نشر الشعر أصبح «مغامرة»

في يومه العالمي

TT

نشر الشعر أصبح «مغامرة»

«ليس للشعر سوق»، هذا الجواب المعتاد الذي يسمعه الشعراء، حتى المعروفون منهم، من أغلب الناشرين. وهذا يعني ضمنياً، أنك تستطيع أن تنشر مجموعتك الشعرية، ولكن عليك أن تدفع، أن تغطي كلفة الطبع، والتوزيع أيضاً. تتسلم 200 نسخة من مجموعتك، في أحسن الأحوال هذا إذا طبع منها 1000 نسخة، مقابل ما دفعت. وهكذا تتحول من شاعر إلى موزّع. ما مصير الـ800 نسخة المتبقية؟ لا أحد يعلم، إذ إنك لا ترى أي نسخة منها في أي معرض أو مكتبة، ولا الناشر يكلف نفسه أن يبلغك أين ذهبت.
هنا ردود ناشرين من المغرب وبيروت والقاهرة على سؤالنا: لماذا لا تنشرون الشعر؟

- دار «أغورا»: لا سوق للشعر
جواباً عن سؤال «هل هناك سوق للشعر؟»، يتأسف الناشر المغربي يوسف كرماح، وهو صاحب دار النشر «أغورا»، التي أُنشئت بمدينة طنجة في ذروة جائحة «كورونا»، لوضعية سوق الشعر، ويرى أن «سوق الشعر تعيش ركوداً»، مشدداً على أن الشعر «لم يعد يحظى بالمكانة التي تحظى بها الرواية، مثلاً».
ويثير كرماح قضية «تهرب» كثير من دور النشر من نشر الشعر، قبل أن يستعرض تجربته الشخصية واختياره الذهاب عكس التيار، حيث يقول: «صحيح أن كثيراً من دور النشر أصبحت تهرب من نشر الشعر، ولكن نحن في (أغورا) نحرص على نشر الشعر الذي يستحق النشر، ونوليه الأهمية ذاتها التي تمنح للرواية. وقد نشرنا في ظرف شهرين 5 مجامع شعرية».
يربط كرماح بين أوضاع الشعر على صعيد التسويق، مؤكداً عدداً من الآراء عبر العالم التي تشير إلى أن الشعر لا يباع بشكل جيد، فيقول: «صحيح... الشعر لا يباع، لا سيما في غياب الأنشطة الثقافية والمعارض».
يختم كرماح وجهة نظره بالإشارة إلى أن نشر الشعر في ظل الظروف والتحولات التي يمر منها العالم، يعد «مجازفة»، غير أنه يضيف: «ولكن لا يجب تهميشه».

