عون يصر على موقفه والحلول الحكومية معطلة

سفيرتا أميركا وفرنسا فشلتا في إقناعه

عون مستقبلاً أمس السفيرة الأميركية دوروثي شيا (دالاتي ونهرا)
عون مستقبلاً أمس السفيرة الأميركية دوروثي شيا (دالاتي ونهرا)
TT

عون يصر على موقفه والحلول الحكومية معطلة

عون مستقبلاً أمس السفيرة الأميركية دوروثي شيا (دالاتي ونهرا)
عون مستقبلاً أمس السفيرة الأميركية دوروثي شيا (دالاتي ونهرا)

بات واضحاً لدى معظم السفراء المعتمدين لدى لبنان أن رئيس الجمهورية ميشال عون بإصراره على أن يكون له الثلث المعطّل في الحكومة العتيدة هو من يعطّل تشكيلها، ويقفل الأبواب في وجه الجهود الدبلوماسية الرامية إلى فتح ثغرة في الحائط المسدود الذي تصطدم به عملية التأليف للتأسيس عليها لتفعيل المبادرة الفرنسية لإنقاذ لبنان، وهذا ما توافقت عليه سفيرتا الولايات المتحدة الأميركية دوروثي شيا والفرنسية آن غريو اللتان أخفقتا في إقناعه بضرورة تعديل موقفه للسير قدماً على طريق الإفراج عن الحكومة بالتعاون مع الرئيس المكلّف بتشكيلها سعد الحريري.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر دبلوماسية غربية أن شيا وغريو صارحتا عون بأن معظم الأطراف الرئيسية المعنية بتشكيل الحكومة باتت على قناعة راسخة بأنه هو من يؤخّر تشكيلها بسبب إصراره على أن يكون له الثلث المعطل، بحسب ما أحيطتا به من قبل القيادات التي تتواصل معهما باستمرار.
ولفتت المصادر إلى أن السفراء نصحوا عون بسحب إصراره على الثلث الضامن أو المعطّل من وجهة نظر خصومه إفساحاً في المجال أمام الإسراع بتشكيل الحكومة باعتبار أنه العقبة الوحيدة التي تعطّل ولادتها، وقالت إنها لا تعرف الأسباب الكامنة وراء تصلّبه، رغم أن الحريري كان أبدى ولا يزال مرونة يجب الاستفادة منها، خصوصاً أن الأوضاع المعيشية والاقتصادية إلى مزيد من التأزُّم ولم تعد تحتمل تأجيل توفير الحلول لها.
ونوّهت بموقف الحريري الإيجابي في تعاطيه مع الاتصالات لإخراج تشكيل الحكومة من التأزُّم الذي يحاصرها ويكاد يكون من جانب واحد يتزعّمه عون وفريقه السياسي الذي يدين بالولاء المطلق لرئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل الغائب عن لقاءات رئيس الجمهورية بالسفراء والحاضر دوماً من خلال الوزير السابق سليم جريصاتي.
وفي هذا السياق، توقفت المصادر أمام القرار الذي اتخذه الحريري بالنأي بنفسه عن الدخول في سجال مع عون على خلفية خروج الأخير عن الأصول المتّبعة في التخاطب بين أركان الدولة وإصراره على تناوله شخصياً، سواء في اتهامه في حضور رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب بالكذب، أو عبر ما أورده في رسالته إلى اللبنانيين، واضعاً إياه أمام خيارين: التسليم بشروطه بالنيابة عن باسيل أو أن يُفسح في المجال أمام شخص آخر قادر على تشكيل الحكومة، إضافة إلى سوء تصرّفه بإرساله أكثر من جدول لتوزيع الحقائب الوزارية على الطوائف والقوى السياسية.
ونقلت المصادر نفسها عن الحريري تمسكه بالمبادرة الفرنسية على قاعدة عدم تفريطه مهما كلف الأمر بالمعادلة الذهبية التي تشكّل الإطار العام لخريطة الطريق الفرنسية التي طرحها الرئيس إيمانويل ماكرون ووافقت عليها القيادات التي التقاها في قصر الصنوبر وتقوم على الجمع بين تشكيل حكومة من 18 وزيراً من اختصاصيين ومستقلين من غير المحازبين ولا الثلث الضامن أو «المعطل» لأي طرف.
