مواجهات لمنع مستوطنين من السيطرة على تلة أثرية في نابلس

فلسطيني يعبر الطريق وسط مواجهات بين متظاهرين وقوات الأمن الإسرائيلية جنوب نابلس أمس (أ.ف.ب)
فلسطيني يعبر الطريق وسط مواجهات بين متظاهرين وقوات الأمن الإسرائيلية جنوب نابلس أمس (أ.ف.ب)
TT

مواجهات لمنع مستوطنين من السيطرة على تلة أثرية في نابلس

فلسطيني يعبر الطريق وسط مواجهات بين متظاهرين وقوات الأمن الإسرائيلية جنوب نابلس أمس (أ.ف.ب)
فلسطيني يعبر الطريق وسط مواجهات بين متظاهرين وقوات الأمن الإسرائيلية جنوب نابلس أمس (أ.ف.ب)

اشتبك فلسطينيون مع الجيش الإسرائيلي، على مدار يومين، في جبل العرمة بنابلس، لمنع مستوطنين من السيطرة عليه.
واستبق الفلسطينيون وصول مستوطنين إلى الجبل بعد دعوات للاعتصام هناك، ثم دخلوا في مواجهات كر وفر في الجبل الذي يعد تلة أثرية وشهد مواجهات سابقة. وقال منور بني شمسه، أمين سر حركة «فتح» في بلدة بيتا التي يعد الجبل جزءاً من أراضيها، إن قوات الاحتلال اقتحمت جبل العرمة في ساعات الفجر الأولى، واستهدفت المعتصمين على قمته، بالرصاص المطاطي وقنابل الغاز المسيل للدموع، ما أدى إلى إصابة عدد منهم.
وأضاف أن عدداً من المواطنين اعتصموا فوق جبل العرمة، بعد دعوات لاقتحامه من قبل المستوطنين، وأصيب عدد منهم بأعيرة معدنية مغلفة بالمطاط، وبالاختناق جراء الرصاص والغاز المسيل للدموع الذي أطلقته قوات الاحتلال. والعام الماضي قتلت إسرائيل فلسطينياً، وجرحت آخرين في مواجهات عنيفة في الجبل، في محاولة لمنع المستوطنين من السيطرة عليه.
والجبل هو منطقة أثرية، اكتسب أهمية في العصر البرونزي المتوسط قبل أكثر من ثلاثة آلاف عام، ويحوي خربة قديمة. ويشهد مواجهات من وقت لآخر بين الشبان والقوات الإسرائيلية.
في السياق، اتهمت وزارة الخارجية الفلسطينية، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بتكثيف دعم الاستيطان في الفترة الأخيرة. وقالت إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يواصل «اجترار» شعاراته ومواقفه التي اعتاد إطلاقها منذ صعوده إلى سدة الحكم في عام 2009، ويعمل على إعادة تغليفها وإنتاجها بصيغ مختلفة، لتسويقها لدى المجتمع الدولي والإدارة الأميركية الجديدة، دون أن يغير شيئاً في جوهرها ومضامينها الاستعمارية التوسعية.
وأكدت الوزارة، في بيان، أمس، أن الثابت الوحيد طيلة مراحل حكم نتنياهو هو تعميق الاستيطان وتوسيعه، وضم المزيد من الأرض الفلسطينية المحتلة، ومحاربة أي وجود فلسطيني في جميع المناطق المصنفة «ج»، بالإضافة إلى استكمال عمليات تهويد القدس وفصلها عن محيطها الفلسطيني، وهو ما أكدته عشرات التقارير الأممية والإسرائيلية والمحلية التي تحدثت عن تضاعف نسب الاستيطان وأعداد المستوطنين، وارتفاع وتيرة هدم المنازل والمنشآت الفلسطينية وعمليات التهجير القسري للمواطنين الفلسطينيين.
وتحدث البيان عن «أنه في الأيام القليلة الماضية كثف نتنياهو، ولأغراض انتخابية، مشاركته الفعلية في دعم الاستيطان والمستوطنين». ونوهت الوزارة إلى محاولاته ترويج عدد من التوصيفات والتصنيفات لشكل وطبيعة وصورة الدولة الفلسطينية، أبرزها مهاتراته بشأن «سيادة منقوصة وغير كاملة» للدولة الفلسطينية، تحت شعار «الفزاعة الأمنية» التي يستعين بها دائماً لتمرير مشاريعه الاستعمارية التوسعية، وهو ما أكد عليه نتنياهو حين رفض علناً الدولة الفلسطينية (بالمفهوم الكلاسيكي)، حسب رأيه، أي رفض وجود دولة فلسطينية كاملة السيادة وقابلة للحياة ومتواصلة جغرافياً بعاصمتها القدس الشرقية.
ورأت الوزارة أن نتنياهو يختلق من خياله صورة لدولة فلسطينية تنسجم مع خريطة مصالحه الاستعمارية، ويعمل على فرضها على الأرض بالقوة، ويحاول تسويقها من جديد بلغة ناعمة للمجتمع الدولي ولإدارة بايدن، «ليس هذا فحسب، بل ويقترح متذاكياً مساراً جديداً للسلام مع الفلسطينيين ينطلق من اتفاقيات التطبيع العربية الإسرائيلية، بوابة تؤدي وفق تصوره إلى (سلام) مع الفلسطينيين، أي قلب مبادرة السلام العربية رأساً على عقب وتفريغها من مضمونها، والتلاعب في مراحلها، ما يتناقض تماماً مع الشرعية الدولية وقراراتها ومرجعيات السلام الدولية». وأكدت الوزارة أنها ستواصل تفعيل كافة المسارات القانونية الممكنة، لكشف هذا العدوان، مشيرة إلى أن القانون الدولي لا يحتمل التأويل أو ازدواجية التفسير.



