الرئاسة الفلسطينية تشدد على أن السلام يكون معها تحديداً

رداً على تصريحات نتنياهو حول الاتفاقيات مع دول عربية

الرئيس محمود عباس استقبل الأحد رئيس الهيئة المستقلة للانتخاب في الأردن الدكتور خالد الكلالدة (أ.ف.ب)
الرئيس محمود عباس استقبل الأحد رئيس الهيئة المستقلة للانتخاب في الأردن الدكتور خالد الكلالدة (أ.ف.ب)
TT

الرئاسة الفلسطينية تشدد على أن السلام يكون معها تحديداً

الرئيس محمود عباس استقبل الأحد رئيس الهيئة المستقلة للانتخاب في الأردن الدكتور خالد الكلالدة (أ.ف.ب)
الرئيس محمود عباس استقبل الأحد رئيس الهيئة المستقلة للانتخاب في الأردن الدكتور خالد الكلالدة (أ.ف.ب)

قال الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، إن تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة يكون فقط من خلال السلام مع الشعب الفلسطيني وقيادته الشرعية، وحل القضية الفلسطينية على أساس قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.
وأضاف في تعقيب له على تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، التي قال فيها «إن الدولة الفلسطينية ستتحقق من خلال السلام مع العرب وليس الفلسطينيين»، أن هذه التصريحات الإسرائيلية تندرج في إطار التهرب المستمر للحكومة الإسرائيلية من دفع استحقاقات السلام المترتبة على الجانب الإسرائيلي، وفق الشرعية الدولية.
وأضاف: «إن السلام الشامل في المنطقة يكون فقط من خلال اتفاق سلام يلبي تطلعات الشعب الفلسطيني بالحرية والاستقلال، وإن طريق السلام وفق الشرعية الدولية يتم فقط من خلال العنوان الفلسطيني المتمثل بالقيادة الشرعية لشعبنا، على رأسها الرئيس محمود عباس، وإن أي محاولة للبحث عن سلام وهمي لن يؤدي إلى الأمن والاستقرار في المنطقة».
كان نتنياهو قال في مقابلة مع موقع «بانيت» العربي في إسرائيل، إن السلام مع الفلسطينيين ممكن أن يتحقق «ولكن بشكل عكسي، من خلال اتفاقيات السلام مع الدول العربية أولاً»، مضيفاً: «لا أعتقد أننا لن نقيم علاقات مع الفلسطينيين. نحن الآن نقيم علاقة مع السلطة الفلسطينية بما يتعلق بالتطعيمات، لأننا نعيش في المكان نفسه، وعلينا التعامل مع الأمر بصورة مسؤولة».
وحول الشعور السائد بأنه يقوم بتأجيل وتهميش الموضوع الفلسطيني، قال نتنياهو، «أعتقد أنه يهمش نفسه بسبب السياسة الفلسطينية الداخلية ووجود مشكلات كثيرة، لا أريد التطرق إليها، تتعلق بصراعات القوى. ولكن في نهاية المطاف ما يحدث بيننا وبين الدول العربية، وما يحدث في دولة إسرائيل بين اليهود والعرب، الذي لا أعتقد أنني جزء منه، وإنما أنا قبطانه، يُحدث تغييراً تاريخياً في العلاقات بين اليهود والعرب عامة. هذا واضح تماماً».
وقال نتنياهو أيضاً إن إمكانية إقامة دولة فلسطينية «ليس وفقاً للمفهوم المتطرف الذي يتطرق له الناس، لأن السيطرة الأمنية يجب أن تبقى في أيدينا، وإلا فسنحصل على (حماس)»، مشدداً على أن القوة السيادية الأمنية، في المنطقة الصغيرة بين نهر الأردن والبحر، يجب أن تبقى بيد إسرائيل. وقال: «بغير هذا سنحصل على (حماس) و(القاعدة) وإيران. هذا ما سيحدث، وهذا عملياً ما حدث في الأماكن التي لم يكن فيها أمن قوي. وهذا يدفع ثمنه الجميع، المواطنون العرب مثل اليهود، ونحن نرى ما يحدث في سوريا والعراق وهذا ممنوع أن يحدث هنا». واعتبر أن إقامة دولة فلسطينية لن تكون بالمفهوم الكلاسيكي، «ماذا سنطلق على ذلك حكماً ذاتياً وأكثر؟ أو دولة منقوصة، لا أريد الدخول في ذلك. القوة السيادية والأمن يجب أن تبقى بأيدينا».
ويرفض الفلسطينيون إقامة دول عربية سلاماً مع إسرائيل، باعتبار ذلك مخالفاً لمبادرة السلام العربية، التي تنص على أن العلاقات بين إسرائيل والعرب هي ثمرة للسلام مع الفلسطينيين أولاً وليس قبل ذلك.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم