روايات عربية عن تجاوزات إيزيدية في شمال غربي العراق

فظائع «داعش» تنهي سنوات التعايش وتطلق عمليات انتقامية

مسلحان إيزيديان يعاينان بقايا جثث في مقبرة جماعية لأبناء الطائفة عثر عليها مؤخرا قرب سنجار (أ.ف.ب)
مسلحان إيزيديان يعاينان بقايا جثث في مقبرة جماعية لأبناء الطائفة عثر عليها مؤخرا قرب سنجار (أ.ف.ب)
TT

روايات عربية عن تجاوزات إيزيدية في شمال غربي العراق

مسلحان إيزيديان يعاينان بقايا جثث في مقبرة جماعية لأبناء الطائفة عثر عليها مؤخرا قرب سنجار (أ.ف.ب)
مسلحان إيزيديان يعاينان بقايا جثث في مقبرة جماعية لأبناء الطائفة عثر عليها مؤخرا قرب سنجار (أ.ف.ب)

انقلب بعض أعضاء الأقلية الإيزيدية في العراق على جيرانهم العرب ونفذوا عمليات انتقامية دموية ضد سكان قرى عربية يعتقدون أنهم كان لهم دور في الفظائع التي ارتكبها مقاتلو «داعش» بحق طائفتهم.
وقال عدد من سكان هذه القرى بأن مجموعات مسلحة من الإيزيديين شنت أربع غارات على قراهم في سنجار قبل أسبوعين وقتلوا 21 شخصا على الأقل في حين اختفى 17 شخصا آخر وأصبحوا في عداد المفقودين.
وقال ظافر علي حسين وهو من سكان قرية سيباية التي تعرضت للهجمات «كان عملا انتقاميا من جانب الإيزيديين». وأضاف لوكالة رويترز «الهدف هو طرد العرب من المنطقة حتى لا يبقى سوى الإيزيديين. فهم يريدون تغيير الخريطة».
وتكشف العمليات الانتقامية كيف خلقت هجمات «داعش» انقسامات بين الطوائف الدينية التي تعايشت معا على مدى عشرات السنين وقلبت قرية على الأخرى وصنعت أعداء من الأصدقاء السابقين. كما أنها تبين مخاطر العنف عندما تتمكن جماعات أخرى أجبرها «داعش» على النزوح مثل التركمان والشبك الشيعة والمسيحيين من العودة إلى ديارهم. وفي الأسبوع الماضي تم اكتشاف رفات أكثر من 40 إيزيديا في حفرتين مخضبتين بالدماء في شمال غربي العراق.
ويقيم سكان قرية سيباية الآن في قرية أخرى على بعد نحو 45 كيلومترا ويقولون: إنهم ساعدوا الإيزيديين على الهرب في أغسطس (آب) وخبأوا حاجياتهم لحمايتها رغم أن المتطرفين عاقبوا الذين اكتشفوا أنهم يفعلون ذلك.
لكن الإيزيديين من مجمع «كوهبل» القريب يقولون: إن العرب في القرى المحيطة انحازوا إلى تنظيم «داعش» ونهبوا ممتلكاتهم وشاركوا مشاركة نشطة فيما وصفوه بأنه محاولة إبادة جماعية. وأقر سكان عرب بأن عددا من رجال قرية سيباية انضموا إلى المتشددين لكنهم قالوا: إنهم إما قتلوا أو فروا إلى سوريا عندما طردت قوات البيشمركة الكردية مقاتلي «داعش» من المنطقة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وبعد استعادة السيطرة صادرت قوات البيشمركة أسلحة من سكان قرى عربية بدأوا يتلقون تهديدات من الإيزيديين بلغت ذروتها في الهجوم على سيباية وقرية شيري يوم 25 يناير (كانون الثاني).
وفي اليوم التالي نهب مسلحون إيزيديون قريتي خازوكة وصاير العربيتين القريبتين اللتين كان سكانهما قد فروا بالفعل وأشعلوا فيهما النار.
كان معظم سكان سيباية البالغ عددهم 1000 نسمة نياما عندما دوت طلقات الرصاص في إشارة على وصول قافلة عسكرية ترفع العلم الكردي. في البداية اعتقدوا أنها قوات البيشمركة أو الأمن الكردي «الأسايش» تقوم بعملية تفتيش روتينية. جاء اثنان من الإيزيديين أحدهما يرتدي الزي العسكري إلى منزل نواف أحمد، 31 سنة، وأمره بتسليم مفاتيح سيارته وبطاقة هويته. وسأله الشخص الذي يرتدي الزي العسكري وهو يشير إلى مولد كهرباء «من صاحبه؟» فرد أحمد قائلا: إن صديقا إيزيديا عهد إليه به. وقال الشخص الآخر وهو يضع المولد في سيارة أحمد ويقودها بعيدا «أنتم جميعا دواعش». وبدأت سيارات مدنية تتوافد من اتجاه مجمع «كوهبل» ونهب رجال قال سكان القرى العربية بأنهم إيزيديون من المنطقة ما استطاعوا من الأجهزة المنزلية والسيارات والماشية. وقالت نساء بأن المهاجمين الذين كان بعضهم يرتدي الزي العسكري والبعض الآخر الملابس المدنية أخذوا عنوة الخواتم من أصابعهن وسرقوا الأشياء الثمينة من جيوبهن. وفر كثيرون واختبأ بعضهم في واد قريب. وقال من بقوا بأنهم شاهدوا الرجال ينتشرون في سيباية ويسكبون البنزين قبل أن يشعلوا النار في القرية وأحرقوا عدة مسنين في منازلهم.
