غروسي يطالب طهران بـ«الشفافية» حول «الأنشطة السرية» لإحياء الاتفاق النووي

المدير العام للوكالة الدولية رافائيل غروسي في اجتماع عبر الفيديو بفيينا أمس (الوكالة الدولية)
المدير العام للوكالة الدولية رافائيل غروسي في اجتماع عبر الفيديو بفيينا أمس (الوكالة الدولية)
TT

غروسي يطالب طهران بـ«الشفافية» حول «الأنشطة السرية» لإحياء الاتفاق النووي

المدير العام للوكالة الدولية رافائيل غروسي في اجتماع عبر الفيديو بفيينا أمس (الوكالة الدولية)
المدير العام للوكالة الدولية رافائيل غروسي في اجتماع عبر الفيديو بفيينا أمس (الوكالة الدولية)

طالب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي، إيران بالشفافية حول جزيئات اليورانيوم المخصّب غير المعلَن عنه لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015.
وقال غروسي في مقابلة مع مجلة «نيوزويك»: إن «المناقشات التفصيلية والفنية» ضرورية للتأكد من موقع اليورانيوم الإيراني غير المعلن، وإن هذه القضية «مرتبطة تماماً» بمستقبل الاتفاق النووي.
وأوضح غروسي أن هناك عدداً من النقاط التي «لا تزال غير واضحة» فيما يتعلق بآثار اليورانيوم التي تم العثور عليها ولكن لم تعلن عنها طهران في الماضي.
وأضاف: «نحتاج إلى معرفة ما كان يجري هناك، نحتاج إلى معرفة نوع الأنشطة التي كانت تجري هناك بالضبط، ونحتاج إلى معرفة ما إذا كانت هناك مواد، وأين توجد هذه المواد الآن؟».
وصرح: «لأنه لم يتم الإعلان عنها. هذا يستلزم مناقشة مفصلة وتقنية للغاية، وهو ما لم يحدث».
والشهر الماضي، أفادت «رويترز» عن دبلوماسيين بأن الوكالة الدولية عثرت على آثار يورانيوم خلال تفتيش مفاجئ للوكالة في موقعين خلال شهري أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) بعدما منعت إيران التفتيش لسبعة أشهر.
وذكرت الوكالة أنها تشتبه في أن أحد الموقعين استُخدم لتحويل اليورانيوم، وهي خطوة تسبق التخصيب، بينما استُخدم الآخر لإجراء تجارب تفجير.
ويهدد الاكتشاف وردّ إيران بالإضرار بجهود الإدارة الأميركية الجديدة لإحياء الاتفاق النووي المبرم مع إيران عام 2015.
ورغم الاعتقاد بأن الموقعين المكتشَفة بهما آثار اليورانيوم غير نشطين منذ نحو عقدين، فإنه يعزّز مخاوف من نيات إيران في ظل أنشطة نووية غير معلنة.
وناقش غروسي موضوع اليورانيوم غير المعلن عنه مع كبار المسؤولين الإيرانيين في طهران الشهر الماضي، بعد وقت قصير من الإعلان عن العثور على آثار.
وقال غروسي لمجلة «نيوزويك» إنه صارح المسؤولين الإيرانيين بأنه «في حالة عدم تقديم توضيحات» فإن «الأمر برمّته سيعاني لأنه في هذه المرحلة كل شيء مترابط». وأضاف: «هناك شيء واحد - وهو ما يحدث مع البرنامج في إيران».
ومن المقرر أن تُجري الوكالة الدولية للطاقة الذرية محادثات في طهران أوائل أبريل (نيسان)، لمعالجة هذه القضية.
وقال غروسي: «لدينا بعض المعلومات، لدينا بعض الفرضيات، وسنطرح أسئلة واضحة للغاية على نظرائنا الإيرانيين من أجل معرفة ما إذا كان بإمكاننا توضيح ذلك».
وعندما سئل عمّا إذا كان يأمل في التوصل إلى نتيجة بشأن قدرات إيران النووية غير المعلنة، قال غروسي بتحفظ: «من الصعب القول إنني أريد توضيح ذلك بحلول موعد ما. لكن نيتي ستكون محاولة الحصول على بعض العناصر الموثوقة على الأقل في غضون الأشهر القليلة المقبلة، بحلول الصيف، إذا أمكن ذلك».
وقال: «إن واجبي هو التأكد من أن كل شيء محسوب كما ينبغي، وإلا فقد نكرر التجارب السابقة، حيث كانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية تحصر الأشياء، وفي أماكن أخرى كانت الأنشطة المحظورة أو غير المعلن عنها جارية، لذا فهي مسألة ملحّة». وأضاف: «إنه شيء يتطلب توضيحاً، لأنه من دون ذلك، فإن ظل السحابة سوف يَلوح في الأفق بشكل كبير على أي شيء نفعله مع إيران».
وأشار غروسي إلى الاتفاق المؤقت الذي أبرمه مع المسؤولين الإيرانيين للتحقق من الأنشطة الحساسة لفترة ثلاثة أشهر رغم أنها أوقفت بروتوكول التفتيش الإضافي، محذراً من أن الجسر الذي يستغرق ثلاثة أشهر «هشٌّ للغاية»، وإذا لم يكن هناك تقدم ملموس بحلول منتصف مايو (أيار) عندما ينتهي هذا الاتفاق المؤقت، فمن المحتمل أن تدخل العلاقات بين واشنطن وطهران «فترة مضطربة للغاية».
وعن سيناريوهات الشهور المقبلة، قال غروسي: «قد يكون لديك وضع يكون فيه مشاورات جارية، ومفاوضات جارية، وعلى الأقل احتمال التوصل إلى اتفاق ما. قد يكون أيضاً اتفاق، أو قد لا يكون أي مما سبق».
وأضاف: «إذا كان الأمر كذلك، فستكون لدينا مشكلة كبيرة. وهذا يعني أنه سيتم إغلاق جميع أبواب ونوافذ البرنامج (النووي) تقريباً، وفي هذه الظروف، سندخل في فترة مضطربة للغاية».
وقال غروسي أيضاً إنه «لا توجد صفقة إيرانية جديدة مطروحة حالياً على الطاولة»، مضيفاً: «سيعيد الطرفان النظر في خطة العمل الشاملة المشتركة أو نسخة معدلة من الصفقة القديمة».
وقال الدبلوماسي إن المحادثات يجب أن تمضي قدماً «عاجلاً وليس آجلاً» لأن استمرار العلاقات كما هي بين طهران وواشنطن «غير مستدام». لكنه أشار إلى بعض «التفاؤل الحذر» من الجانبين. وقال: «أعتقد أن كل جانب يريد الانتقال إلى اتفاق لكن هناك ترددات وشكوك ربما تكون مفهومة من جانب أو جانب آخر». وشدد في الوقت نفسه: «نرى أنفسنا كجزء من الحل»، وأضاف: «عندما يعرف الناس الأنشطة ويحصلون على الضمان لما يجري، فإن الشك والقلق يميلان إلى الانخفاض».



