تشكيلة جديدة للمحكمة الاتحادية العليا في العراق

شكوك في أن اختيار القضاة راعى القوى والتحالفات السياسية

التشكيلة الجديدة للمحكمة الاتحادية العليا أُرسلت إلى الرئيس برهم صالح لإصدار مرسوم جمهوري بتعيين القضاة الجدد (أ.ف.ب)
التشكيلة الجديدة للمحكمة الاتحادية العليا أُرسلت إلى الرئيس برهم صالح لإصدار مرسوم جمهوري بتعيين القضاة الجدد (أ.ف.ب)
TT

تشكيلة جديدة للمحكمة الاتحادية العليا في العراق

التشكيلة الجديدة للمحكمة الاتحادية العليا أُرسلت إلى الرئيس برهم صالح لإصدار مرسوم جمهوري بتعيين القضاة الجدد (أ.ف.ب)
التشكيلة الجديدة للمحكمة الاتحادية العليا أُرسلت إلى الرئيس برهم صالح لإصدار مرسوم جمهوري بتعيين القضاة الجدد (أ.ف.ب)

أعلن مجلس القضاء الأعلى في العراق، أمس، عن التشكيلة الجديدة للمحكمة الاتحادية العليا، على أن ترسل الأسماء المرشحة إلى رئيس الجمهورية لإصدار مرسوم جمهوري بتعيينهم في عضوية المحكمة. وترى مصادر قضائية أن القوى والتحالفات السياسية أُخِذت بعين الاعتبار في ترشيح القضاة الجدد في المحكمة.
وقال المكتب الإعلامي لمجلس القضاء الأعلى، في بيان، إن «القضاة المنصوص على مناصبهم» في قانون التعديل الأول للأمر (30) لسنة 2005 (قانون المحكمة الاتحادية العليا) «عقدوا صباح اليوم (أمس) اجتماعاً ضم كلاً من رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان ورئيس المحكمة الاتحادية العليا مدحت المحمود ورئيس الادعاء العام سالم محمد نوري ورئيس هيئة الإشراف القضائي جاسم محمد عبود».
وأضاف البيان أنه «تم اختيار الرئيس ونائب الرئيس وعدد من أعضاء المحكمة الاتحادية العليا الأصل والاحتياط»، مشيراً إلى أن «التشكيل الجديد للمحكمة سيرسل إلى رئيس الجمهورية لإصدار المرسوم الجمهوري بتعيينهم في مناصبهم وسوف تعقد مداولات لاحقة خلال الأيام المقبلة لاختيار بقية الأعضاء».
وفي بيان لاحق، أعلن المجلس عن أسماء القضاة الذين تم اختيارهم لشغل رئاسة وعضوية المحكمة، حيث اختير رئيس هيئة الإشراف القضائي جاسم محمد عبود لمنصب رئاسة المحكمة، وكان عبود يشغل منصب رئيس محكمة استئناف في محافظة ديالى قبل أن يرقى إلى منصب رئاسة هيئة الاستئناف القضائي في بغداد. ويتردد في بعض الأوساط القضائية أنه من الشخصيات المدعومة من رئيس تحالف «الفتح» (الحشد الشعبي) هادي العامري، وبالتالي فإن ترقيته لمنصب رئاسة المحكمة الاتحادية قد تكون مرت عبر موافقة العامري وتحالفه. ويتردد أيضاً داخل الأوساط القضائية أن رئيس محكمة جنايات محافظة الأنبار سمير عباس الذي اختير لشغل منصب نائب رئيس المحكمة، مقرب من رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي ويحظى بدعمه.
واختير رئيس محكمة استئناف محافظة واسط غالب عامر ورئيس محكمة استئناف محافظة النجف حيدر جابر وعضو محكمة التمييز أيوب عباس والمشرف القضائي حيدر علي نوري وعضو الهيئة التمييزية في استئناف محافظة صلاح الدين خلف أحمد أعضاءً أصلاء في المحكمة التي يفترض أن تتألف من 9 قضاة ضمنهم الرئيس ونائبه.
كذلك اختير كأعضاء احتياط في المحكمة الاتحادية، كل من رئيس محكمة استئناف الكرخ خالد طه ورئيس محكمة استئناف محافظة البصرة عادل عبد الرزاق وعضو محكمة التمييز منذر إبراهيم. ويتوقع أن يتم اختيار قضاة أكراد ضمن تشكيلة المحكمة الأصلية.
وتعد المحكمة الاتحادية من بين أهم أركان القضاء العراقي وأخطرها، إذا ما أخذ بعين الاعتبار الاختصاصات القضائية والدستورية الحصرية التي تمارسها، ومن بينها «الحكم في الدعاوى بين الحكومة العراقية الانتقالية وحكومات الأقاليم وإدارات المحافظات والبلديات والإدارات المحلية». وكذلك المصادقة على نتائج الانتخابات النيابية العامة والنظر في التهم الموجهة لرئيس الجمهورية. وقد لعبت المحكمة التي كان يرأسها القاضي السابق مدحت المحمود الذي أحيل على التقاعد بعد مصادقة البرلمان على التعديل الأول لقانونها الأسبوع الماضي، دوراً خطيراً في تفسير مفهوم «الكتلة الأكبر» المؤهلة لتشكيل الحكومة في انتخابات عام 2014، ونقل ذلك التفسير حق تشكيل الحكومة من الكتلة البرلمانية الأكبر، وكانت آنذاك القائمة «العراقية» التي تزعمها رئيس الوزراء السابق إياد علاوي والفائزة بـ91 مقعداً نيابياً، للقائمة الخاسرة، وهي ائتلاف «دولة القانون» التي تزعمها رئيس الوزراء السابق نوري المالكي وبرصيد 89 مقعداً. وتذرع قرار القاضي المحمود بأن مفهوم الكتلة الأكبر يعني الكتلة «المشكلة داخل البرلمان وليس الفائزة بأكبر عدد من مقاعد البرلمان»، وهو تفسير دستوري اعتبره منتقدون «متعسفاً». وواجهت المحكمة آنذاك انتقادات واسعة واتهامات بالتواطؤ مع القوى السياسية الشيعية لإصدار أحكام تبعاً لرغبتها.
وما زال التفسير الذي قدمته المحكمة الاتحادية بشأن الكتلة الأكبر، يمثل إحدى أكبر العقبات التي تواجه القوى السياسية بعد خوض الانتخابات، لأنه أعطى الفرصة لأي كتلة سياسية حتى لو فازت ببضعة مقاعد نيابية، الحصول على منصب رئاسة الوزراء إذا ما نجحت في إقناع بقية الكتل البرلمانية بالتحالف معها.
ونتيجة لهذا التفسير الدستوري لم تتمكن القوى السياسية والقضاء من تحديد الكتلة الأكبر في الانتخابات العامة الأخيرة التي جرت في مايو (أيار) 2018، وفاز فيها تحالف «سائرون» التابع لمقتدى الصدر بأكبر عدد من المقاعد (54 مقعداً)، ما اضطره في النهاية إلى مشاركة تحالف «الفتح» الحشدي (47 مقعداً) في تشكيل الحكومة اضطراراً.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.