خضر أحمد، راع عمره 35 سنة، يعاني من إعاقة عقلية وكان يرعى قطيعه على مشارف سيباية عندما أسرعت سيارة نحوه. وراقب شقيقه الأكبر إدريس من على بعد رجلا خرج من سيارة وأطلق الرصاص على خضر وهرب بأغنامه. واصطحب إدريس شقيقه خضر في وقت لاحق إلى المستشفى في مدينة دهوك في إقليم كردستان حيث يرقد مصابا بجرح في جانبه الأيمن منذ الأسبوع الماضي.
وفي نفس الجناح بالمستشفى يرقد ستة آخرون من سكان القرية أصيبوا في الهجوم، بينهم رداد، 11 سنة، الذي ضرب بالرصاص مرتين. وقال والده «كأن يوم الحساب جاء».
وبينما كانت سيباية تحترق انتقل مسلحون إلى شيري التي تبعد كيلومترين إلى الجنوب حيث راقب عبد الله محمد، 60 سنة، الدخان المتصاعد من القرية المجاورة. ووجه أحد المسلحين ماسورة بندقية آلية نحو صدر محمد وأمره بالخروج. وقال محمد وهو يتذكر أنه سأله «أين أذهب؟» فرد عليه قائلا: «إلى جهنم». وقال محمد بأنه نجا لأن أحد المهاجمين كان يعرفه شخصيا وسمح له بالفرار. جمعة مرعي كان أقل حظا فقد قتل بالرصاص أمام زوجته. وقالت زوجته «شاهدت ما حدث بعيني».
وعندما حل الليل وانسحب المسلحون عاد سكان من القريتين لانتشال قتلاهم تحت حماية البيشمركة.
وروى سكان بإنه من بين 10 جثث تم انتشالها من سيباية 3 منها لنساء مسنات. وكانت 4 جثث محترقة إحداها لأحد المسنين المقعدين. وعثر على 11 جثة في قرية شيري.
ويتفق العرب والإيزيديون أن سنجار لن تكون أبدا كما كانت قبل مجيء «داعش» عندما كانوا أصدقاء يزرعون الأرض معا. ولم يعد كثير من الإيزيديين يثقون في البيشمركة للدفاع عنهم بينما العرب الذين نزحوا حديثا وجميعهم من عشيرة الجحيش قالوا: إنهم سيعودون إلى قراهم فقط إذا فصلت قوات كردية فعليا بينهم. وقال رجل إيزيدي من كوهبل كان يجلس داخل خيمة في معسكر بإقليم كردستان «لم يعد ممكنا بالنسبة لنا أن نعيش معا بعد الآن»، مضيفا: «الجحيش أعداؤنا». ومضى قائلا: «لقد دمروا منازلنا ولذلك نريد أن تدمر منازلهم أيضا».
بدوره، قال جبار ياور الأمين العام لوزارة البيشمركة في إقليم كردستان، لـ«الشرق الأوسط»: «لم تسجل أي شكوى رسمية لدينا من قبل أي طرف أو شخص حول هذا الموضوع، فمسألة التجاوزات هذه نسمعها فقط في وسائل الإعلام، لأن وزارة البيشمركة ووزارة الداخلية والمؤسسات القضائية في كردستان لم تشهد تسجيل أي دعوى بهذا الخصوص».
وتابع ياور «يجب أن يقدم كل شخص تعرض للتجاوز في هذه المناطق شكوى رسمية إلينا أو لهذه المؤسسات التي ذكرتها مع تبيان من تجاوز عليه»، مؤكدا أن «كل من يعتدي على أي شخص وزارة البيشمركة ستتعامل معه حسب القانون لأننا أبلغنا قواتنا بوجوب التعامل حسب القوانين الدولية أثناء الحرب».



انقلابيو اليمن يرغمون الموظفين العموميين على حمل السلاح

الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
TT

انقلابيو اليمن يرغمون الموظفين العموميين على حمل السلاح

الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)

أرغم الحوثيون جميع الموظفين في مناطق سيطرتهم، بمن فيهم كبار السن، على الالتحاق بدورات تدريبية على استخدام الأسلحة، ضمن ما يقولون إنها استعدادات لمواجهة هجوم إسرائيلي محتمل.