«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
TT

«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)

مساعٍ تتوالى للوسطاء بشأن إبرام هدنة في قطاع غزة، كان أحدثها في القاهرة، وهو ما يفتح تكهنات عديدة بشأن مستقبل الاتفاق المنتظر منذ نحو عام عبر جولات سابقة عادة «ما تعثرت في محطاتها الأخيرة».

«حماس» بالمقابل تتحدث عن سعيها لـ«اتفاق حقيقي»، عقب تأكيد أميركي رسمي عن «مؤشرات مشجعة»، وسط ما يتردد «عن ضغوط وعراقيل»، وهي أحاديث ينقسم إزاءها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بشأن مستقبل الاتفاق بغزة، بين من يرى أن «الصفقة باتت وشيكة لأسباب عديدة، بينها الموقف الأميركي، حيث دعا الرئيس المنتخب دونالد ترمب للإفراج عن الرهائن في 20 يناير (كانون أول) المقبل»، وآخرين يتحدثون بحذر عن إمكانية التوصل للهدنة في «ظل شروط إسرائيلية بشأن الأسرى الفلسطينيين، وعدم الانسحاب من القطاع، قد تعرقل الاتفاق لفترة».

وفي ثالث محطة بعد إسرائيل، الخميس، وقطر، الجمعة، بحث مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، السبت، في القاهرة، مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، «جهود الجانبين للتوصل إلى اتفاق لوقف لإطلاق النار وتبادل المحتجزين في غزة»، وسط تأكيد مصري على «أهمية التحرك العاجل لإنفاذ المساعدات الإنسانية إلى القطاع، و(حل الدولتين) باعتباره الضمان الأساسي لتحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط»، وفق بيان صحافي للرئاسة المصرية.

سوليفان، بحث الجمعة، في قطر، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، مستجدات الأوضاع في غزة، حسب بيان صحافي لـ«الخارجية القطرية»، عقب زيارته إسرائيل، وتأكيده في تصريحات، الخميس، أنه «يزور مصر وقطر؛ لضمان سد ثغرات نهائية قبل التوصل إلى صفقة تبادل»، لافتاً إلى أن «وقف إطلاق النار واتفاق الرهائن من شأنهما أن يؤديا إلى تحرير المحتجزين وزيادة المساعدات المقدمة إلى غزة كثيراً».

عبد الفتاح السيسي خلال استقبال جيك سوليفان في القاهرة (الرئاسة المصرية)

وبالتزامن أجرى وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الجمعة، محادثات في أنقرة مع الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، ونظيره هاكان فيدان، وأكد وجود «مؤشرات مشجعة»، وطالب بـ«ضرورة أن توافق (حماس) على اتفاق ممكن لوقف إطلاق النار»، مطالباً أنقرة باستخدام «نفوذها» عليها للموافقة.

الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن «المساعي لا بد أن تكون موجودةً عادة باعتبار أنها تحول بين حدوث انفجار أو تحتويه، وليس بالضرورة يعني هذا الحراك الدبلوماسي التوصل لشيء؛ إلا في ضوء شروط معينة تلزم الطرفين بتقديم تنازلات».

ووفق عكاشة، فإن هناك طرفاً إسرائيلياً يشعر حالياً وسط المفاوضات بأنه يتحدث من مركز قوة بعد تدمير نحو 90 في المائة من قدرات «حماس»، ويتمسك بشروط «مستحيل أن تقبلها الحركة»، منها عدم خروج أسماء كبيرة في المفرج عنهم في الأسرى الفلسطينيين، ويضع مطالب بشأن الانسحاب من القطاع.

بالمقابل يرى المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، أن ثمة اختلافاً تشهده المحادثات الحالية، خصوصاً في ظل مساعٍ مكثفة من الوسطاء وإصرار الإدارة الأميركية حالياً على بذل جهود كبيرة للضغط على «حماس» وإسرائيل ليسجل أن الصفقة أبرمت في عهد الرئيس جو بايدن، فضلاً عن وجود مهلة من ترمب لإتمام الهدنة.

ويعتقد أن نتنياهو قد يناور خلال الأسبوعين الحاليين من أجل تحصيل مكاسب أكبر، وقد يزيد من الضربات بالقطاع، ويمد المفاوضات إلى بداية العام المقبل لتدخل المرحلة الأولى من الهدنة قبل موعد تنصيب ترمب، كما اشترط سابقاً.

إخلاء سكان مخيمي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة (إ.ب.أ)

وأفادت «القناة الـ13» الإسرائيلية، الجمعة، بأن الحكومة كشفت عدم حدوث أي اختراق جدي في مسألة إبرام صفقة تبادل أسرى مع «حماس»، مؤكدة وجود كثير من الخلافات، لافتة إلى أنه تم إبلاغ وزراء المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) قبل أيام بأن الحركة معنية بالوقت الحالي بإبرام صفقة، وأن هناك تغييراً في موقفها.

أما «حماس»، فأصدرت بياناً، السبت، في ذكرى تأسيسها الـ37، يتحدث عن استمرار «حرب إبادة جماعية متكاملة الأركان، وتطهير عرقي وتهجير قسري وتجويع وتعطيش، لم يشهد لها التاريخ الحديث مثيلاً»، مؤكدة انفتاحها على «أيّ مبادرات جادة وحقيقية لوقف العدوان وجرائم الاحتلال، مع تمسّكها الرَّاسخ بحقوق شعبنا وثوابته وتطلعاته، والتمسك بعودة النازحين وانسحاب الاحتلال وإغاثة شعبنا وإعمار ما دمَّره الاحتلال وإنجاز صفقة جادة لتبادل الأسرى».

رد فعل امرأة فلسطينية على مقتل أحد أقاربها في غارة إسرائيلية بدير البلح بوسط قطاع غزة (رويترز)

وباعتقاد مطاوع، فإن «مجزرة النصيرات وغيرها من المجازر التي قد تزيد كلما اقتربنا من اتفاق تستخدم ورقة ضغط إسرائيلية على (حماس)، ليعزز نتنياهو مكاسبه بتلك العراقيل والضغوط»، فيما يرى عكاشة أن الحركة في ظل «عراقيل إسرائيل» لن تغامر بالمتبقي من شعبيتها وتقدم تنازلات دون أي مقابل حقيقي.

ولا يحمل الأفق «احتمال إبرام اتفاق قريب إذا استمرت تلك الشروط أو العراقيل الإسرائيلية، ولو ضغطت واشنطن»، وفق تقدير عكاشة، لافتاً إلى أن «بايدن تحدث أكثر من مرة سابقاً عن اقترب الاتفاق من الإنجاز ولم يحدث شيء».

وبرأي عكاشة، فإنه يجب أن يكون لدينا حذر من الحديث عن أن المساعي الحالية قد توصلنا لاتفاق قريب، ولا يجب أن يكون لدينا تفاؤل حذر أيضاً، لكن علينا أن ننتظر ونرى مدى جدية إسرائيل في إبرام الاتفاق المطروح حالياً أم لا كعادتها.

غير أن مطاوع يرى أن المؤشرات والتسريبات الإعلامية كبيرة وكثيرة عن قرب التوصل لاتفاق، وهناك عوامل كثيرة تقول إنها باتت قريبة، موضحاً: «لكن لن تحدث الأسبوع المقبل، خصوصاً مع مناورة نتنياهو، فقد نصل للعام الجديد ونرى اتفاقاً جزئياً قبل تنصيب ترمب».