ليندركينغ يكثف مشاوراته في واشنطن للدفع بـ«تسوية سياسية» يمنية

TT

ليندركينغ يكثف مشاوراته في واشنطن للدفع بـ«تسوية سياسية» يمنية

كثّفت الولايات المتحدة من جهودها الدبلوماسية للدفع بجهود السلام للأزمة اليمينة؛ إذ تهدف من ذلك إلى الوصول إلى «تسوية سياسية» بين الفرقاء اليمنيين، وهو ما أكدته اللقاءات والزيارات الأخيرة للمبعوث الأميركي للأزمة اليمنية تيم ليندركينغ في واشنطن مع عدد من سفراء الاتحاد الأوروبي والدول العربية.
لم تقتصر لقاءات المبعوث على المسؤولين الأوروبيين أو العرب، بل طالت أيضاً محادثات ولقاءات مكثّفة مع عدد من أعضاء الكونغرس في واشنطن، بغية الوصول إلى توافق في الموقف الأميركي بين الإدارة التنفيذية والسلطة التشريعية في البلاد.
فيما توصلت «الشرق الأوسط» إلى معلومات بأن ليندركينغ ناقش مع عدد من المشرعين والمسؤولين الأميركيين محادثات حول تسوية سياسية في اليمن، مطلعاً المسؤولين على الجولة الأخيرة التي قام بها في المنطقة والتي استغرقت 17 يوماً، والمحادثات التي جرت بينه وبين المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، الذي بدوره التقى العديد من قادة دول الخليج العربي، وكذلك التقى المسؤولين في إيران.
وتشير المعلومات إلى أنه تمت مناقشة الموقف الحوثي، «الذي يعد العقبة الأكبر أمام حل الحرب، لأنهم (الحوثيين) يسعون للحصول على اعتراف دولي بسلطتهم الفعلية في شمال اليمن، وهو اعتراف بشرعيتهم التي لا يبدو أن الرئيس هادي ولا الحكومة السعودية على استعداد لمنحها»، وتعتقد الحكومة الأميركية أن جماعة الحوثي تتلقى بعض الدعم المادي من إيران.
ويعد أبرز المواقف الأميركية في الملف اليمني حتى الآن، هو إلغاء الإدارة الحالية تصنيف جماعة الحوثي من قائمة المنظمات الأجنبية للإرهاب، وذلك في 11 فبراير (شباط) 2021. وتعيين مبعوث خاص إلى اليمن للعمل وفق مقترحات الأمم المتحدة ومساندة المبعوث الأممي، كما احتفظ الوزير بلينكن بتصنيف خمسة أفراد حوثيين كمواطنين معينين في قائمة العقوبات بموجب الأمر التنفيذي رقم 13611، وهو امتداد للقرار الذي أصدره الرئيس الأسبق باراك أوباما في عام 2012 لحظر ممتلكات الأشخاص الذين يهددون السلام أو الأمن أو الاستقرار في اليمن، وفي 2 مارس (آذار) الجاري، عينت إدارة بايدن قائدين إضافيين من جماعة الحوثي بموجب الأمر التنفيذي رقم 13611، كما أضافت واشنطن قياديين حوثيين لينضما إلى ثلاثة آخرين في قائمة الخزانة الأميركية السوداء.
وفي سياق متصل، نشرت وزارة الخارجية عبر حسابها المختص لشؤون الشرق الأدنى على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، لقاء تيموثي ليندركينغ المبعوث الأميركي للأزمة اليمنية، مع السفير الفرنسي إلى واشنطن، أول من أمس، وجرى خلال اللقاء مناقشة تعزيز الجهود في وقف الاعتداءات الحوثية على محافظة مأرب، والوصول إلى اتفاق وقف دائم للنار في البلاد، للوصول إلى تسوية سياسية.
كما التقى المبعوث الأميركي، خلال الأسبوعين الماضيين، عدداً من السفراء العرب في واشنطن، منهم سفيرا عمان ومصر، كما التقى المسؤولين الأمميين عن ملف المهاجرين واللاجئين والمساعدات الإنسانية، وذهبت الإدارة الأميركية إلى ما هو أبعد من دعم غريفيث، بالالتقاء مع الحوثيين في سلطنة عمان، كما نقلت بعض التسريبات، وأعلن المبعوث ليندركينغ استعداده للعودة إلى الخليج «عندما يصبح الحوثيون جاهزين للحوار»، بعد أن قضى ١٧ يوماً في المنطقة، التقى خلالها أبرز المسؤولين والمهتمين بالشأن اليمني، وزار خلالها ٦ دول في المنطقة.
وفي بيان لوزارة الخارجية الأميركية أمس، رحبت الولايات المتحدة بقرار السماح لأربع سفن وقود تجارية بدخول ميناء الحديدة، معتبرة أن التدفق الحر للوقود والسلع الأساسية الأخرى إلى اليمن، أمر بالغ الأهمية لدعم إيصال المساعدة الإنسانية والأنشطة الأساسية الأخرى.
وقال البيان على لسان المتحدث الرسمي، نيد برايس، إن الولايات المتحدة تقدر هذا القرار الذي اتخذته حكومة الجمهورية اليمنية، يجب أن يذهب الوقود إلى الأسواق اليمنية دون تأخير لتشغيل المستشفيات، وضمان إيصال الغذاء والوصول إلى المياه، والمساعدة بشكل عام في تخفيف معاناة الشعب اليمني، مضيفاً أن «حركة هذه السفن هي خطوة في الاتجاه الصحيح، ولكن هناك حاجة إلى المزيد من الخطوات، لا سيما الإنهاء الفوري للهجوم في مأرب ووقف إطلاق النار الشامل، ندعو جميع الأطراف للجلوس إلى طاولة المفاوضات من أجل اليمن وشعبه».
وفي سياق متصل، أكد أنتوني بلينكن وزير الخارجية الأميركي خلال اتصاله مع رئيس الوزراء اليمني معين عبد الملك أمس، على التزام الولايات المتحدة بدفع عملية سلام شاملة في اليمن، كما يتضح ذلك من جهود ليندركينغ.
وبحسب بيان وزارة الخارجية، رحب الوزير بلينكين بدعم الحكومة اليمنية لوقف إطلاق النار الشامل على مستوى البلاد، والدفع بالمحادثات السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، ومشاركتها المستمرة مع مبعوث الأمم المتحدة الخاص غريفيث. كما جدد بلينكن دعم الولايات المتحدة للحكومة اليمنية، وشجع الأطراف اليمنية على العمل من أجل التنفيذ الكامل لاتفاق الرياض.
وثمّن الوزير بلينكن جهود رئيس الوزراء لتخفيف معاناة اليمنيين، بما في ذلك السماح بوصول أربع سفن وقود إلى ميناء الحديدة للمساعدة في التخفيف من نقص الوقود الذي يواجه البلاد، والحصول على المساعدة التي يحتاج إليها الشعب اليمني بشدة، مؤكداً الحاجة إلى وقف إطلاق النار واتفاق سلام دائم وشامل، لتمكين الانتعاش الاقتصادي الكامل ومعالجة الأزمة الإنسانية.


مقالات ذات صلة

سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي العام الماضي كان قاسياً على اليمنيين وتضاعفت معاناتهم خلاله (أ.ف.ب)

اليمنيون يودّعون عاماً حافلاً بالانتهاكات والمعاناة الإنسانية

شهد اليمن خلال العام الماضي انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، وتسببت مواجهات البحر الأحمر والممارسات الحوثية في المزيد من المعاناة للسكان والإضرار بمعيشتهم وأمنهم.

وضاح الجليل (عدن)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.