موازنة العراق تدخل عنق زجاجة المساومات السياسية

حصة إقليم كردستان ما زالت عالقة

موازنة العراق تدخل عنق زجاجة المساومات السياسية
TT
20

موازنة العراق تدخل عنق زجاجة المساومات السياسية

موازنة العراق تدخل عنق زجاجة المساومات السياسية

قبل أكثر من شهر، أعلنت اللجنة المالية في البرلمان العراقي أنها أنهت كل المشاكل والعقد والخلافات بشأن مشروع قانون الموازنة المالية لعام 2021، وكانت اللجنة المالية عقدت نحو 300 اجتماع شملت لقاءات مع الوزارات والمؤسسات والمنظمات ومختلف القطاعات من أجل حسم الاستحقاقات المالية بموجب القانون الذي أرسلته الحكومة إلى البرلمان أواخر العام الماضي. كما عقدت عشرات الاجتماعات مع وفد حكومة إقليم كردستان الذي كان يحضر خصيصاً لمثل هذه الجلسات من أربيل، من أجل حسم حصة الإقليم.
في الوقت الذي تم فيه حسم كل المعوقات التي كانت تحول دون عرضها على التصويت داخل قبة البرلمان، فإن حصة إقليم كردستان ما زالت عالقة حتى الآن بسبب تعثر التوصل إلى اتفاق مع الإقليم بخصوص مبيعات النفط وكيفية تسديد أقيامه إلى الحكومة الاتحادية، بالإضافة إلى عدم الاتفاق على آلية مناسبة لتوزيع واردات المنافذ الحدودية التي تطالب بغداد بأن تكون مركزية طبقاً للدستور العراقي. وفي الوقت الذي كان مقرراً التصويت على مشروع قانون الموازنة، أول من أمس، حيث عقدت جلسة استثنائية برغم أن يوم الجمعة عطلة رسمية في العراق، فإن بروز خلافات أخرى، منها مسألة سعر صرف الدولار، أدخل الموازنة في عنق زجاجة جديد أدى إلى تأجيل عقد الجلسة البرلمانية إلى يوم أمس (السبت). وبينما توصلت الكتل السياسية التي لها تمثيل في البرلمان إلى اتفاق مع الوفد الكردي بخصوص المادة 11 من قانون الموازنة الخاصة بحصة إقليم كردستان، فإن تفاصيل الاتفاق بدت غير واضحة لدى كتل أخرى هددت بعدم التصويت على الموازنة في حال عرضها للتصويت لا سيما فيما يتعلق بالكمية التي يتعين على الإقليم تسليمها من عائدات النفط. الوفد الكردي، من جهته، ما زال يواصل مباحثاته مع مختلف الأطراف من أجل تخطي هذه العقبة، قبل أن تظهر عقبة جديدة أدخلت هذه المرة كل مشروع الموازنة في عنق زجاجة جديد وهو مطالبة أكثر من 109 نواب بإعادة سعر صرف الدولار مقابل الدينار العراقي إلى ما كان عليه قبل رفع سعره من قبل الحكومة. ورغم أن عملية رفع سعر صرف الدولار جزء من اختصاصات الحكومة وطبقاً لخطة الإصلاح الحكومي التي سميت «الورقة البيضاء»، فإنه في اللحظات الأخيرة تبنى عشرات النواب عبر جمع تواقيع إصدار تشريع يلزم الحكومة بإعادة سعر صرف الدولار من 145 ديناراً للدولار الواحد إلى ما كان عليه سابقاً وهو 122 ديناراً للدولار الواحد. وفي هذا السياق، قال النائب المستقل محمد شياع السوداني في بيان: «نجدد مطالبتنا بإعادة النظر بسعر صرف الدولار لأن التأثير السلبي لارتفاعه بات يقض مضاجع الفقراء وذوي الدخل المحدود». وأضاف السوداني أن «الحكومة عجزت عن اتخاذ أي إجراء للتخفيف عن كاهل هذه الفئات مقابل خطوتها التي أصبحت غير مبررة في ظل ارتفاع أسعار النفط عالمياً». وأضاف أن «قرار خفض الدينار تسبب بتوقف الأعمال الصغيرة والمتوسطة جراء ارتفاع الأسعار».
من جهتها، أعلنت كتلة «سائرون» المدعومة من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أن سبب عدم انعقاد الجلسة البرلمانية في وقتها المحدد من أجل التصويت على الموازنة يعود إلى تدخل الكتل السياسية في إعادة صياغة بعض مواد قانون الموازنة، إلى جانب أسباب أخرى. وقال النائب عن كتلة «سائرون» رياض المسعودي إنه «بالإضافة إلى تدخل بعض الكتل السياسية بإعادة صياغة مواد قانون الموازنة، هناك أيضاً المشاكل والمطالب التي ما زالت تعرقل انعقاد جلسة التصويت». وبيّن أن «من بين تلك المعرقلات تخفيض سعر الدولار أمام الدينار العراقي ورفع سعر برميل النفط بالموازنة، ومشاريع تنمية الأقاليم وآلية وكمية نفط إقليم كردستان».



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.