طهران تعرض «عدم إثارة خسائر» العقوبات لإحياء الاتفاق النووي

الرباعي الغربي ينتظر «المقترح» الإيراني للعودة إلى طاولة الحوار

صورة وزعتها الرئاسة الإيرانية من دردشة بين وزير الخارجية محمد جواد ظريف ووزير الدفاع أمير حاتمي على هامش اجتماع مجلس الوزراء أمس
صورة وزعتها الرئاسة الإيرانية من دردشة بين وزير الخارجية محمد جواد ظريف ووزير الدفاع أمير حاتمي على هامش اجتماع مجلس الوزراء أمس
TT

طهران تعرض «عدم إثارة خسائر» العقوبات لإحياء الاتفاق النووي

صورة وزعتها الرئاسة الإيرانية من دردشة بين وزير الخارجية محمد جواد ظريف ووزير الدفاع أمير حاتمي على هامش اجتماع مجلس الوزراء أمس
صورة وزعتها الرئاسة الإيرانية من دردشة بين وزير الخارجية محمد جواد ظريف ووزير الدفاع أمير حاتمي على هامش اجتماع مجلس الوزراء أمس

وعد الرئيس حسن روحاني «بعدم إثارة خسائر العقوبات» الأميركية، إذا عادت أطراف الاتفاق النووي لـ«الالتزام الكامل»، قبل عودة إيران إلى تعهداتها، وذلك غداة مباحثات بين وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن ونظرائه في فرنسا، بريطانيا وألمانيا، في بروكسل، شملت إمكانية إحياء الاتفاق النووي لعام 2015.
وبدأ روحاني أول اجتماع لمجلس الوزراء في العام الإيراني الجديد، بالتأكيد على عدم توقف أعمال حكومته، على بعد نحو خمسة أشهر من نقل الصلاحيات التنفيذية للرئيس الذي يخرج اسمه من صناديق الاقتراع في 18 يونيو (حزيران) المقبل.
واعتبر روحاني رفع العقوبات «واحدة من الأهداف المهمة» في الأيام المتبقية، موجهاً رسالة إلى أطراف الاتفاق النووي بقوله «إذا جاء الطرف المقابل، أي مجموعة 5+1 إلى الساحة، وكان على استعداد للوفاء بجميع التزاماته، مثلما أكد المرشد مراراً وتكراراً، إذا اتضح أن أعمالهم حقيقية، نحن أيضاً نعود إلى التزاماتنا في الاتفاق النووي». وأضاف «نقول للعالم أننا مستعدون إذا رأينا التزاماً كاملاً منكم، لن نفوّت دقيقة واحدة لرفع العقوبات القاسية عنا».
وقال الرئيس الإيراني أيضاً «لا ننوي إثارة قضية الخسائر»، الناجمة عن العقوبات الأميركية التي أعاد فرضها الرئيس الأميركي الأسبق، دونالد ترمب. وأضاف «هذه إحدى المناقشات التالية التي يتابعها المسؤولون في محلها».
ليست المرة الأولى أن يلمح الرئيس الإيراني إلى تقديم امتيازات للطرف الآخر، عبر استعداده للتخلي عن خسائر العقوبات، التي كانت من نقاط التباين بين المسؤولين الإيرانيين، حول إحياء الاتفاق النووي، بعد تأكيد فوز جو بايدن بالرئاسة.
ويبدو أن جهود إحياء التزام الاتفاق منذ وصول بايدن إلى البيت الأبيض في يناير (كانون الثاني)، وصلت إلى طريق مسدودة حالياً؛ إذ تطالب واشنطن بأن تجدد إيران التطبيق الكامل للاتفاق قبل رفع العقوبات.
ورفضت إيران الشهر الماضي المشاركة في اجتماع توسط فيه الاتحاد الأوروبي بين القوى العالمية والولايات المتحدة حول إحياء الاتفاق النووي. وكان الملف الإيراني مطروحاً في أول مباحثات مباشرة جرت، أول من أمس، بين وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، وحلفائه الأوروبيين، وزير خارجية بريطانيا دومينيك راب، ووزير خارجية ألمانيا، هايكو ماس، ووزير خارجية فرنسا، جان إيف لو دريان، على هامش اجتماع وزراء خارجية حلف الشمال الأطلسي (الناتو)، بمقر الحلف في بروكسل.
وشدد وزير الخارجية البريطاني في تغريدة على «تويتر» على «منع إيران من أن تصبح قوة نووية»، حسب «رويترز».
وأفاد مسؤول رفيع في الخارجية الأميركية، طلب عدم نشر أسمه، بأن بلينكن كرر استعداد بلاده للمشاركة في مباحثات يستضيفها الاتحاد الأوروبي. وأضاف أن وزير الخارجية الأميركي ونظرائه «شددوا على أنهم ينتظرون مقترحاً من الجانب الإيراني لإحياء الاتفاق النووي».
وأبلغ المسؤول الأميركي، الصحافيين «ننتظر الاقتراح الذي قال الإيرانيون إنه قيد الإعداد. وعندما يأتي هذا الاقتراح، سننسق الخطوات التالية. لكن الكرة الآن في ملعب طهران».
في الخامس من الشهر الحالي، قال وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، إن إيران، ستقدم خطة عمل «بنّاءة» عبر «القنوات الدبلوماسية المناسبة». تزامن ذلك، مع تأكيد مصدر دبلوماسي فرنسي، ومصدر أوروبي آخر، على هامش اجتماع مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إن قدمت إشارات مشجعة في الأيام الماضية عن بدء المحادثات غير الرسمية بعد أن أوقفت الدول الأوروبية العمل بخطط لانتقاد طهران في الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
لكن الأسبوع الماضي، قال المرشد خامنئي في خطاب لمناسبة العام الإيراني الجديد، إن موقف بلاده لم يتغير، وصرح «أعلنا بوضوح عن سياسة الدولة بشأن (الاتفاق الذي أبرم في فيينا عام 2015). لا يمكننا الحيد عن هذه السياسة بأي شكل من الأشكال». وأضاف شارحاً «ينبغي للأميركيين رفع جميع أشكال الحظر، ومن ثم التحقق وفي حال تم رفعه بكل ما للكلمة من معنى سنعود إلى تعهداتنا». وتابع أن «هذه السياسة لا رجعة فيها»، في تأكيد للنهج الذي أعلنه في يناير، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».