جاء ذلك في وقت انضم فيه موظفون بمدينة تعز (جنوب غرب) الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية إلى إضراب المعلمين، مطالبين بزيادة في الرواتب.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن الحوثيين، وعلى الرغم من أنهم لا يصرفون الرواتب لمعظم الموظفين، فإنهم وجّهوا بإلزامهم، حتى من بلغوا سن الإحالة إلى التقاعد، بالالتحاق بدورات تدريبية على استخدام الأسلحة، ضمن الإجراءات التي تتخذها الجماعة لمواجهة ما تقول إنه هجوم إسرائيلي متوقع، يرافقه اجتياح القوات الحكومية لمناطق سيطرتهم.

وبيّنت المصادر أن هناك آلاف الموظفين الذين لم يُحالوا إلى التقاعد بسبب التوجيهات التي أصدرها الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي بوقف الإحالة إلى التقاعد، إلى حين معالجة قضايا المبعدين الجنوبيين من أعمالهم في عهد سلفه علي عبد الله صالح، وأن هؤلاء تلقوا إشعارات من المصالح التي يعملون بها للالتحاق بدورات التدريب على استخدام الأسلحة التي شملت جميع العاملين الذكور، بوصف ذلك شرطاً لبقائهم في الوظائف، وبحجة الاستعداد لمواجهة إسرائيل.

تجنيد كبار السن

ويقول الكاتب أحمد النبهاني، وهو عضو في قيادة اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، إنه طلب شخصياً إعادة النظر في قرار تدريب الموظفين على السلاح، لأنه وحيد أسرته، بالإضافة إلى أنه كبير في العمر؛ إذ يصل عمره إلى 67 عاماً، واسمه في قوائم المرشحين للإحالة إلى التقاعد، بعد أن خدم البلاد في سلك التربية والتعليم واللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم لما يقارب الأربعين عاماً.

ومع تأكيده وجود الكثير من الموظفين من كبار السن، وبعضهم مصابون بالأمراض، قال إنه من غير المقبول وغير الإنساني أن يتم استدعاء مثل هؤلاء للتدريب على حمل السلاح، لما لذلك من مخاطر، أبرزها وأهمها إعطاء ذريعة «للعدو» لاستهداف مؤسسات الدولة المدنية بحجة أنها تؤدي وظيفة عسكرية.

حتى كبار السن والمتقاعدون استدعتهم الجماعة الحوثية لحمل السلاح بحجة مواجهة إسرائيل (إ.ب.أ)

القيادي في اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين ذكر أنه لا يستبعد أن يكون وراء هذا القرار «أطراف تحمل نيات سيئة» تجاه المؤسسات المدنية، داعياً إلى إعادة النظر بسرعة وعلى نحو عاجل.

وقال النبهاني، في سياق انتقاده لسلطات الحوثيين: «إن كل دول العالم تعتمد على جيوشها في مهمة الدفاع عنها، ويمكنها أن تفتح باب التطوع لمن أراد؛ بحيث يصبح المتطوعون جزءاً من القوات المسلحة، لكن الربط بين الوظيفة المدنية والوظيفة العسكرية يُعطي الذريعة لاستهداف العاملين في المؤسسات المدنية».

توسع الإضراب

وفي سياق منفصل، انضم موظفون في مدينة تعز الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية إلى الإضراب الذي ينفّذه المعلمون منذ أسبوع؛ للمطالبة بزيادة الرواتب مع تراجع سعر العملة المحلية أمام الدولار وارتفاع أسعار السلع.

ووفقاً لما قالته مصادر في أوساط المحتجين لـ«الشرق الأوسط»، فقد التقى محافظ تعز، نبيل شمسان، مع ممثلين عنهم، واعداً بترتيب لقاء مع رئيس الحكومة أحمد عوض بن مبارك؛ لطرح القضايا الحقوقية المتعلقة بالمستحقات المتأخرة وهيكلة الأجور والمرتبات وتنفيذ استراتيجية الأجور، لكن ممثلي المعلمين تمسكوا بالاستمرار في الإضراب الشامل حتى تنفيذ المطالب كافّة.

المعلمون في تعز يقودون إضراب الموظفين لتحسين الأجور (إعلام محلي)

وشهدت المدينة (تعز) مسيرة احتجاجية جديدة نظّمها المعلمون، وشارك فيها موظفون من مختلف المؤسسات، رفعوا خلالها اللافتات المطالبة بزيادة المرتبات وصرف جميع الحقوق والامتيازات التي صُرفت لنظرائهم في محافظات أخرى.

وتعهّد المحتجون باستمرار التصعيد حتى الاستجابة لمطالبهم كافّة، وأهمها إعادة النظر في هيكل الأجور والرواتب، وصرف المستحقات المتأخرة للمعلمين من علاوات وتسويات وبدلات ورواتب وغلاء معيشة يكفل حياة كريمة للمعلمين.