مؤسسة باسم لقمان سليم تعنى بـ«الاغتيال السياسي»

في ذكرى «الأربعين» لاغتيال الناشط المعارض لـ«حزب الله»

ضريح لقمان سليم في حديقة دارته بضاحية بيروت الجنوبية (أ.ف.ب)
ضريح لقمان سليم في حديقة دارته بضاحية بيروت الجنوبية (أ.ف.ب)
TT

مؤسسة باسم لقمان سليم تعنى بـ«الاغتيال السياسي»

ضريح لقمان سليم في حديقة دارته بضاحية بيروت الجنوبية (أ.ف.ب)
ضريح لقمان سليم في حديقة دارته بضاحية بيروت الجنوبية (أ.ف.ب)

بوجه تبدو ابتسامته واضحة من خلف الكمامة السوداء، تستقبل رشا الأمير؛ شقيقةُ الباحث والناشط الراحل لقمان سليم، زوّارها... «هؤلاء أحباب لقمان»، تُردد، وهي تتنقل في حديقة المنزل لتتأكد من أن كل شيء فيها يشبه شقيقها في الذكرى الأربعين لرحيله.
وعثرت القوى الأمنية اللبنانية على جثمان الناشط السياسي والباحث والناشر لقمان سليم مصاباً بست رصاصات في رأسه وصدره في 4 فبراير (شباط) الماضي على طريق الجنوب. وكان سليم من أشد المعارضين لـ«حزب الله»، وينتقد أداءه السياسي والعسكري بشكل متكرر في الإعلام.
«يصادف اليوم 21 مارس (آذار) بداية فصل الربيع ويوم الأم، مناسبة لتجدد الحياة واستمرارها تماماً كما سيستمر إرث لقمان»؛ تقول الأمير، وتشير بيدها إلى الورود البيضاء والملونة حول ضريح شقيقها الذي يتوسط الحديقة، ومن ثم تردد عبارته: «القتلة في عجلة من أمرهم... من إخفاء الجثة... لا تتعبوا أنفسكم: كل عام يلون دم أدونيس النهر»، في إشارة إلى الأسطورة اللبنانية القديمة بعنوان: «أدونيس وعشتروت».
وأرجأت العائلة إحياء ذكرى أربعين لقمان سليم إلى يوم عيد الأم، رغم أن الذكرى كانت قبل 10 أيام، بحضور الأقارب والأصدقاء.
وبعد قراءة آيات من القرآن والإنجيل، تلا عباس بيضون وهاني حطب قصائد من ترجمة الراحل، كما تلت ماريز عاد قصائد كُتِبَت على نيته، وأنشدت ميسا جلاد وآية ليل أغنيتين للمناسبة. وتلا الفنان رفعت طربيه نصاً عن لقمان كتبه رئيس تحرير «الشرق الأوسط» غسان شربل.
لا تريد الأمير، كما العائلة، أن تتحدث عن أي شيء «يعكر صفو المناسبة». لا عن سير التحقيق بعملية اغتيال شقيقها ولا عن قتلته. تقول: «كل ما يجب قوله قلناه، واليوم نجتمع لنؤكد أن لقمان باق بأعماله وفكره». ثمّ تشير بيدها إلى سلّة موضوعة على الطاولة وداخلها نسخ من بيان كتبه لقمان في شهر ديسمبر (كانون الأول) عام 2019 حين تعرّض منزله الواقع في ضاحية بيروت الجنوبية لاعتداء سبقته حملة تخوين كبيرة إثر مشاركته في ندوة تطرّقت إلى موضوع مفهوم الحياد في لبنان.
وكانت الخيمة التي عقدت فيها الندوة في وسط بيروت، إلى جانب خيام المتظاهرين حين كان حراك السابع عشر من أكتوبر (تشرين الأول) في أوجه، تعرّضت لهجوم وحاول البعض إحراقها بحجّة أنها تروّج للتطبيع مع إسرائيل.
وجاء في البيان الذي نشره سليم حينها: «قصيرة من طويلة، واستدراكاً على أي محاولة تعرض لفظية أو يدوية لاحقة، لي أو لزوجتي أو لمنزلي أو لدارة العائلة أو لأي من أفراد العائلة، أو القاطنين في الدارة، فإنني أحمل قوى الأمر الواقع المسؤولية التامة عما جرى وعما قد يجري»، وختم بيانه بعبارة: «اللهم قد بلغت».
تعدّ الأمير أنّ هذا البيان بمثابة شاهد على قتلة لقمان وصك إدانة واضح يختصر كل ما يمكن أن تقوله، فوضعته في ذكرى أربعين شقيقها جنباً إلى جنب مع عبارات أحبّها أو كتبها، ومنها ما يقول: «في مشهد لبنان وناسه يبدو أن اللبنانيين - اللبنانيات يحتاجون إلى ميتات كثيرة لينتبهوا... موت واحد لا يكفي...».
ولمّا أرادت عائلة سليم أن تكون ذكرى أربعين فقيدها انطلاقة جديدة نحو مستقبل أفضل يشبه ما يتمناه لقمان، أعلنت زوجته مونيكا بورغمان عن إنشاء «مؤسسة لقمان سليم» التي ستهتم بالدرجة الأولى بالتفكير والبحث في قضية الاغتيال السياسي في لبنان، فضلاً عن نشر أدب وفكر لقمان، وستبدأ العمل في لبنان على أمل التوسع لاحقاً.
وستقوم المؤسسة بدعم المهتمين أو الصحافيين أو أي شخص يريد أن يبحث في أي اغتيال سياسي وقع في لبنان ويتطرّق إليه من خلال الكتابة أو الرسم أو المسرح أو أي طريقة يراها مناسبة، كما ستقدّم منحاً لهذا الهدف، فضلاً عن إمكانية إطلاق مهرجان باسم المؤسسة لاحقاً، كما تؤكد الأمير. وأشارت إلى أن «هناك 112 شخصاً اغتيلوا في لبنان من دون التوصل إلى نتائج في التحقيقات». وشددت على «إكمال مسيرة لقمان الأديب صاحب القلم الراقي. فنحن ليست لدينا أسلحة؛ بل أفكار لبناء البلد»، لافتة إلى أن الهدف من هذه المؤسسة هو «إعلاء صوت الفكر على صوت القمع، والتأكيد على أنه لا يمكن قتل الفكر بقتل حامله».



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).