تباين ردود الفعل حيال إلغاء مشاركة عراقيي الخارج في الانتخابات

TT

تباين ردود الفعل حيال إلغاء مشاركة عراقيي الخارج في الانتخابات

أثار قرار المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق إلغاء مشاركة أبناء الجالية العراقية في الخارج في الانتخابات التشريعية المزمع إجراؤها خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل ردود فعل متباينة. وكان مجلس المفوضية أعلن أمس الثلاثاء في بيان أن «قانون انتخابات مجلس النواب العراقي رقم (9) لسنة 2020 نص على أن (يصوت عراقيو الخارج لصالح دوائرهم الانتخابية باستخدام البطاقة البايومترية حصراً)». وأضاف البيان أن «المفوضية واجهت عدة معوقات فنية ومالية وقانونية وصحية أهمها أن إكمال عملية تسجيل الناخبين العراقيين في الخارج بايومترياً بمراحلها كافة يحتاج إلى (160) يوماً تقريباً في الظروف المثالية، بينما المدة المتبقية هي (40 يوماً) فقط». وأشار البيان إلى أن «وزارة الخارجية اعتذرت عن إجراء عملية التسجيل والاقتراع في السفارات والقنصليات العراقية لاستحالة إقامتها في المرحلة الراهنة ولهذه الدورة الانتخابية، إضافة إلى ما ستستغرقه عملية فتح حسابات جارية باسم مكاتب المفوضية في خارج العراق، وما يتطلبه ذلك من موافقات أمنية ومالية من تلك الدول».
وأوضحت المفوضية طبقا للبيان أن «إجراء العملية الانتخابية في أماكن غير خاضعة للسيادة العراقية يجعلها خاضعة لقوانين تلك الدول ولا ولاية للقضاء العراقي على المخالفات والتجاوزات التي قد تحصل خلال إجراء العملية الانتخابية». واستنادا لكل هذه المعطيات «قرر مجلس المفوضين في جلسته الاستثنائية المنعقدة في 22 - 3 - 2021 عدم إجراء انتخابات مجلس النواب لعراقيي الخارج المقرر إجراؤها في 10 - 10 - 2021»، مؤكداً على أن هذا الموعد «حتمي لا يمكن تغييره من الناحية القانونية».
القرار أثار ردود فعل مختلفة بين تأييده برغم كونه مخالفة دستورية لأن المشاركة في الانتخابات حق لكل مواطن عراقي، وبين الاعتراض عليه كونه يحرم ملايين العراقيين في الخارج من التصويت. وفي هذا السياق أكد القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني ريبين سلام أن «تبريرات المفوضية غير منطقية وغير مقبولة من الناحية الفنية والإدارية، ولذا يجب عليها مراجعة هذا القرار الذي كأنما يقول للمواطنين في الخارج بأنهم ليسوا أبناء البلد، ولا يحق لكم تقرير مصيره». وأشار إلى أن «الكرد سيتضررون من هذا القرار، وأيضا الأقليات الأخرى من المسيحيين والإيزيديين، خاصة ولدينا الآلاف من المواطنين الكرد المهاجرين في ألمانيا، والسويد، والنرويج، والدول الأخرى».
إلى ذلك، وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» تباينت رؤى ومواقف عدد من أعضاء البرلمان العراقي وشخصيات سياسية ومسؤولين سابقين في مفوضية الانتخابات بشأن هذا القرار. عضو البرلمان العراقي الدكتور ظافر العاني قال إن «هذا القرار غير سليم ويفتقر للأساس القانوني»، مضيفا أن «الأعذار التي قدمتها المفوضية كاللوجيستية والصحية والفنية تفتقر للدقة لأنها أصلا لم تباشر بإجراءاتها حتى اليوم». وأكد العاني أن «قطع صلة العراقيين الذين قهروا على مغادرة البلاد لا يصب في صالح العملية السياسية».
من جهته، يرى عضو اللجنة القانونية في البرلمان العراقي يحيى المحمدي أنه «دستوريا لكل عراقي الحق بالانتخاب وهذا أمر لا جدال فيه وكذلك تم تحديد فقرة في قانون الانتخابات تشير إلى قيام المفوضية بإجراءات تحديث سجلات العراقيين في الخارج على أن تكون انتخاباتهم بالطريقة البايومترية حصرا أسوة بالنازحين والأجهزة الأمنية». وأضاف المحمدي «الذي حصل أننا وفي خلال لقاءاتنا مع المفوضية العليا للانتخابات وجدنا أنها غير قادرة على إجراء عمليات التحديث، وإصدار البطاقات البايومترية بسبب انتشار جائحة (كورونا) في تلك البلدان، وبالتالي أصبحنا أمام سبب قاهر في عدم إشراك المواطنين في الخارج».
أما رئيس حركة «كفى» والعضو السابق في البرلمان العراقي رحيم الدراجي فقال إنه «برغم أن عدم إجراء انتخابات الخارج قرار غير دستوري لكنه مطلوب كواقع حال»، مبينا أن «هناك أسبابا عديدة منها الأزمة السياسية التي يمر بها العراق التي تحتاج إلى كسب ثقة الناخب، كما أن صوت الخارج لا يمثل حقيقة المأساة التي يعانيها المواطن في الداخل». وأوضح الدراجي أن «انتخابات الخارج مكلفة ماديا وفيها هدر كبير للمال العام، فضلا عن كونها مجالا واسعا للتلاعب والتزوير، وبالتالي من الصعب ضمان نزاهتها».
في السياق نفسه، أكد الخبير في شؤون الانتخابات ورئيس أول إدارة انتخابية في العراق عادل اللامي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إنه «ليس من الضروري إجراء انتخابات في الخارج للعراقيين المقيمين هناك بصفة دائمة»، مشيرا إلى أنه «من خلال التجارب السابقة فإن مشاركة ناخبي الخارج تقل عن 10 في المائة في كل الانتخابات السابقة». لكن اللامي أقر في الوقت نفسه أن «قرار مجلس المفوضين مخالف للقانون الذي نص صراحة على إجرائها، والمفوضية تذرعت أن سبب إلغاء انتخابات الخارج يعود لضيق الوقت وصعوبة فتح حسابات وغيرها، أي أن شرعية الإلغاء مبنية على نظرية الظروف الطارئة وهذا مبرر مقنع لإلغائها».
مقداد الشريفي، الرئيس الأسبق للدائرة الانتخابية، أن «القرار مخالف طبعا للدستور، وهذا ما يجب أن نقر به لكن على أرض الواقع الأمر مختلف، وبالتالي نرى أن الإلغاء أفضل نظرا لحجم المشاكل التي يمكن أن تترتب عليها».



