رنيم فارسي: الفن والثقافة أصبحا جزءاً من حياة السعوديين

أكدت أن انتشارهما يوسع مدارك الناس وفكرهم وطريقة رؤيتهم للحياة

TT

رنيم فارسي: الفن والثقافة أصبحا جزءاً من حياة السعوديين

«أصبح الفن والثقافة جزءاً لا يتجزأ من حياة السعوديين. لدينا نمو ثقافي مستدام يبهر الآخرين. وبوجود الدعم الحكومي اللامحدود، والشغف والمبادرات من الفنانين، يعيش الفن السعودي مرحلة صحية، ويسير بطريقة مذهلة». بهذه الكلمات تصف قيّمة الفنون والثقافة السعودية، رنيم زكي فارسي، الحراك الفني والثقافي في المملكة اليوم.
وتؤكد فارسي، وهي القيمة الفنية المشاركة لمعرض «نور على نور» المقام حالياً ضمن فعاليات مهرجان «نور الرياض» في حديثها لـ«الشرق الأوسط» أن فن الضوء تاريخياً نشأ في الستينات الميلادية بالسعودية، وأضافت: «استطعنا الوصول لهذا الإنجاز، بفضل الدعم والاهتمام الذي يحظى به قطاع الفن والثقافة الذي أصبح جزءاً من حياة السعوديين».
عن مهام القيّم الفني، تشرح رنيم فارسي بقولها: «هو الشخص المسؤول عن العمل الفني واختياره؛ بدءاً من المفهوم فالعرض والبحث، ليتم انتقاء الأعمال الفنية، ينبغي أن يملك القيم الفني معلومات صحيحة عن الفنانين والساحة الفنية الأعمال والمفاهيم التي تستخدم، والانسجام بين الفنانين أنفسهم المشاركين في المعرض».
وترى رنيم التي درست الفنون التشكيلية وتاريخ الفن، وقدمت رسالتها للماجستير عن البنية التحتية للساحة التشكيلية في السعودية، أن المملكة تعيش ازدهاراً فنياً وثقافياً وفق خطط منهجية مستدامة تركز على الاقتصاد الإبداعي الذي سيكون له نتائج إيجابية مباشرة وغير مباشرة في المستقبل القريب، على حد تعبيرها.
وتابعت: «هناك مكان للجميع في الساحة الفنية. الفن لغة عالمية، وهو ما يتجسد أمامنا اليوم في مهرجان (نور الرياض) حيث يجتمع أكثر من 30 فناناً سعودياً وعالمياً، ويندمجون مع بعض في مكان واحد لإبراز فن الضوء وكيف نشأ حتى اليوم (...). الفن والثقافة يحظيان بدعم واهتمام، وأصبحا جزءاً لا يتجزأ من جودة الحياة، لدينا نمو ثقافي يبهر الآخرين، ونملك خطة مستدامة ليكون الفن والثقافة جزءاً لا يتجزأ من حياة السعوديين».
وتعتقد القيم الفني لمعرض «نور على نور» أن انتشار الفن والثقافة من شأنه أن يوسع مدارك وفكر الناس وطريقة رؤيتهم للحياة، وأضافت: «عندما يصبح الفن والثقافة جزءاً من نمط حياة الناس، يكون لدينا وعي ثقافي، ويوسع مدارك الشخص وفكره وطريقة رؤيته للأشياء».
وتدلل فارسي على الاهتمام بالفن والثقافة من خلال المشاريع التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين؛ أحدها هو «الرياض آرت»، الذي يبرز أهمية الفن والثقافة في بلادنا، بحسب وصفها، وتقول: «هذا البرنامج والمشاريع الأخرى هي جزء من الأمور القائمة في كل مدن المملكة، مثل جدة والشرقية وغيرها، هناك دعم لا محدود وتكامل يخلق اقتصاداً إبداعياً بطريقة مباشرة وغير مباشرة، نتيجة لهذه المبادرات والمشاريع».
وأضافت: «الفن السعودي يعيش ازدهاراً، والقادم أجمل، العجلة التي نسير فيها مذهلة، قطاع الفن والثقافة لم يعد على الهامش، لقد أصبح في صميم حياة الناس. هناك شغف من المجتمع وهناك دعم الحكومة، وهكذا تستمر استدامة هذا القطاع».
وتؤكد رنيم فارسي أن «الفن السعودي وصل إلى العالمية. اليوم فتحنا أبوابنا للعالم، وأصبح التبادل الثقافي والفني محور النقاش، هذه مجرد بداية. طموحنا عنان السماء، كما قال ولي العهد، والفرصة أمام الجميع مفتوحة».