مصر: تعويض خسائر قناة السويس عبر تنويع خدماتها

عبور الحوض العائم «دورادو» الجمعة الماضي كأكبر وحدة عائمة تعبر قناة السويس في تاريخها (هيئة قناة السويس)
عبور الحوض العائم «دورادو» الجمعة الماضي كأكبر وحدة عائمة تعبر قناة السويس في تاريخها (هيئة قناة السويس)
TT

مصر: تعويض خسائر قناة السويس عبر تنويع خدماتها

عبور الحوض العائم «دورادو» الجمعة الماضي كأكبر وحدة عائمة تعبر قناة السويس في تاريخها (هيئة قناة السويس)
عبور الحوض العائم «دورادو» الجمعة الماضي كأكبر وحدة عائمة تعبر قناة السويس في تاريخها (هيئة قناة السويس)

تتّجه قناة السويس المصرية إلى «تنويع مصادر دخلها»، عبر التوسع في تقديم الخدمات الملاحية والبحرية للسفن المارّة بالمجرى الملاحي، في محاولة لتعويض خسائرها الناتجة عن تراجع حركة السفن التجارية، بسبب توتّرات البحر الأحمر.

وأعلن رئيس هيئة قناة السويس، الفريق أسامة ربيع، الاثنين، عن «استراتيجية لتحويل القناة إلى منصة إقليمية لتقديم الخدمات اللوجيستية»، في خطوة وصفها خبراء بالمهمة لتعويض التراجع في إيرادات القناة.

ومنذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، غيَّرت بعض شركات الشحن العالمية مسارها، متجنبةً المرور في البحر الأحمر، إثر استهداف جماعة «الحوثي» اليمنية السفنَ المارّة بالممرّ الملاحي، «رداً على استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة».

وسبق أن أشارت مصر إلى تأثر حركة الملاحة بقناة السويس بالتوترات الإقليمية. وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في سبتمبر (أيلول) الماضي، إن «بلاده فقدت ما بين 50 إلى 60 في المائة من دخل قناة السويس، بما قيمته أكثر من 6 مليارات دولار خلال 8 أشهر».

وتحدّث رئيس هيئة قناة السويس عن خطة لتوسيع خدمات القناة الملاحية والبحرية، خلال اجتماع مع وزير المالية المصري أحمد كجوك، الاثنين، لمناقشة موارد القناة المالية.

وقال ربيع إن «القناة تسعى لتنويع مصادر دخلها، وعدم الاقتصار على رسوم عبور السفن فقط»، مشيراً إلى أن الخطة تتضمن «تحويل القناة لمنصة إقليمية لتقديم الخدمات اللوجيستية، وتعزيز التوجه الوطني لتوطين الصناعات البحرية، بتفعيل الشراكة مع القطاع الخاص».

