«سوبر ماريو» يحاول تقليص الفجوة المزمنة بالاقتصاد الإيطالي

يسعى لبداية جديدة في الجنوب «المظلوم»

يسعى رئيس وزراء إيطاليا ماريو دراغي لتضييق الفجوة بين شمال إيطاليا المتقدم اقتصادياً وجنوبها الأقل تقدماً (إ.ب.أ)
يسعى رئيس وزراء إيطاليا ماريو دراغي لتضييق الفجوة بين شمال إيطاليا المتقدم اقتصادياً وجنوبها الأقل تقدماً (إ.ب.أ)
TT

«سوبر ماريو» يحاول تقليص الفجوة المزمنة بالاقتصاد الإيطالي

يسعى رئيس وزراء إيطاليا ماريو دراغي لتضييق الفجوة بين شمال إيطاليا المتقدم اقتصادياً وجنوبها الأقل تقدماً (إ.ب.أ)
يسعى رئيس وزراء إيطاليا ماريو دراغي لتضييق الفجوة بين شمال إيطاليا المتقدم اقتصادياً وجنوبها الأقل تقدماً (إ.ب.أ)

قال ماريو دراغي، رئيس وزراء إيطاليا، إن حكومته تعتزم استغلال المساعدات الأوروبية لمواجهة تداعيات جائحة فيروس كورونا في تضييق الفجوة الاقتصادية بين شمال إيطاليا المتقدم اقتصادياً وجنوبها الأقل تقدماً.
ودراغي، الملقب بـ«سوبر ماريو» لدوره في إنقاذ منطقة اليورو في 2012 خلال أزمة الديون حين كان على رأس البنك المركزي الأوروبي، أكد أنه يجب أن يتم صرف مساعدات مواجهة جائحة كورونا بطريقة أكثر فاعلية عن الأموال التي حصلت عليها إيطاليا من الاتحاد الأوروبي في السابق، والتي إما لم يتم إنفاقها للمشروعات في الجنوب أو تم ضخها في مشروعات لم تكتمل.
وأشار دراغي مساء الثلاثاء إلى أن الاتحاد الأوروبي خصص خلال الفترة من 2014 إلى 2020 نحو 47.3 مليار يورو (56.5 مليار دولار) لمشروعات التنمية في جنوب إيطاليا، ولكن تم استخدام 3 مليارات يورو منها فقط. وأضاف: «علمنا أن هناك المزيد من الموارد التي لم يتم توجيهها بالضرورة لصالح بداية جديدة في الجنوب»، موضحاً أن الأموال الجديدة كانت فرصة لاستثمار مزيد من المال في الجنوب، وأن يجعل كل مناطق إيطاليا على قدم المساواة من الناحية الاقتصادية.
وقال دراغي: «علينا منع الفجوة من التنامي وتوجيه الأموال بشكل خاص لمساعدة النساء والشباب»، وأضاف أيضاً أن الدعم من الاتحاد الأوروبي يعطي إيطاليا فرصة للاستثمار في البنية التحتية الرقمية وأنظمة الطاقة المتجددة.
وتقيم الحكومة الإيطالية حزمة إغاثة إضافية للشركات في مواجهة الوباء، التي تصل قيمتها إلى 30 مليار يورو (35.7 مليار دولار)، وفقاً لما ذكرته صحيفة «إل ماسيجيرو» الإيطالية، يوم الاثنين. ونقلت وكالة «بلومبرغ» للأنباء عن التقرير أن حزمة المساعدات الإضافية تزيد من العجز في ميزانية الدولة. ووفقاً للصحيفة، فإن الحزمة الإضافية يمكن إطلاقها في وقت قريب ربما يحل في مايو (أيار) المقبل.
وكانت حكومة دراغي، قد وافقت يوم الجمعة الماضي على أولى حزم مساعداتها المالية لمواجهة تداعيات جائحة «كورونا»، بقيمة بلغت 32 مليار يورو (38 مليار دولار). وأعلنت الحكومة أن تلك الحزمة تهدف إلى دعم صناعات تضررت بشدة جراء الجائحة مثل السياحة، وإحداث استقرار لسوق العمل، وتسريع حملة التطعيم ضد الفيروس بالبلاد.
وقال دراغي في مؤتمر صحافي يوم الجمعة: «إننا على دراية أن هذا هو مجرد استجابة جزئية»، مضيفاً أن تلك كانت أفضل استجابة ممكنة حالياً. وخلال الربع الأخير من العام الماضي، انكمش اقتصاد إيطاليا بأقل من التقديرات السابقة، بحسب بيانات مكتب الإحصاء الإيطالي «آيستات» الصادرة مطلع الشهر الحالي.
وذكر مكتب الإحصاء أن إجمالي الناتج المحلي تراجع خلال الربع الأخير من العام الماضي بنسبة 1.9 في المائة، مقارنة بالربع الثالث من العام، وليس بمعدل 2 في المائة وفقاً البيانات الأولية التي نشرت الشهر الماضي.
وكان الاقتصاد قد سجل نمواً بمعدل 15.9 في المائة خلال الربع الثالث بفضل تخفيف القيود على الحركة والنشاط الاقتصادي والتي سبق فرضها للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد.
في الوقت نفسه، سجل الاقتصاد الإيطالي انكماشاً بمعدل 6.6 في المائة سنوياً خلال الربع الأخير من العام الماضي، وهي نفس القراءة الأولية، لكنه أعلى من معدل الانكماش السنوي خلال الربع الثالث وكان 5.2 في المائة.
وتراجع الإنفاق الاستهلاكي خلال الربع الأخير من العام الماضي بنسبة 1.6 في المائة، في حين زاد الإنفاق على الأصول الرأسمالية الثابتة بنسبة 0.2 في المائة. وسجلت كل من الصادرات والواردات نمواً خلال الربع الأخير من العام بنسبة 1.3 و5.4 في المائة على التوالي.



