حزب تونسي معارض يطالب البرلمان ببدء إجراءات «عزل» الرئيس

الرئيس التونسي قيس سعيد (د.ب.أ)
الرئيس التونسي قيس سعيد (د.ب.أ)
TT

حزب تونسي معارض يطالب البرلمان ببدء إجراءات «عزل» الرئيس

الرئيس التونسي قيس سعيد (د.ب.أ)
الرئيس التونسي قيس سعيد (د.ب.أ)

دعا عصام البرقوقي، النائب ورئيس حزب «الإرادة الشعبية» المعارض، كل الكتل البرلمانية إلى المضيّ قدماً في إجراءات عزل الرئيس التونسي قيس سعيد من منصبه، وذلك على خلفية «كذبه» على التونسيين بادّعائه التعرض لمحاولة اغتيال بواسطة رسالة مسمومة، علاوة على حديثه عن مؤامرات تُحاك ضد أمن الدولة، دون أن يقدم دليلاً إلى القضاء التونسي يؤكد اتهاماته.
وفي غضون ذلك، اتخذ القضاء قراراً بمنع راشد الخياري، النائب المقرب من حركة «النهضة»، من نشر تسريبات جديدة حول المحادثة التي جمعته مع النائب محمد عمار، رئيس الكتلة الديمقراطية المعارضة، وذلك حفاظاً على حسن سير الأبحاث الأمنية، إثر فتح تحقيق قضائي في تلك التسريبات، التي وُصفت بـ«الصادمة والخطيرة لما فيها من مسٍّ بسمعة القضاء، ورئاسة الجمهورية وعدد من نواب البرلمان».
إلى ذلك، تحولت الجلسة العامة للبرلمان التونسي، أمس، إلى فوضى عارمة، بعد أن رفع نواب كتلة «الدستوري الحر» المعارض لافتات تصف مجلس نواب الشعب بـ«برلمان الإخوان»، وهو ما أثار غضب عدد كبير من البرلمانيين، الذين أوقفوا الجلسة وطالبوا بالتصدي لما عدّوه «تعدياً على المجلس ونوابه». وبدا الغضب العارم على وجوه عدد من نواب البرلمان، خصوصاً ممثلي حركة «النهضة»، حيث طالب سمير ديلو، القيادي في الحركة، عبير موسي، رئيسة «الدستوري الحر»، بتقديم اعتذار عمّا فعلته داخل المجلس، وأن تتوقف عن «التهريج وتسفيه العمل البرلماني». فيما قال أسامة الخليفي، رئيس كتلة «قلب تونس»، إن حزبه «سيتصدى لمحاولات تعطيل مؤسسات الدولة والبرلمان، ووقف الوقاحة»، على حد تعبيره. كما عبّرت سامية عبو، النائب عن الكتلة الديمقراطية التي تقود المعارضة في البرلمان، عن رفضها لممارسات كتلة «الدستوري الحر». وتعطلت أشغال جلسة البرلمان، أمس، بسبب تشبث موسي بالتدخل، وإحداثها حالة من الهرج والفوضى داخل قاعة الجلسة، وهو ما دفع الكتل البرلمانية إلى طلب توقيف الجلسة.
وكان أعضاء مكتب البرلمان قد أيّدوا قرار راشد الغنوشي، رئيس البرلمان، حرمان موسي من حضور اجتماع المكتب، على خلفية إخلالها بالنظام الداخلي للبرلمان، وإرباك سير الجلسات واجتماعات المجلس، وتشويه صورة نواب البرلمان، وخلصوا إلى قرار منع موسي من حضور الجلسة.
على صعيد غير متصل، أصدرت المحكمة الابتدائية بالعاصمة التونسية حكماً يقضي بإلغاء اتفاق الصلح بين الدولة التونسية وعماد الطرابلسي، صهر الرئيس التونسي الراحل زين العابدين بن علي. وأكدت ابتهال عبد اللطيف، العضوة السابقة بهيئة الحقيقة والكرامة (هيئة دستورية مكلّفة مسار العدالة الانتقالية)، أن عماد الطرابلسي رفع دعوى قضائية في السابق ضد المكلف العام بنزاعات الدولة، ووزير العدل لتصديهما للقرار التحكيمي، وامتناعهما عن إخراجه من السجن.
وكشفت ابتهال، التي شغلت منصب نائبة رئيس لجنة المصالحة والتحكيم داخل الهيئة، عن إخلالات وشبهات فساد كبيرة في ملفات التحكيم والمصالحة، التي أبرمتها الهيئة مع عدد من رجال الأعمال، كما تقدمت بقضية في الغرض.



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».