أزمة «تجنيد الحريديم» تحتدم في ساحات القضاء الإسرائيلي

جنود إسرائيليون يقفون حراساً في مرتفعات الجولان على الحدود مع سوريا ولبنان (وكالة الصحافة الفرنسية)
جنود إسرائيليون يقفون حراساً في مرتفعات الجولان على الحدود مع سوريا ولبنان (وكالة الصحافة الفرنسية)
TT

أزمة «تجنيد الحريديم» تحتدم في ساحات القضاء الإسرائيلي

جنود إسرائيليون يقفون حراساً في مرتفعات الجولان على الحدود مع سوريا ولبنان (وكالة الصحافة الفرنسية)
جنود إسرائيليون يقفون حراساً في مرتفعات الجولان على الحدود مع سوريا ولبنان (وكالة الصحافة الفرنسية)

شهدت جلسة للمحكمة العليا الإسرائيلية، عقدت الأربعاء، لمناقشة التماسات ضد امتناع «الحريديم» (اليهود المتشددين دينياً) عن الخدمة في الجيش، مشادات وشغباً، وسط اتهامات للحكومة بتعمد تقديم «رد متأخر» حول موقفهم، وغضب من أهالي الجنود الذين يقاتلون في قطاع غزة.

ونقلت وسائل إعلام عبرية، أنه خلال مناقشة التماس قدمته منظمات وروابط محلية ضد الحكومة ووزير الدفاع يسرائيل كاتس لأنهم «لا يطبقون واجب التجنيد ضد الحريديم»، اندلعت أعمال شغب بعد أن اقتحمت تمار ليفي، من حركة «أمهات على الجبهة» القاعة، وصرخت قائلة: «إن العلمانيين (في إشارة إلى من يتم تجنيدهم) ليسوا حمير المتشددين».

ونقلت «القناة 12» الإسرائيلية أن ليفي وقفت فوق كرسي وصرخت في قاعة المحكمة «إنكم تفتتون النسيج الاجتماعي لهذا البلد. لا يمكن أن نرسل أولادنا بعمر 18 عاماً إلى غزة ولبنان ولا يتم إرسال آخرين»، ثم يتمكن حارس المحكمة من إخراجها من الجلسة.

80 ألفاً

وناقشت الجلسة رد الحكومة المتأخر، وقال قضاة المحكمة إنهم صدموا عندما عرفوا أن عدد أعضاء المتشددين الذين لم يتم تجنيدهم، بحسب رد الدولة، هو 80 ألفاً.

ووبخ القضاةُ ممثلي الحكومة لأنهم ردوا متأخراً في الصباح الباكر قبل ساعات من الجلسة.

