تزايد القلق الأوروبي من موجة الإصابات الجديدة

تراجع ألماني عن الإغلاق... وإشادة علمية بخطة التلقيح البريطانية

ميركل تعقد مؤتمراً صحافياً بعد لقاء ممثلي الولايات الثلاثاء (رويترز)
ميركل تعقد مؤتمراً صحافياً بعد لقاء ممثلي الولايات الثلاثاء (رويترز)
TT

تزايد القلق الأوروبي من موجة الإصابات الجديدة

ميركل تعقد مؤتمراً صحافياً بعد لقاء ممثلي الولايات الثلاثاء (رويترز)
ميركل تعقد مؤتمراً صحافياً بعد لقاء ممثلي الولايات الثلاثاء (رويترز)

يزداد القلق في أوروبا من التفاقم السريع للمشهد الوبائي والجموح المتواصل للفيروس، حيث سجّل عدّاد الإصابات الجديدة والوفيّات أرقاماً قياسية في أكثر من بلد، فيما تتجه الحكومات نحو المزيد من التشديد في تدابير العزل والاحتواء تحت ضغوط شعبية متنامية ضد الإقفال ولتسريع حملات التلقيح التي ما زال يكتنفها غموض وتعثّر في معظم بلدان الاتحاد الأوروبي.
وأفاد المكتب الإقليمي الأوروبي لمنظمة الصحة العالمية بأن الارتفاع الذي تشهده معدلات الإصابات الجديدة في عدد كبير من البلدان الأوروبية ينذر بموجة وبائية جديدة، يخشى أن دولاً عدة ليست في ظروف تسمح لها بمواجهتها بالفاعلية المطلوبة. وجاء في بيان للمركز، صدر أمس الأربعاء، أن نسبة الإصابات التي تستدعي العلاج في المستشفى وعدد الحالات في أقسام العناية الفائقة، فضلا عن أعداد الوفّيات المرتفعة، تدلّ على أن الطفرات الفيروسية الجديدة، وبخاصة منها البريطانية، ليست أسرع سرياناً فحسب، بل هي أيضاً أشدّ فتكاً من السلالة الأصلية.
وكانت بولندا قد سجّلت أمس أكثر من 30 ألف إصابة جديدة و575 حالة وفاة، في الوقت الذي أعلنت وزارة الصحة أن وحدات العناية الفائقة في معظم المستشفيات لم تعد قادرة على استيعاب حالات جديدة، وطلبت مساعدة الدول المجاورة لاستقبال المصابين بحالة خطرة الذين يتعذّر علاجهم في المستشفيات البولندية.
وسجّلت بلغاريا والجمهورية التشيكية وأوكرانيا أيضاً أرقاماً قياسية جديدة في عدد الإصابات والوفيات لليوم الثاني على التوالي، فيما كانت أرقام الوفيّات الإيطالية تعود إلى المستويات التي شهدتها في الموجة الأولى، وذلك بعد أن تجاوز عدد الحالات التي تعالج في المستشفيات 132 ألفا، منهم 3456 في وحدات العناية الفائقة، وزاد العدد الإجمالي للوفيات عن 105 آلاف منذ بداية الجائحة.
وبعد الاجتماع الماراثوني الذي عقدته المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل يوم الاثنين مع السلطات الإقليمية لتحديد تدابير العزل الجديدة، والذي دام ثلاث عشرة ساعة حتى الثالثة من فجر الثلاثاء، عادت أمس الأربعاء إلى دعوة هذه السلطات إلى اجتماع طارئ أعلنت في ختامه إلغاء إجراءات الإقفال التي كانت قد قررتها لفترة أعياد الفصح، وذلك بعد أربع وعشرين ساعة من اتخاذها. وقالت ميركل: «أتحمّل وحدي مسؤولية هذا الخطأ الذي ارتكبته بكل حسن نيّة. أعرب عن أسفي العميق وأطلب المعذرة من جميع المواطنين على ذلك». وتجدر الإشارة إلى أن قرار الإقفال الصارم الذي كان مفترضاً تطبيقه الأسبوع المقبل كان قد أثار انتقادات شديدة في الأوساط التجارية ولغطاً واسعاً بين المواطنين.
وفي تعليقها على النبأ الذي نشرته أمس صحيفة «لا ستامبا» الإيطالية الصادرة في ميلانو، عن أن الشرطة القضائية كشفت وجود 29 مليون جرعة من لقاح أسترازينيكا مخبّأة في أحد المستودعات ومعدّة للتصدير إلى المملكة المتحدة، قالت ميركل إن هذه اللقاحات يجب أن تسلّم للاتحاد الأوروبي ومن شأنها تسريح حملات التلقيح في بلدان الاتحاد. ودعت المستشارة الألمانية المفوضية الأوروبية إلى شراء اللقاح الروسي «سبوتنيك في».
من جهتها، قررت الحكومة الهولندية تمديد القيود المفروضة على التنقّل والأنشطة التجارية حتى العشرين من الشهر المقبل، ونصحت المواطنين بعدم مغادرة البلاد للترفيه أو للسياحة حتى منتصف مايو (أيار)، والحدّ من التنقلات الداخلية خلال فترة الأعياد المقبلة.
وفي فرنسا، قال وزير الداخلية جيرالد دارمانين إن الحكومة تدرس إجراءات لوقف الرحلات التي تقوم بها منذ أسابيع مجموعات من الشباب لقضاء فترات عطلة قصيرة في إسبانيا، حيث تدابير العزل والاحتواء أقل صرامة، الأمر الذي أثار موجة من الاحتجاجات في بعض الأقاليم الإسبانية، خاصة أن التنقّل محظور بين منطقة وأخرى على المواطنين الإسبان. وفيما قال الرئيس الفرنسي إنه لا بد من التلقيح على مدار الساعة لتحقيق هدف التغطية اللقاحية المنشود بحلول فصل الصيف، طلب وزير الداخلية من الفرنسيين بعض التضحيات الإضافية «مع بداية ظهور النور في نهاية النفق»، على حد قوله.
وعلى الجبهة اللقاحية، دعت مجموعة من الخبراء الأوروبيين في العلوم الوبائية والفيروسية إلى الاقتداء بالتجربة البريطانية التي تمكّنت حتى الآن من تلقيح 54 في المائة من السكّان البالغين، مشيرة إلى أن عدد الذين تلقّوا اللقاح يوم السبت الماضي في المملكة المتحدة بلغ 844285 مواطناً، أي بمعدّل 27 جرعة في الثانية.
وفي مقال تنشره مجلة Nature Cancer في عددها الأخير، تفيد دراسة أجراها خبراء معهد البرت آينشتاين الأميركي بأن مرضى السرطان المصابين بـ«كوفيد - 19» يولّدون مضادات للأجسام بنفس المستوى الذي يولّده غير المرضى، وأن القدرة على ذلك تتوقّف على نوع السرطان والعلاج الذي يتناوله المريض. كما أفادت الدراسة بأن مرضى السرطان يتجاوبون جيّداً مع اللقاحات، الأمر الذي كان موضع تساؤل في الأوساط العلمية منذ أشهر.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».