- «دار النهضة» اللبنانية ومغامرتها الشعرية
من لبنان، تقول الناشرة لينة كريدية: «منذ عام 2005 دخلت (دار النهضة) مغامرة لافتة. فقد أخذت على عاتقها إصدار سلسلة دواوين شعرية، مع علمها المسبق أن المشروع خاسر. من وقتها عشرات الدواوين أبصرت النور». لينة كريدية مديرة الدار تتحدث عن هذا المشروع وتقول: «كنا نعرف سلفاً أن المبيع قليل، لكن هدفنا لم يكن تجارياً. كان المشروع ثقافياً بالكامل. أردنا إعادة النهضة من لبنان، للشعر والثقافة، بنكهة خارجة عن الروتين العادي، لنطل على المستقبل برؤية جديدة».
حين انطلقنا لم يكن الشعر في عليائه، كان قد هبط إلى دوامة العولمة والتجارة، حاولنا أن نحميه، وأن ننتقي الأفضل والأكثر قدرة على الصمود.
في السنوات العشر الأولى، بقينا نجرب، ولم نتوقف رغم عدم الربح، لكن الثورات العربية أخذتنا إلى مكان لم يكن متوقعاً. ومع ذلك، لم نتوقف، وإنما خفضنا عدد نسخ الدواوين التي نصدرها. كان رهاننا في مكانه، ربح ثلاثة من شعراء الدار جائزة «الأركانة» وهم محمد بن طلحة، ووديع سعادة، ومن أسبوعين فقط ربحها محمد الأشعري.
هذا أمر مشجع ويدعو إلى الاستمرار. «دار النهضة» راهنت على الشعر، وهي تخوض معركة ثقافية، ولا تلتفت إلى اسم الشاعر الذي تطبع له، أو تجربته السابقة أو جنسيته أو عمره، جل ما يعنينا هو النص نفسه، ومدى جماليته وشعريته، وقدرته على الوصول إلى وجدان القارئ. كانت ثمة سنوات الإصدارات فيها خجولة، بسبب الأوضاع التي مرت بها بلدان كثيرة. ومؤخراً نظراً لوباء «كورونا» وأسعار الورق، والظروف في لبنان، بدأنا نذهب نحو طبعات إلكترونية، مواكبة للعصر.
أطلقنا سلسلة جديدة تحمل اسم «أصوات» مطلع العام الحالي. وهو مشروع يعني بالتجارب الشعرية اليانعة. فنحن ننشر الديوان الأول للشاعر مثلاً. ننظر فعلاً لنصوص ذات نكهة جديدة ومتقدمة، إن من حيث الرؤى أو اللغة، ونجحنا إلى حد كبير.
قدمنا لغاية الآن ثمانية دواوين، ولا تزال اللجنة المعنية تتجنب الأعمال التي سنستكمل صدورها في الأشهر المقبلة. هذه الدواوين تصدر إلكترونياً في الوقت الحالي، بانتظار أن نتمكن من طبعها ورقياً، مع زوال الجائحة. نحن في هذا المهرجان الثقافي في غاية الرضا عما نفعل. دار النشر بالنسبة لنا، ليست بياعة كتب، بل يجب أن يكون لها دور تنويري تثقيفي، ومن أولوياتها نشر الفكر والعلم.
وأتصور أن هذا ما نحققه من مشروعنا. وألفت إلى أن شاعراً شاباً موهوباً هو محمود وهبه يساعدني في هذه المهمة، ستصدر مجموعته الشعرية ضمن «أصوات».
ومن مصر، يقول الناشر محمد هاشم مدير دار «ميريت» للنشر والتوزيع المصرية، إنه واحد من أكثر الناشرين اهتماماً بالشعر وطباعته، فقد قامت الدار خلال العام الماضي مثلاً بطباعة عدد كبير من الدواوين لشعراء كبار في مصر، مثل جمال القصاص «تحت جناحي عصفور»، وإبراهيم داود «كن شجاعاً هذه المرة»، وياسر الزيات «طفولتي الموجزة»، وأحمد يماني «الوداع في مثلث صغير»، وعبد الحفيظ طايل «عائلة يموت أفرادها فجأة». وهناك دواوين لشعراء آخرين قامت الدار بتبني كتاباتهم، مثل نسرين لطفي الزيات التي قامت الدار بإصدار ديوانها الأول «كوب فارغ من القرفة المطحونة»، كما صدر منذ أكثر من عامين «كتاب المشاهدة» للراحلة حنان كمال، وقد كان الديوان الشعري الأول لها في ذلك الوقت.
وذكر هاشم أن الكتب الشعرية مثل غيرها من المطبوعات، لا تلقى رواجاً في مصر بسبب ظروف كثيرة، يعرفها الجميع، لكن الدار تهتم به (الشعر) وتدافع عن وجوده بوصفه واحداً من الأنواع الأدبية المهمة، التي يجب أن نحافظ عليها مثله مثل الرواية والقصص، والكتب النقدية والمترجمة والمؤلفات الفكرية والسياسية، من هنا تحافظ الدار على طباعة الشعر مثل محافظتها على الوجود الإنساني نفسه.

- شاعر يرأس دار نشر
أما الدكتور فارس خضر مدير دار «الأدهم»، فيذكر أن الشعراء يتوقعون أنه حين يتولى شاعر إدارة دار نشر أن يكون انحيازه حتماً لنشر الشعر دون غيره، لهذا تحفل قائمة الإصدارات بما يزيد على ثلاثين ديواناً سنوياً. ويقول خضر إنه لا يلوم الناشرين ممن يسعون خلف الربح، على عدم نشر الشعر، لأن أهدافهم واضحة، ودور النشر الكبيرة أشبه بمؤسسات تجارية أكثر منها كيانات تهتم بنشر الثقافة والمعرفة.
وأشار خضر إلى أن دور النشر الخاصة صارت ملجأ لضحايا المؤسسات الثقافية التي تراجع دورها في النشر عموماً، حتى صار الشاعر مضطراً للوقوف على الأبواب الكالحة بالسنوات في انتظار دوره وحتى يرى كتابه مطبوعاً.