إشهار تكتل واسع للقوى اليمنية لمواجهة الانقلاب الحوثي

جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)
جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)
TT

إشهار تكتل واسع للقوى اليمنية لمواجهة الانقلاب الحوثي

جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)
جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)

بهدف توحيد الصف اليمني ومساندة الشرعية في بسط نفوذها على التراب الوطني كله، أعلن 22 حزباً ومكوناً سياسياً يمنياً تشكيل تكتل سياسي جديد في البلاد، هدفه استعادة الدولة وتوحيد القوى ضد التمرد، وإنهاء الانقلاب، وحل القضية الجنوبية بوصفها قضيةً رئيسيةً، ووضع إطار خاص لها في الحل النهائي، والحفاظ على النظام الجمهوري في إطار دولة اتحادية.

إعلان التكتل واختيار نائب رئيس حزب «المؤتمر الشعبي» ورئيس مجلس الشورى أحمد عبيد بن دغر رئيساً له، كان حصيلة لقاءات عدة لمختلف الأحزاب والقوى السياسية - قبل مقاطعة المجلس الانتقالي الجنوبي - برعاية «المعهد الوطني الديمقراطي الأميركي»، حيث نصَّ الإعلان على قيام تكتل سياسي وطني طوعي للأحزاب والمكونات السياسية اليمنية، يسعى إلى تحقيق أهدافه الوطنية.

القوى السياسية الموقعة على التكتل اليمني الجديد الداعم للشرعية (إعلام محلي)

ووفق اللائحة التنظيمية للتكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية، ستكون للمجلس قيادة عليا تُسمى «المجلس الأعلى للتكتل» تتبعه الهيئة التنفيذية وسكرتارية المجلس، على أن يكون المقر الرئيسي له في مدينة عدن، العاصمة المؤقتة للبلاد، وتكون له فروع في بقية المحافظات.

