«القاعدة» يسيطر على معسكر بمحافظة شبوة جنوب اليمن

المواجهات أسفرت عن مقتل سبعة أشخاص من الطرفين

«القاعدة» يسيطر على معسكر بمحافظة شبوة جنوب اليمن
TT

«القاعدة» يسيطر على معسكر بمحافظة شبوة جنوب اليمن

«القاعدة» يسيطر على معسكر بمحافظة شبوة جنوب اليمن

سيطر مسلحون من تنظيم "القاعدة"، اليوم (الخميس)، على معسكر اللواء 19 مشاة في محافظة شبوة بجنوب اليمن بعد مواجهات اسفرت عن مقتل سبعة اشخاص من الطرفين، حسبما افاد مسؤول محلي لوكالة الصحافة الفرنسية.
وأضاف المصدر، "قتل ثلاثة جنود واربعة من القاعدة في اشتباكات انتهت بسيطرة "انصار الشريعة" (التسمية التي تتخذها القاعدة في الجنوب) على معسكر اللواء 19 مشاة في بيحان" التابعة لمحافظة شبوة.
وأكد تنظيم القاعدة في بيان عبر "تويتر" السيطرة الكاملة على معسكر "اللواء التابع للجيش المتحوث"، نسبة الى المسلحين الحوثيين.
ونشر التنظيم صورا لعناصره داخل المعسكر ولعدد من جنود اللواء 19 الذين تم أسرهم، فضلا عن صور لعناصر التنظيم وهم يرفعون رايتهم على بوابة المعسكر.
وتمكن مسلحو "القاعدة" من احتجاز عشرات الجنود.
الا ان مصدرا قبليا أكد الافراج عن الجنود بعد وساطة قبلية وبعد تخلي الجنود عن أسلحتهم.
وفي هذا السياق، قال مصدر عسكري في شبوة للوكالة، ان عناصر "القاعدة" استولوا على كميات كبيرة من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة من هذا المعسكر. مضيفا ن "المعدات التي تم نهبها من المعسكر هي 30 دبابة و90 مركبة عسكرية و25 مصفحة و28 مدفعا".
ويأتي ذلك فيما يغرق اليمن في أزمة سياسية وأمنية، من دون رئيس جمهورية او حكومة وفي ظل سيطرة المسلحين الحوثيين على صنعاء.
من جهتهم، اعتبر الحوثيون ان اغلاق السفارات الغربية في العاصمة اليمنية "غير مبرر"، مؤكدين في نفس الوقت استعدادهم لإعادة المركبات الاميركية التي استولوا عليها للأمم المتحدة.
وأغلقت الولايات المتحدة وعدة دول اوروبية منها فرنسا وبريطانيا، سفاراتها امس الاربعاء في صنعاء، وأجلت اطقمها الدبلوماسية، على خلفية اشتداد الأزمة السياسية والأمنية مع صعود المسلحين الحوثيين، الذين يحاولون تثبيت دعائم سيطرتهم على البلد.
وسارع موظفو السفارة الاميركية الى الخروج من البلاد تاركين خلفهم السيارات الدبلوماسية والعربات المدرعة التي استولى عليها المسلحون.
كما استولى عناصر الميليشيات على ثلاثين سيارة اميركية في مطار صنعاء بعيد مغادرة السفير الاميركي.
ويأتي ذلك فيما تابعت الاطراف اليمنية حوارا برعاية الامم المتحدة ومبعوثها الخاص جمال بنعمر للخروج من الأزمة العميقة واطلاق مرحلة انتقالية جديدة، بعد استقالة الرئيس عبدربه منصور هادي والحكومة.
واكد مشاركون في الجلسة الحوارية التي عقدت مساء الاربعاء ان المحادثات لم تحقق أي اختراق مع تمسك الحوثيين بـ"الاعلان الدستوري" الذي اصدروه الجمعة وحلوا بموجبه البرلمان مع تشكيل لجنة امنية لادارة شؤون البلاد بانتظار تشكيل مجلس رئاسي.
وسيطر الحوثيون في 21 سبتمبر (ايلول) على صنعاء، ووقعوا في اليوم ذاته على اتفاق للسلام وتقاسم السلطة مع باقي الاحزاب، إلا ان تنفيذ الاتفاق فشل.
وفي 20 يناير (كانون الثاني) سيطروا على دار الرئاسة، ثم أبرموا اتفاقا جديدا مع الرئيس هادي، لكنه فشل مجددا، ما دفع بالرئيس الى الاستقالة مع الحكومة.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.