وتابعت أن الحريري أبدى مرونة كعادته في اجتماعه الأخير بعون، متجاوزاً ما ألحقه به من إساءة شخصية عندما اقترح عليه إعادة النظر في توزيع الحقائب وأيضاً في بعض الأسماء، وأن لا مشكلة في الوصول إلى تسوية للخلاف حول وزارة الداخلية.
وقالت إن الحريري أبلغ أكثر من سفير عربي وأجنبي أنه لم يلقَ أي تجاوب من عون الذي رفض أن يحيد عن مطالبته بالثلث المعطل، وأكدت أن الرئيس المكلّف صامد على موقفه ولن يشكّل حكومة فيها الثلث لأي طرف لأن مجرد موافقته على توزيعة حكومية فيها الثلث تعني أنها ستولد معطّلة وستكون خاضعة للابتزاز من هذا الطرف أو ذاك، كما كان يحصل في السابق.
كما نقلت عن الحريري قوله إن أي خروج عن الإطار العام للمبادرة الفرنسية بدءاً بتشكيل حكومة فيها الثلث المعطّل سيلقى رفضاً من اللبنانيين، فيما نسعى لأن نستعيد ثقتهم بالدولة ومن خلالهم نتوجّه إلى المجتمع الدولي طلباً للمساعدة، شرط أن نلتزم بالمواصفات الفرنسية لتحقيق الرزمة المطلوبة من الإصلاحات.
ولفتت المصادر نقلاً عن الحريري بأن مجرد تشكيل حكومة تكون بمثابة نسخة ولو «منقّحة» عن الحكومات السابقة لن تُحدث صدمة إيجابية يمكن توظيفها مع معاودة الاهتمام العربي والدولي بلبنان كرد فعل على الانفجار الذي استهدف مرفأ بيروت.
وأخيراً، سألت المصادر عن الدور «المميّز» الذي يؤدّيه جريصاتي، وتحديداً في اجتماعات عون مع السفراء العرب والأجانب، حيث يتولى تقديم الموقف اللبناني، ويكاد ينوب عنه في إجابته على أسئلتهم، وقالت إنه يصر في كل لقاء على أن يتقدّم منهم بمداخلات قانونية ودستورية حول صلاحيات رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف يُفهم منها - كما تقول - بأنها تتضمن التبريرات الدستورية للنموذج الذي أرسله عون للحريري.
وكشفت أن جريصاتي يتولى في حضور عون التحريض الشخصي على الحريري، موحياً في نفس الوقت بأن هناك ضرورة لتغييره بتكليف شخص آخر من دون التفاصيل الواجب اتباعها للإطاحة به.
وأكدت أن عون دخل في سجال مع عدد من السفراء على خلفية تأكيده أن تشكيل الحكومة شأن داخلي لا علاقة للدول به، رغم أنه سبق للبنان أن تعامل مع المبادرة الفرنسية، وهذا ما تبلغه من أكثر من سفير ومنهم من أيقن بأن رئيس الجمهورية يرفض التعاون مع الحريري ويخطط للتخلص منه، وإلا لماذا لا يأخذ ولا يعطي مع معظم السفراء ويمتنع عن طرح الحلول لتجاوز أزمة التأليف.
وعليه تسأل المصادر كيف أنه يُنقل عن عون رفضه الثلث الضامن وهذا ما يبلغه للسفراء، فيما كل الصيغ التي طرحها على الحريري وآخرها جدول توزيع الحقائب الذي أرسله إليه تقوم على إعطائه الثلث الضامن.



انقلابيو اليمن يبطشون بصغار الباعة في ذمار

اتهامات لجماعة الحوثي بتعمد البطش بالسكان في ذمار (إكس)
اتهامات لجماعة الحوثي بتعمد البطش بالسكان في ذمار (إكس)
TT

انقلابيو اليمن يبطشون بصغار الباعة في ذمار

اتهامات لجماعة الحوثي بتعمد البطش بالسكان في ذمار (إكس)
اتهامات لجماعة الحوثي بتعمد البطش بالسكان في ذمار (إكس)

تواصلاً لمسلسل انتهاكات الجماعة الحوثية الذي كانت بدأته قبل أسابيع في صنعاء وإب، وسّعت الجماعة من حجم بطشها بصغار التجار وبائعي الأرصفة في أسواق محافظة ذمار وشوارعها، وفرضت عليهم دفع إتاوات تحت مسميات غير قانونية. وفق ما ذكرته مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط».