 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
TT

 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)

رفعت وكالة التصنيفات الائتمانية «موديز» تصنيفها للسعودية بالعملتين المحلية والأجنبية عند «إيه إيه 3» (Aa3) من «إيه 1» مع نظرة مستقبلية «مستقرة»، وذلك نظراً لتقدم المملكة المستمر في التنويع الاقتصادي والنمو المتصاعد لقطاعها غير النفطي.

هذا التصنيف الذي يعني أن الدولة ذات جودة عالية ومخاطر ائتمانية منخفضة للغاية، هو رابع أعلى تصنيف لـ«موديز»، ويتجاوز تصنيفات وكالتي «فيتش» و«ستاندرد آند بورز».

وقالت «موديز» في تقريرها إن رفعها لتصنيف المملكة الائتماني، مع نظرة مستقبلية «مستقرة»، يأتي نتيجة لتقدمها المستمر في التنوع الاقتصادي، والنمو المتصاعد للقطاع غير النفطي في المملكة، والذي، مع مرور الوقت، سيقلل ارتباط تطورات سوق النفط باقتصادها وماليتها العامة.

ترتيب أولويات الإنفاق ورفع كفاءته

وأشادت «موديز» بالتخطيط المالي الذي اتخذته الحكومة السعودية في إطار الحيّز المالي، والتزامها بترتيب أولويات الإنفاق ورفع كفاءته، بالإضافة إلى الجهود المستمرة التي تبذلها ومواصلتها استثمار المـوارد الماليـة المتاحـة لتنويـع القاعـدة الاقتصاديـة عـن طريـق الإنفـاق التحولي؛ مما يدعم التنمية المستدامة للاقتصاد غير النفطي في المملكة، والحفاظ على مركز مالي قوي.

وقالت «موديز» إن عملية «إعادة معايرة وإعادة ترتيب أولويات مشاريع التنويع -التي ستتم مراجعتها بشكل دوري- ستوفر بيئة أكثر ملاءمة للتنمية المستدامة للاقتصاد غير الهيدروكربوني في المملكة، وتساعد في الحفاظ على القوة النسبية لموازنة الدولة»، مشيرة إلى أن الاستثمارات والاستهلاك الخاص يدعمان النمو في القطاع الخاص غير النفطي، ومتوقعةً أن تبقى النفقات الاستثمارية والاستثمارات المحلية لـ«صندوق الاستثمارات العامة» مرتفعة نسبياً خلال السنوات المقبلة.

شعار «موديز» خارج المقر الرئيسي للشركة في مانهاتن الولايات المتحدة (رويترز)

وقد وضّحت الوكالة في تقريرها استنادها على هذا التخطيط والالتزام في توقعها لعجز مالي مستقر نسبياً والذي من الممكن أن يصل إلى ما يقرب من 2 - 3 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي.

وسجل الناتج المحلي الإجمالي للمملكة نمواً بمعدل 2.8 في المائة على أساس سنوي في الربع الثالث من العام الحالي، مدعوماً بنمو القطاع غير النفطي الذي نما بواقع 4.2 في المائة، وفقاً لبيانات الهيئة العامة للإحصاء السعودية الصادرة الشهر الماضي.

