فشل المفاوضات بين أثينا ومجموعة اليورو.. والبورصة المحلية ترتفع 5 %

اليونان ترفض استمرار برنامج الإنقاذ ووزير المالية لا يقبل أنصاف الحلول

وزير المالية اليوناني رفقة مديرة صندوق النقد الدولي (أ.ب)
وزير المالية اليوناني رفقة مديرة صندوق النقد الدولي (أ.ب)
TT

فشل المفاوضات بين أثينا ومجموعة اليورو.. والبورصة المحلية ترتفع 5 %

وزير المالية اليوناني رفقة مديرة صندوق النقد الدولي (أ.ب)
وزير المالية اليوناني رفقة مديرة صندوق النقد الدولي (أ.ب)

تظاهر مساء أول من أمس (الأربعاء) عشرات الآلاف من أبناء الشعب اليوناني من مختلف الأعمار والاتجاهات وسط العاصمة أثينا وفي الكثير من المدن اليونانية الأخرى وحتى في بعض العواصم الأوروبية، تضامنا مع الحكومة اليونانية الجديدة التي دخلت في مفاوضات صعبة وشاقة مع الدائنين الدوليين، حيث من المنتظر أن تحدد هذه المفاوضات مستقبل اليونان في منطقة اليورو، وجاء التظاهر في نحو 40 مدينة يونانية رغم سوء الأحوال الجوية والبرد الشديد، بدعوة على مواقع التواصل الاجتماعي.
وباءت المفاوضات التي جمعت لأول مرة وزير المالية اليوناني يانيس فاروفاكيس مع نظرائه في منطقة اليورو واستمرت نحو سبع ساعات في بروكسل بالفشل وعدم التوصل إلى إعلان مشترك، حتى عدم التوصل إلى تفاهم حول إعادة صياغة شروط برنامج الإنقاذ المالي لأثينا، وأعلن وزير المالية فاروفاكيس أنه لا يقبل أنصاف الحلول، فيما يخص تمديد وتعديل برنامج الإنقاذ، فهو يرفض حتى كلمة «تمديد».
ويرى رئيس الوزراء اليوناني ألكسيس تسيبراس أنه قد تم انتخابه بتفويض لعدم مد أجل برنامج الإنقاذ الحالي، وأنه مصمم على عدم القيام بذلك تحت أي ظرف من الظروف، ولذلك يجب على وزراء المالية أن يجدوا طريقة ما، للتوصل إلى اتفاق لا يتم فيه استخدام عبارة «تمديد أجل».
وخلال هذا الاجتماع، قدمت اليونان التي تمثلت بوزير ماليتها يانيس فاروفاكيس «حججا حول فشل المذكرات» وهي الاتفاقات الموقعة منذ 2010 بين اليونان من جهة والاتحاد الأوروبي والمصرف المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي من جهة أخرى، والقائمة على منح 240 مليار يورو كقروض مقابل تقشف قاس ولائحة طويلة من الإصلاحات الهيكلية، وأوضح فاروفاكيس «لقد عرضنا وجهة نظرنا الهادفة إلى التوصل إلى اتفاق جديد مع أوروبا كي لا تكون اليونان على الصفحات الأولى للصحف، وأن لا تكون موضوع نقاش متواتر خلال اجتماعات منطقة اليورو»، منددا بخطط جديدة «مسممة وخصوصا كارثية»، على حد وصفه. ووفقا للمصادر فلم يوافق اليونانيون على المقترح الأوروبي بتمديد العمل باتفاقية الإنقاذ المالي، وأن المفاوضات سوف تستأنف الاثنين المقبل بهدف التوصل إلى اتفاق يرضي الطرفين وينفع الاقتصاد اليوناني، ويعمل خبراء يونانيون ودائنون لليونان (المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي) حتى الاثنين في محاولة لإيجاد أرضية حلول.
وقلل وزير المالية اليوناني فاروفاكيس من أهمية فشل المفاوضات، وعبر عن ثقته في التوصل إلى اتفاق مرض يوم الاثنين المقبل، موضحا أن اجتماع المجموعة الأوروبية الاستثنائي لم يكن الغرض منه التوصل إلى اتفاق، بل كان فرصة لتبادل وجهات النظر، وتصر الحكومة اليونانية الجديدة على الامتناع عن تمديد برنامج الإنقاذ المالي الذي ينتهي العمل به نهاية الشهر الحالي.
من جانبه، قال رئيس منطقة اليورو يورين ديسلبلوم خلال لقاء مع الصحافيين في ختام الاجتماع «لم نتوصل إلى اتفاق مشترك ولم نتمكن من صياغة بيان»، وأضاف أن «طموحي هو التوصل إلى اتفاق حول المراحل المستقبلية للأيام المقبلة. للأسف، هذا الأمر لم يكن ممكنا وإذن سوف نواصل محادثاتنا الاثنين والتقدم اعتبارا من هنا».
بالإشارة إلى أن يوم الاثنين المقبل، يعتبر المهلة النهائية المحددة للتوصل إلى نوع من الاتفاق بين أثينا ومجموعة اليورو، على تمديد أجل برنامج الإنقاذ الحالي لليونان والذي تبلغ قيمته 172 مليار يورو بعد انتهائه يوم 28 فبراير (شباط) الجاري، وقال مسؤولون في منطقة اليورو من المشاركين في المحادثات أمس، بأن الجانبين قد اتفقا على إصدار بيان مشترك من شأنه أن يؤكد على فرصة التوصل لاتفاق، ولكن بعد انتهى الاجتماع، قام فاروفاكيس بالتشاور مرة أخرى مع المسؤولين في أثينا وأثار اعتراضات جديدة وتم إلغاء البيان.
وقبل أن يتوجه رئيس الوزراء اليوناني ألكسيس تسيبراس إلى بروكسل للمشاركة في القمة الأوروبية وطرح وجهات النظر اليونانية تجاه تدابير التقشف ومذكرات الدائنين، توصل هنا في أثينا إلى اتفاق مع منظمة «التعاون والتنمية الاقتصادية»، لإعداد خطة إصلاحات تهدف إلى تحفيز النمو الاقتصادي في البلاد.
وقال تسيبراس في ختام لقاء مع الأمين العام للمنظمة، إن لجنة للتعاون سوف تشكل بهدف إعداد اتفاق حول الإصلاحات التي ستحفز النمو وسيكون هدفها اجتماعيًا، وإن هذا التعاون سيتم ليس على أساس ما تقرر من قبل، أي خطط المساعدة التي وضعتها الجهات الدائنة للبلاد، بل على أساس التفويض الشعبي وما أعلن في خطاب السياسة العامة للبلاد.
من جهتها، سجلت بورصة أثينا للأوراق المالية ارتفاعا ملحوظا أمس بقيمة 5 في المائة متجاهلة فشل التوصل إلى اتفاق بين الحكومة اليونانية ومجموعة اليورو، حيث ساد تقييم إيجابي على المستثمرين الأجانب إزاء التطورات في المفاوضات، والتي من شأنها أن تؤدي إلى اتفاق في الاجتماع القادم لوزراء مالية منطقة اليورو في السادس عشر من فبراير الجاري.
وصعد المؤشر العام لبورصة أثينا إلى نسبة 5.47 في المائة، فيما وصلت المبادلات 65 مليون يورو بتسجيل 836.49 نقطة، وتم تسجيل حركة ارتفاع 60 سهما، فيما تراجعت قيمة 4 أسهم، واستقرت أسعار 9 أسهم. وارتفع مؤشر الأسهم الممتازة إلى 6.74 في المائة، كما تمت ملاحظة ارتفاع مؤشر المصارف بنسبة 10.8 في المائة.



