صراع روسي ـ إيراني على «بقايا» النفط السوري

حلفاء أميركا يسيطرون على 90 % من احتياطي الثروات الاستراتيجية

مدرعة أميركية قرب منشأة نفط شمال شرقي سوريا في 13 فبراير الماضي (أ.ف.ب)
مدرعة أميركية قرب منشأة نفط شمال شرقي سوريا في 13 فبراير الماضي (أ.ف.ب)
TT

صراع روسي ـ إيراني على «بقايا» النفط السوري

مدرعة أميركية قرب منشأة نفط شمال شرقي سوريا في 13 فبراير الماضي (أ.ف.ب)
مدرعة أميركية قرب منشأة نفط شمال شرقي سوريا في 13 فبراير الماضي (أ.ف.ب)

تفاقم «الصراع الخفي» بين روسيا وإيران على الثروة النفطية في شمال شرقي سوريا، غير الخاضعة لسيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) المدعومة من التحالف الدولي بقيادة أميركا.
كان إنتاج سوريا من النفط يبلغ نحو 360 ألف برميل يومياً قبل 2011 وانخفض حالياً إلى حدود 80 ألف برميل. وقال وزير النفط السوري بسام طعمة، الخميس، إن الخسائر الإجمالية لقطاع النفط المباشرة وغير المباشرة تجاوزت 92 مليار دولار، لافتاً إلى أن أكثر 90 في المائة من الاحتياطي النفطي يقع تحت سيطرة الأميركيين وحلفائهم، في شرق الفرات، إلى جانب أهم مصانع الغاز ومعظم الثروات الزراعية والمائية والسدود في مساحة تبلغ حوالي 25 في المائة من سوريا، البالغة 185 ألف كلم مربع.
- حلفاء القامشلي
عادة، يجري الاحتفاظ بقسم من الإنتاج البدائي للنفط من الحقول شرق الفرات، التي لم تتعرض للتدمير لدى مراحل السيطرة العسكرية المختلفة بعد 2011، للاستهلاك المحلي بعد تكريره بمصاف محلية، أو أن يُنقل عبر وسطاء و«أمراء حرب» إلى مناطق سيطرة الحكومة للتكرير في مصفاة حمص أو بانياس لإعادة جزء منه إلى مناطق حلفاء واشنطن، أو استعماله في مناطق الحكومة. وتحصل أحياناً عمليات مقايضة مشتقات نفطية بالحبوب المنتجة شرق الفرات. ويتم تهريب قسم من النفط إلى كردستان العراق ثم إلى تركيا، لتوفير عائدات مالية لدعم «الإدارة الذاتية» شرق الفرات. وهناك اعتقاد أن هذه العمليات توفر بحدود 400 مليون دولار سنوياً، تصرف في الشؤون الإدارية لـ«الإدارة الذاتية» والعسكرية، بينها دعم حوالي مائة ألف مقاتل وعنصر شرطة تابعين لـ«قوات سوريا الديمقراطية».
واُدرجت على قائمة العقوبات الغربية، شخصيات وسيطة بين دمشق والقامشلي بينها «مجموعة قاطرجي»، إضافة إلى كامل قطاع النفط السوري. وجرت محادثات بين «الإدارة الذاتية» وشركات أميركية لاستثمار النفط. وفي أبريل (نيسان) الماضي، حصلت «دلتا كريسنت إينرجي» الأميركية على ترخيص من مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية للعمل في شمال شرقي سوريا لتجاوز العقوبات.
وتأسست شركة «دلتا كريسنت إينرجي»، في ولاية ديلاوير الأميركية في فبراير (شباط) 2019. وبين الشركاء فيها جيمس كاين السفير الأميركي السابق في الدنمارك، وجيمس ريس الضابط السابق في قوة «دلتا» الخاصة بالجيش، وجون دورير المدير التنفيذي السابق في شركة «غلف ساندز بتروليوم» التي لا تزال تملك إحدى الآبار شرق الفرات وتنتج 20 ألف برميل يومياً، لكن لا علاقة لها بهذا العقد.
وفي يوليو (تموز)، أعلن السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، أن قائد «قوات سوريا الديمقراطية» مظلوم عبدي، أبلغه بتوقيع اتفاق مع الشركة الأميركية، فيما قال وزير الخارجية السابق مايك بومبيو، وقتذاك، إن الاتفاق يرمي إلى «تحديث النفط». لكن العقد قوبل بانتقادات واسعة من دمشق وموسكو وطهران وأنقرة. وقال وزير النفط السوري إن هذه «قرصنة وسرقة لثروات السوريين». من جهتها، قالت واشنطن إن «النفط السوري مِلك للشعب السوري، ونحن لا نزال ملتزمين بوحدة وسلامة أراضي سوريا»، وإن «حكومة الولايات المتحدة لا تملك أو تسيطر أو تدير الموارد النفطية. يتخذ السكان في المناطق المحررة من (داعش) قراراتهم الخاصة بشأن الحكم المحلي». كان الرئيس السابق دونالد ترمب قال إن قواته قررت البقاء شرق سوريا لـ«حماية النفط» ومنع سقوطه بأيدي «داعش». ونأت شركة «غلف ساندز بتروليوم» البريطانية بنفسها عن اتفاق «دلتا كريسنت إينرجي» و«الإدارة الذاتية»، وهي تجري اتصالات لحماية مصالحها في بئر تنتج 20 ألف برميل يومياً.
- حلفاء دمشق
سعت دمشق للتعويض عن خسائرها لـ«سوريا المفيدة» بالحصول على مشتقات النفط من إيران، غير أنه في السنوات الأخيرة قوبلت الشحنات باعتراضات أميركية وإسرائيلية لدى نقلها عبر البحار، كان آخر حادث جرى الأربعاء الماضي لدى منع سفينة تحمل مشتقات من الوصول إلى الموانئ السورية.
وفي ضوء الأزمة الاقتصادية السورية والعقوبات الغربية وتوقف العمليات العسكرية، اتجه في الفترة الأخيرة، التركيز أكثر إلى استثمار ما تبقى من آبار النفط والغاز، حيث تسابقت طهران وموسكو للسيطرة على الثروات الطبيعية السورية التي تشمل الفوسفات أيضاً.
ووقعت دمشق وطهران في 2017 أربعة اتفاقات استراتيجية تتعلق بتشغيل شركة يدعمها «الحرس» الإيراني مشغلاً ثالثاً للهاتف النقال واستثمار الفوسفات لـ99 سنة، والاستحواذ على أراضٍ زراعية وصناعية وإقامة «ميناء نفطي» على المتوسط، إضافة إلى توقيع خط ائتمان لتمويل تصدير نفط خام ومشتقات نفطية إلى سوريا.
في المقابل، وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، عقدت سلسلة اجتماعات سورية - روسية لتطوير العلاقات الاقتصادية، لتكون في موازاة التعاون العسكري ووجود قاعدتي اللاذقية وطرطوس. وكانت الحكومة السورية وقعت بعد التدخل الروسي في نهاية 2015، مع شركة «إيفرو بوليس» التابعة ليفغيني بريغوجين ممول «جيش فاغنر»، اتفاقاً لحماية منشآت النفط والغاز وتحريرها من «داعش» مقابل الحصول على 25 من أرباحها - عائداتها. وكان عناصر «فاغنر» حاولوا الهجوم على مصنع غاز «كونوكو» شرق الفرات، لكنهم قوبلوا بقصف من القوات الأميركية، الأمر الذي أسفر عن مقتل حوالي 200 عنصر.
وتشير تقديرات إلى أنه في 2018 وصل عدد عناصر «فاغنر» إلى نحو 2500 يعملون في سوريا، سواء في أرض المعارك أو معسكرات التدريب الميداني، في وقت تتراوح تقديرات عدد أفراد الميليشيات الإيرانية غير السورية بين 20 و25 ألف عنصر. وأفيد بوجود حوالي 70 شركة أمنية خاصة تابعة لموالين لطهران وموسكو مسجلة رسمياً، بهدف حماية شركات وقوافل وآبار النفط.
ومع جمود العمليات العسكرية منذ مارس (آذار) الماضي وثبات خطوط التماس بين مناطق النفوذ الثلاث (شرق الفرات، إدلب، باقي سوريا)، احتدم التنافس الروسي - الإيراني على السيطرة على حقوق سيادية في مناطق الحكومة. وكان لافتاً أن عناصر ميليشيات إيرانية بينها «حزب الله» العراقي و«فاطميون»، سيطروا على حقول نفط وغاز في ريفي دير الزور والرقة، لكن موالين لروسيا عملوا على إخراجهم منها، وتدخلت الشرطة العسكرية الروسية لصالح «فاغنر» و«الفيلق الخامس» التابعة لقاعدة حميميم الروسية في اللاذقية لطرد الإيرانيين والحلول محلهم. وشملت قائمة السيطرة الروسية، حقول «الثورة» النفطي و«الورد» و«التيم» للنفط و«توينان» للغاز في ريف دير الزور والرقة. وأوكلت دمشق استثمار حقول دير الزور لشركة «أرفادا» التي يملكها «الإخوة قاطرجي»، المدرجون بـ«القائمة السوداء» غربياً.
يضاف إلى ذلك، سعي موسكو للاستحواذ عقود لاستثمار النفط في البحر المتوسط، إذ صادقت دمشق على عقد مع شركة «كابيتال» الروسية للحصول على حق حصري للتنقيب عن البترول وتنميته في بلوك بحري في «المنطقة الاقتصادية الخالصة لسوريا في البحر المتوسط، مقابل ساحل طرطوس حتى الحدود البحرية الجنوبية اللبنانية» لمدة 29 سنة. وهذا هو الثاني، بعد توقيع عقد مع شركة «إيست ميد عمريت»، والممتد من شمال طرطوس إلى جنوب بانياس السورية.
ولا تزال طهران تسيطر على آبار في ريف البوكمال، منطقة نفوذها، منذ عام 2017 ومناجم الفوسفات في ريف تدمر، حيث عززت ميليشياتها نقاط الحماية لمناجم خنيفيس بموجب اتفاق مع دمشق في بداية 2017. وإن كانت موسكو حاولت مراراً السيطرة عليها. وتساهم «الشركات الأمنية» في حماية قوافل نقل المنتجات الاستراتيجية من فوسفات ونفط.
وإذ يقول مسؤولون أميركيون إن السيطرة على الثروات الطبيعية شرق الفرات هي إحدى «أدوات الضغط» على دمشق وموسكو وطهران، فإن الجانبين الروسي والإيراني مشغولان في التمكن من ثروات استراتيجية، لتعويض قيمة مساهمتهما في العمليات العسكرية والقبض على ورقة تفاوضية أساسية في مستقبل سوريا.



