الملف النووي الإيراني يدور في حلقة مفرغة والجهود الأوروبية لم تحدث اختراقاً

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يتحدث إلى نظيره في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل خلال مؤتمر صحافي في بروكسل أول من أمس (إ.ب.أ)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يتحدث إلى نظيره في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل خلال مؤتمر صحافي في بروكسل أول من أمس (إ.ب.أ)
TT

الملف النووي الإيراني يدور في حلقة مفرغة والجهود الأوروبية لم تحدث اختراقاً

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يتحدث إلى نظيره في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل خلال مؤتمر صحافي في بروكسل أول من أمس (إ.ب.أ)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يتحدث إلى نظيره في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل خلال مؤتمر صحافي في بروكسل أول من أمس (إ.ب.أ)

رغم جهود الوساطة التي يبذلها «وزير» خارجية الاتحاد الأوروبي، الإسباني جوزيب بوريل، المكلّف تمهيد الطريق للجمع بين الطرفين الأميركي والإيراني على طاولة مفاوضات، الهدف منها توفير الإطار والشروط لعودتهما معاً إلى الاتفاق النووي المبرم صيف 2015، لا يبدو أن تقدماً ما قد تحقق حتى اليوم رغم إعلان الطرفين، رسمياً، عن رغبتهما في الوصول إلى هذه الغاية.
ووفق مصادر متابعة عن قرب للملف النووي، فإن الطرف الأوروبي يبدو «محبطاً»، من المناورات الإيرانية، وتخلي طهران عن الوعود التي أغدقتها أوائل الشهر الحالي لجهة إطلاقها «إشارات» تدل على استعدادها الوجود وجهاً لوجه مع دبلوماسيين أميركيين بدعوة من بوريل، ممثلاً الاتحاد الأوروبي، وفي بروكسل عاصمة الاتحاد.
كان ذلك بمناسبة انعقاد الاجتماع الدوري لمجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة النووية الذي التأم في فيينا في 4 مارس (آذار)، وعلى جدول أعماله بند مناقشة مشروع قرار قدمته فرنسا وبريطانيا وألمانيا يدين قيام طهران بالحد من حركة المفتشين الدوليين. والحال أن الثلاثة عمدوا إلى سحب مشروع القرار، وذلك لسببين: الأول الامتناع عن توتير العلاقة مع طهران، والإبقاء على باب التحاور معها قائماً، والثاني تلقف «المؤشرات» الإيرانية التي نظر إليها على أنها دليل «ليونة».
وبحسب تسريبات، وقتها، لمصادر دبلوماسية، ومنها فرنسية كانت حاضرة في فيينا، فإن طهران قبلت دعوة الاتحاد لاجتماع يُعقد «بعد أسبوعين» ما يشكل استدارة إيرانية وتراجعاً عن أدبيات الموقف الإيراني السابق.
والطموح الأوروبي كان أن يحصل الاجتماع الموعود قبل عيد النوروز، في 20 مارس (آذار). والحال أنه بعد مرور ثلاثة أسابيع، فإن اجتماعاً من هذا النوع لم يرَ النور، وليس ثمة ما يدل في تصريحات كبار المسؤولين الإيرانيين الأخيرة أنه سوف يحصل في الأيام والأسابيع المقبلة، لا بل إن طهران أخذت تؤكد أنها ّ«غير مستعجلة»، وأن شروطها «لم تتغير». ومن الجانب الأميركي، أكد وزير الخارجية أنتوني بلينكن، أول من أمس، في بروكسل، أن بلاده قبلت الدعوة الأوروبية، وأن «الكرة في الملعب الإيراني».
تعترف المصادر الأوروبية بأن الأمور، كما تسير اليوم بين طهران وواشنطن، بالغة التعقيد، وأن عقدة مَن يقدم على الخطوة الأولى، ما زالت قائمة رغم قبول الطرفين للعمل، بمبدأي «التماثلية» و«التزامن». فمن جهة، يتمسك الطرف الإيراني الذي راكم أوراق الضغط من خلال التخلي عن كثير من التزاماته المنصوص عليها في الاتفاق النووي، بأمرين اثنين أساسيين:
الأمر الأول: أنه يطالب بضمانات مؤداها أن أي اجتماع يحصل بحضور الطرف الأميركي يجب أن يعقبه رفع لجانب «أساسي»، من العقوبات التي فرضتها إدارة الرئيس السابق ترمب في مجالين: تصدير النفط وتمكين إيران من العودة إلى السوق المالية الدولية. لكن الجانب الأميركي يرفض الخوض في نقاش كهذا، ويرفض الالتزام بشيء سيقوم به إذا لم يكن يعرف سلفاً ما سيقدمه الطرف المقابل.
الأمر الثاني: أن طهران ما زالت ترفض البحث في برنامجها الباليستي وفي سياستها الإقليمية، وتتخوف من أن تجرها المفاوضات إلى تناول هذين الموضوعين اللذين تعدهما أعلى السلطات فيها «خارج النقاش». والثلاثاء الماضي، أعلن رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، مجتبى ذو النور، أن بلاده لا تريد التفاوض حول البرنامج الصاروخي والسياسة الإقليمية الإيرانية. وصرح بأن «موضوع الصواريخ والقضايا الإقليمية لا علاقة لها بالاتفاق النووي، ولن تضاف إليه في أي مفاوضات».
إزاء التصلب الإيراني، تتمسك إدارة الرئيس بايدن بهذا الشرط، وتسعى لتحجيم البرنامج الباليستي الإيراني، ولجم سياسة طهران الإقليمية، وقد جعلته بنداً أساسياً في مقاربتها للملف النووي. يضاف إلى ذلك، أنها تجد نفسها تتعرض لضغوط قوية من الكونغرس بمجلسيه، ومن قسم كبير من الرأي العام ومجموعات الضغط الداخلية، ومن ممانعة لحلفاء لها في الخارج. وللتذكير، فإن واشنطن وأيضاً عواصم أوروبية، مثل باريس، تطالب بأن تنضم المملكة العربية السعودية وبلدان إقليمية أخرى إلى المفاوضات مع إيران، وهو ما ترفضه الأخيرة رفضاً مطلقاً.
ونوه أمين عام مجلس التعاون الخليجي، مؤخراً، بأهمية مشاركة دوله الست، بأي مفاوضات مع طهران حول برنامجها النووي. كذلك أشار نايف الحجرف إلى «أهمية النظرة الشاملة لتتضمن في سلة واحدة برنامج إيران النووي، والصواريخ الباليستية والمسيرات، وأمن الملاحة وسلامتها». وتتعين الإشارة إلى تصريح لرئيس الأركان الإسرائيلي من باريس، الأسبوع الماضي، وفحواه أن إسرائيل لن تعارض اتفاقاً «جديداً» مع إيران، شرط أن يضمن عدم حصولها «إلى الأبد»، على السلاح النووي، وهو ما كرره البيان المشترك الأميركي - الأوروبي الذي صدر عقب اجتماع بلينكن وبوريل في بروكسل على هامش أعمال وزراء خارجية الحلف الأطلسي. وأكد بلينكن مجدداً أن بلاده تتطلع إلى اتفاق «صلب» مع إيران يشمل البرنامج الباليستي ونشاطات طهران «المزعزعة للاستقرار». وفي مناسبات عديدة، شدد أعضاء في الإدارة الأميركية على أن واشنطن «لن تقدم على خطوات إضافية» لجذب طهران إلى طاولة المفاوضات.
تشير المصادر الأوروبية إلى أنه مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الإيرانية، في 18 يونيو (حزيران)، سوف تتفاقم صعوبات تنظيم اجتماع مشترك أميركي - إيراني، إذا بقيت المواقف على حالها. لكن اللافت كان تصريح الرئيس حسن روحاني، الأربعاء، الذي «تنازل» عن شرط المطالبة بتعويضات قيمتها 200 مليار دولار تكبدتها إيران طيلة ثلاث سنوات بسبب سياسة «الضغوط القصوى» الإيرانية مؤجلاً الخوض في هذا الملف لوقت آخر. وسبق لروحاني أن طلب وقف إنتاج معدن اليورانيوم كدليل «حسن نية»، معطوفاً على قبول حكومته لقاء فنياً مع خبراء «الوكالة الدولية للطاقة» بشأن موقعين غير معلنين وجدت فيهما جزيئات نووية. لكن ثمة قناعة متجذرة بأن «الحل والربط» في المسألة النووية، يعود لـ«المرشد» علي خامنئي الذي كرر مؤخراً أنه «ينبغي للأميركيين رفع جميع أشكال الحظر ومن ثم التحقق وفي حال تم رفعه بكل ما للكلمة من معنى، سنعود إلى تعهداتنا». وختم مؤكداً أن «هذه السياسة لا رجعة فيها».