وبحسب اللائحة التنظيمية للتكتل، فإن الأسس والمبادئ التي سيقوم عليها هي الدستور والقوانين النافذة والمرجعيات المتفق عليها وطنياً وإقليمياً ودولياً، والتعددية السياسية، والتداول السلمي للسلطة، والعدالة، والمواطنة المتساوية، والتوافق والشراكة، والشفافية، والتسامح.

ونصَّ الباب الثالث من اللائحة التنظيمية على أن «يسعى التكتل إلى الحفاظ على سيادة الجمهورية واستقلالها وسلامة أراضيها، والتوافق على رؤية مشتركة لعملية السلام، ودعم سلطات الدولة لتوحيد قرارها وبسط نفوذها على كافة التراب الوطني، وتعزيز علاقة اليمن بدول الجوار، ومحيطه العربي والمجتمع الدولي».

وكان المجلس الانتقالي الجنوبي، الشريك في السلطة الشرعية، شارك في اللقاء التأسيسي للتكتل الجديد، لكنه عاد وقاطعه. وأكد المتحدث الرسمي باسمه، سالم ثابت العولقي، أن المجلس الانتقالي الجنوبي يتابع نشاط التكتل الذي تعمل عليه مجموعة من الأطراف لإعلانه، ويؤكد عدم مشاركته في هذا التكتل أو الأنشطة الخاصة به، وأنه سيوضح لاحقاً موقفه من مخرجات هذا التكتل.

ومن المقرر أن يحل التكتل الجديد محل «تحالف الأحزاب الداعمة للشرعية»، الذي تأسس منذ سنوات عدة؛ بهدف دعم الحكومة الشرعية في المعركة مع جماعة الحوثي الانقلابية.

ويختلف التكتل الجديد عن سابقه في عدد القوى والأطراف المكونة له، حيث انضم إليه «المكتب السياسي للمقاومة الوطنية» بقيادة العميد طارق صالح عضو مجلس القيادة الرئاسي، و«مؤتمر حضرموت الجامع»، وغيرهما من القوى التي لم تكن في إطار التحالف السابق.

ووقَّع على الإعلان كل من حزب «المؤتمر الشعبي العام»، وحزب «التجمع اليمني للإصلاح»، و«الحزب الاشتراكي اليمني»، و«التنظيم الناصري»، و«المكتب السياسي للمقاومة الوطنية»، و«الحراك الجنوبي السلمي»، وحزب «الرشاد اليمني»، وحزب «العدالة والبناء».

كما وقَّع عليه «الائتلاف الوطني الجنوبي»، و«حركة النهضة للتغيير السلمي»، وحزب «التضامن الوطني»، و«الحراك الثوري الجنوبي»، وحزب «التجمع الوحدوي»، و«اتحاد القوى الشعبية»، و«مؤتمر حضرموت الجامع»، وحزب «السلم والتنمية»، وحزب «البعث الاشتراكي»، وحزب «البعث القومي»، وحزب «الشعب الديمقراطي»، و«مجلس شبوة الوطني»، و«الحزب الجمهوري»، وحزب «جبهة التحرير».

وذكرت مصادر قيادية في التكتل اليمني الجديد أن قيادته ستكون بالتناوب بين ممثلي القوى السياسية المُشكِّلة للتكتل، كما ستُشكَّل هيئة تنفيذية من مختلف هذه القوى إلى جانب سكرتارية عامة؛ لمتابعة النشاط اليومي في المقر الرئيسي وفي بقية فروعه في المحافظات، على أن يتم تلافي القصور الذي صاحب عمل «تحالف الأحزاب الداعمة للشرعية»، الذي تحوَّل إلى إطار لا يؤثر في أي قرار، ويكتفي بإعلان مواقف في المناسبات فقط.

بن دغر مُطالَب بتقديم نموذج مختلف بعد إخفاق التحالفات اليمنية السابقة (إعلام حكومي)

ووفق مراقبين، فإن نجاح التكتل الجديد سيكون مرهوناً بقدرته على تجاوز مرحلة البيانات وإعلان المواقف، والعمل الفعلي على توحيد مواقف القوى السياسية اليمنية والانفتاح على المعارضين له، وتعزيز سلطة الحكومة الشرعية، ومكافحة الفساد، وتصحيح التقاسم الحزبي للمواقع والوظائف على حساب الكفاءات، والتوصل إلى رؤية موحدة بشأن عملية السلام مع الجماعة الحوثية.