دعوات إلى «رص الصفوف» لحل مشكلات إقليم كردستان

الخلافات مع بغداد تخيّم على احتفالات نوروز

جانب من الاحتفال بعيد نوروز في السليمانية بإقليم كردستان العراق أمس (أ.ف.ب)
جانب من الاحتفال بعيد نوروز في السليمانية بإقليم كردستان العراق أمس (أ.ف.ب)
TT

دعوات إلى «رص الصفوف» لحل مشكلات إقليم كردستان

جانب من الاحتفال بعيد نوروز في السليمانية بإقليم كردستان العراق أمس (أ.ف.ب)
جانب من الاحتفال بعيد نوروز في السليمانية بإقليم كردستان العراق أمس (أ.ف.ب)

وجهت قيادات إقليم كردستان تهنئة إلى الشعب الكردي مساء أمس، عشية الاحتفال بأعياد (نوروز) رأس السنة الكردية، داعين إلى بداية جديدة مبنية على رص الصفوف والتعاضد لضمان مستقبل أفضل، في ظل احتفالات اقتصرت على البيانات والكلمات وخلت من إقامة التجمعات بسبب إجراءات وقائية صارمة فرضتها السلطات للحد من تفشي فيروس كورونا.
وقال نيجيرفان بارزاني، رئيس الإقليم، إن «نوروز هو عيد قومي مقدس ورمز للانتصار والإحياء والحرية للشعب الكردي ويمنحنا القوة والمعنويات دوما»، داعيا الجميع إلى «بداية جديدة ومراجعة الذات والاستفادة من أخطاء الماضي، والتسامح وتوحيد القوة والقدرات لتجاوز الصعوبات والنظر إلى مستقبل أكثر ازدهار بأمل وتفاؤل». وأضاف أن «ضمان حياة ومعيشة أفضل للمواطنين كردستان بحاجة إلى رص الصفوف والانسجام والعمل الجمعي، وإنهاء الصراعات والاختلافات بين الأطراف السياسية الكردستانية، فهي لا تجلب غير الضرر والفرقة لكردستان»، ودعا جميع الأطراف إلى اجتماع مشترك في رئاسة الإقليم لبحث وضع الإقليم وحلها بأفضل الطرق وفق الحقوق الدستورية.
وعن حل المشكلات مع الحكومة الاتحادية بصورة عامة، أكد بارزاني إن «إقليم كردستان سيكون متعاونا ومساعدا من أجل الاستقرار والسلام ومستقبل أفضل للبلاد ويبذل كل مساعيه بهذا الصدد»، مبينا أن «حل مشكلات إقليم كردستان مع الحكومة الاتحادية هو مفتاح للهدوء والاستقرار وتقدم العراق».
من جهته، وجه رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني، السبت، تهنئة إلى الشعب بمناسبة حلول عيد نوروز، معربا عن أمله أن تفي الحكومة الاتحادية بواجباتها في تنفيذ كامل بنود الدستور. وقال في بيان: «لقد حمل نوروز معاني سامية في النصر وتجديد الحياة، ونأمل أن يحل علينا ومعه شعلة الانتصار على المصاعب وتحقيق أمنياتنا ونيل حقوقنا كافة»، معربا عن أمله بأن «تفي الحكومة الاتحادية بواجباتها في تنفيذ كامل بنود الدستور من أجل استتباب الأمن وتحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي في العراق».
وأعلنت وزارة الصحة في إقليم كردستان عن إجراءات وقائية صارمة خلال فترة أعياد نوروز، وأكد وزير الصحة في بيان أن جميع مداخل الإقليم ستكون مفتوحة أمام السيّاح من باقي مناطق العراق خلال فترة احتفالات نوروز، على أن يكون لدى جميع الوافدين فحص سلبي لفيروس كورونا، وبعكسه لن يسمح لمن ليس لديه فحص قبل 72 ساعة بالدخول.



الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)

ازدادت مساحة التدخلات الحوثية في صياغة المناهج الدراسية وحشوها بالمضامين الطائفية التي تُمجِّد قادة الجماعة وزعيمها عبد الملك الحوثي، مع حذف مقررات ودروس وإضافة نصوص وتعاليم خاصة بالجماعة. في حين كشف تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن عن مشاركة عناصر من «حزب الله» في مراجعة المناهج وإدارة المخيمات الصيفية.

في هذا السياق، كشف ناشطون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي عن أعمال تحريف جديدة للمناهج، وإدراج المضامين الطائفية الخاصة بالجماعة ومشروعها، واستهداف رموز وطنية وشعبية بالإلغاء والحذف، ووضع عشرات النصوص التي تمتدح قادة الجماعة ومؤسسيها مكان نصوص أدبية وشعرية لعدد من كبار أدباء وشعراء اليمن.

إلى ذلك، ذكرت مصادر تربوية في العاصمة المختطفة صنعاء أن الجماعة الحوثية أقرّت خلال الأسابيع الأخيرة إضافة مادة جديد للطلاب تحت مسمى «الإرشاد التربوي»، وإدراجها ضمن مقررات التربية الإسلامية للمراحل الدراسية من الصف الرابع من التعليم الأساسي حتى الثانوية العامة، مع إرغام الطلاب على حضور حصصها يوم الاثنين من كل أسبوع.

