كوبيش يطالب بـ«خطوات» لنشر آلية مراقبة وقف النار في ليبيا

غوتيريش يجدد الدعوة لرحيل المرتزقة والقوات الأجنبيّة من البلاد

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (أ.ف.ب)
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (أ.ف.ب)
TT

كوبيش يطالب بـ«خطوات» لنشر آلية مراقبة وقف النار في ليبيا

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (أ.ف.ب)
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (أ.ف.ب)

أكد رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (أنسميل)، المبعوث الخاص للأمين العام، يان كوبيش، أمس أن المقاتلين الأجانب والمرتزقة عادوا إلى مواضعهم في عدد من المناطق الليبية، وأن جميع الليبيين باتوا يطالبون هؤلاء بمغادرة البلاد، مشيراً إلى خطوات عدة «لا تزال مطلوبة من أجل نشر آلية أممية لمراقبة وقف النار، والاستعداد للانتخابات العامة»، المقررة نهاية السنة الجارية.
وفي إحاطة هي الأولى له أمام أعضاء مجلس الأمن، منذ تسلمه منصب المبعوث الأممي الخاص إلى ليبيا، ركز كوبيش على ما أنجز في ليبيا حتى الآن، بعد منتدى الحوار السياسي، وقيام السلطة التنفيذية المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، قبل الانتخابات العامة المقررة في 24 ديسمبر (كانون الأول) 2021، معتبراً اجتماع مجلس النواب في 10 من مارس (آذار) الجاري شكل «علامة سياسية تاريخية بعد سنوات من الشلل والانقسامات الداخلية». وبعد أن أوضح أن الحكومة الجديدة «تعكس مختلف المناطق الليبية ومؤسسات الدولة»، شكر كوبيش شركاء ليبيا الدوليين على قيامهم «بدور داعم»، ولا سيما جيرانها مصر والمغرب وتونس، معتبراً أن الليبيين «يحتاجون إلى دعم متواصل ومتسق من مجلس الأمن». كما لاحظ أن «هناك دعماً واسعاً وقوياً في البلاد» لإجراء الانتخابات في 24 من ديسمبر المقبل، مضيفاً أنه «من الأهمية بمكان أن يكون هناك إطار قانوني ودستوري واضح للانتخابات الرئاسية والبرلمانية»، وأنه ينبغي تبني مفوضية الانتخابات بحلول 31 يوليو (تموز) المقبل على أبعد تقدير «لتكون الانتخابات ممكنة في ديسمبر».
في سياق ذلك، أوضح كوبيش أن المقاتلين الأجانب «لا يزالون في البلاد»، مؤكداً أن «انسحابهم من ليبيا سيقطع شوطاً طويلاً في إعادة تشكيل الوحدة والسيادة الوطنية، وتضميد الجراح العميقة، التي سببتها سنوات عديدة من الفتنة الداخلية، والنزاع النشط والتدخل الأجنبي». وفي هذا السياق ذكر كوبيش أنه في 3 من مارس الجاري، نشرت الأمانة العامة للأمم المتحدة فريقاً متقدماً «لتقييم دعم الأمم المتحدة المحتمل لآلية مراقبة وقف النار بقيادة ليبية»، موضحاً أنه «لم يتم الانتهاء من عمل الفريق المتقدم» لدعم تنفيذ اتفاق وقف النار. لكنه أشار إلى «استمرار الزخم على المسار الأمني، والعمل المتناغم على المسارات السياسية والاقتصادية والإنسانية»، موضحاً أنه، فيما يستمر اتفاق وقف النار ساري المفعول، «هناك تقارير عن استمرار إقامة تحصينات ومواقع دفاعية على طول محور سرت - الجفرة في وسط ليبيا، فضلاً عن الوجود المستمر للعناصر الأجنبية»، بما فيها عناصر «داعش» والجماعات الإرهابية الدولية الأخرى.
من جهتها، قالت رئيسة مجلس الأمن للشهر الجاري، المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، إن العملية السياسية الليبية «تقدمت بشكل كبير خلال الأشهر الستة الماضية». ورحبت بالخطوات التي اتخذت حتى الآن، مشيرة إلى «ثلاث خطوات رئيسية ينبغي القيام بها من أجل السلام الدائم في ليبيا. كما أوضحت أن بلادها «تشعر بالقلق» من أن ليبيا ليس لديها ميزانية موحدة حتى الآن، داعية إلى «الشفافية»، بما يتيح لحكومة الوحدة الوطنية المؤقتة «استئصال الفساد، حيثما كان ذلك ممكناً».
وأضافت غرينفيلد موضحة أن الأولوية القصوى «يجب أن تكون لتنظيم انتخابات حرة ونزيهة في 24 ديسمبر 2021»، ودعت إلى تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، واحترام حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة، مؤكدة أن الوقت حان «لتحويل التقدم الواعد إلى سلام كامل ودائم».
وكان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، قد أعرب في تقريره الذي سلّمه إلى مجلس الأمن أمس عن «قلقه العميق» إزاء «التقارير حول استمرار وجود عناصر أجنبية في سرت ومحيطها ووسط ليبيا»، وعبر في تقريره عن أسفه لأنه «لم يتم الإبلاغ عن أي خفض في عدد القوات الأجنبيّة، أو أنشطتها في وسط ليبيا».
وقال غوتيريش: «أكرر دعوتي إلى جميع الجهات الفاعلة الوطنيّة والإقليميّة والدوليّة لاحترام أحكام اتفاق وقف إطلاق النار، من أجل ضمان تنفيذه بالكامل ومن دون تأخير، وهذا يشمل الامتثال الكامل وغير المشروط لحظر الأسلحة، الذي تفرضه الأمم المتحدة».
وفصّل غوتيريش في تقريره مقترحه لنشر تدريجي لبعثة تراقب وقف إطلاق النار، ومغادرة المرتزقة والقوات الأجنبية، دون أن يحدد عدد المراقبين المقترحين، لكنه أوضح أنهم مدنيون غير مسلحين، وسينشرون بالاتفاق مع الأطراف الليبية.
وطالبت عدة دول، من بينها المملكة المتحدة والمكسيك وكينيا والنيجر وفرنسا، خلال الاجتماع المنعقد عبر الفيديو، بـ«رحيل كامل لا رجوع فيه» للمرتزقة، بمن فيهم مقاتلو شركة «فاغنر» الأمنية الخاصة الروسية، التي تعرف بقربها من الكرملين، مع ضمان عدم انتشارهم في دول مجاورة لليبيا.
لكن المندوب الروسي نفى وجود أي مقاتلين أو مرتزقة لبلاده في ليبيا، موضحاً أنه في حال وجد أحد، فإنه ليس من الحكومة الروسية، ولا بطلب منها.
كما عبّر مندوب فرنسا، نيكولا دي ريفيير، عن أسفه لأن رحيل القوات الأجنبية كان يجب أن يتم بعد ثلاثة أشهر على الأقصى من إبرام اتفاق وقف إطلاق النار، في حين «مرّ أكثر من 150 يوما» دون أن يتحقق ذلك.
وأفاد دبلوماسيون بأنه من المنتظر صدور قرار من مجلس الأمن تعمل على تجهيزه المملكة المتحدة، يحدّد تفويض آلية المراقبة، ويعطي الضوء الأخضر لتفعيلها.



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).