- الوعي بدوره مفتقد ونشره مغامرة
من جهته، قال محمد البعلي مدير دار «صفصافة» للنشر والتوزيع، إن موضوع نشر الشعر في مصر مسألة معقدة بعض الشيء، ففي أي سوق طبيعية للكتاب يكون الجمهور الأوسع من القراء هو الذي يبحث عن الكتب المسلية والأكثر بساطة، مثل روايات الرعب والقصص الرومانسية ومذكرات المشاهير، وهذا هو المعتاد عموماً.
وذكر البعلي أنه «إذا قمنا بتطبيق هذه الرؤية على سوق النشر في مصر نجد دائماً أن الكتب التي تسير في هذا الاتجاه، هي التي تكون على قمة المبيعات، وبعدها تأتي في القائمة أنواع مختلفة من الكتب، وحين نتابعها نصل في نهايتها إلى الكتاب الأكاديمي والعلمي ودواوين الشعر التي تتضمن قصائد النثر، وهي بالطبع لا يتعاطى معها أو يقرأها سوى نخب النخب من النقاد والشعراء والمبدعين، وهذه الدواوين بالتحديد تأتي في ذيل قائمة المبيعات، وهو ما يجعل دور النشر التجارية، وهي تشكل أغلبية بالطبع في مصر، لا تقبل على نشر الشعر».



كريتي سانون تروي رحلتها من دروس شاروخان إلى شجاعة الاختيار

الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
TT

كريتي سانون تروي رحلتها من دروس شاروخان إلى شجاعة الاختيار

الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)

في واحدة من أكثر الجلسات جماهيرية في مهرجان البحر الأحمر السينمائي هذا العام، حلّت الممثلة الهندية كريتي سانون في ندوة حوارية تحوّلت سريعاً من حوار تقليدي إلى عرض كامل تفاعل خلاله الجمهور بحماسة لافتة، حتى بدا المشهد وكأنه لقاء بين نجمة في ذروة تألقها وجمهور وجد فيها مزيجاً من الذكاء والعفوية والثقة.

منذ اللحظة الأولى، بدا واضحاً أن الجمهور جاء محملاً بأسئلته، فيما شجع التفاعل الجماهيري الممثلة الهندية على أن تجيب بصراحة عن كل ما يتعلق بمسيرتها، ومن بين كل أسماء الصناعة، لم يلمع في حديثها كما لمع اسم شاروخان. توقفت عند ذكره كما يتوقف شخص أمام لحظة صنعت في داخله تحولاً، وصفته بأنه «الأكثر ذكاءً وخفة ظل» ممن قابلتهم، ومثال حي على أن الفروسية والذوق الرفيع لا يزالان ممكنَين في صناعة صاخبة.

واستعادت كريتي كيف كان شاروخان ينظر إلى من يتحدث معه مباشرة، وكيف يمنح الجميع احتراماً متساوياً، حتى شعرت في بداياتها بأنها تلميذة تقع فجأة في حضرة أستاذ يعرف قواعد اللعبة من دون أن يستعرضها، ومع أن كثيرين يرون أن سانون دخلت عالم السينما من باب الجمال والأزياء، فإنها أكدت أن دراستها للهندسة لعبت دوراً في دخولها مجال الفن باعتبار أنها تعلمت منها أن كل شيء يجب أن يكون منطقياً وقائماً على أسئلة لماذا؟ وكيف؟

وأوضحت أن تحليل الأمور ومراجعتها منحتاها أدوات لم يمتلكها ممثلون آخرون، مروراً بتجارب وورشات تمثيل طويلة، فيما كانت هي تتعلم على أرض الواقع عبر طرح الأسئلة، حتى تلك التي قد يضيق منها البعض أو يعدها دليلاً على التردد.

الممثلة الهندية خلال جلستها الحوارية (مهرجان البحر الأحمر)

توقفت أيضاً في حديثها عند واحدة من أكثر محطاتها صعوبة، شخصية الروبوت «سيفرا» في فيلم «لقد وقعت في شرك كلامك»، شارحة أنها كانت لعبة توازن دقيقة بين أن تكون آلة بما يكفي ليصدّقها المشاهد، وإنسانة بما يكفي ليُصدّقها شريكها في الفيلم، مشيرة إلى أنها لم ترمش في أثناء الحوارات، وضبطت كل حركة لتكون دقيقة ومحسوبة، ورغم أنها معروفة بخفة الحركة و«العثرات الطريفة» كما وصفت نفسها، فإن أكثر ما أسعدها في الفيلم كان مشهد «الخلل» الذي ابتكرته بنفسها، لتمنح الشخصية ملمساً أكثر واقعية.

