بلجيكا «لا تزال تعيش تحت وطأة» الهجمات الإرهابية

في الذكرى الخامسة لتفجيرات بروكسل... الضحايا يشكون من غياب الدعم الحكومي

جندي بلجيكي أمام محطة مترو مالبيك في وسط بروكسل بعد التفجير في مارس 2016 (أ.ف.ب)
جندي بلجيكي أمام محطة مترو مالبيك في وسط بروكسل بعد التفجير في مارس 2016 (أ.ف.ب)
TT

بلجيكا «لا تزال تعيش تحت وطأة» الهجمات الإرهابية

جندي بلجيكي أمام محطة مترو مالبيك في وسط بروكسل بعد التفجير في مارس 2016 (أ.ف.ب)
جندي بلجيكي أمام محطة مترو مالبيك في وسط بروكسل بعد التفجير في مارس 2016 (أ.ف.ب)

قبل يومين من حلول الذكرى الخامسة للتفجيرات الانتحارية، التي أودت بحياة عشرات الأشخاص وأصابت المئات، يذكر رئيس الوزراء البلجيكي السابق شارل ميشال «صدمة رهيبة» لن تعود بلجيكا بعدها مثلما كانت، مؤكداً أنه لا يزال «تحت وطأة» الهجمات الإرهابية التي وقعت في بروكسل. وكان ذلك جزءاً من تفجيرات انتحارية نفذها «داعش» واستهدفت ثلاثة مواقع مختلفة في 22 مارس (آذار) عام 2016؛ اثنان في المطار وواحد في محطة مترو مالبيك في وسط بروكسل.
وقال ميشال الذي يتولى حالياً رئاسة المجلس الأوروبي: «كانت مواجهة هذا الوضع صدمة رهيبة بالنسبة إلي، وما زلت أتذكر اللحظة التي تلقيت فيها النبأ». وقال شارل ميشال الذي ترأس الحكومة البلجيكية بين عامي 2014 و2019، إن «البلد لم يعد كما كان بعد هذه الهجمات. فالتهديد الذي كان يعد حتى ذلك الحين نظرياً، بات حقيقياً».
وقتل 32 شخصاً وجرح أكثر من 340 آخرين في الاعتداءين اللذين شهدتهما بروكسل في 22 مارس 2016. وتبنى تنظيم «داعش» الهجومين اللذين نفّذتهما الخلية ذاتها المسؤولة عن هجمات باريس التي أوقعت 130 قتيلاً في 13 نوفمبر (تشرين الثاني) 2015.
وروى ميشال: «عندما اتصل بي وزير الداخلية ليبلغني بالأمر، في الدقائق القليلة التي أعقبت الهجوم على زافينتيم، غادرت مباشرة إلى بروكسل. في اللحظة التي دخلنا فيها المدينة، مررنا بالسيارة قرب المترو فوق زجاج مكسور وأدركت أنه حصل هنا أيضاً انفجار». وأضاف، كما جاء في تحقيق وكالة الصحافة الفرنسية: «كان لدينا انطباع بأنه سيتم تنفيذ هجمات أخرى (...) بشكل منسق ومتزامن. لكن نحو الساعة 11 صباحاً أو 12 ظهراً، شعرت بأنه لن تكون هناك هجمات أخرى خلال اليوم». وتابع: «في الأيام التالية، عشنا في ظل وضع أشبه بحالة طوارئ، أصبح الأمن هاجساً». ومن الإجراءات التي اتخذت، ذكر ميشال تمديد مهل التوقيف وإمكانية القيام بعمليات دهم ليلية في القضايا الإرهابية إضافة إلى تعزيز الوجود العسكري في الشوارع الذي بدأ انتشاره في يناير (كانون الثاني) 2015 بعد تفكيك خلية فيرفي الإرهابية. وكان أحد الانتحاريين الثلاثة الذين نفذوا الهجوم أوقف في تركيا ثم رحّل في صيف 2015، لكنه أفلت من رادارات أجهزة الاستخبارات لدى عودته إلى بلجيكا عبر هولندا. وأثار ذلك الأمر جدلاً كبيراً بعد يومين من الهجمات. وأكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن السلطات البلجيكية «أُبلغت بأن هذا الشخص مقاتل إرهابي أجنبي». وبعد الاعتداءين، قدم وزيرا الداخلية جان جامبون والعدل كوين غينس استقالتيهما إلا أن شارل ميشال رفضها. وقال رئيس الحكومة السابق: «المسؤولون لا يتركون السفينة في خضم العاصفة، ولم يكن هناك أي خطأ شخصي من أي منهما». وقال: «لكان تصرفاً غير مسؤول التسبب بأزمة سياسية في لحظة ضغوط أمنية قصوى. لم تعرف بلجيكا منذ الحرب العالمية الثانية أعمال عنف من هذا النوع».
وفي الثمانينات، شهدت البلاد سلسلة من عمليات القتل عرفت بـ«جرائم برارانت» أسفرت عن مقتل 28 شخصاً ولم يتم كشف ملابساتها حتى اليوم، وعملاً إرهابياً نفذته خلايا مقاتلة شيوعية وأسفر عن مقتل شخصين، لكن الحادثتين لم تكونا بحجم الاعتداء الذي نفذه تنظيم «داعش». وكشف التحقيق أن بعض المهاجمين متحدرون من بروكسل. وأشير في أنحاء العالم إلى منطقة مولينبيك على أنها وكر للمتشددين. ووصف موقع الأخبار الأميركي «بوليتيكو» بلجيكا بأنها «دولة فاشلة»، وهو تعبير تردد كثيراً في العالم. وبالنسبة إلى شارل ميشال، «كان هذا التصور على الأرجح نتاج الماضي» على ضوء سمعة بلجيكا بأنها بلد يصعب حكمها. وقال: «في المخيلة الدولية، تبقى ماثلة ذكرى 541 يوماً استغرقها سلفي لتشكيل حكومة (في 2010 - 2011)». وأضاف أنه في الواقع «تلقيت تشجيعاً، بما في ذلك من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، بشأن هذا المنعطف الأمني الذي اتخذناه» منذ عام 2015. ومع حلول الذكرى السنوية الخامسة للهجمات الإرهابية استنكر الناجون غياب الدعم من جانب السلطات البلجيكية. وكان مانويل مارتينيز يعمل في مطار بروكسل في زافينتيم عندما انفجرت قنبلة بالقرب منه، ومع تنفيذ 34 عملية على مدى السنوات الخمس الماضية، يشعر مانويل بالإحباط بسبب غياب الدعم من السلطات البلجيكية. وقال الرجل البالغ من العمر 44 عاماً لوكالة الأنباء الألمانية: «لا وزارة العدل، ولا وزارة الصحة - لا أحد يفعل شيئاً من أجلي، أو من أجل وضعي». وقال إن الـ120 ألف يورو التي حصل عليها لم تكن كافية لمواجهة تكاليف العلاج.
وقال: «الحكومة البلجيكية لا تفعل شيئاً لنا». ونفى وزير العدل فينسينت فان كويكنبورن مزاعم وجود قصور، وقال للبرلمان يوم الجمعة، إن الحكومة عرضت مساعدة فورية للضحايا. لكن بالنسبة للمحامية فاليريا جيرارد، التي تعمل مع منظمة حقوق الضحايا «لايف 4 بروكسل»، فإن جزءاً من معاناة الضحايا نابع من البيروقراطية البلجيكية.
وأوضحت أن نظام التأمين معقد للغاية لدرجة أنه من المستحيل تقريباً بالنسبة للضحايا الحصول على تعويض مناسب - ولا تفعل الحكومة شيئاً يذكر لتغيير ذلك. وقالت: «حتى اليوم، لم يتم عمل أي شيء للحد من الأضرار التي لحقت بالضحايا. بعد مرور خمس سنوات، لم يتغير الوضع».