وأوضح ربيع أن «قناة السويس حقّقَت تقدماً في دعم شركاتها العاملة بمجال خدمات صيانة وإصلاح السفن، وتقديم الخدمات البحرية»، وأشار إلى شركات حديثة للهيئة، منها «شركة تنمية الموانئ، وأخرى مختصة بصناعة اليخوت البحرية».

الفريق أسامة ربيع يبحث مع وزير المالية المصري استراتيجية تنمية إيرادات القناة (هيئة قناة السويس)

وبحسب رئيس هيئة قناة السويس، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تراجعت أعداد السفن المارّة من 25887 سفينة خلال العام المالي الماضي (2022 - 2023)، إلى 20148 سفينة خلال العام المالي الحالي (2023 - 2024).

وباعتقاد مستشار النقل البحري المصري أحمد الشامي، فإن تنويع خدمات قناة السويس الملاحية «سيجذب شركات الشحن العالمية للعبور من القناة مرة أخرى»، مشيراً إلى أن «القناة بدأت في تحديث خدماتها بالمشاركة مع شركات عالمية في هذا المجال، ما سيُسهم في زيادة الموارد».

وأشاد الشامي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، باستمرار إدارة القناة في مخطط التطوير، وتنفيذ أعمال الازدواج الكامل للمجرى الملاحي، مشيراً إلى أن ذلك «يعزّز قدراتها في استيعاب كبرى الناقلات العالمية».

وشهدت قناة السويس، الجمعة الماضي، مرور الحوض العائم «دورادو» القادم من سنغافورة إلى تركيا، كأكبر وحدة عائمة تعبر القناة في تاريخها، حسب إفادة من القناة.

ودعا مستشار النقل البحري المصري إلى توسيع قناة السويس لشراكاتها الملاحية مع دول الجوار، وقال: «يمكن التوسع في خدمات القناة، بالتعاون عبر وسائط متعدّدة تشمل دولاً أخرى في المنطقة العربية، وفي منطقة الشرق الأوسط، مثل قبرص واليونان»، مشيراً إلى أن «التكامل مع هذه الدول سيُسهم في زيادة موارد الملاحة بقناة السويس، وأيضاً الموانئ البحرية المصرية».

وفي سبتمبر الماضي، بحث رئيس هيئة قناة السويس مع رئيس الهيئة العامة للنقل السعودي، رميح بن محمد رميح، «تعزيز التعاون في مجال تقديم الخدمات اللوجيستية والسياحة البحرية»، مشيراً إلى أن «القناة اتخذت إجراءات للتعامل بمرونة مع تحديات الملاحة في البحر الأحمر، منها استحداث حزمة جديدة من الخدمات الملاحية لم تكن تُقدَّم من قبل، كخدمات القَطْر والإنقاذ وصيانة وإصلاح السفن، ومكافحة التلوث والانسكاب البترولي، وخدمات الإسعاف البحري، وغيرها».

وبمنظور الخبير الاقتصادي المصري، وليد جاب الله، فإن «قناة السويس تمر بمرحلة صمود، في ضوء تأثرها بالأوضاع الإقليمية»، وقال إن «إدارة القناة تبحث عن بدائل لمواردها غير رسوم عبور السفن، من أجل تجاوز تلك المرحلة، عن طريق تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص في الخدمات التي تقدّمها».

وعدّ جاب الله، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «توسّع القناة في تنوّع مصادر دخلها، هدف قائم منذ فترة وتسعى لتحقيقه، من خلال مشروع المنطقة الاقتصادية، لاستثمار موانئ وأراضي المنطقة»، مشيراً إلى أن «نجاح تلك الإجراءات مرهون بزيادة أعداد السفن العابرة للقناة»، وتوقّع في نفس الوقت انفراجة في أزمة حركة الملاحة البحرية بالبحر الأحمر، العام المقبل، مع تولّي الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، مهامه رسمياً، وتنفيذ تعهّده بإنهاء التصعيد والصراعات العالمية، ومنها التوتر في البحر الأحمر.