لكن اللحظة الأكثر دفئاً كانت عندما تحدثت عن الموسيقى، وعن دورها في مسيرتها؛ حيث روت كيف كانت غرف التسجيل التي تعمل فيها مع الملحّنين تشبه «متجر حلوى»، وكيف كان اللحن يُولد من جلسة ارتجال بسيطة تتحول بعد دقائق إلى أغنية جاهزة، ومع أن الجلسة كانت مليئة بالضحك واللحظات الخفيفة، فإنها لم تخفِ الجانب العميق من تجربتها، خصوصاً عندما تحدثت عن انتقالها من الإعلانات والصدفة إلى البطولة السينمائية.

وروت كيف أن فيلم «ميمي» منحها مساحة أكبر مما حصلت عليه في أي عمل سابق، وغيّر نظرتها إلى نفسها بوصفها ممثلة، مؤكدة أن ذلك العمل حرّرها من الحاجة الدائمة إلى إثبات ذاتها، وأعطاها الشجاعة لاختيار أدوار أكثر مجازفة. ومنذ ذلك الحين -كما تقول- لم تعد في سباق مع أحد، ولا تبحث عن لائحة إيرادات، بل عن أن تكون أفضل مما كانت عليه أمس.

وحين سُئلت عن فيلمها الجديد «تيري عشق مين» وعن موجة النقاشات التي أثارها على مواقع التواصل، أكدت أنها تتابع الآراء بشغف، لأن السينما تشبه اللوحة الفنية التي يراها كل شخص من زاوية مختلفة، مشيرة إلى أن الناس يتفاعلون مع قصة الفيلم، لأنهم قد عرفوا في حياتهم شخصاً مثل الممثلين.

وأكدت أن جزءاً من التفاعل يرجع إلى كون العمل يعرض الحب السام من جهة، لكنه يتيح للشخصية النسائية أن تُسمّيه وتواجهه، وهذا ما تعدّه تطوراً مهماً في كتابة الشخصيات النسائية، فلم تعد المرأة مجرد ضحية أو محبوبة مثالية، «فالمرأة المعاصرة على الشاشة يمكن أن تكون معقدة، متناقضة، واقعية، ومحبوبة رغم كل ذلك»، حسب تعبيرها.


جيسيكا ألبا تكشف عن مشروع سينمائي مع هيفاء المنصور

جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
TT

جيسيكا ألبا تكشف عن مشروع سينمائي مع هيفاء المنصور

جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)

كشفت الفنانة الأميركية جيسيكا ألبا عن ملامح مشروع سينمائي جديد يجمعها بالمخرجة السعودية هيفاء المنصور، مشيرة خلال ندوتها في «مهرجان البحر الأحمر السينمائي» إلى أن هذا التعاون لم يتشكل بين ليلة وضحاها، بل جاء نتيجة نقاشات طويلة امتدت على مدار سنوات.

وأوضحت في اللقاء الذي أقيم، الجمعة، أن الفكرة التي استقرتا عليها تدور حول قصة إنسانية عميقة تتناول علاقة ابنة بوالدها المتقدّم في العمر، ضمن سردية تقترب من تفاصيل العائلة وتحولاتها، وتسلّط الضوء على هشاشة العلاقات حين تواجه الزمن، وما يتركه ذلك من أسئلة مفتوحة حول الذاكرة والواجب العاطفي والمسؤولية المتبادلة.

وأضافت أن ما شدّها إلى المشروع ليس موضوعه فقط، بل الطريقة التي تقارب بها هيفاء المنصور هذه العلاقات الحسّاسة وتحولها إلى لغة بصرية تتسم بالهدوء والصدق، لافتة إلى أن «هذا التعاون يمثّل بالنسبة لي مرحلة جديدة في اختياراتي الفنية، خصوصاً أنني أصبحت أكثر ميلاً للأعمال التي تمنح الشخصيات النسائية مركزاً واضحاً داخل الحكاية، بعيداً عن الأنماط التقليدية التي سيطرت طويلاً على حضور المرأة في السينما التجارية».