 



رحيل عبد الله النعيم... المعلم والمهندس قبل أن يحمل الابتدائية

الراحل عبد الله العلي النعيم
الراحل عبد الله العلي النعيم
TT

رحيل عبد الله النعيم... المعلم والمهندس قبل أن يحمل الابتدائية

الراحل عبد الله العلي النعيم
الراحل عبد الله العلي النعيم

محطات كثيرة ولافتة وعجيبة شكلت حياة عبد الله العلي النعيم، الذي رحل، الأحد، بعد رحلة طويلة في هذه الحياة تجاوزت تسعة عقود، كان أبرزها توليه منصب أمين مدينة الرياض في بدايات سنوات الطفرة وحركة الإعمار التي شهدتها معظم المناطق السعودية، وسبقتها أعمال ومناصب أخرى لا تعتمد على الشهادات التي يحملها، بل تعتمد على قدرات ومهنية خاصة تؤهله لإدارة وإنجاز المهام الموكلة إليه.

ولد الراحل النعيم في مدينة عنيزة بمنطقة القصيم وسط السعودية عام 1930، والتحق بالكتاتيب وحلقات التعلم في المساجد قبل إقرار المدارس النظامية، وأظهر نبوغاً مبكراً في صغره، حيث تتداول قصة عن تفوقه، عندما أجرى معلمه العالم عبد الرحمن السعدي في مدرسته بأحد مساجد عنيزة مسابقة لحفظ نص لغوي أو فقهي، وخصص المعلم جائزة بمبلغ 100 ريال لمن يستطيع ذلك، وتمكن النعيم من بين الطلاب من فعل ذلك وحصل على المبلغ، وهو رقم كبير في وقته يعادل أجر عامل لمدة أشهر.

محطات كثيرة ولافتة وعجيبة شكلت حياة عبد الله العلي النعيم

توجه الشاب النعيم إلى مكة بوصفها محطة أولى بعد خروجه من عنيزة طلباً للرزق وتحسين الحال، لكنه لم يجد عملاً، فآثر الذهاب إلى المنطقة الشرقية من بلاده حيث تتواجد شركة «أرامكو» ومشاريعها الكبرى، وتوفّر فرص العمل برواتب مجزية، لكنه لم يذهب للشركة العملاقة مباشرة، والتمس عملاً في إحدى محطات الوقود، إلى أن وجد عملاً في مشروع خط التابلاين التابع لشركة «أرامكو» بمرتب مجز، وظل يعمل لمدة ثلاث سنوات ليعود إلى مسقط رأسه عنيزة ويعمل معلماً في إحدى مدارسها، ثم مراقباً في المعهد العلمي بها، وينتقل إلى جدة ليعمل وكيلاً للثانوية النموذجية فيها، وبعدها صدر قرار بتعيينه مديراً لمعهد المعلمين بالرياض، ثم مديراً للتعليم بنجد، وحدث كل ذلك وهو لا يحمل أي شهادة حتى الابتدائية، لكن ذلك اعتمد على قدراته ومهاراته الإدارية وثقافته العامة وقراءاته وكتاباته الصحافية.

الراحل عبد الله العلي النعيم عمل مديراً لمعهد المعلمين في الرياض

بعد هذه المحطات درس النعيم في المعهد العلمي السعودي، ثم في جامعة الملك سعود، وتخرج فيها، وتم تعيينه أميناً عاماً مساعداً بها، حيث أراد مواصلة دراسته في الخارج، لكن انتظرته مهام في الداخل.

وتعد محطته العملية في شركة الغاز والتصنيع الأهلية، المسؤولة عن تأمين الغاز للسكان في بلاده، إحدى محطات الراحل عبد الله العلي النعيم، بعد أن صدر قرار من مجلس الوزراء بإسناد مهمة إدارة الشركة إليه عام 1947، إبان أزمة الغاز الشهيرة؛ نظراً لضعف أداء الشركة، وتمكن الراحل من إجراء حلول عاجلة لحل هذه الأزمة، بمخاطبة وزارة الدفاع لتخصيص سيارة الجيش لشحن أسطوانات الغاز من مصدرها في المنطقة الشرقية، إلى فروع الشركة في مختلف أنحاء السعودية، وإيصالها للمستهلكين، إلى أن تم إجراء تنظيمات على بنية الشركة وأعمالها.

شركة الغاز والتصنيع الأهلية تعد إحدى محطات الراحل عبد الله العلي النعيم

تولى النعيم في بدايات سنوات الطفرة أمانة مدينة الرياض، وأقر مشاريع في هذا الخصوص، منها إنشاء 10 بلديات في أحياء متفرقة من الرياض، لتسهيل حصول الناس على تراخيص البناء والمحلات التجارية والخدمات البلدية. ويحسب للراحل إقراره المكتب التنسيقي المتعلق بمشروعات الكهرباء والمياه والهاتف لخدمة المنازل والمنشآت وإيصالها إليها، كما طرح أفكاراً لإنشاء طرق سريعة في أطراف وداخل العاصمة، تولت تنفيذها وزارة المواصلات آنذاك (النقل حالياً)، كما شارك في طرح مراكز اجتماعية في العاصمة، كان أبرزها مركز الملك سلمان الاجتماعي.

تولى النعيم في بدايات سنوات الطفرة أمانة مدينة الرياض