وفد سوداني إلى دبي لبحث «المبادرة الإماراتية» حول النزاع مع إثيوبيا

المبعوث الأميركي في الخرطوم الأحد وقضية «سد النهضة» في أجندة اللقاءات

المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان دونالد بوث (أ.ب)
المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان دونالد بوث (أ.ب)
TT

وفد سوداني إلى دبي لبحث «المبادرة الإماراتية» حول النزاع مع إثيوبيا

المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان دونالد بوث (أ.ب)
المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان دونالد بوث (أ.ب)

توجّه وفد سوداني رفيع المستوى، إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، أمس، لبحث المبادرة «الإماراتية» لنزع فتيل التوتر بين السودان وإثيوبيا، في قضية الحدود، في حين يُتوقع أن يصل إلى الخرطوم بعد غدٍ (الأحد)، المبعوث الأميركي الخاص للسودان، دونالد بوث، في زيارة له تستغرق يومين، لبحث تطورات قضية «سد النهضة»، ضمن جولة إقليمية تشمل مصر وإثيوبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادرها أن الوفد السوداني إلى دبي، يضم وزراء الدفاع ياسين إبراهيم، والخارجية مريم الصادق المهدي، والعدل، نصر الدين عبد الباري، ورئيس مفوضية الحدود معاذ تنقو.
وقالت المصادر إن المسؤولين السودانيين سيناقشون مع الجانب الإماراتي التوتر في الحدود بين السودان وإثيوبيا.
وبحسب المصادر، تتضمن المبادرة استثمارات مشتركة بين الدول الثلاث.
وكانت الحكومة السودانية رحبت بالمبادرة التي تقدمت بها دولة الإمارات العربية المتحدة للتوسط بشأن النزاع الحدودي بين الخرطوم وأديس أبابا من جهة، والسودان ومصر وإثيوبيا في ملف سد النهضة من جهة ثانية.
وأبدت الخرطوم استعدادها للتعامل مع المبادرة وفق المصالح العليا للبلاد، بعد استماعها إلى تقرير اللجنة الفنية التي تم تشكليها من الوزارات ذات الصلة للتعاطي مع المبادرة.
وكان وفد إماراتي رفيع المستوى من وزارة الخارجية سجل زيارة للخرطوم في يناير (كانون الثاني) الماضي لحل الأزمة الحدودية بين السودان وإثيوبيا، وتقريب وجهات النظر بين الدول الثلاث بشأن مفاوضات سد النهضة الإثيوبي.
ويشدد السودان على أن الحدود مع إثيوبيا ليست محل نزاع، ويدعوها لإكمال وضع العلامات الحدودية على كامل الحدود. من جهة ثانية، يصل إلى الخرطوم بعد غدٍ (الأحد)، المبعوث الأميركي الخاص للسودان، دونالد بوث، في زيارة للسودان تستغرق يومين، ضمن جولة إقليمية للمبعوث تشمل مصر وإثيوبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى.
وذكرت وكالة السودان للأنباء الرسمية (سونا) أن المبعوث الأميركي، سيناقش في زيارته الخرطوم، مع المسؤولين بالسلطة الانتقالية، تطورات ملف التفاوض في ملف سد النهضة، ودعم الانتقال الديمقراطي في السودان.
ويرافق المبعوث وفد يضم نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، ونائب وزير الخارجية لشؤون المحيطات والبيئة. وكانت الحكومة السودانية طلبت رسمياً ضم أميركا إلى فريق الوساطة في سد النهضة، وذلك بعد تعثر جولات التفاوض السابقة في التوصل لاتفاق بين الدول الثلاث.
واستضافت العاصمة الأميركية (واشنطن)، في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2020، المباحثات بين السودان ومصر وإثيوبيا حول سد النهضة. ورغم توصل وزارة الخزانة الأميركية والدول الثلاث إلى مسودة اتفاق بشأن ملء وتشغيل سد النهضة، فإن الخلافات حول عدد من القضايا القانونية والفنية حالت دون التوقيع على الاتفاق النهائي.
وتعول الخرطوم كثيراً على الثقل الأميركي في الضغط على إثيوبيا لتحريك ملف التفاوض باتجاه اتفاق قانوني وملزم للدول الثلاث، قبل مواصلة إثيوبيا الملء الثاني لبحيرة السد في يوليو (تموز) المقبل.
وفي أول تعليق سوداني على رفض إثيوبيا ضم الولايات المتحدة، والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، للمشاركة في الوساطة، إلى جانب الاتحاد الأفريقي في مفاوضات سد النهضة، أبدى وزير الري، ياسر عباس، استغرابه من موقف «أديس أبابا» واعتبره حجة غير مقنعة، مؤكداً أن بلاده لن تقبل على الإطلاق أي ملء أحادي للسد يهدد حياة مواطنيه ومنشآته المائية.
وأعرب وزير الري السوداني، لدى مخاطبته، أمس، الاحتفال باليوم العالمي للمياه بالخرطوم، عن استغرابه للموقف الإثيوبي، مشيراً إلى أن أديس أبابا ليست لديها الحجة المقنعة لرفض المقترح.
وقال إن وزارة الري تعمل وفق استراتيجية عملية لتقييم المياه ومواردها، والاستفادة من المياه العابرة، عبر مفاوضات سد النهضة الإثيوبي، بين إثيوبيا والسودان ومصر، بالتعاون الإقليمي في إنتاج الكهرباء والري.
وحذر عباس أديس أبابا من أي خطوة أحادية للملء الثاني لسد النهضة، تشكل تهديداً لحياة أكثر من 20 مليون سوداني على ضفاف النيل الأزرق، كما تهدد خزان «الروصيرص» وكل المنشآت على النيل، وقال: «هذا أمر غير مقبول إطلاقاً للسودان».
وقال إن سد النهضة يجب ألا يكون مهدداً لأمن الإقليم، وإنما يجب أن يكون محلاً للتعاون وتبادل المنافع، وحسن الجوار.
ويلوح السودان باللجوء إلى خيارات قانونية أخرى، حال استمرت أديس أبابا في الملء الثاني لسد النهضة، من بينها الذهاب إلى مجلس الأمن الدولي أو التحكيم الدولي.
وكانت الآلية الرباعية المكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي وأميركا، أبدت استعداداً للاستجابة لدعوة الحكومة السودانية للتوسط في مفاوضات سد النهضة، لتقريب وجهات نظر الدول الثلاث.
وكان رئيس وزراء السودان، عبد الله حمدوك، تقدم، الأسبوع الماضي، بخطابات رسمية، يدعو فيها لتشكيل الآلية الرباعية للوساطة في عملية مفاوضات سد النهضة الإثيوبي، لدعم مساعي الاتحاد الأفريقي. وتخطط إثيوبيا في العام الحالي لحجز 13 مليار متر مكعب من المياه في عملية الملء الثاني للسد، التي تقارب ثلاثة أضعاف الملء الأول في العام الماضي.
ويعول السودان كثيراً على ثقل أميركا والاتحاد الأوروبي في التأثير الإيجابي على الدول الثلاث، وعلى وجه الخصوص إثيوبيا، لتحريك الملف باتجاه اتفاق متوافق عليه ومُرضٍ لجميع الأطراف.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».