وأكدت المصادر أن الحملات التي شارك فيها مسلحون حوثيون مدعومون بعربات عسكرية وجرافات وشاحنات، جرفت المتاجر الصغيرة وصادرت 40 عربة لبائعين متجولين بما فيها من بضائع في مدينة ذمار وعلى طول الشارع العام الرابط بين صنعاء ومحافظتي إب وتعز.

جانب من حملة حوثية استهدفت السكان وممتلكاتهم في ذمار (فيسبوك)

وجاءت الحملة التعسفية بناءً على مخرجات اجتماع ضم قيادات حوثية تُدير شؤون محافظة ذمار، (100 كيلومتر جنوب صنعاء) نصت على قيام ما تسمى مكاتب الأشغال العامة والمرور وصندوق النظافة والتحسين وإدارة أمن ذمار باستهداف صغار الباعة في المدينة وضواحيها قبيل انتهاء العام الحالي.

وبرّرت الجماعة الانقلابية حملتها بأنها للحفاظ على ما تسميه المنظر العام للشوارع، وإزالة العشوائيات والاختناقات مع زعمها بوجود مخالفات.

واشتكى مُلاك متاجر صغيرة، طالهم التعسف الحوثي لـ«الشرق الأوسط»، من ابتزاز غير مسبوق على أيدي مشرفين ومسلحين يجمعون إتاوات بالقوة تحت مسميات عدة.

وذكروا أن مسلحي الجماعة دهموا شوارع وأسواق شعبية في مناطق عدة بذمار، وباشروا بجرف المتاجر ومصادرة عربات البائعين واعتقلوا العشرات منهم عقب رفضهم دفع مبالغ مالية «تأديبية».

وأجبر الوضع المتردي كثيراً من السكان في ذمار ومدن أخرى تحت سيطرة الجماعة على العمل بمختلف المهن، حيث يعجّ الشارع الرئيسي للمدينة وشوارع فرعية أخرى منذ سنوات عدة بآلاف العاملين بمختلف الحِرف جُلهم من الشباب والأطفال والنساء؛ أملاً في توفير لقمة العيش.

انتهاكات ممنهجة

ويصف عبد الله (30 عاماً) وهو مالك متجر صغير، ما يتعرض له صغار الباعة من حرب شعواء من قِبل الجماعة الحوثية بأنه «انتهاكات ممنهجة» بقصد التضييق عليهم ودفعهم إلى الالتحاق ببرامج التعبئة العسكرية.

ويشير مراد، وهو مالك عربة متجولة إلى أنه تمكن من استعادة عربته من بين أيدي عناصر حوثيين بعد مصادرتها مع عربات بائعين آخرين في سوق شعبية وسط المدينة، وأكد أن ذلك جاء بعد استجابته بدفع مبلغ مالي لمسلح يُشرف على تنفيذ الحملة الاستهدافية.

الحوثيون صادروا عربات باعة بزعم التهرب من دفع إتاوات (فيسبوك)

وليست هذه المرة الأولى التي تستهدف فيها الجماعة صغار الباعة بذمار، فقد سبق لها أن نفذت منذ مطلع العام الحالي ما يزيد على 6 حملات للبطش والتنكيل بالمئات منهم؛ بغية إرغامهم على دفع إتاوات.

وكان الانقلابيون الحوثيون أطلقوا قبل نحو شهر حملة استهدفت بالتعسف والابتزاز تجاراً وبائعين في سوق «المثلث» بمدينة ذمار، أسفر عنها جرف متاجر صغيرة ومصادرة عربات وإتلاف بضائع.

وسبق للباعة الجائلين أن طالبوا مرات عدة سلطات الانقلاب في ذمار بتوفير أسواق بديلة لهم، بدلاً من الحملات التي تُشنّ عند كل مناسبة طائفية بهدف جمع أكبر قدر من المال.