مصر تكثف تعاونها مع دول حوض النيل لدحض اتهامات إثيوبية

وقّعت مذكرة تفاهم مع بوروندي لإدارة الموارد المائية

وزير البيئة والزراعة البوروندي خلال زيارته القاهرة (وزارة الموارد المائية المصرية)
وزير البيئة والزراعة البوروندي خلال زيارته القاهرة (وزارة الموارد المائية المصرية)
TT

مصر تكثف تعاونها مع دول حوض النيل لدحض اتهامات إثيوبية

وزير البيئة والزراعة البوروندي خلال زيارته القاهرة (وزارة الموارد المائية المصرية)
وزير البيئة والزراعة البوروندي خلال زيارته القاهرة (وزارة الموارد المائية المصرية)

كثّفت مصر من تعاونها مع دول حوض النيل، فيما بدا محاولة منها لدحض اتهامات إثيوبية تتعلق بـ«إعاقة جهود التنمية بدول الحوض». ووقّع وزير الموارد المائية المصري محمد عبد العاطي، أمس، مع ديو جيدى روريما وزير البيئة والزراعة البوروندي، مذكرة تفاهم بين البلدين في مجال الإدارة المتكاملة للموارد المائية. واستعرض عبد العاطي، على هامش التوقيع، جهود بلاده لدعم التعاون مع دول حوض النيل، ومنها إنشاء كثير من سدود حصاد مياه الأمطار ومحطات مياه الشرب الجوفية، ومشروعات لتطهير المجاري المائية والحماية من أخطار الفيضانات، وإنشاء كثير من المزارع السمكية والمراسي النهرية. ومصر في نزاع مع إثيوبيا، منذ 2011، بسبب سد عملاق تبنيه الأخيرة على الرافد الرئيسي لنهر النيل، بهدف توليد الطاقة الكهربائية. وتقول مصر إن السد يهدد بتقليص حصتها من مياه النيل، التي تعتمد عليها بأكثر من 90 في المائة، وتطالب باتفاق قانوني يوضح قواعد ملء وتشغيل السد، كي «يحد الأضرار المتوقعة»، ودون إعاقة مساعي إثيوبيا التنموية. واستقبل عبد العاطي، أمس، وزير البيئة والزراعة والثروة الحيوانية البوروندي ديو جيدى روريما، الذي يزور القاهرة حالياً، وبحث معه سبل تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في مجال الموارد المائية. واتفق الوزيران خلال اللقاء على تفعيل مذكرة التفاهم، من خلال قيام مصر بعمل عدد من الدراسات الفنية اللازمة لإنشاء سدود حصاد المياه لتجميع مياه الأمطار بدولة بوروندي، واستفادة الجانب البوروندي من الخبرات المصرية في مجال المياه الجوفية، ودراسة عمل مشروع لتخطيط وتنمية إدارة الموارد المائية بدولة بوروندي، كما تم الاتفاق على عقد اجتماعات افتراضية بين مسؤولي البلدين للتعرف على احتياجات الجانب البوروندي، على أن يعقب ذلك قيام فريق بحثي مصري بزيارة لبوروندي لعمل مخطط عام للموارد المائية في بوروندي، والتعرف على المشكلات التي تواجه قطاع المياه، مع اقتراح المشروعات التي يمكن تنفيذها للتعامل مع هذه المشكلات. واستعرض الوزير المصري موقف الدراسات الخاصة بمشروع الممر الملاحي بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط، وعرض لحجم الفوائد التي ستعود على جميع دول حوض النيل المشاركة في هذا المشروع المهم. وأوضح عبد العاطي أنه استعرض مع الوزير البورندي الموقف الراهن إزاء المفاوضات الخاصة بسد النهضة الإثيوبي، ورغبة مصر الواضحة في استكمال المفاوضات، مع التأكيد على ثوابت مصر في حفظ حقوقها المائية وتحقيق المنفعة للجميع في أي اتفاق حول سد النهضة، والتأكيد على السعي للتوصل لاتفاق قانوني عادل وملزم للجميع يلبي طموحات جميع الدول في التنمية.
كما أكد وزير الري أن سد النهضة الإثيوبي وتأثيره على مياه نهر النيل يعد أحد التحديات الكبرى التي تواجه مصر حالياً، خاصة في ظل الإجراءات الأحادية التي يقوم بها الجانب الإثيوبي فيما يخص ملء وتشغيل سد النهضة، وما تنتج عن هذه الإجراءات الأحادية من تداعيات سلبية ضخمة لن تقبلها الدولة المصرية. وفي ضوء التعاون بين مصر وبوروندي في مجال الموارد المائية، تم إيفاد كثير من الطلبة والدارسين البورونديين للحصول على دبلوم الموارد المائية المشتركة من كلية الهندسة بجامعة القاهرة أو الدبلومات التي تعقد بالمركز القومي لبحوث المياه التابع للوزارة. واصطحب عبد العاطي، الوزير البوروندي لزيارة مركز التنبؤ بالفيضان، الذي يستخدم تكنولوجيا الأقمار الصناعية والنماذج العددية المتطورة لمحاكاة السلوك الهيدرولوجي الطبيعي للنهر والتنبؤ بالأمطار والسيول، إلى جانب دراسة التغيرات المناخية وتأثيرها على مصر؛ حيث يسهم نظام الإنذار المبكر للسيول في مواجهة مخاطر السيول والتقليل من آثارها.
من جهته، قال سامح شكري، وزير الخارجية المصري، إن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق في أزمة سد النهضة، حتى لا يحدث توتر في العلاقات الثلاثية بين مصر والسودان وإثيوبيا. وأضاف شكري، في تصريحات مساء أول من أمس، عبر قناة «MBC مصر»، إن الوقت ضيق حالياً، وإذا لم يكن هناك انخراط كامل من كل الأطراف في المفاوضات، فلن يسعف الوقت، مؤكداً أن الملء الثاني لسد النهضة، الذي تعتزم إثيوبيا القيام به، في يوليو (تموز) المقبل، يعد خرقاً ثانياً لاتفاق المبادئ بعد الملء الأول، وهو ما لا يمكن السماح به.
وتابع: «إذا تم تجاوز المرة الأولى، فهذه المرة لا يمكن... وما ستشكله من خطر على السودان قد يجعل الأمر يتعدى مراحل التفاوض مرة أخرى».
ولفت إلى أن طرح الأزمة على مجلس الأمن مرة أخرى من قبل مصر أو السودان، أحد السيناريوهات المطروحة، مشيراً إلى ترحيب الأطراف الدولية والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي بالمساهمة في حل الأزمة.
وكان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن وافق على استحداث منصب مبعوث خاص لمنطقة القرن الأفريقي، وذكرت وزارة الخارجية، أن المبعوث المتوقع تعيينه في الأسابيع المقبلة، سيكون مكلفاً، ضمن مهام أخرى، بالتعامل مع الخلاف بين مصر والسودان وإثيوبيا بشأن سد النهضة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».