استغرب السودان رفض إثيوبيا ضم الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وأميركا للمشاركة في الوساطة، إلى جانب الاتحاد الأفريقي، في مفاوضات «سد النهضة»، معتبراً أن حججها للرفض «غير مقنعة». وشدد على أنه «لن يقبل على الإطلاق بأي ملء أحادي للسد يهدد حياة مواطنيه ومنشآته المائية». ودعا وزير الري السوداني، ياسر عباس، إثيوبيا إلى القبول بمقترح توسيع مظلة الوساطة، لتشمل الأطراف الأربعة، بهدف إحداث اختراق في المفاوضات المتعثرة بسبب الخلافات بين الدول الثلاث. وكانت إثيوبيا قد رفضت طلب السودان ومصر توسيع مظلة التفاوض عبر الآلية الرباعية، وعدته محاولة من البلدين لتأخير ملء السد، وجددت تمسكها برعاية الاتحاد الأفريقي فقط للمفاوضات. وأعرب عباس، لدى مخاطبته أمس الاحتفال باليوم العالمي للمياه في الخرطوم، عن استغرابه الموقف الإثيوبي، مشيراً إلى أن أديس أبابا «ليست لديها الحجة المقنعة لرفض المقترح». وقال إن مفاوضات السد ظلت تراوح مكانها منذ فترة بسبب منهجية التفاوض، مضيفاً أن السودان ظل يطالب بمنح خبراء الاتحاد الأفريقي دوراً أكبر في تسهيل التوصل إلى اتفاق ملزم قانوني. وحذر عباس أديس أبابا من أي خطوة أحادية للملء الثاني للسد «تشكل تهديداً لحياة أكثر من 20 مليون سوداني على ضفاف النيل الأزرق، كما تهدد خزان الروصيرص وكل المنشآت على النيل... هذا أمر غير مقبول إطلاقاً من جانب السودان». وشدد على أن «السد يجب ألا يكون مهدداً لأمن الإقليم، وإنما يجب أن يكون محلاً للتعاون وتبادل المنافع وحسن الجوار». وترفض السودان ومصر أي خطوات أحادية من جانب إثيوبيا للمواصلة في ملء السد وتشغيله، من دون اتفاق بين الدول الثلاث. ويلوح السودان باللجوء إلى خيارات قانونية أخرى إذا استمرت أديس أبابا في الملء الثاني للسد، بينها الذهاب إلى مجلس الأمن أو التحكيم الدولي. وكانت الآلية الرباعية، المكونة من الأمم المتحدة وأميركا والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي، قد أبدت استعداداً للاستجابة لدعوة التوسط في مفاوضات السد للتقريب بين وجهات نظر الدول الثلاث. وكان رئيس وزراء السودان عبد الله حمدوك قد تقدم، الأسبوع الماضي، بخطابات رسمية يدعو فيها إلى تشكيل الآلية الرباعية للوساطة في المفاوضات، ودعم مساعي الاتحاد الأفريقي. وتخطط إثيوبيا في العام الحالي لحجز 13 مليار متر مكعب من المياه في عملية الملء الثاني للسد التي تقارب ثلاثة أضعاف الملء الأول في العام الماضي. وتعول السودان ومصر كثيراً على ثقل أميركا والاتحاد الأوروبي في التأثير الإيجابي على مسار المفاوضات، وإقناع إثيوبيا بتحريك الملف باتجاه اتفاق مرضٍ لجميع الأطراف.
اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغhttps://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/5090727-%D8%A7%D8%B9%D8%AA%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%88%D8%AB%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D9%88%D8%AA%D8%B3%D9%84%D9%8A%D8%AD-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF-%D9%8A%D9%87%D9%8A%D9%85%D9%86%D8%A7%D9%86-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A5%D8%AD%D8%A7%D8%B7%D8%A9-%D8%BA%D8%B1%D9%88%D9%86%D8%AF%D8%A8%D8%B1%D8%BA
اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.
وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.
ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.
وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».
اعتقالات تعسفية
أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.
وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.
ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.
وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».
عواقب وخيمة
وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.
وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.
وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».
وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.
التصعيد العسكري
في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.
وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.
وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.
وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.
وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.
ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.