البرهان يتهم إثيوبيا بنقض اتفاقيات الحدود

شدد على أن الجيش السوداني لا يرغب بالانقلاب على الحكومة

البرهان يتهم إثيوبيا بنقض اتفاقيات الحدود
TT

البرهان يتهم إثيوبيا بنقض اتفاقيات الحدود

البرهان يتهم إثيوبيا بنقض اتفاقيات الحدود

اتهم رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان الفريق أول عبد الفتاح البرهان، إثيوبيا بنقض العهود والمواثيق السابقة التي أبرمتها مع بلاده. وقال إن القوات المسلحة «انفتحت داخل الحدود السودانية وأعادت تأمينها، ولن تتراجع عن مواقعها»، مؤكداً في الوقت ذاته أن الجيش غير طامع في الحكم.
وقال البرهان لدى مخاطبته ضباطاً وضباط صف وجنوداً في المنطقة العسكرية بالعاصمة الخرطوم، أمس، إن القوات المسلحة «لن تتراجع عن مواقعها كونها لم تكن معتدية، وعقيدتها وتسليحها قائمان بالأساس على الدفاع وليس الهجوم والاعتداء».
وجاءت هذه التصريحات غداة تأكيد البرهان أن السودان «جاهز لأي احتمال، رداً على الاحتلال الإثيوبي لأراضي الفشقة السودانية»، معلناً رفض بلاده أي مفاوضات مع أديس أبابا لترسيم الحدود. وحمّل إثيوبيا عواقب ما يجري في الفشقة.
وأكد البرهان في تصريحاته، أمس، أن القوات المسلحة «لا ترغب بالانقلاب أو تغيير الحكومة الحالية»، متعهداً عملها «بحماية الفترة الانتقالية وصولاً إلى الانتخابات». وأشار إلى أن الجيش يعمل «بانسجام تام» مع شركاء الفترة الانتقالية من «قوى الحرية والتغيير» وشركاء السلام من الحركات المسلحة «لتنفيذ مهام المرحلة».
وأضاف: «نعمل مع شركاء الفترة الانتقالية لتجاوز التحديات الراهنة، ومع الحكومة التنفيذية لتطبيق الإصلاحات اللازمة للوصول إلى مرحلة الاستقرار الاقتصادي في البلاد». وأكد سعي القيادة «لبناء مؤسسة عسكرية موحدة تحمي السودان وأجهزة الدولة التنفيذية ولا أطماع لها في الحكم».
ولفت إلى «التطورات الإيجابية» التي يشهدها الانتقال السياسي في البلاد «في بناء اللحمة الوطنية وإعادة تأهيل القوات المسلحة، وتحقيق متطلبات السلام». ودعا القوى السياسية إلى الإسراع بإكمال هياكل الفترة الانتقالية بتشكيل المجلس التشريعي الانتقالي والمحكمة الدستورية «للمضي في تطبيق وترسيخ شعارات الثورة في تحقيق الحرية والسلام والعدالة».
وفيما يخص تنفيذ بند الترتيبات الأمنية في اتفاقية السلام، أكد البرهان استعداد القوات المسلحة لاستيعاب مقاتلي الفصائل وفق «أسس محددة من بينها التوزيع العادل للفرص بين أقاليم السودان وفقاً لنسبة السكان، بالإضافة إلى المعايير العالمية للاستيعاب في الجيوش». وأضاف: «بنهاية الفترة الانتقالية سنشهد دمج كل هذه القوات في جيش موحد».
وجدد عزم القوات المسلحة وتصميمها «على بناء وطن عزيز قوي وحر بالشراكة مع مُختلف قطاعات الشعب السوداني وقواه السياسية، من أجل تحقيق آمال الشعب وتلبية تطلعاته في الحرية والسلام والعدالة والعيش الكريم». وقال: «نسعى لبناء وطن عزيز قوي، تكون فيه المواطنة أساساً لنيل الحقوق والواجبات، ولا فرق فيه بين أي جهة من جهات البلاد، وطن خالٍ من التحيزات القبلية والنعرات الإثنية».
وجدد رئيس مجلس السيادة الانتقالي دعوة «الحركة الشعبية لتحرير السودان - قطاع الشمال» بقيادة عبد العزيز الحلو، و«حركة تحرير السودان» بقيادة عبد الواحد نور، إلى الانضمام إلى مسيرة السلام والمشاركة في بناء سودان المستقبل.
وتوجه البرهان بالتحية للقوات المسلحة المرابطة على حدود السودان الشرقية مع إثيوبيا «على دورها في حماية تراب الوطن». وقال إن «القوات المسلحة بتكوينها القومي تشكل نموذجاً لتكوين الشعب السوداني بكل أطيافه».



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.