قائد «الحرس الثوري» يدافع عن الانسحاب ويلوم الجيش السوري

قائد «الحرس الثوري» يتحدث أمام مؤتمر لقادة قواته اليوم (إرنا)
قائد «الحرس الثوري» يتحدث أمام مؤتمر لقادة قواته اليوم (إرنا)
TT

قائد «الحرس الثوري» يدافع عن الانسحاب ويلوم الجيش السوري

قائد «الحرس الثوري» يتحدث أمام مؤتمر لقادة قواته اليوم (إرنا)
قائد «الحرس الثوري» يتحدث أمام مؤتمر لقادة قواته اليوم (إرنا)

دافع قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي عن انسحاب قواته من سوريا، قائلاً إنه «يجب أن تتغير الاستراتيجيات بما يتناسب مع الظروف»، وذلك بعد الإطاحة بحليف طهران الأبرز في المنطقة، بشار الأسد.

ونقلت وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن سلامي قوله في اجتماع لقادة «الحرس الثوري» إن «أبناء الحرس كانوا آخر مَن غادروا خطوط المقاومة».

وأضاف سلامي: «البعض يتوقع منا أن نقاتل بدلاً من الجيش السوري»، متسائلاً: «هل من المنطقي أن نُشغل كل قوات الحرس الثوري والباسيج في القتال داخل بلد آخر بينما جيش ذلك البلد يقف متفرجاً؟».

وأوضح: «من جهة أخرى، كانت جميع الطرق المؤدية إلى سوريا مغلقة أمامنا. النظام كان يعمل ليلاً ونهاراً لتقديم كل ما يمكن من الدعم، لكننا كنا مضطرين للتعامل مع حقائق الوضع في سوريا. نحن ننظر إلى الواقع ونعمل وفقاً للحقائق».

وأدان «الحرس الثوري»، في بيان شديد اللهجة، «استمرار العدوان والتدخلات من قبل الحكومة الأميركية والكيان الصهيوني في سوريا».

وأعلن «الحرس الثوري» أنه «بداية عصر جديد من عملية هزيمة أعداء إيران»، عاداً ما حدث في سوريا «دروساً وعبراً تسهم في تعزيز وتقوية وتحفيز جبهة المقاومة لمواصلة سعيها لطرد الولايات المتحدة من المنطقة (...)».

وقال إن «جبهة المقاومة انتصرت على المؤامرة المركبة لجبهة الباطل».

وأشار بيان «الحرس» إلى ضرورة الحفاظ على السيادة الوطنية ووحدة الأراضي السورية. كما أدان الهجمات الإسرائيلية على البنية التحتية والمرافق الحيوية في سوريا.

من جانبه، قال رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف إن سقوط الأسد «سيتسبب في اختلال في العمق الاستراتيجي للقوى المرتبطة بالجمهورية الإسلامية»، لكنه أشار إلى أن «(حزب الله) في لبنان سيتمكن سريعاً من التكيف مع الظروف الجديدة».

وكرر قاليباف ما قاله مسؤولون إيرانيون من توجيه تحذيرات إلى الحكومة السورية. وقال إن ما حدث «لا مفر منه»، وصرح: «ولو تم الأخذ بهذه التحذيرات في وقتها لما وصلت سوريا إلى حافة الفوضى الداخلية».