مقالات ذات صلة

إردوغان يوجه تحذيراً صارماً لـ«العمال الكردستاني»

شؤون إقليمية إردوغان تعهد بدفن مسلحي «العمال الكردستاني» إذا رفضوا إلقاء أسلحتهم (الرئاسة التركية)

إردوغان يوجه تحذيراً صارماً لـ«العمال الكردستاني»

بينما يواصل وفد الحوار مع زعيم حزب «العمال الكردستاني» السجين عبد الله أوجلان في إطار مبادرة لإنهاء الإرهاب في تركيا، وجّه إردوغان تحذيراً صارماً لمقاتلي الحزب.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي عناصر من الفصائل الموالية لتركيا تواصل القتال مع «قسد» على محاور جنوب شرقي منبج (أ.ف.ب)

إردوغان: تركيا لم تتدخل في سوريا

تتواصل الاشتباكات بين الفصائل الموالية لتركيا و«قسد» على محاور جنوب شرقي منبج... وأكد الرئيس رجب طيب إردوغان أن بلاده ستواصل الحرب ضد الإرهاب في سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الخليج الشراكة قائمة على تعزيز التعاون وتوسيع التنسيق حيال الوقاية ومكافحة الإرهاب والتطرف العنيف (الشرق الأوسط)

«تلغرام» و«اعتدال» يزيلان 100 مليون محتوى متطرّف

تمكن «المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف» ومنصة «تلغرام»، عبر مواصلة جهودهما في مكافحة النشاط الدعائي للتنظيمات الإرهابية، من إزالة 100 مليون محتوى متطرف

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الولايات المتحدة​ يتحدث دوري كورين مساعد قائد شرطة لاس فيغاس متروبوليتان خلال مؤتمر صحافي بشأن تطورات انفجار شاحنة ليلة رأس السنة الجديدة يوم الجمعة 3 يناير 2025 في المدينة (أ.ب)

«إف بي آي»: لا صلة لـ«الإرهاب» بانفجار شاحنة «تسلا» في لاس فيغاس

أكد المحققون الفيدراليون أن العسكري الذي قضى انتحارا في شاحنة صغيرة من طراز «سايبرتراك» خارج فندق ترمب بمدينة لاس فيغاس الأميركية، كان يعاني اضطرابا

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس (الولايات المتحدة))
آسيا سائقو الشاحنات يتجمعون بجوار شاحنات إمدادات المساعدات المتوقفة على جانب الطريق في هانجو يوم 4 يناير 2025 بعد أن نصب مسلحون كميناً لقافلة مساعدات باكستانية (أ.ف.ب)

مقتل 6 أشخاص جرَّاء هجوم انتحاري جنوب غربي باكستان

لقي 6 أشخاص مصرعهم، وأصيب أكثر من أربعين بجروح، جراء هجوم انتحاري استهدف موكباً لقوات الأمن في منطقة تُربت، بإقليم بلوشستان، جنوب غربي باكستان.


أبرز ردود الفعل الدولية على هجوم نيو أورليانز

شرطة نيو أورليانز في مكان الحادث (أ.ب)
شرطة نيو أورليانز في مكان الحادث (أ.ب)
TT

أبرز ردود الفعل الدولية على هجوم نيو أورليانز

شرطة نيو أورليانز في مكان الحادث (أ.ب)
شرطة نيو أورليانز في مكان الحادث (أ.ب)

أثار هجوم نيو أورليانز، فجر أمس الأربعاء، الذي استهدف محتفلين برأس السنة، وأسفر عن مقتل 15 شخصاً على الأقل وإصابة العشرات، إدانات دولية.

