلي ومعسكر المقاومة ذلك وربما يستعدان».

وتحرك الـ50 دولة لحظر تسليح إسرائيل، ينضم لحراك مصري باستضافة القاهرة على مدار الأيام الماضية اجتماعات «حماس» و«فتح» للتحضير لليوم التالي للحرب، وإنشاء لجنة لإدارة قطاع غزة، بجانب قمة عربية إسلامية مرتقبة بالرياض ستحمل فرصاً أخرى لتسريع حل أزمة غزة، وفق أنور الذي أكد أنها مؤشرات تقول إن ثمة انفراجة محتملة، واستعدادات عربية ودولية لإنهاء الأزمة بالمنطقة.

بالمقابل، يعتقد المحلل السياسي الأردني، صلاح العبادي، أن موقف الدول الخمسين «لن يكون مؤثراً على الدول المزودة لإسرائيل بالأسلحة؛ على اعتبار أن إسرائيل تحظى بدعم أميركي ودعم غربي واضح في الاتجاهات كافة»، غير أنه «قد يشكل ضغطاً على الجانب الإسرائيلي يسهم في تسريع إنهاء الحرب».

وتزامناً مع الانتخابات الأميركية نشرت صحيفة «واشنطن تايمز» مقالاً لوزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي بعنوان «حل الدولتين ممكن بين الفلسطينيين وإسرائيل»، في إطار المساعي المصرية لحشد المجتمع الدولي لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، وفق إفادة الخارجية المصرية، الثلاثاء.

وشدّد وزير الخارجية المصري على أنه «يجب التعامل مع الأسباب الجذرية للصراع وليس أعراضه، من خلال إنهاء احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية، وممارسة الفلسطينيين حقهم في تقرير المصير»، مؤكداً أن «مصر تواصل العمل لتحقيق هذه الغاية».

وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أكد في لقاء بالقاهرة الاثنين مع نظيره الفلسطيني، محمود عباس: «استمرار الجهود المصرية المكثفة والهادفة للتهدئة ووقف إطلاق النار، وإنفاذ المساعدات الإنسانية، ودعم مصر للسلطة الفلسطينية، وبذل جهود كبيرة لمساعدة الأشقاء في الوصول لتفاهمات وتوافق في الرؤى بين جميع أطياف الشعب الفلسطيني، لضمان مواجهة التحديات الجسيمة والتهديدات التي تواجهها القضية الفلسطينية».

وباعتقاد مورغان، فإن الموقف المصري ثابت في دعم القضية الفلسطينية وإقامة دولة مستقلة، مؤكداً أن المطالبة المستمرة بحل الدولتين يشكل نوعاً من الضغط على ترمب وهاريس، لكنه سيواجه بتعنت إسرائيلي، وربما يقود لصفقة وقف إطلاق نار على الأقل لتفادي تلك المطالبة.

ويرى الأكاديمي المصري فؤاد أنور، أن «مطلب حل الدولتين بات يلاقي جدية في الطرح أكثر مما سبق خلال السنوات الماضية»، متوقعاً أن «تكون هناك مساع لإعلان قيام دولة فلسطينية من جانب واحد، وذلك في سياق طبيعي بعد التضحيات الكبيرة التي قدمتها فلسطين بالحرب الحالية».

ووفق المحلل السياسي الأردني، صلاح العبادي، فإن «ما ذهب إليه وزير الخارجية المصري في مقاله هو عين الصواب، وهو يشدّد على تمسك الدبلوماسية المصرية برؤيتها الواضحة والثاقبة تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، المتمثل في إقامة الدولة الفلسطينية».

ويؤكد أن «مصر تلعب دوراً دبلوماسياً كبيراً في التأثير على المجتمع الدولي تجاه القضية الفلسطينية وإنهاء الحرب على غزة، خصوصاً أن الدبلوماسية المصرية تتوافق مع الدبلوماسية الأردنية، وهناك تنسيق مشترك بينهما على صعيد تحشيد الدعم الدولي للقضية الفلسطينية»، وأن «حل الدولتين أمر ممكن لكنه مرهون بحزمة من الإجراءات التوافقية لإنهاء القضايا الخلافية، والتوصل إلى قرار ملزم للجانبين».