التعديلات والإضافات الحوثية للمناهج الدراسية تعمل على تقديس شخصية مؤسس الجماعة (إكس)

وتتضمن مادة «الإرشاد التربوي» -وفق المصادر- دروساً طائفية مستمدة من مشروع الجماعة الحوثية، وكتابات مؤسسها حسين الحوثي التي تعرف بـ«الملازم»، إلى جانب خطابات زعيمها الحالي عبد الملك الحوثي.

وبيّنت المصادر أن دروس هذه المادة تعمل على تكريس صورة ذهنية خرافية لمؤسس الجماعة حسين الحوثي وزعيمها الحالي شقيقه عبد الملك، والترويج لحكايات تُضفي عليهما هالة من «القداسة»، وجرى اختيار عدد من الناشطين الحوثيين الدينيين لتقديمها للطلاب.

تدخلات «حزب الله»

واتهم تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن، الصادر أخيراً، الجماعة الحوثية باعتماد تدابير لتقويض الحق في التعليم، تضمنت تغيير المناهج الدراسية، وفرض الفصل بين الجنسين، وتجميد رواتب المعلمين، وفرض ضرائب على إدارة التعليم لتمويل الأغراض العسكرية، مثل صناعة وتجهيز الطائرات المسيّرة، إلى جانب تدمير المدارس أو إلحاق الضرر بها أو احتلالها، واحتجاز المعلمين وخبراء التعليم تعسفياً.

تحفيز حوثي للطلاب على دعم المجهود الحربي (إكس)

وما كشفه التقرير أن مستشارين من «حزب الله» ساعدوا الجماعة في مراجعة المناهج الدراسية في المدارس الحكومية، وإدارة المخيمات الصيفية التي استخدمتها للترويج للكراهية والعنف والتمييز، بشكل يُهدد مستقبل المجتمع اليمني، ويُعرض السلام والأمن الدوليين للخطر.

وسبق لمركز بحثي يمني اتهام التغييرات الحوثية للمناهج ونظام التعليم بشكل عام، بالسعي لإعداد جيل جديد يُربَّى للقتال في حرب طائفية على أساس تصور الجماعة للتفوق الديني، وتصنيف مناهضي نفوذها على أنهم معارضون دينيون وليسوا معارضين سياسيين، وإنتاج هوية إقصائية بطبيعتها، ما يُعزز التشرذم الحالي لعقود تالية.

وطبقاً لدراسة أعدها المركز اليمني للسياسات، أجرى الحوثيون تغييرات كبيرة على المناهج الدراسية في مناطق سيطرتهم، شملت إلغاء دروس تحتفي بـ«ثورة 26 سبتمبر (أيلول)»، التي أطاحت بحكم الإمامة وأطلقت الحقبة الجمهورية في اليمن عام 1962، كما فرضت ترديداً لـ«الصرخة الخمينية» خلال التجمعات المدرسية الصباحية، وتغيير أسماء المدارس أو تحويلها إلى سجون ومنشآت لتدريب الأطفال المجندين.

مواجهة حكومية

في مواجهة ما تتعرض له المناهج التعليمية في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية من تحريف، تسعى الحكومة اليمنية إلى تبني سياسات لحماية الأجيال وتحصينهم.

اتهامات للحوثيين بإعداد الأطفال ذهنياً للقتال من خلال تحريف المناهج (أ.ف.ب)

ومنذ أيام، أكد مسؤول تربوي يمني عزم الحكومة على مواجهة ما وصفه بـ«الخرافات السلالية الإمامية العنصرية» التي تزرعها الجماعة الحوثية في المناهج، وتعزيز الهوية الوطنية، وتشذيب وتنقية المقررات الدراسية، وتزويدها بما يخدم الفكر المستنير، ويواكب تطلعات الأجيال المقبلة.

وفي خطابه أمام ملتقى تربوي نظمه مكتب التربية والتعليم في محافظة مأرب (شرق صنعاء) بالتعاون مع منظمة تنموية محلية، قال نائب وزير التربية والتعليم اليمني، علي العباب: «إن ميليشيات الحوثي، تعمل منذ احتلالها مؤسسات الدولة على التدمير الممنهج للقطاع التربوي لتجهيل الأجيال، وسلخهم عن هويتهم الوطنية، واستبدال الهوية الطائفية الفارسية بدلاً منها».

ووفقاً لوكالة «سبأ» الحكومية، حثّ العباب قيادات القطاع التربوي، على «مجابهة الفكر العنصري للمشروع الحوثي بالفكر المستنير، وغرس مبادئ وقيم الجمهورية، وتعزيز الوعي الوطني، وتأكيد أهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر (تشرين الأول) المجيدتين».

قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

ومنذ أيام توفي الخبير التربوي اليمني محمد خماش، أثناء احتجازه في سجن جهاز الأمن والمخابرات التابع للجماعة الحوثية، بعد أكثر من 4 أشهر من اختطافه على خلفية عمله وزملاء آخرين له في برنامج ممول من «يونيسيف» لتحديث المناهج التعليمية.

ولحق خماش بزميليه صبري عبد الله الحكيمي وهشام الحكيمي اللذين توفيا في أوقات سابقة، في حين لا يزال بعض زملائهم محتجزين في سجون الجماعة التي تتهمهم بالتعاون مع الغرب لتدمير التعليم.

وكانت الجماعة الحوثية قد أجبرت قبل أكثر من شهرين عدداً من الموظفين المحليين في المنظمات الأممية والدولية المختطفين في سجونها على تسجيل اعترافات، بالتعاون مع الغرب، لاستهداف التعليم وإفراغه من محتواه.