فيما يأتي أبرزها:

فرنسا

أبدى الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، تعاطفه «مع الشعب الأميركي الذي نشاطره الألم»، مؤكداً عبر منصة «إكس» أن المدينة التي «ضربها الإرهاب غالية على قلوب الفرنسيين».

وأسس مستعمرون فرنسيون نيو أورليانز، وقد وقع الهجوم في الحي الفرنسي الشهير بالمدينة.

كذلك، قدّم كريستيان إستروسي، رئيس بلدية مدينة نيس الجنوبية التي تعرضت لهجوم دهس عام 2016 أدى إلى مقتل 86 شخصاً، تعازيه.

وقال إن «المأساة التي وقعت في نيو أورليانز، المدينة الشقيقة لنيس، تذكرنا بشكل مؤلم بالمأساة التي شهدناها... أفكارنا مع العائلات والأرواح التي راحت ضحية عملية الدهس في احتفالات منتصف العام الجديد».

المملكة المتحدة

قال رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، عبر «إكس» إن «الهجوم العنيف الصادم في نيو أورليانز مروع».

وأضاف: «تعاطفي مع الضحايا وعائلاتهم وأجهزة الطوارئ وشعب الولايات المتحدة في هذا الوقت المأسوي».

الصين

قالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، خلال مؤتمر صحافي: «صدمنا بهذا الهجوم العنيف»، مضيفة أن «الصين تعارض كل أعمال العنف والإرهاب التي تستهدف المدنيين».

وتابعت: «نحن حزانى على الضحايا، ونعرب عن تعاطفنا مع أسرهم ومع المصابين».

أوكرانيا

قال الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، عبر «إكس» إنه «روّع بالهجوم الذي وقع في نيو أورليانز بالولايات المتحدة الذي أودى بحياة أبرياء وأدى إلى إصابة العديد من الأشخاص».

وأضاف: «نحن على ثقة بأن المسؤولين عن هذا العمل الفظيع سيحاسبون. إن العنف والإرهاب وأي تهديدات لحياة الناس ليس لها مكان في عالمنا، ويجب عدم التسامح معها. نقدم تعازينا الصادقة لأسر الضحايا... أوكرانيا تقف بجانب الشعب الأميركي وتدين العنف».

الاتحاد الأوروبي

عدّت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، عبر منصة «إكس» أن «لا عذر لعنف مماثل»، مبدية «حزنها الكبير».

وأضافت: «نحن نتضامن بشكل كامل مع الضحايا وعائلاتهم خلال هذه اللحظة المأسوية».

الأمم المتحدة

دان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الهجوم «بشدة» و«قدم تعازيه لأسر الذين فقدوا أرواحهم»، «كما تمنى الشفاء العاجل للجرحى» بحسب بيان صادر عن الناطق باسمه.

ألمانيا

قال المستشار الألماني، أولاف شولتس، عبر «إكس»: «إنها أخبار فظيعة من نيو أورليانز».

وأضاف: «أشخاص يحتفلون تؤخذ حياتهم أو يصابون بسبب كراهية لا معنى لها. نحن نحزن مع عائلات الضحايا وأصدقائهم، ونتمنى الشفاء العاجل لجميع المصابين».

إسرائيل

وكتب وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، عبر «إكس»: «أشعر بحزن كبير إزاء الهجوم الإرهابي في نيو أورليانز».

وأضاف: «أقدم خالص التعازي لأسر الضحايا. أتمنى الشفاء العاجل للمواطنين الإسرائيليين المصابين وجميع الجرحى... لا مكان للإرهاب في عالمنا».

تركيا

قالت وزارة الخارجية التركية في بيان: «نحن نشعر بحزن عميق جراء الهجوم الذي وقع في نيو أورليانز في الولايات المتحدة».

وأضافت: «نتقدم بتعازينا لأسر وأصدقاء الذين فقدوا أرواحهم... نأمل في أن يتم الكشف عن دوافع الهجوم في أقرب وقت ممكن، وأن تتم محاسبة المسؤولين عنه».