السعودية... نظام جديد للبتروكيماويات لتعزيز كفاءة قطاع الطاقة وتحقيق الاستدامة

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
TT

السعودية... نظام جديد للبتروكيماويات لتعزيز كفاءة قطاع الطاقة وتحقيق الاستدامة

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)

يمثل إقرار مجلس الوزراء السعودي «نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية» خطوة استراتيجية على طريق تعزيز المنظومة التشريعية لقطاع الطاقة في البلاد، وتنفيذ مستهدفاتها الوطنية، وتحقيق أمن الطاقة، وضمان استدامة وموثوقية الإمدادات، ودعم توطين سلسلة القيمة في القطاع، وخلق فرص عمل جديدة، وفق ما صرح به مختصون لـ«الشرق الأوسط».

والسعودية من بين أكبر منتجي البتروكيماويات في العالم، وهو القطاع الذي توليه أهمية في إطار عملية التنويع الاقتصادي. من هنا، فإنه يمثل حصة كبيرة من صادراتها غير النفطية. ويبلغ الإنتاج السنوي من البتروكيماويات في السعودية نحو 118 مليون طن.

وكان الأمير عبد العزيز بن سلمان، وزير الطاقة، قال إن «نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية يأتي ليحقق عدداً من المستهدفات، في مقدمتها؛ تنظيم العمليات البترولية والبتروكيماوية، بما يسهم في النمو الاقتصادي، ودعم جهود استقطاب الاستثمارات، وزيادة معدلات التوظيف، ورفع مستويات كفاءة استخدام الطاقة، ويُسهم في حماية المستهلكين والمرخص لهم، ويضمن جودة المنتجات، وإيجاد بيئة تنافسية تحقق العائد الاقتصادي العادل للمستثمرين».

زيادة التنافسية

يقول كبير مستشاري وزارة الطاقة السعودية سابقاً، الدكتور محمد سرور الصبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «(نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية) سيلعب دوراً كبيراً في إعادة هيكلة وبناء المنظومة التشريعية لقطاع الطاقة، والاستفادة من التجارب العالمية الناجحة وأفضل الممارسات الدولية، بما يسهم في تحقيق الأهداف الوطنية في تطوير هذا القطاع الحيوي وتعظيم الاستفادة منه»، مضيفاً أنه «سيزيد من القدرة التنافسية بين شركات البتروكيماويات وسيدعم جهود السعودية لتعزيز أمن الطاقة؛ سواء للاستخدام المحلي ولتصدير بعض المنتجات والنفط الخام إلى الأسواق العالمية».

وأشار الصبان إلى أن النظام الجديد سيساهم في استقطاب الاستثمارات الأجنبية إلى السوق السعودية؛ «مما سيعزز معدلات التوظيف، ويرفع كفاءة استخدام الطاقة، ويساعد في ترشيد استهلاك الطاقة ومنتجات البتروكيماويات واقترابها من المعدل الفردي العالمي»، لافتاً إلى أن «تنظيم العمليات النفطية والبتروكيماوية يساهم في رفع معدلات النمو الاقتصادي وتحقيق المستهدفات السعودية في أمن الطاقة».

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)

تنظيم العمليات التشغيلية

من جهته، قال محمد حمدي عمر، الرئيس التنفيذي لشركة «جي وورلد» المختصة في تحليل بيانات قطاعات الاستثمارات البديلة، لـ«الشرق الأوسط»، إن النظام «يُسهم في تحقيق أهداف متعددة، تشمل رفع كفاءة الأداء في القطاع، وتحقيق المستهدفات الوطنية، وتنظيم العمليات النفطية والبتروكيماوية. كما تكمن أهمية النظام في تلبية احتياجات القطاع عبر تطوير الإطار القانوني بما يواكب أفضل الممارسات العالمية».

وأضاف أن النظام «يمثل نقلة نوعية، ويحل محل نظام التجارة بالمنتجات النفطية السابق، ويهدف إلى تنظيم العمليات التشغيلية، بما في ذلك أنشطة البيع، والشراء، والنقل، والتخزين، والاستيراد، والتصدير، كما يضمن الاستخدام الأمثل للموارد النفطية والبتروكيماوية، مما يعزز من حماية المستهلكين والمستثمرين، ويدعم توفير بيئة تنافسية عادلة».

وأشار حمدي إلى أن النظام يضمن حماية المستهلكين والمرخص لهم؛ «مما يعزز من ثقة السوق ويضمن جودة المنتجات، بالإضافة إلى دعم استقطاب الاستثمارات من خلال توفير بيئة تنظيمية واضحة وشفافة، تعزز ثقة المستثمرين المحليين والدوليين، كما يُسهم في تحقيق أمن الطاقة عبر ضمان استدامة وموثوقية الإمدادات، فضلاً عن دعم توطين سلسلة القيمة في القطاع، وخلق فرص عمل جديدة».

ويرى حمدي أن النظام يعكس التزام السعودية بتحقيق أهداف «رؤية 2030»، عبر «تعزيز كفاءة قطاع الطاقة، وتنظيم عملياته، وحماية حقوق المستهلكين والمستثمرين، مما يُسهم في تحقيق التنمية المستدامة ودعم الاقتصاد الوطني»، مشيراً إلى «أننا سنرى تحولاً كبيراً في القطاع بعد العمل بهذا النظام، ودخول استثمارات أجنبية جديدة أكثر مع وضوح الرؤية المستقبلية للاستثمار في هذا القطاع الحيوي».

مواكبة التحولات الكبيرة

أما المحلل الاقتصادي طارق العتيق، فقال لـ«الشرق الأوسط»، إن هذا النظام «خطوة استراتيجية في مواكبة التحولات الكبيرة التي يشهدها قطاعا الطاقة والبتروكيماويات عالمياً والقطاعات المرتبطة بهما. كما يسهم في دعم الصناعات التحويلية وتعزيز قيمتها وإضافتها إلى الاقتصاد المحلي والمنتج الوطني، بما يخدم مصلحة تعزيز الصناعات ذات القيمة المضافة والتنويع الاقتصادي وتحقيق أهداف (رؤية 2030) في هذا السياق».

وأشار العتيق إلى أن النظام ستكون له مساهمات مهمة في تحفيز وتنمية الصناعات المحلية بقطاع البتروكيماويات، «مثل صناعات البلاستيك والمطاط وقطع الغيار... وغيرها، وفي الاستفادة من الميزة التنافسية التي تمتلكها السعودية في إنتاج المواد الأولية، وأهمية استغلالها في تصنيع منتجات نهائية تلبي الطلب المحلي والإقليمي. كما أنه سيسهم في رفع التنافسية بالقطاع ويزيد مساهمته في خلق الوظائف والتوطين، ونقل المعرفة والخبرات إلى سوق العمل السعودية».