وكان كاتس معنياً، كما نشر، بتأخير الرد الرسمي، الذي أكد أن الجيش الإسرائيلي سيكون قادراً ابتداء من عام 2026 على استيعاب جميع اليهود المتشددين.

«الحريديم» في مظاهرة بالقدس ضد قرار تجنيدهم بالجيش الإسرائيلي 30 يونيو 2024 (أ.ب)

ونقل المستشار القانوني للحكومة، غالي بهراف ميارا، موقف الدولة بشأن تجنيد المتشددين، إلى المحكمة، وأشار إلى أن الجيش سيكون قادراً على استيعاب أرقام محددة من الحريديم هذا العام، وفي عام 2026 لن يكون هناك حد على الإطلاق.

وقالت الحكومة إن «الجيش أرسل أوامر التعبئة إلى نحو 7000 من اليهود المتشددين في سن الخدمة العسكرية».

وكان الجيش الإسرائيلي أعلن الثلاثاء، عن زيادة كبيرة في التجنيد من الطائفة اليهودية المتشددة لفترة التجنيد الثانية لعام 2024.

وفقاً للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، «انضم 338 مجنداً جديداً من اليهود المتشددين إلى وحدات مختلفة: 211 بوصفهم مقاتلين و127 في مهام دعم».

ويؤكد الجيش الإسرائيلي أن «هذا الدمج يتم مع احترام الظروف وأسلوب الحياة الديني للمجندين، مع تكييف البرامج القائمة».

لكن بحسب وسائل إعلام إسرائيلية، فإن إرسال الجيش الإسرائيلي 7000 أمر تجنيد إضافي لأعضاء المجتمع الحريدي جاء بعد أن فشلت المرحلة الأولى من خطة تجنيد الجنود الحريديم إلى حد كبير.

نزاع شائك

ومن بين 3000 أمر تجنيد صدرت للمتدينين الحريديم خلال الصيف الماضي، استجاب 300 شخص منهم وحضروا إلى مراكز التجنيد.

وجاءت أوامر الجيش بعد حكم تاريخي للمحكمة العليا في يونيو (حزيران) الماضي، وفيه أنه «لم يعد هناك أي إطار قانوني يسمح للدولة بالامتناع عن تجنيد طلاب المدارس الدينية الحريدية في الخدمة العسكرية».

والنزاع حول خدمة المجتمع الحريدي في الجيش هو أحد أبرز النزاعات الشائكة في إسرائيل، حيث لم تنجح محاولات الحكومة والقضاء على مدار عقود من الزمان في التوصل إلى حل مستقر لهذه القضية.

وتقاوم الزعامات الدينية والسياسية الحريدية بشدة أي جهد لتجنيد الشباب الحريديم.

يعارض «الحريديم» الخدمة في الجيش (أرشيفية - أ.ف.ب)

ويقول العديد من اليهود الحريديم إن «الخدمة العسكرية تتعارض مع أسلوب حياتهم، ويخشون أن يصبح المجندون علمانيين».

ولكن الإسرائيليين الذين يخدمون في الجيش يقولون إن هذه «الإعفاءات الجماعية القائمة منذ عقود تثقل كاهلهم بشكل غير عادل، وهذا الشعور تفاقم منذ هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) والحرب التالية، التي قتل فيها أكثر من 780 جندياً واستدعي نحو 300 ألف مواطن للخدمة الاحتياطية».

وفي العام الماضي، تم إدراج 63 ألف رجل من الحريديم على أنهم مؤهلون للخدمة العسكرية، وارتفع الرقم إلى 80 ألفاً هذا العام.

وتعمل أحزاب الائتلاف الحريدية على تشريع قانون معروف باسم «قانون التجنيد» من شأنه أن يتضمن زيادة في التجنيد، لكن مع الحفاظ على نطاق واسع من الإعفاء للرجال الحريديم، وهو ما خلف مزيداً من الجدل الصاخب والنقاش في إسرائيل.

وبداية العام الحالي، أعلن وزير الدفاع السابق، عضو الكنيست يوآف غالانت، استقالته من الكنيست، وتطرق إلى موضوع قانون التجنيد الذي كان سبباً في إقالته من منصبه، قائلاً: «في الشهرين الأخيرين منذ إقالتي من منصب وزير الدفاع، سقط أمر ما. الحكومة الإسرائيلية، بقيادة رئيس الوزراء ووزير الدفاع تقوم بتسريع قانون التجنيد (الإعفاء) الذي يتعارض مع احتياجات الجيش الإسرائيلي وأمن دولة إسرائيل. لا أستطيع قبول ذلك ولا أستطيع أن أكون شريكاً في ذلك».