وأشارت إلى أنها تبحث اليوم عن قصص تستطيع فيها المرأة أن تظهر بوصفها شخصية كاملة، تملك مساحتها في اتخاذ القرارات والتأثير في مسار الحكاية، وهو ما تراه في مشروعها مع المنصور، الذي وصفته بأنه «قريب من قلبها»؛ لأنه يعيد صياغة علاقة الأم والابنة من منظور مختلف.

وخلال الندوة، قدّمت ألبا قراءة موسّعة لتغيّر مسارها المهني خلال السنوات الأخيرة، فهي، كما أوضحت، لم تعد تنظر إلى التمثيل بوصفه مركز عملها الوحيد، بل بات اهتمامها الأكبر موجّهاً نحو الإنتاج وصناعة القرار داخل الكواليس.

وأكدت أن دخولها عالم الإنتاج لم يكن مجرد انتقال وظيفي، وإنما خطوة جاءت نتيجة إحساس عميق بأن القصص التي تُقدَّم على الشاشة ما زالت تعكس تمثيلاً ناقصاً للنساء وللأقليات العرقية، خصوصاً للمجتمع اللاتيني الذي تنتمي إليه.

وتحدثت ألبا عن تجربة تأسيس شركتها الإنتاجية الجديدة، معتبرة أن الهدف منها هو خلق مساحة لصناع المحتوى الذين لا يجدون غالباً فرصة لعرض رؤاهم، موضحة أن «غياب التنوّع في مواقع اتخاذ القرار داخل هوليوود جعل الكثير من القصص تُروى من زاوية واحدة، ما أدّى إلى تكريس صور نمطية ضيّقة، خصوصاً فيما يتعلّق بالجاليات اللاتينية التي غالباً ما تظهر في الأعمال ضمن أدوار مرتبطة بالعنف أو الجريمة أو الأعمال الهامشية».

وشددت على أنها تريد أن تساهم في معالجة هذا الخلل، ليس عبر الخطابات فقط، بل من خلال إنتاج أعمال تظهر فيها الشخصيات اللاتينية والعربية والنساء بصورة كاملة، إنسانية، متنوّعة، لافتة إلى أن تنوّع التجارب الحياتية هو العنصر الذي يجعل صناعة السينما أكثر ثراء، وأن غياب هذا التنوع يجعل الكثير من الكتّاب والمخرجين عاجزين عن تخيّل شخصيات خارج ما اعتادوا عليه.

وأضافت أن مهمتها اليوم، من موقعها الجديد، هي فتح المجال أمام أصوات غير مسموعة، سواء كانت نسائية أو تنتمي إلى أقليات ثقافية واجتماعية، لافتة إلى أنها تعمل على تطوير فيلم جديد مع المخرج روبرت رودريغيز، يعتمد على مزيج من الكوميديا العائلية وأجواء أفلام السرقة، مع طاقم تمثيل لاتيني بالكامل.

وأوضحت أن هذا العمل يأتي امتداداً لرغبتها في دعم المواهب اللاتينية، وفي الوقت نفسه تقديم أعمال جماهيرية لا تُختزل في سرديات العنف أو الهوامش الاجتماعية، واصفة المشروع بأنه خطوة مختلفة على مستوى بنية الحكاية؛ لأنه يجمع بين الترفيه والأسئلة العائلية، ويقدّم الشخصيات اللاتينية في إطار طبيعي وغير مصطنع.

وتوقفت جيسيكا عند مشاركتها المرتقبة في فيلم «الشجرة الزرقاء»، ويتناول علاقة أم بابنتها التي تبحث عن استقلاليتها رغم حساسية ظروفها موضحة أن ما جذبها لهذا العمل هو طبيعته الهادئة، واعتماده على بناء علاقة حميمة بين شخصيتين، بعيداً عن الصراعات المفتعلة، معتبرة أن هذا النوع من الحكايات يمثّل مرحلة أصبحت قريبة جداً منها في هذه الفترة من حياتها.


«الآثار المسترَدة»... محاولات مصرية لاستعادة التراث «المنهوب»

جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
TT

«الآثار المسترَدة»... محاولات مصرية لاستعادة التراث «المنهوب»

جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)

في إطار الجهود المصرية المستمرة للحفاظ على التراث وحمايته واستعادة الآثار المصرية المنهوبة من الخارج وصيانتها، تعدَّدت الجهود الرسمية والأهلية والبحثية والأكاديمية للعمل على حفظ التراث واستعادة الآثار المُهرَّبة، واستضافت مكتبة الإسكندرية مؤتمراً علمياً، بالتعاون مع مؤسسة ألمانية، تناول استرداد الآثار المصرية من الخارج، وحفظ وصيانة التراث.

