لبنان: «الخطة العسكرية» في البقاع تنطلق خلال ساعات.. والمطلوبون للعدالة هدفها الأول

رفع الغطاء السياسي عن الجميع.. ومعلومات عن هروب كثيرين باتجاه سوريا

عمال لبنانيون يصلحون أسوارا دمرتها العاصفة التي وصلت إلى لبنان وساحل المتوسط أمس (أ.ب)
عمال لبنانيون يصلحون أسوارا دمرتها العاصفة التي وصلت إلى لبنان وساحل المتوسط أمس (أ.ب)
TT

لبنان: «الخطة العسكرية» في البقاع تنطلق خلال ساعات.. والمطلوبون للعدالة هدفها الأول

عمال لبنانيون يصلحون أسوارا دمرتها العاصفة التي وصلت إلى لبنان وساحل المتوسط أمس (أ.ب)
عمال لبنانيون يصلحون أسوارا دمرتها العاصفة التي وصلت إلى لبنان وساحل المتوسط أمس (أ.ب)

بدأت القوى الأمنية تعزّز إجراءاتها للانتشار في منطقة البقاع، وتحديدا البقاع الشمالي وبعلبك والهرمل، وفق الخطة العسكرية التي أعلن عنها وزير الداخلية نهاد المشنوق قبل أيام، والتي سبق أن نفذت في منطقة طرابلس شمال لبنان وفي سجن رومية. وخلافا للمعلومات التي أشارت إلى أنّ التنفيذ سيبدأ صباح اليوم (الخميس)، نفى مصدر عسكري لـ«الشرق الأوسط» هذا الأمر، مشيرا إلى أن التحضيرات للبدء بالمهمة أصبحت جاهزة لكن لم تحدّد لغاية الآن ساعة الصفر، مضيفا «والأكيد أنها ليست اليوم».
وأوضح المصدر العسكري أن عديد العناصر الأمنية التي أوكلت إليها مهمة التنفيذ هو نحو 2000 شخص، مشيرا إلى أنّ ألوية الجيش الموجودة في البقاع ستبقى في المنطقة بينما سيتم تدعيمها من القوى الأمنية الأخرى (الأمن الداخلي والأمن العام) من مناطق قريبة. وأكد أن ما يحصل اليوم في البقاع هو «خطة عسكرية» وليست خطة أمنية، موضحا أن الخطط الأمنية هي المهام التي يقوم بها الجيش يوميا من الرصد والمداهمات والتوقيفات في كل الأراضي اللبنانية، لكن الهدف الأساسي للخطة العسكرية في البقاع هو إلقاء القبض على مطلوبين للعدالة صدرت بحقهم مذكرات توقيف وعددهم بالمئات، على رأسهم «مطلقو النار على القوى الأمنية الذين شاركوا في معارك ضدها، إضافة إلى تجار ومروجي المخدرات وعصابات سرقة السيارات. وسيتم إلقاء القبض عليهم من خلال مداهمات وحواجز ثابتة ومتنقلة». مع العلم بأن منطقة البقاع الشمالي معروفة بأنها ملجأ للكثير من هذه العصابات لا سيما منها المرتبطة بسرقات السيارات والمخدرات.
وقد شكّكت مصادر في المنطقة في إمكانية نجاح الخطة، مؤكدة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنّ عددا كبيرا من المطلوبين هربوا إلى خارج الأراضي اللبنانية. وأوضحت أنّ سبب تأخير البدء بالتنفيذ هو رفض أهالي المطلوبين تسليم أبنائهم إلى أن جرت اتصالات بينهم وبين ممثلي «حزب الله» و«حركة أمل» في المنطقة، وتأمّن خروجهم باتجاه الأراضي السورية. ورفض مصدر أمني التأكيد أو نفي المعلومات التي أشارت إلى هروب المطلوبين من البقاع، قائلا في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «قد يكون هذا الأمر صحيحا وقد لا يكون، نحن كقوى أمنية في هذه الخطة موضوعون في تصرف الجيش، وبانتظار الإعلان عن ساعة الصفر لبدء مهمتنا، وعندما نداهم منزل أي مطلوب ولا نجده عندها يمكننا القول إنّه فرّ».
من جهته، استبعد النائب عن منطقة البقاع في كتلة المستقبل عاصم عراجي أن تنطلق الخطة الأمنية خلال الساعات القليلة المقبلة، لا سيما في ظل الطقس العاصف، آملا في الوقت عينه أن تنفذ كما يجب. وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «تأخير البدء في التنفيذ رغم الإعلان عنها قبل فترة يعود إلى اعتراض أهالي المطلوبين على تسليم أبنائهم»، مبديا تخوفه من أن يكون المطلوبون قد تمكنوا من الفرار، وألا تستهدف الخطة إلا من ليس مدعوما أو من قام بمخالفات بسيطة. وأضاف «بناء على تجاربنا السابقة لم تعد لدينا ثقة في كل هذه الخطط، ورغم ذلك نأمل أنّ ينسحب نجاح هذا الأمر في طرابلس وفي سجن رومية، في ظل الحوار بين تيار المستقبل و(حزب الله)، على منطقة البقاع». وقال عراجي «من المفترض أن يكون كل من (حزب الله) وحركة أمل رفع الغطاء عن المطلوبين، وبالتالي أن تتم العملية كما يجب»، وهو ما أكّده المصدر الأمني، مشددا في حديثه لـ«الشرق الأوسط» على أن «الغطاء السياسي والأمني رفع عن الجميع، والخطة ستأخذ مجراها حتى النهاية».
كذلك، أكّد النائب في كتلة «حزب الله» عن المنطقة، كامل الرفاعي، أنّ الغطاء السياسي قد رفع عن كل المطلوبين، معتبرا في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أنّ من مصلحة «حزب الله» تسليم الخارجين عن القانون وإراحة المنطقة اجتماعيا واقتصاديا. وميّز الرفاعي بين الخطة الأمنية التي سبق أن نفذت في طرابلس وتلك التي يعدّ لتنفيذها في البقاع الشمالي وبعلبك والهرمل، موضحا أن الموضوع في طرابلس كان سياسيا بينما في البقاع فإن الهدف من الخطة المطلوبون للعدالة ولا ترتبط بأي خلفية سياسية. وأضاف «انطلاقا من هذا الواقع ولضمان نجاحها لا بدّ من أن تترافق مع خطة إنمائية للمنطقة من شأنها استقطاب الشباب العاطلين عن العمل ومسارعة القضاء للبت في مذكرات التوقيف، حتى لا يكون كل مطلوب للعدالة مشروع مجرم». وعن احتمال هروب المطلوبين بعد الإعلان عن الخطة، قال الرفاعي «قد يكون بعضهم هرب إلى مناطق أخرى لكن الأكيد أنهم لا يزالون في لبنان، وبالتالي بإمكان المخابرات والقوى الأمنية تحديد مكانهم وإلقاء القبض عليهم».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».