الحكومة المصرية تغلظ عقوبات «سرقة الكهرباء»

اجتماع مجلس الوزراء المصري برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء)
اجتماع مجلس الوزراء المصري برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء)
TT

الحكومة المصرية تغلظ عقوبات «سرقة الكهرباء»

اجتماع مجلس الوزراء المصري برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء)
اجتماع مجلس الوزراء المصري برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء)

وافق مجلس الوزراء المصري، الأربعاء، برئاسة مصطفى مدبولي، على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون الكهرباء الصادر عام 2015، بهدف تغليظ عقوبات الجرائم الخاصة بالاستيلاء على التيار الكهربائي.

وتشكو الحكومة المصرية منذ سنوات من لجوء مواطنين إلى وصلات غير شرعية للحصول على الكهرباء دون دفع رسوم، أو استهلاك الكهرباء من دون عداد، تُحصّل من خلاله الحكومة مستحقاتها.

وتحمّل الحكومة المصرية عمليات السرقة جزءاً كبيراً من مسؤولية انقطاع التيار الذي شهدته مصر خلال الأعوام الماضية.

وبحسب التعديل الجديد، الذي وضعته الحكومة، الأربعاء، يعاقب بالحبس مُدة لا تقل عن سنة، وبغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه (الدولار يساوي 49.7)، أو بإحدى هاتين العقوبتين؛ كُل من استولى بغير حق على التيار الكهربائي، وتُضاعف العقوبة في حديها الأدنى والأقصى في حالة العود. أمّا إذا ترتب على هذه الجريمة انقطاع التيار الكهربائي فتكون العقوبة السجن.

وتقضي العقوبة في القانون الحالي، لتلك المخالفة، بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر، ولا تزيد على سنتين، وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه ولا تزيد على 100 ألف جنيه.

ووفق مشروع القانون الجديد، تقضي المحكمة بإلزام المحكوم عليه برد مثلي قيمة استهلاك التيار الكهربائي المستولى عليه، بالإضافة إلى الامتناع عمداً عن تقديم أي من الخدمات المُرخص بها دون عُذر أو سَنَد من القانون، على أن تضاعف العقوبة في حديها الأدنى والأقصى في حالة التكرار.

وشملت التعديلات الجديدة، العقاب أيضاً بالحبس مُدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه، ولا تزيد على مليون جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، لكُل من قام بتوصيل الكهرباء لأي من الأفراد أو الجهات بالمُخالفة لأحكام القانون، أو عَلِمَ بارتكاب أي مخالفة لتوصيل الكهرباء ولم يُبادر بإبلاغ السلطة المختصة.

بينما تقضي العقوبة في القانون الحالي، لذات المخالفة، بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر، وغرامة لا تزيد على 50 ألف جنيه.

ووفق مشروع القانون الجديد، سيتم الحبس مُدة لا تقل عن سنتين وبغرامة لا تقل عن 200 ألف جنيه ولا تزيد على مليوني جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، إذا وقعت الجريمة عن طريق التدخل العمدي في تشغيل المعدات أو المهمات أو الأجهزة الخاصة بإنتاج ونقل وتوزيع الكهرباء، وفقاً للضوابط الفنية المنصوص عليها في اللائحة التنفيذية للقانون، وتُضاعف العقوبة في حديها الأدنى والأقصى في حالة العود.

وتضمن التعديل إضافة مادة جديدة إلى قانون الكهرباء، تنص على أن يكون للجهة المجني عليها التصالح مع المتهم في الجرائم المنصوص عليها في المادتين 70 و71، إذا دفع قبل رفع الدعوى الجنائية إلى المحكمة المُختصة، مُقابل أداء قيمة استهلاك التيار الكهربائي المُستولى عليه، أو إذا دفع بعد رفع الدعوى الجنائية إلى المحكمة المُختصة وحتى صدور حُكم باتٍ فيها، مقابل أداء مثلي قيمة استهلاك التيار الكهربائي المُستولى عليه، أو إذا دفع بعد صدور الحكم باتاً، مقابل أداء ثلاثة أمثال قيمة استهلاك التيار الكهربائي المستولى عليه.

وفي جميع حالات التصالح، إذا نتج عن الجرائم، إتلاف المعدات أو المُهمات أو الأجهزة الخاصة بإنتاج ونقل وتوزيع الكهرباء؛ يلتزم طالب التصالح بسداد قيمة ما تم إتلافه. وفي جميع الأحوال تضاعف قيمة مقابل التصالح في حالة العود.

وارتفعت أعداد المحاضر التي حرّرتها الحكومة لسارقي الكهرباء الفترة الماضية، حتى تجاوزت خلال 5 أسابيع فقط أكثر من 600 ألف محضر سرقة، وفق ما صرّح به وزير الكهرباء، خلال اجتماع الحكومة، في سبتمبر (أيلول) الماضي.