وركز المؤتمر على تجارب مصر في استرداد القطع الأثرية التي خرجت من البلاد بطرق غير قانونية، سواء عبر المتاحف الأجنبية أو الأسواق غير المشروعة. وشارك فيه عدد من المسؤولين والخبراء المصريين والدوليين، وتم عرض نماذج بارزة من الآثار المسترَدة حديثاً، مثل التوابيت المذهبة والقطع الخشبية النادرة، مع مناقشة الإجراءات القانونية والدبلوماسية التي اعتمدتها مصر لاستعادة هذه القطع الأثرية وحمايتها بوصفها جزءاً من التراث العالمي.

وأكد عالم الآثار المصرية، الدكتور حسين عبد البصير، أن هذه الجهود تمثل رسالةً قويةً للعالم حول أهمية حماية التراث الثقافي المصري والعربي والعالمي، وأن استعادة كل قطعة أثرية هي خطوة نحو الحفاظ على الهوية الوطنية وإعادة حق الأجيال القادمة في التراث الحضاري لمصر، والعالم العربي، والعالم.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن دور المجتمع المدني والجمعيات الأثرية مهم في دعم هذه الجهود، من خلال التوعية، والبحث العلمي، والتعاون مع المنظمات الدولية؛ لتقوية موقف مصر القانوني في مواجهة التجارة غير المشروعة بالآثار.

جانب من المؤتمر الذي ناقش الآثار المسترَدة وحفظ التراث (الشرق الأوسط)

وتحت عنوان «الاتجار بالآثار سرقة للتاريخ وطمس للهوية»، تحدَّث الدكتور شعبان الأمير، أستاذ ترميم الآثار ومواد التراث بكلية الآثار بجامعة الفيوم، وتناول التنقيب والاتجار بالآثار وتقارير اليونيسكو حول هذه العمليات، التي تُقدَّر بنحو 10 مليارات دولار سنوياً، وهي ثالث أكبر عملية تجارية بعد المخدرات والسلاح على مستوى العالم.

وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «حماية التراث واجب وطني ومجتمعي، والاتجار بالآثار يعدّ سرقةً للتاريخ وطمساً ومحواً وفقداناً للهوية». وأشار إلى أن المؤتمر تناول أبحاثاً حول تطبيقات الذكاء الاصطناعي، والهندسة، والكيمياء، والوعي المجتمعي، وغيرها من الموضوعات التي اهتمت بكيفية حماية التراث والآثار، والحد من عمليات التنقيب غير الشرعي، وعمليات التسجيل والتوثيق والفحص والتحليل تمهيداً لعمليات الترميم والصيانة والحفظ والعرض المتحفي أو بالمواقع الأثرية.

وفي ورقة بحثية بالمؤتمر، تناولت الدكتورة منى لملوم، قوة الميديا ووسائل الإعلام المختلفة في المطالبة باسترداد الآثار، مشيرة إلى الحملات التي تقوم بها وسائل الإعلام من أجل الضغط لاسترداد الآثار المُهرَّبة من مصر بطرق غير مشروعة. وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أنها «تناولت كثيراً من النماذج، منها استعادة تمثال من أميركا عام 2019 بجهود رسمية كبيرة، بالإضافة إلى قوة الإعلام، وكذلك الضغط من خلال حملات صحافية وأهلية، إلى جانب الجهود الحكومية لاستعادة آثار مصرية مهمة مثل رأس نفرتيتي من ألمانيا، وجدارية (الزودياك) أو الأبراج السماوية من متحف اللوفر، فضلاً عن استعادة حجر رشيد من المتحف البريطاني».

ولفتت د. منى إلى دور الدراما والسينما في التعامل مع الآثار والتاريخ مثل فيلم «المومياء» من إخراج شادي عبد السلام الذي لعب دوراً إيجابياً وصُنِّف من أهم 100 فيلم مصري في القرن الـ20، وهناك نماذج سلبية مثل مسلسل «كليوباترا» الذي أنتجته «نتفليكس» وقوبل بهجوم شديد لتجسيد الملكة المصرية بممثلة سوداء، و«اضطرت الشبكة إلى تغيير تصنيف الفيلم من (وثائقي) إلى (درامي) تحت ضغط (الميديا)» على حد تعبيرها.