زخم نمو الاقتصاد غير النفطي

وتوقعت «موديز» أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي للقطاع الخاص بالسعودية بنسبة تتراوح بين 4 - 5 في المائة في السنوات المقبلة، والتي تعتبر من بين أعلى المعدلات في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، معتبرةً أنه دلالة على استمرار التقدم في التنوع الاقتصادي الذي سيقلل ارتباط اقتصاد المملكة بتطورات أسواق النفط.

وكان وزير المالية، محمد الجدعان، قال في منتدى «مبادرة مستقبل الاستثمار» الشهر الماضي إن القطاع غير النفطي بات يشكل 52 في المائة من الاقتصاد بفضل «رؤية 2030».

وقال وزير الاقتصاد فيصل الإبراهيم إنه «منذ إطلاق رؤية المملكة 2030 نما اقتصادنا غير النفطي بنسبة 20 في المائة، وشهدنا زيادة بنسبة 70 في المائة في الاستثمار الخاص في القطاعات غير النفطية، ومهد ذلك للانفتاح والمشاركات الكثيرة مع الأعمال والشركات والمستثمرين».

وأشارت «موديز» إلى أن التقدم في التنويع الاقتصادي إلى جانب الإصلاحات المالية السابقة كل ذلك أدى إلى وصول «الاقتصاد والمالية الحكومية في السعودية إلى وضع أقوى يسمح لهما بتحمل صدمة كبيرة في أسعار النفط مقارنة بعام 2015».

وتوقعت «موديز» أن يكون نمو الاستهلاك الخاص «قوياً»، حيث يتضمن تصميم العديد من المشاريع الجارية، بما في ذلك تلك الضخمة «مراحل تسويق من شأنها تعزيز القدرة على جانب العرض في قطاع الخدمات، وخاصة في مجالات الضيافة والترفيه والتسلية وتجارة التجزئة والمطاعم».

وبحسب تقرير «موديز»، تشير النظرة المستقبلية «المستقرة» إلى توازن المخاطر المتعلقة بالتصنيف على المستوى العالي، مشيرة إلى أن «المزيد من التقدم في مشاريع التنويع الكبيرة قد يستقطب القطاع الخاص ويُحفّز تطوير القطاعات غير الهيدروكربونية بوتيرة أسرع مما نفترضه حالياً».

النفط

تفترض «موديز» بلوغ متوسط ​​سعر النفط 75 دولاراً للبرميل في 2025، و70 دولاراً في الفترة 2026 - 2027، بانخفاض عن متوسط ​​يبلغ نحو 82 - 83 دولاراً للبرميل في 2023 - 2024.

وترجح وكالة التصنيف تمكّن السعودية من العودة لزيادة إنتاج النفط تدريجياً بدءاً من 2025، بما يتماشى مع الإعلان الأخير لمنظمة البلدان المصدرة للنفط وحلفائها «أوبك بلس».

وترى «موديز» أن «التوترات الجيوسياسية المتصاعدة في المنطقة، والتي لها تأثير محدود على السعودية حتى الآن، لن تتصاعد إلى صراع عسكري واسع النطاق بين إسرائيل وإيران مع آثار جانبية قد تؤثر على قدرة المملكة على تصدير النفط أو إعاقة استثمارات القطاع الخاص التي تدعم زخم التنويع». وأشارت في الوقت نفسه إلى أن الصراع الجيوسياسي المستمر في المنطقة يمثل «خطراً على التطورات الاقتصادية على المدى القريب».

تصنيفات سابقة

تجدر الإشارة إلى أن المملكة حصلت خلال العامين الحالي والماضي على عدد من الترقيات في تصنيفها الائتماني من الوكالات العالمية، والتي تأتي انعكاساً لاستمرار جهـود المملكـة نحـو التحـول الاقتصـادي فـي ظـل الإصلاحـات الهيكليـة المتبعـة، وتبنـّي سياسـات ماليـة تسـاهم فـي المحافظـة علـى الاستدامة الماليـة وتعزز كفـاءة التخطيـط المالي وقوة ومتانة المركز المالي للمملكة. ​

ففي سبتمبر (أيلول)، عدلت «ستاندرد آند بورز» توقعاتها للمملكة العربية السعودية من «مستقرة» إلى «إيجابية» على خلفية توقعات النمو القوي غير النفطي والمرونة الاقتصادية. وقالت إن هذه الخطوة تعكس التوقعات بأن تؤدي الإصلاحات والاستثمارات واسعة النطاق التي تنفذها الحكومة السعودية إلى تعزيز تنمية الاقتصاد غير النفطي مع الحفاظ على استدامة المالية العامة.

وفي فبراير (شباط) الماضي، أكدت وكالة «فيتش» تصنيفها الائتماني للمملكة عند «إيه +» مع نظرة مستقبلية «مستقرة».